النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
إقامة السيدة الزهراء عليها السّلام بالمدينة
المؤلف:
اسماعيل الأنصاري الزنجاني الخوئيني
المصدر:
الموسوعة الكبرى عن فاطمة الزهراء "ع"
الجزء والصفحة:
ج2، ص245-313
2025-09-19
237
كانت إقامة فاطمة عليها السّلام في المدينة عشر سنين وخمسة وسبعين يوما ، منها عشر سنة مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وعلي عليه السّلام ، وخمسة وسبعين يوما بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مع أمير المؤمنين عليه السّلام ، وتزوّج بعلي عليه السّلام في السنة الثانية من الهجرة ، وفي خلال هذه الفترة ما فعلت أمرا يكرهه وما فعل علي عليه السّلام أمرا تكرهه .
يأتي في هذا النص العناوين التالية في 54 حديثا :
مقامها بعد دخول المدينة مع أبيها في منزل أبي أيوب سبعة أشهر .
تفويض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أمر فاطمة عليها السّلام إلى أم سلمة ، وإقرار أم سلمة بأن فاطمة عليها السّلام أؤدب منها وأعرف بالأشياء .
غزوة بدر أول غزوة وقعت بعد دخول المدينة وفيها نصر المؤمنين ، ووقعت غزوة أحد وانهزام المسلمين في بداية الأمر وفتح المسلمين بيد علي عليه السّلام في النهاية .
شهادة حمزة عم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . مجيء فاطمة عليها السّلام إلى أحد لغسل وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من الدم ، انهزام المشركين وانصرافهم إلى مكة وانصراف المسلمين إلى المدينة .
اصطراع الحسن والحسين عليهما السّلام وتشجيع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الحسن عليه السّلام على الحسين عليه السّلام وتشجيع الزهراء عليها السّلام الحسين عليه السّلام على الحسن عليه السّلام .
دخول أبي سفيان المدينة واستجارته برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام وأبا بكر وعمر .
اتخاذ فاطمة عليه السّلام طعاما لأسماء بنت عميس ثلاثة أيام لتسلية جعفر بن أبي طالب عليه السّلام ، بكاء فاطمة عليها السّلام لجعفر ، سد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الأبواب في مسجده إلا باب علي وفاطمة عليهما السّلام ، دخول علي عليه السّلام على فاطمة عليها السّلام ورؤيته عندها جفنة ثريد من عند اللّه .
قدوم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من سفره ودخوله منزل فاطمة عليها السّلام ، اصطفاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أموال بني النضير لنفسه ، ثم هي في يد أمير المؤمنين عليه السّلام وبعده في يد ولد فاطمة حتى اليوم .
قتل أمير المؤمنين عليه السّلام عمرو بن عبد ود وغسل فاطمة عليها السّلام ذا الفقار من دم الرجس النجس ، مجيء فاطمة عليها السّلام مع كسرة من خبز في حفرة الخندق ودفعها إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، تفدية رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ابنه إبراهيم للحسين عليه السّلام .
صلاة فاطمة عليها السّلام على أختها ، إهلال فاطمة عليها السّلام واكتحالها ولبسها ثيابا مصبوغة بعد الحج ، إخبار رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فاطمة بفضائل علي وفاطمة والحسنين عليهم السّلام ، اجتماع رسول اللّه وعلى وفاطمة والحسنين عليهم السّلام في خمصة سوداء ، عيادة فاطمة النبي صلّى اللّه عليه وآله ، فاطمة عليها السّلام في مرضها ، بكاء فاطمة عليها السّلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في مرض موته ، صياح فاطمة عليها السّلام حين طلب بلال القضيب الممشوق لقصاص رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . صلاة فاطمة عليها السّلام على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مع علي والحسنين عليهم السّلام .
تزويج فاطمة عليها السّلام من علي عليه السّلام بعد الهجرة بسنة في التاسعة من عمرها ، حضور ووقوف خضر بباب بيت علي وفاطمة والحسنين عليهم السّلام لتسليتهم في عزاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله .
إرسال اللّه تعالى عليها ملكا لتسلية غمها وحزنها وإلقائها خبر ما كان وما يكون ، إملاء فاطمة عليها السّلام هذه الأخبار لعلي عليه السّلام وكتابة علي عليه السّلام وصيرورته مصحف فاطمة عليها السّلام ، بعث اللّه عز وجل ملكا إلى علي وفاطمة والحسنين عليهم السّلام لتعزيتهم في مصيبة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، كلمة الإمام الصادق عليه السّلام في وصف صحيفة فاطمة عليها السّلام .
بكاء فاطمة عليها السّلام عند قبر حمزة ، إخبار فاطمة عليها السّلام لمحمود بن لبيد عن غدير خم ، مجيء فاطمة عليها السّلام قبور الشهداء وقبر حمزة كل غداة سبت وترحيمها واستغفارها له ، حياة فاطمة عليها السّلام بعد أبيها خمسة وسبعين يوما .
المتن الأول:
عن ابن عباس ، قال : لم تزل فاطمة عليها السّلام شبّ في اليوم كالجمعة ، وفي الجمعة كالشهر ، وفي الشهر كالسنة . فلما هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من مكة إلى المدينة ، وابتنى بها مسجدا وأنس أهل المدينة به ، وعلت كلمته وعرف الناس بركته وسارت إليه الركبان وظهر الايمان ودرس القرآن وتحدث الملوك والأشراف ، وخاف سيف نقمته الأكابر والأشراف .
هاجرت فاطمة عليها السّلام مع أمير المؤمنين ونساء المهاجرين ؛ وكانت عائشة فيمن هاجر معها فأنزلها النبي صلّى اللّه عليه وآله على أم أيوب الأنصاري وخطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله النساء وتزوّج سودة أول دخوله المدينة ؛ فنقل فاطمة عليها السّلام إليها .
ثم تزوّج أم سلمة بنت أبي أمية ، فقالت أم سلمة : تزوّجني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وفوّض أمر ابنته إليّ ، فكنت أؤدّبها وأدلّها ، وكانت واللّه أؤدب مني وأعرف بالأشياء كلها وكيف لا تكون كذلك وهي سلالة الأنبياء صلوات اللّه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .
المتن الثاني:
عن ابن عباس ، قال : لم تزل فاطمة عليها السّلام شبّ في اليوم كالجمعة ، وفي الجمعة كالشهر ، وفي الشهر كالسنة . فلما هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من مكة إلى المدينة ، وابتنى بها مسجدا وأنس أهل المدينة به ، وعلت كلمته وعرف الناس بركته وسارت إليه الركبان وظهر الايمان ودرس القرآن وتحدث الملوك والأشراف ، وخاف سيف نقمته الأكابر والأشراف .
هاجرت فاطمة عليها السّلام مع أمير المؤمنين ونساء المهاجرين ؛ وكانت عائشة فيمن هاجر معها فأنزلها النبي صلّى اللّه عليه وآله على أم أيوب الأنصاري وخطب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله النساء وتزوّج سودة أول دخوله المدينة ؛ فنقل فاطمة عليها السّلام إليها .
ثم تزوّج أم سلمة بنت أبي أمية ، فقالت أم سلمة : تزوّجني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وفوّض أمر ابنته إليّ ، فكنت أؤدّبها وأدلّها ، وكانت واللّه أؤدب مني وأعرف بالأشياء كلها وكيف لا تكون كذلك وهي سلالة الأنبياء صلوات اللّه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .
المتن الثالث:
قال المولى محمد علي القراجهداغي : المشهور أن فاطمة عليها السّلام ولدت بمكة ليلة الجمعة في الساعة الأخيرة منها بخمس سنين بعد البعثة ، وأقامت مع أبيها ثماني سنين بمكة ، ثم هاجرت عليها السّلام بعد الهجرة إلى المدينة ، وأقامت فيها مع أبيها عشر سنين ومع علي عليه السّلام بعد وفاة أبيها مدة قليلة اختلف في تعيين قدرها .
المصادر :
اللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء عليها السّلام : ص 233 .
المتن الرابع:
عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام قال : كان أصحاب اللواء يوم أحد تسعة ، قتلهم علي بن أبي طالب عليه السّلام عن آخرهم وانهزم القوم ، وطارت مخزوم منذ فضحها علي عليه السّلام يومئذ .
قال : وبارز علي عليه السّلام الحكم بن الأخنس فضربه فقطع رجله من نصف الفخذ فهلك منها ، ولما جال المسلمون تلك الجولة أقبل أمية بن أبي حذيفة ابن المغيرة - وهو دارع - وهو يقول : يوم بيوم بدر ! فعرض له رجل من المسلمين فقتله أمية ، وصمد له علي بن أبي طالب عليه السّلام فضربه بالسيف على هامته فنشب في بيضة مغفره ، فضربه أمية بسيفه فاتّقاها أمير المؤمنين عليه السّلام بدرقته فنشب فيها ، ونزع أمير المؤمنين عليه السّلام سيفه من مغفره ، وخلص أمية سيفه من درقته أيضا ، ثم تناوشا . فقال علي عليه السّلام : فنظرت إلى فتق تحت إبطه فضربته بالسيف فيه فقتلته ، وانصرفت عنه .
ولما انهزم الناس عن النبي صلّى اللّه عليه وآله في يوم أحد وثبت أمير المؤمنين عليه السّلام ، قال له النبي صلّى اللّه عليه وآله :
مالك لا تذهب مع القوم ؟ قال أمير المؤمنين عليه السّلام : أذهب وأدعك يا رسول اللّه ؟ واللّه لا برحت حتى أقتل أو ينجز اللّه لك ما وعدك من النصرة . فقال له النبي صلّى اللّه عليه وآله : ابشر يا علي ، فإن اللّه منجز وعده ، ولن ينالوا منها مثلها أبدا .
ثم نظر إلى كتيبة قد أقبلت إليه ، فقال له : « احمل على هذه يا علي » . فحمل أمير المؤمنين عليه السّلام عليها فقتل منها هشام بن أمية المخزومي ، وانهزم القوم .
ثم أقبلت كتيبة أخرى ، فقال له النبي صلّى اللّه عليه وآله : « احمل على هذه » ، فحمل عليها فقتل منها عمرو بن عبد اللّه الجمحي ، وانهزمت أيضا .
ثم أقبلت كتيبة أخرى وقال له النبي صلّى اللّه عليه وآله : « احمل على هذه » ، فحمل عليها فقتل منها بشر بن مالك العامري ، وانهزمت الكتيبة ولم يعد بعدها أحد منهم .
وتراجع المنهزمون من المسلمين إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وانصرف المشركون إلى مكة ، وانصرف المسلمون مع النبي صلّى اللّه عليه وآله إلى المدينة . فاستقبلته فاطمة عليها السّلام ومعها إناء فيه ماء فغسل به وجهه ، ولحقه أمير المؤمنين عليه السّلام وقد خضب الدم يده إلى كتفه ، ومعه ذو الفقار . فناوله فاطمة عليها السّلام وقال لها : خذي هذا السيف فقد صدقني اليوم ، وأنشا يقول :
أفاطم هاك السيف غير ذميم * فلست برعديد ولا بمليم
لعمري لقد أعذرت في نصر أحمد * وطاعة رب بالعباد عليم
أميطي دماء القوم عنه فإنه * سقى آل عبد الدار كأس حميم
وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « خذيه يا فاطمة ، فقد أدى بعلك ما عليه ، وقد قتل اللّه بسيفه صناديد قريش » .
وقد ذكر أهل السير قتلى أحد من المشركين ، وكان جمهورهم قتلى أمير المؤمنين عليه السّلام . فروى عبد الملك بن هشام قال : حدثنا زياد بن عبد اللّه ، عن محمد بن إسحاق ، قال : كان صاحب لواء قريش يوم أحد طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار ، قتله علي بن أبي طالب عليه السّلام ، وقتل ابنه أبا سعد بن طلحة ، وقتل أخاه كلدة بن أبي طلحة ، وقتل عبد اللّه بن حميد بن زهرة بن الحارث بن أسد بن عبد العزى ، وقتل أبا الحكم بن الأخنس بن شريق الثقفي ، وقتل الوليد بن أبي حذيفة بن المغيرة ، وقتل أخاه أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة وقتل أرطاة بن شرحبيل ، وقتل هشام بن أمية ، وقتل عمرو بن عبد اللّه الجمحي وبشر بن مالك ، وقتل صوأبا مولى بني عبد الدار .
وكان الفتح له ، ورجوع الناس من هزيمتهم إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله بمقامه يذب عنه دونهم ، وتوجه العتاب من اللّه تعالى إلى كافتهم لهزيمتهم يومئذ سواه ومن ثبت معه من رجال الأنصار وكانوا ثمانية نفر ، وقيل : أربعة أو خمسة .
وفي قتله عليه السّلام من قتل يوم أحد وعنائه في الحرب وحسن بلائه يقول الحجاج بن علاط السلمي :
للّه أي مذبب عن حزبه * أعني ابن فاطمة المعم المخولا[1]
جادت يداك له بعاجل طعنته * تركت طليحة للجبين مجدلا
وشددت شدة باسل ، فكشفتهم * بالسفح إذ يهوون أسفل أسفلا
وعللت سيفك بالدماء ولم يكن * لترده حران حتى ينهلا
المصادر :
1 . الإرشاد للمفيد : ص 88 .
2 . بحار الأنوار : ج 20 ص 87 ح 17 ، عن الإرشاد .
الأسانيد :
في الإرشاد : روى الحسن بن محبوب ، قال : حدثنا جميل بن صالح ، عن أبي عبيدة عن أبي عبد اللّه جعفر بن محمد عليه السّلام .
المتن الخامس:
قال الشيخ أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي : وفي كتاب أبان بن عثمان : أنه لما انتهت فاطمة عليها السّلام وصفية إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ونظرتا إليه ، قال لعلي عليه السّلام : أما عمتي فأحبسها عني وأما فاطمة فدعها . فلما دنت فاطمة عليها السّلام من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ورأته قد شج في وجهه وأدمي فوه إدماء صاحت وجعلت تمسح الدم وتقول : اشتدّ غضب اللّه على من أدمى وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، وكان يتناول رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ما يسيل من الدم فيرميه في الهواء فلا يتراجع منه شيء .
قال الصادق عليه السّلام : واللّه لو سقط منه شي على الأرض لنزل العذاب .
قال أبان بن عثمان : حدثني بذلك عنه الصباح بن سيابة ، قال : قلت : كسرت رباعيته كما يقوله هؤلاء ؟ قال : لا واللّه ما قبضه اللّه إلا سليما ، ولكنه شجّ في وجهه . قلت : فالغار في أحد الذي يزعمون أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله صار إليه ؟ قال : واللّه ما برح مكانه ، وقيل له : ألا تدعو عليهم ؟ قال : « اللهم اهد قومي » .
ورمى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ابن قميئة بقذافة فأصاب كفه حتى ندر السيف من يده ، وقال :
خذها مني وأنا ابن قميئة . فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « أذلّك اللّه وأقمأك » .[2]
وضربه عتبة بن أبي وقاص بالسيف حتى أدمى فاه ، ورماه عبد اللّه بن شهاب بقلاعة[3] فأصاب مرفقه ، وليس أحد من هؤلاء مات ميتة سوية ، فأما ابن قميئة فأتاه تيس وهو نائم بنجد فوضع قرنه في مراقه[4] ثم دعسه[5] فجعل ينادي : واذلّاه حتى أخرج قرنيه من ترقوته .
وكان وحشي يقول : قال لي جبير بن مطعم - وكنت عبدا له - : « إن عليا قتل عمي يوم بدر - يعني طعيمة - فإن قتلت محمدا فأنت حر ، وإن قتلت عم محمد فأنت حر . وإن قتلت ابن عم محمد فأنت حر » ! فخرجت بحربة لي مع قريش إلى أحد أريد العتق لا أريد غيره ولا أطمع في محمد ، وقلت : لعلّي أصيب من علي أو حمزة غرة فأزرقه[6] .
وكنت لا أخطأ في رمي الحرب ، تعلّمته من الحبشة في أرضها ، وكان حمزة يحمل حملاته ، ثم يرجع إلى موقفه .
قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : وزرقه وحشي فوق الثدي فسقط ، وشدوا عليه فقتلوه . فأخذ وحشي الكبد فشد بها إلى هند بنت عتبة فأخذتها فطرحتها في فيها ، فصارت مثل الداغصة ، فلفظتها .
قال : وكان الحليس بن علقمة نظر إلى أبي سفيان وهو على فرس وبيده رمح يجأ[7] به في شدق حمزة ، فقال : يا معشر بني كنانة ، انظروا إلى من يزعم أنه سيد قريش ، ما يصنع بابن عمه الذي قد صار لحما ؟ وأبو سفيان يقول : ذق عقق[8]. فقال أبو سفيان : صدقت ، إنما كانت مني زلة اكتمها عليّ .
قال : وقام أبو سفيان فنادى بعض المسلمين : أحي ابن أبي كبشة ؟ فأما ابن أبي طالب فقد رأيناه مكانه . فقال علي عليه السّلام : أي والذي بعثه بالحق إنه ليسمع كلامك . قال : أنه قد كانت في قتلاكم مثلة ، واللّه ما أمرت وما نهيت . إن ميعادنا بيننا وبينكم موسم بدر في قابل هذا الشهر . فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : قل : نعم . فقال : نعم . فقال أبو سفيان لعلي عليه السّلام : « إن ابن قميئة أخبرني أنه قتل محمدا وأنت أصدق عندي منه وأبرّ » ، ثم ولّى إلى أصحابه وقال : « اتخذوا الليل جملا وانصرفوا » .
ثم دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عليا عليه السّلام فقال : « اتّبعهم فانظر أين يريدون ، فإن كانوا ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة ، وإن كانوا ركبوا الإبل وساقوا الخيل فهم متوجهون إلى مكة » . وقيل : إنه بعث لذلك سعد بن أبي وقاص .
فرجع فقال : رأيت خيلهم تضرب بأذنابها مجنوبة[9] مدبرة ، ورأيت القوم قد تجمّلوا[10] سائرين . فطابت أنفس المسلمين بذهاب العدو ، فانتشروا يتتبعون قتلاهم ، فلم يجدوا قتيلا إلا وقد مثّلوا به إلا حنظلة بن أبي عامر ، كان أبوه مع المشركين فترك له . ووجدوا حمزة قد شقّ بطنه وجدع أنفه وقطعت أذناه وأخذ كبده . فلما انتهى إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله خنقته العبرة وقال : « لأمثلنّ بسبعين من قريش » . فأنزل اللّه سبحانه : « وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به . . . » الآية [11] . فقال : بل أصبر . وقال : من ذلك الرجل الذي تغسله الملائكة في سفح الجبل ؟ فسألوا امرأته فقالت : إنه خرج وهو جنب ، وهو حنظلة بن أبي عامر الغسيل .
قال أبان : وحدثني أبو بصير عن أبي جعفر عليه السّلام قال : ذكر لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله رجل من أصحابه يقال له « قزمان » ، بحسن معونته لإخوانه وذكّوه . فقال : صلّى اللّه عليه وآله إنه من أهل النار ، فأتي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وقيل : إن قزمان استشهد . فقال : « يفعل اللّه ما يشاء » ثم أتي فقيل : إنه قتل نفسه ، فقال : « أشهد إني رسول اللّه » ! قال : وكان قزمان قاتل قتالا شديدا ، وقتل من المشركين ستة أو سبعة ، فأثبتته الجراح ، فاحتمل إلى دور بني ظفر ، فقال له المسلمون :
ابشر يا قزمان فقد أبليت اليوم . فقال : بم تبشرون ؟ فو اللّه ما قاتلت إلا عن أحساب قومي ، ولولا ذلك ما قاتلت ! فلما اشتدت عليه الجراحة جاء إلى كنانته فأخذ منها مشقصا فقتل به نفسه .
قال : وكانت امرأة من بني النجار قتل أبوها وزوجها وأخوها مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فدنت من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله والمسلمون قيام على رأسه . فقالت لرجل : أحي رسول اللّه ؟ قال : نعم .
قالت : أستطيع أن أنظر إليه ؟ قال : نعم . فأوسعوا لها فدنت منه وقالت : « كل مصيبة جلل بعدك » ، ثم انصرفت .
قال : وانصرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إلى المدينة حين دفن القتلى فمرّ بدور بني الأشهل وبني ظفر ، فسمع بكاء النوائح على قتلاهن . فترقرقت عينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وبكى ، ثم قال :
« لكن حمزة لا بواكي له اليوم » . فلما سمعها سعد بن معاذ وأسيد بن حضير قالا : لا تبكين امرأة حميمها حتى تأتي فاطمة عليها السّلام فتسعدها . فلما سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الواعية على حمزة وهو عند فاطمة عليها السّلام على باب المسجد قال : ارجعن رحمكن اللّه ، فقد آسيتنّ بأنفسكنّ .
ثم كانت غزوة حمراء الأسد ، قال أبان بن عثمان : لما كان من الغد من يوم أحد نادى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في المسلمين فأجابوه ، فخرجوا على علتهم وعلى ما أصابهم من القرح ، وقدم عليا بين يديه براية المهاجرين حتى انتهى إلى حمراء الأسد ، ثم رجع إلى المدينة . فهم الذين استجابوا للّه وللرسول من بعد ما أصابهم القرح ، وخرج أبو سفيان حتى انتهى إلى الروحاء ، فأقام بها وهو يهمّ بالرجعة على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، ويقول : قد قتلنا صناديد القوم ، فلو رجعنا استأصلناهم . فلقي معبدا الخزاعي فقال : ما وراءك يا معبد ؟
قال : قد واللّه تركت محمدا وأصحابه وهم يحرقون[12] عليكم وهذا علي بن أبي طالب قد أقبل على مقدمته في الناس ، وقد اجتمع معه من كان تخلف عنه ، وقد دعاني ذلك إلى أن قلت شعرا . قال أبو سفيان : وما ذا قلت ؟ قال : قلت :
كانت تهد من الأصوات راحلتي * إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل
تردي بأسد كرام لا تنابلة[13] * عند اللقاء ولا خرق معاذيل[14]
فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه ، ثم مرّ به ركب من عبد القيس يريدون الميرة من المدينة ، فقال لهم : أبلغوا محمدا أني قد أردت الرجعة إلى أصحابه لأستأصلهم ، وأوقر لكم ركابكم زبيبا إذا وافيتم عكاظ ، فأبلغوا ذلك إليه وهو بحمراء الأسد ، فقال صلّى اللّه عليه وآله والمسلمون معه : حسبنا اللّه ونعم الوكيل . ورجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إلى المدينة يوم الجمعة .
قال : ولما غزا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله حمراء الأسد وثبت فاسقة من بني حطمة يقال لها :
العصماء أم المنذر بن المنذر تمشي في مجالس الأوس والخزرج وتقول شعرا تحرض على النبي صلّى اللّه عليه وآله ، وليس في بني حطمة يومئذ مسلم إلا واحد يقال له « عمير بن عدي » . فلما رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله غدا عليها عمير فقتلها ، ثم أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فقال : إني قتلت أم المنذر لما قاتله من هجر . فضرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله على كتفه وقال : هذا رجل نصر اللّه ورسوله بالغيب ، أما إنه لا ينتطح فيها عنزان .[15]
قال عمير بن عدي : فأصبحت فمررت ببنيها وهم يدفنونها فلم يعرض لي أحد منهم ، ولم يكلمني .
المصادر :
1 . إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي : ص 83 .
2 . بحار الأنوار : ج 20 ص 95 ح 28 ، عن إعلام الورى بأعلام الهدى .
3 . كتاب أبان بن عثمان ، على ما في بحار الأنوار وإعلام الورى .
المتن السادس:
عن سهل : بأي شيء دووي جرح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ؟ قال : كان علي عليه السّلام يجيء بالماء في ترسه وفاطمة عليها السّلام تغسل الدم عن وجهه ، وأخذ حصيرا فأحرق وحشى به جرحه .
وقال علي عليه السّلام : ولقد رأيتني وانفردت يومئذ منهم فرقة خشناء فيها عكرمة بن أبي جهل ، فدخلت وسطهم بالسيف فضربت به واشتملوا عليّ حتى أفيضت إلى آخرهم . ثم كررت فيهم الثانية حتى رجعت من حيث جئت ، ولكن الأجل استأخر ويقضي اللّه أمرا كان مفعولا .
قال : وكان عثمان من الذين تولّى يوم التقى الجمعان .
وقال ابن أبي نجيح : نادى في ذلك اليوم مناد : لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي عليه السّلام .
وزاد في هامش البحار .
ورأى صلّى اللّه عليه وآله سيف علي عليه السّلام مختضبا ، فقال : إن كنت أحسنت القتال فقد أحسن عاصم بن ثابت والحارث بن الصمة وسهل بن حنيف ، وسيف أبي دجانة غير مذموم .
وذكره المقريزي أيضا في الإمتاع وذكر الجملة السابقة هكذا . فلما رأت فاطمة عليها السّلام الدم لا يرقأ وهي تغسله وعلي عليه السّلام يصبّ الماء عليها بالمجن ، أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا ، ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم ؛ ويقال : داوته بصوفة محترقة ، وكان صلّى اللّه عليه وآله بعد يداوي الجرح في وجهه بعظم بال حتى يذهب أثره ، ومكث يجدوهن ضربة ابن قميئة على عاتقه شهرا أو أكثر من شهر .[16]
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 20 ص 102 ح 29 ، عن كشف الغمة .
2 . كشف الغمة : ج 1 ص 189 .
3 . مسند أحمد حنبل ، على ما في بحار الأنوار .
الأسانيد :
في مسند أحمد : عن أبي حازم عن سهل .
المتن السابع:
قال ابن الأثير : وقاتل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يوم أحد قتالا شديدا ، فرمى بالنبل حتى فنى نبله وانكسرت سية قوسه وانقطع وتره . ولما جرح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله جعل علي عليه السّلام ينقل له الماء في درقته من المهراس ويغسله ، فلم ينقطع الدم . فأتت فاطمة عليها السّلام وجعلت تعانقه وتبكي ، وأحرقت حصيرا وجعلت على الجرح من رمادة فانقطع الدم . . .
المصادر :
1 . الكامل في التاريخ : ج 2 ص 109 .
2 . بحار الأنوار : ج 20 ص 144 ح 52 ، عن كامل ابن الأثير .
المتن الثامن:
خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يوم أحد وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وكانت فاطمة عليها السّلام بنته تغسل عنه الدم وعلي بن أبي طالب عليه السّلام يسكب عليها بالمجن . فلما رأت فاطمة عليها السّلام أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة ، أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى إذا صار رمادا ألزمته الجرح ، فاستمسك الدم .
المصادر :
1 . أنوار التنزيل : ج 1 ص 237 ، على ما في بحار الأنوار .
2 . بحار الأنوار : ج 20 ص 31 ، عن أنوار التنزيل .
الأسانيد :
في أنوار التنزيل : روى الواقدي ، عن سهل بن سعد الساعدي قال .
المتن التاسع:
أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ( في غزوة أحد ) بالقتلى فجمعوا ، فصلى عليهم ودفنهم في مضاجعهم وكبّر على حمزة سبعين تكبيرة .
وصاح إبليس بالمدينة : قتل محمد ، فلم يبق من النساء المهاجرين والأنصار إلا وخرج ، وخرجت فاطمة عليها السّلام بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله تعدو على قدميها حتى وافت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، وقعدت بين يديه وكان إذا بكى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بكت ، وإذا انتحب انتحبت .
المصادر :
1 . تفسير القمي : ص 100 ، على ما في بحار الأنوار .
2 . بحار الأنوار : ج 20 ص 363 ، عن تفسير القمي .
المتن العاشر:
قال ابن شهرآشوب : وفي شوال غزوة أحد ، وهو يوم « المهراس » ، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة والربيع والسدي وابن إسحاق نزل قوله : « وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ . . . »[17]
وهو المروي عن أبي جعفر عليه السّلام .
زيد بن وهب : « إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ » فقالوا : لم انهزمنا وقد وعدنا بالنصر ؟ فنزل :
« وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ »[18] .
ابن مسعود والصادق عليه السّلام : لما قصد أبو سفيان في ثلاثة آلاف من قريش إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله - ويقال في ألفين - منهم مائتا فارس ، والباقون ركب ، ولهم سبعمائة درع وهند ترتجز :
نحن بنات طارق * نمشي على النمارق
والمسك في المفارق * والدر في المخانق
وكان استأجر أبو سفيان يوم أحد ألفين من الأحابيش يقتل بهم النبي صلّى اللّه عليه وآله .
قوله : « إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ »[19] فرأى النبي صلّى اللّه عليه وآله يقاتل وإن الرجال على أفواه السكاك والضعفاء من فوق البيوت ، فأبوا إلا الخروج . فلما صار على الطريق قالوا : نرجع . فقال : « ما كان لنبي إذا قصد قوما أن يرجع عنهم » ، وكانوا ألف رجل ويقال سبعمائة . فانعزل عنهم عبد اللّه بن أبي بثلث الناس ، فهمت بنو حارثة وبنو سلمة بالرجوع وهو قوله : « إذ همت طائفتان منكم » قال الجابى : همّا به ولم يفعلاه .
فنزلوا دور بني حارثة ؛ فأصبح وتجاوز يسيرا .
وجعل على راية المهاجرين عليا عليه السّلام وعلى راية الأنصار سعد بن عبادة . وقعد في راية الأنصار وهو لابس درعين ، وأقام على الشعب عبد اللّه بن جبير في خمسين من رماة الأنصار وقال : لا تبرحوا مكانكم هذا وإلا قتلنا عن آخرنا ، فإنما نؤتى من موضعكم وقام بإزائهم خالد بن وليد ، وصاحب لواء قريش كبش الكتيبة طلحة بن أبي طلحة فضربه علي عليه السّلام على مقدم رأسه . وروى الطبري عنه عليه السّلام : أفاطم هاك السيف غير ذميم * فلست بر عديد ولا بلئيم
لعمري لقد جاهدت في نصر أحمد * وطاعة رب بالعباد رحيم
وسيفي بكفي كالشهاب أهزه * وأجذبه من عاتق وصميم
فما زلت حتى فض ربى جمعهم * وحتى تشفت نفس كل حليم
فانكب المسلمون على الغنائم ، فترك أصحاب الشعب رئيسهم في اثني عشر رجلا للغنائم ، وحمل عليه خالد فقتله ، وجاء من ظهر النبي صلّى اللّه عليه وآله وقال : دونكم هذا الطليق الذي يطلبونه ، فشأنكم به . فحملوا عليه حملة رجل واحد حتى قتل منهم خلقا ، وانهزم الباقون في الشعب وأقبل خالد بخيل المشركين كما قال : « إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ »[20]: يا أيها الناس ، إني رسول اللّه قد وعدني بالنصر ، فأين الفرار ؟ وكان النبي صلّى اللّه عليه وآله يرمي ويقول : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ؛ فرماه ابن قميئة بقذافة فأصاب كفه ، ورماه عبد اللّه بن شهاب بقلاعة فأصاب مرفقه ، وضربه عتبة بن أبي وقاص أخو سعد على وجهه فشج رأسه فنزل من فرسه . ونهبه ابن قميئة وقد ضربه على جنبه وصاح إبليس من جبل أحد : ألا إن محمدا قد قتل ، فصاحت فاطمة عليها السّلام ووضعت يدها علي رأسها ؛ وخرجت تصرخ وساير هاشمية وقرشية . . . القصة .
فلما حمله علي عليه السّلام إلى أحد نادى العباس - وكان جهوري الصوت - فقال : يا أصحاب سورة البقرة ، أين تفرون ؟ إلى النار تهربون ؟ وقال وحشي : قال لي جبير بن مطعم : إن عليا عليه السّلام قتل عمي يوم بدر فإن قتلت محمدا أو حمزة أو عليا فأنت حر .
وفي مغازي الواقدي : إن هندا رأت وحشيا الحبشي يعدو قبلها ، فقالت له : إنما ينفذ حكمك عليّ إذا ثأرت بأبي وأخي وعمي من علي أو حمزة أو محمد ؟ فقال : لا أطمع لمحمد لشوكته ولا في علي لبساته وبصارته ، ولعلّي أصيب من حمزة غرة فأزرقه .
فقالت : إن تقتله فقد أدركت ثاري .
وقد كان علم رمي الحراب بالحبشة ؛ وكان حمزة يحمل حملاته كالليوث ثم يرجع إلى موقفه فكمن وحشي تحت شجرة .
قال الصادق عليه السّلام : فزرقه وحشي فوق الثدي فسقط وشدوا عليه فقتلوه . فأخذ وحشي الكبد فشدّ بها إلى هند ، فأخذتها فطرحتها في فيها فصارت مثل الداغصة ، فلفظتها ؛ ويقال : صارت حجرا . ورأى الحليس بن علقمة أبا سفيان وهو يشد الرمح في شدق حمزة ، فقال : انظروا إلى من يزعم أنه سيد قريش ما يصنع بعمه الذي صار لحما ؟
وأبو سفيان قال : ذق يا عقق ! وأتت هند وجذعت أنفه وأذنه وجعلت في مخنقتها بالذريرة مدة . فوجدوا سبعين شهيدا ؛ فلما رأى النبي صلّى اللّه عليه وآله حمزة خنقته العبرة وقال :
لأمثّلنّ بسبعين من قريش فنزل : « وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا . . . »[21]، فقال صلّى اللّه عليه وآله : بل أصبر ، وفيه ضربت يد طلحة فشلّت . وأنشأ أمير المؤمنين عليه السّلام :
الحمد للّه ربي الخالق الصمد * فليس يشركه في حكمه أحد
هو الذي عرف الكفار منزلهم * والمؤمنون سيجزيهم بما وعدوا
وينصر اللّه من والاه إن له * نصرا ويمثل بالكفار إذ عندوا
قوموا وقوا لرسول اللّه واحتسبوا * شم العرانين منهم حمزة الأسد
وأنشأ :
رأيت المشركين بغوا علينا * ولجّوا في الغواية والضلال
وقالوا نحن أكثر إذ نفرنا * غداة الروع بالأسل الطوال
فإن يبغوا ويفتخروا علينا * بحمزة وهو في الغرف العوالي
فقد أردى بعتبة يوم بدر * وقد أبلى وجاهد غير آل
وقد غارت كبشهم جهارا * بحمد اللّه طلحة في الجمال
فخرّ لوجهه ورفعت عنه * رقيق الحد حودث بالصقال
المصادر :
المناقب لابن شهرآشوب : ج 1 ص 191 .
المتن الحادي عشر:
قال ابن الأثير : وفيها يعني السنة الثالثة من الهجرة ، قيل : ولد الحسن بن علي عليه السّلام في النصف من شهر رمضان ، وفيها علقت فاطمة عليها السّلام بالحسين عليه السّلام وكان بين ولادتها وحملها خمسون يوما .
المصادر :
1 . الكامل لابن الأثير : ج 2 ص 115 .
2 . بحار الأنوار : ج 20 ص 146 ح 52 ، عن الكامل .
المتن الثاني عشر:
عن الصادق عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام قال : دخل النبي صلّى اللّه عليه وآله ذات ليلة بيت فاطمة عليها السّلام ومعه الحسن والحسين عليهما السّلام ، فقال لهما النبي صلّى اللّه عليه وآله : « قوما فاصطرعا » . فقاما ليصطرعا ، وقد خرجت فاطمة صلوات اللّه عليها في بعض خدمتها . فدخلت فسمعت النبي صلّى اللّه عليه وآله وهو يقول : « أيها يا حسن ، شدّ على الحسين فاصرعه » .
فقالت له : يا أبه ، واعجباه ! أتشجع هذا على هذا ؟ ! تشجع الكبير على الصغير ؟ ! فقال لها : يا بنية ، أما ترضين أن أقول أنا : « يا حسن شدّ على الحسين فاصرعه » ، وهذا حبيبي جبرئيل عليه السّلام يقول : « يا حسين ، شدّ على الحسن فاصرعه » .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 103 ص 189 ح 1 ، عن أمالي الصدوق .
2 . أمالي الصدوق : ص 445 ح 8 ، شطرا من الحديث بتفاوت يسير .
الأسانيد :
في الأمالي : قال الصدوق : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل ، قال : حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي ، قال : حدثنا أحمد بن أبي عبد اللّه البرقي ، عن أبيه ، عن فضالة بن أيوب عن الشحام عن أبي عبد اللّه الصادق عليه السّلام .
المتن الثالث عشر:
قال المفيد : ولما دخل أبو سفيان المدينة لتجديد العهد بين رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وبين قريش عندما كان من بني بكر في خزاعة وقتلهم من قتلوا منها . فقصد أبو سفيان ليتلافى الفارط من القوم ، وقد خاف من نصرة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لهم وأشفق مما حلّ بهم يوم الفتح . فأتى النبي صلّى اللّه عليه وآله وكلّمه في ذلك فلم يردّ عليه جوابا .
فقام من عنده فلقيه أبو بكر فتشبّث به وظن أنه يوصله إلى بغيته من النبي صلّى اللّه عليه وآله ، فسأله كلامه له . فقال : ما أنا بفاعل ذلك ، لعلم أبي بكر بأن سؤاله في ذلك لا يغني شيئا . فظن أبو سفيان بعمر ما ظنه بأبي بكر ، فكلّمه في ذلك فدفعه بغلظة وفظاظة كادت أن يفسد الرأي على النبي صلّى اللّه عليه وآله .
فعدل إلى بيت أمير المؤمنين عليه السّلام فاستأذن عليه فأذن له ، وعنده فاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام ، فقال : يا علي ، إنك أمسّ القوم بي رحما وأقربهم مني قرابة ، وقد جئتك فلا أرجعنّ كما جئت خائبا . اشفع لي عند رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في ما قصدته . فقال له : ويحك يا أبا سفيان ، لقد عزم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله على أمر لا نستطيع أن نكلّمه فيه .
فالتفت أبو سفيان إلى فاطمة عليها السّلام فقال لها : يا بنت محمد ، هل لك أن تأمري ابنيك أن يجيرا بين الناس فيكونا سيدي العرب إلى آخر الدهر ؟ فقالت : ما بلغ بنيّاى أن يجيرا بين الناس ، وما يجير أحد على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله !
فتحيّر أبو سفيان وأسقط في يديه ، ثم أقبل إلى أمير المؤمنين عليه السّلام فقال : يا أبا الحسن ، أرى الأمور قد التبست عليّ ، فانصح لي . فقال له أمير المؤمنين عليه السّلام : ما أرى شيئا يغني عنك ، ولكنك سيد بني كنانة ، فقم وأجر بين الناس ، ثم الحق بأرضك . قال : فترى ذلك مغنيا عني شيئا ؟ قال : لا واللّه ما أظن ولكن ما أجد لك غير ذلك .
فقام أبو سفيان في المسجد فقال : « أيها الناس ، إني قد أجرت بين الناس » . ثم ركب بعيره وانطلق . فلما قدم على قريش قالوا : ما ورائك ؟ قال : جئت محمدا فكلّمته ، فو اللّه ما ردّ عليّ شيئا . ثم جئت إلى ابن أبي قحافة فلم أجد فيه خيرا . ثم لقيت ابن الخطاب فوجدته فظا غليظا لا خير فيه . ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم لي ، وقد أشار عليّ بشيء فصنعته . فو اللّه ما أدري يغني عني شيئا أم لا .
قالوا : بما أمرك ؟ قال : أمرني أن أجير بين الناس ، ففعلت . فقالوا : هل أجاز ذلك محمد ؟ قال : لا . قالوا : فويلك فو اللّه ما زاد الرجل على أن لعب بك ، فما يغني عنك ؟
فقال أبو سفيان : لا واللّه ما وجدت غير ذلك .
المصادر :
1 . الإرشاد للمفيد : ج 1 ص 132 .
2 . بحار الأنوار : ج 22 ص 76 ح 29 ، عن الإرشاد .
3 . بحار الأنوار : ج 21 ص 102 ، أورد شطرا من الحديث .
4 . بحار الأنوار : ج 21 ص 126 بتفاوت فيه .
5 . المناقب لابن شهرآشوب : ج 1 ص 177 ، على ما في هامش بحار الأنوار : ج 21 ص 126 بتفاوت فيه .
المتن الرابع عشر:
كان قد عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إلى المسلمين أن لا يقتلوا بمكة إلا من قاتلهم ، سوى نفر كانوا يؤذون النبي صلّى اللّه عليه وآله ، منهم مقيس بن صبابة وعبد اللّه بن سعد بن أبي سرح وعبد اللّه بن خطل وقينتين كانتا تغنيان بهجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، وقال : « اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة » .
فأدرك ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة ، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر ، فسبق سعيد عمارا فقتله ؛ وقتل مقيس بن صبابة في السوق ؛ وقتل علي عليه السّلام إحدى القينتين وأفلتت الأخرى ؛ وقتل عليه السّلام أيضا الحويرث بن نفيل بن كعب .
وبلغه أن أم هانئ بنت أبي طالب قد آوت ناسا من بني مخزوم ، منهم الحارث بن هشام وقيس بن السائب ، فقصد نحو دارها مقنعا بالحديد ، فنادى : « أخرجوا من آويتم » . فجعلوا يذرقون كما يذرق الحبارى خوفا منه ، فخرجت إليه أم هاني وهي لا تعرفه . فقالت : يا عبد اللّه ، أنا أم هانئ بنت عم رسول اللّه وأخت علي بن أبي طالب ، انصرف عن داري . فقال علي عليه السّلام : أخرجوهم . فقالت : واللّه لأشكونك إلى رسول اللّه ! فنزع المغفر عن رأسه فعرفته ، فجاءت تشتدّ حتى التزمته ، فقالت : فديتك ، حلفت لأشكونك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . فقال لها : فاذهبي فبرّي قسمك ، فإنه بأعلى الوادي .
قالت أم هانئ : فجئت إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وهو في قبة يغتسل وفاطمة عليها السّلام يستره . فلما سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كلامي قال : « مرحبا بك يا أم هاني » . قلت : بأبي وأمي ، ما لقيت من علي اليوم ؟ فقال صلّى اللّه عليه وآله : « قد أجرت من أجرت » .
فقالت فاطمة عليها السّلام : إنما جئت يا أم هاني تشكين عليا في أنه أخاف أعداء اللّه وأعداء رسوله ؟ فقلت : احتمليني فديتك . فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : وقد شكر اللّه تعالى سعيه ، وأجرت من أجارت أم هاني ، لمكانها من علي بن أبي طالب .
المتن الخامس عشر:
كان قد عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إلى المسلمين أن لا يقتلوا بمكة إلا من قاتلهم ، سوى نفر كانوا يؤذون النبي صلّى اللّه عليه وآله ، منهم مقيس بن صبابة وعبد اللّه بن سعد بن أبي سرح وعبد اللّه بن خطل وقينتين كانتا تغنيان بهجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، وقال : « اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة » .
فأدرك ابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة ، فاستبق إليه سعيد بن حريث وعمار بن ياسر ، فسبق سعيد عمارا فقتله ؛ وقتل مقيس بن صبابة في السوق ؛ وقتل علي عليه السّلام إحدى القينتين وأفلتت الأخرى ؛ وقتل عليه السّلام أيضا الحويرث بن نفيل بن كعب .
وبلغه أن أم هانئ بنت أبي طالب قد آوت ناسا من بني مخزوم ، منهم الحارث بن هشام وقيس بن السائب ، فقصد نحو دارها مقنعا بالحديد ، فنادى : « أخرجوا من آويتم » . فجعلوا يذرقون كما يذرق الحبارى خوفا منه ، فخرجت إليه أم هاني وهي لا تعرفه . فقالت : يا عبد اللّه ، أنا أم هانئ بنت عم رسول اللّه وأخت علي بن أبي طالب ، انصرف عن داري . فقال علي عليه السّلام : أخرجوهم . فقالت : واللّه لأشكونك إلى رسول اللّه ! فنزع المغفر عن رأسه فعرفته ، فجاءت تشتدّ حتى التزمته ، فقالت : فديتك ، حلفت لأشكونك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . فقال لها : فاذهبي فبرّي قسمك ، فإنه بأعلى الوادي .
قالت أم هانئ : فجئت إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله وهو في قبة يغتسل وفاطمة عليها السّلام يستره . فلما سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كلامي قال : « مرحبا بك يا أم هاني » . قلت : بأبي وأمي ، ما لقيت من علي اليوم ؟ فقال صلّى اللّه عليه وآله : « قد أجرت من أجرت » .
فقالت فاطمة عليها السّلام : إنما جئت يا أم هاني تشكين عليا في أنه أخاف أعداء اللّه وأعداء رسوله ؟ فقلت : احتمليني فديتك . فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : وقد شكر اللّه تعالى سعيه ، وأجرت من أجارت أم هاني ، لمكانها من علي بن أبي طالب .
الأسانيد :
في محاسن البرقي : عن أبيه ، عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام .
المتن السادس عشر:
عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : لما مات جعفر بن أبي طالب عليه السّلام أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فاطمة عليها السّلام أن تتخذ طعاما لأسماء بنت عميس ثلاثة أيام ، وتأتيها ونساؤها . فجرت بذلك السنة من أن يصنع لأهل الميت طعام ثلاثة أيام .
المصادر :
1 . أمالي الطوسي : ج 2 ص 272 .
2 . فروع الكافي : ج 1 ص 217 .
3 . بحار الأنوار : ج 79 ص 83 ح 22 ، عن أمالي الطوسي .
4 . بحار الأنوار : ج 21 ص 54 ح 6 ، عن أمالي الطوسي .
5 . المحاسن : ص 419 ، على ما في بحار الأنوار .
الأسانيد :
1 . في أمالي الطوسي ، عن أبي عبد اللّه الحسين بن إبراهيم القزويني ، قال : أخبرنا أبو عبد اللّه محمد بن وهبان الهنائي البصري قال : حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال :
أخبرني أبو محمد الحسن بن علي بن عبد الكريم الزعفراني ، قال : حدثني أحمد بن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر ، قال : حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام .
2 . في الكافي : علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري وهشام بن سالم ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام مثله .
المتن السابع عشر:
عن الصادق عليه السّلام أن النبي صلّى اللّه عليه وآله أمر فاطمة عليها السّلام أن تأتي أسماء بنت عميس - هي ونساؤها - وأن تصنع لها طعاما ثلاثة أيام . فجرت بذلك السنة .
وقال الصادق عليه السّلام : ليس لأحد أن يحدّ أكثر من ثلاثة أيام إلا المرأة على زوجها حتى تنقضي عدتها .
قال : وأوصى أبو جعفر عليه السّلام بثمانمائة درهم لمأتمه ، وكان يرى ذلك من السنة لأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أمر باتخاذ طعام لآل جعفر .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 79 ص 72 ح 1 ، عن من لا يحضره الفقيه .
2 . من لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 116 ح 546 ، 549 ، 550 .
3 . الذكرى للشهيد : ص 69 ، شطرا من صدر الحديث .
المتن الثامن عشر:
روى الواقدي بأسناده عن أسماء بنت عميس ، قالت : أصبحت في اليوم الذي أصيب فيه جعفر وأصحابه ، فأتاني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وقد منأت أربعين منا من أدم وعجنت عجيني وأخذت بنيّ فغسلت وجوههم ودهنتهم . فدخل عليّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فقال : يا أسماء ، أين بنو جعفر ؟ فجئت بهم إليه ، فضمهم وشمهم ، ثم ذرفت عيناه فبكى . فقلت :
يا رسول اللّه ، لعله بلغك عن جعفر شيء ؟ قال : نعم ، أنه قتل اليوم !
فقمت أصيح ، واجتمعت إليّ النساء فجعل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول : يا أسماء ، لا تقولي هجرا ولا تضربي صدرا .
ثم خرج حتى دخل على ابنته فاطمة عليها السّلام وهي تقول : وا عماه ! فقال : على مثل جعفر فلتبك الباكية . ثم قال : اصنعوا لآل جعفر طعاما ، فقد شغلوا عن أنفسهم اليوم .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 21 ص 63 ح 11 ، عن شرح النهج .
2 . شرح النهج لابن أبي الحديد : ج 3 ص 42 .
3 . تاريخ الواقدي ، على ما في بحار الأنوار .
الأسانيد :
تاريخ الواقدي على ما في هامش بحار الأنوار : حدثني مالك بن أبي الرجال ، عن عبد اللّه بن أبي بكر بن حزم ، عن أم جعفر بنت محمد بن جعفر ، عن جدتهما أسماء بنت عميس .
المتن التاسع عشر:
عن ابن عمر قال : وجدنا ما بين صدر جعفر ومنكبيه وما أقبل منه تسعين جراحة ، ما بين ضربة بالسيف وطعنة بالرمح ، ولما أتى النبي صلّى اللّه عليه وآله نعي جعفر أتى امرأته أسماء بنت عميس فعزّاها في زوجها جعفر . ودخلت فاطمة عليها السّلام وهي تبكي وتقول : وا عماه ! فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : على مثل جعفر فلتبك البواكي .
وعن علي عليه السّلام أن النبي صلّى اللّه عليه وآله قال لجعفر : أشبهت خلقي وخلقي يا جعفر .
وعن ابن عباس قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : دخلت البارحة الجنة ، فإذا فيها جعفر يطير مع الملائكة ، وإذا حمزة بأصحابه .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 22 ص 276 ح 25 ، عن الاستيعاب .
2 . الاستيعاب : ج 1 ص 211 ، على ما في بحار الأنوار .
المتن العشرون:
عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السّلام ، قال : لما ماتت رقية ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : ألحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون وأصحابه . قال : وفاطمة عليها السّلام على شفير القبر تنحدر دموعها في القبر ، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يتلقّاه بثوبه ، قائما يدعو . قال : إني لأعرف ضعفها وسألت اللّه عز وجل أن يجيرها من ضمة القبر .
المصادر :
1 . فروع الكافي : ج 3 ص 241 رقم 18 .
2 . بحار الأنوار : ج 6 ص 266 ح 113 ، عن فروع الكافي .
3 . بحار الأنوار : ج 22 ص 164 ح 24 ، عن فروع الكافي .
الأسانيد :
في الكافي : حميد بن زياد ، عن الحسن بن محمد بن سماعة ، عن غير واحد ، عن أبان عن أبي بصير ، عن أحدهما عليهما السّلام .
المتن الحادي والعشرون:
عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت عند أبي جعفر عليه السّلام إذا استأذن عليه رجل ، فأذن له فدخل عليه فسلّم ، فرحب به أبو جعفر عليه السّلام وأدناه وسأله . فقال الرجل : جعلت فداك ، إني خطبت إلى مولاك فلان بن أبي رافع ابنته فلانة فردّني ورغب عني وازدرأني لدمامتي وحاجتي وغربتي ، وقد دخلني من ذلك غضاضة هجمة[22] عضّ لها قلبي ، تمنّيت عندها الموت . فقال أبو جعفر عليه السّلام : اذهب فأنت رسولي إليه وقل له : يقول لك محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب : زوّج منحج بن رباح مولاي ابنتك فلانة ولا تردّه .
قال أبو حمزة : فوثب الرجل فرحا مسرعا برسالة أبي جعفر عليه السّلام . فلما أن توارى الرجل قال أبو جعفر عليه السّلام : إن رجلا كان من أهل اليمامة يقال له « جويبر » ، أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله منتجعا للإسلام ، فأسلم وحسن إسلامه . وكان رجلا قصيرا دميما محتاجا عاريا ، وكان من قباح السودان . فضمّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لحال غربته وعراه وكان يجرى عليه طعامه صاعا من تمر بالصاع الأول ، وكساه شملتين ، وأمره أن يلزم المسجد ويرقد فيه بالليل .
فمكث بذلك ما شاء اللّه ، حتى كثر الغرباء ممن يدخل في الإسلام من أهل الحاجة بالمدينة ، وضاق بهم المسجد . فأوحى اللّه عز وجل إلى نبيه صلّى اللّه عليه وآله أن طهّر مسجدك ، وأخرج من المسجد من يرقد فيه بالليل ، ومر بسد أبواب كل من كان له في مسجدك باب إلا باب علي ومسكن فاطمة عليها السّلام ، ولا يمرّن فيه جنب ، ولا يرقد فيه غريب .
قال : فأمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بسد أبوابهم إلا باب علي عليه السّلام ، وأقرّ مسكن فاطمة صلى اللّه عليها على حاله . قال : ثم إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أمر أن يتخذ للمسلمين سقيفة فعملت لهم وهي الصفة . ثم أمر الغرباء والمساكين أن يظلوا فيها نهارهم وليلهم ، فنزلوها واجتمعوا فيها .
فكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يتعاهدهم بالبر والتمر والشعير والزبيب ، إذا كان عنده ؛ وكان المسلمون يتعاهدونهم ويرقّونهم لرقة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ويصرفون صدقاتهم إليهم .
فإن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله نظر إلى جويبر ذات يوم برحمة منه له ورقة عليه ، فقال : يا جويبر ، لو تزوّجت امرأة فعففت بها فرجك وأعانتك على دنياك وآخرتك . فقال له جويبر : يا رسول اللّه ، بأبي أنت وأمي ، من يرغب فيّ ؟ فو اللّه ما من حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال ! فأية امرأة ترغب فيّ ؟ !
فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : يا جويبر ، إن اللّه قد وضع بالإسلام من كان في الجاهلية شريفا ، وشرّف بالإسلام من كان في الجاهلية وضيعا ، وأعزّ بالإسلام من كان في الجاهلية ذليلا ، وأذهب بالإسلام ما كان من نخوة الجاهلية وتفاخرها بعشائرها وباسق أنسابها . فالناس اليوم كلهم - أبيضهم وأسودهم وقرشيهم وعربيهم وعجميهم - من آدم ، وإن آدم خلقه اللّه من طين ، وإن أحب الناس إلى اللّه عز وجل يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم ، وما أعلم - يا جويبر - لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلا إلا لمن كان أتقى للّه منك وأطوع .
ثم قال له : انطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد ، فإنه من أشرف بني بياضة حسبا فيهم ، فقل له : إني رسول رسول اللّه إليك ، وهو يقول لك : زوّج جويبر ابنتك الدلفاء ! قال :
فانطلق جويبر برسالة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إلى زياد بن لبيد وهو في منزله وجماعة من قومه عنده . فاستأذن فأعلم فأذن له وسلّم عليه . ثم قال : يا زياد بن لبيد ، إني رسول رسول اللّه إليك في حاجة ، فأبوح بها أم أسرّها إليك ؟ فقال له زياد : بل بح بها فإن ذلك شرف لي وفخر . فقال له جويبر : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول لك : زوّج جويبر ابنتك الدلفاء .
فقال له زياد : أرسول اللّه أرسلك إليّ بهذا يا جويبر ؟ فقال له : نعم ، ما كنت لأكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ؟ فقال له زياد : إنا لا نزوّج فتياتنا إلا أكفاءنا من الأنصار . فانصرف يا جويبر حتى ألقى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فأخبره بعذري .
فانصرف جويبر وهو يقول : واللّه ما بهذا أنزل القرآن ولا بهذا ظهرت نبوة محمد .
فسمعت مقالته الدلفاء بنت زياد وهي في خدرها ، فأرسلت إلى أبيها : أدخل إليّ . فدخل إليها فقالت له : ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبرا ؟ فقال لها : ذكر لي أن رسول اللّه أرسله ، وقال : يقول لك رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : زوّج جويبرا ابنتك الدلفاء . فقالت له :
واللّه ما كان جويبر ليكذب على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بحضرته فابعث الآن رسولا يرد عليك جويبرا .
فبعث زياد رسولا فلحق جويبرا ، فقال له زياد : يا جويبر ، مرحبا بك ، اطمئن حتى أعود إليك . ثم انطلق زياد إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، فقال له : بأبي أنت وأمي ، إن جويبرا أتاني برسالتك وقال : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يقول : زوّج جويبرا ابنتك الدلفاء . فلم ألن له في القول ورأيت لقاءك ؛ ونحن لا نزوّج إلا أكفاءنا من الأنصار ! فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : يا زياد ، جويبر مؤمن ، والمؤمن كفو للمؤمنة ، والمسلم كفو للمسلمة ، فزوّجه يا زياد ولا ترغب عنه .
قال : فرجع زياد إلى منزله ودخل على ابنته ، فقال لها ما سمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، فقالت له : إنك إن عصيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كفرت ، فزوّج جويبرا . فخرج زياد فأخذ بيد جويبر ثم أخرجه إلى قومه فزوّجه على سنة اللّه وسنة رسوله وضمن صداقها .
قال : فجهّزها زياد وهيأها ، ثم أرسلوا إلى جويبر فقالوا له : ألك منزل فنسوقها إليك ؟
فقال : واللّه ما لي من منزل . قال : فهيّئوها وهيّئوا لها منزلا وهيّئوا فيه فراشا ومتاعا ، وكسوا جويبرا ثوبين ، وأدخلت الدلفاء في بيتها وأدخل جويبر عليها معتما .
فلما رآها نظر إلى بيت ومتاع وريح طيبة قام إلى زاوية البيت ، فلم يزل تاليا للقرآن راكعا وساجدا حتى طلع الفجر . فلما سمع النداء خرج وخرجت زوجته إلى الصلاة فتوضأت وصلت الصبح . فسئلت : هل مسّك ؟ فقالت : ما زال تاليا للقرآن وراكعا وساجدا حتى سمع النداء فخرج .
فلما كانت الليلة الثانية فعل مثل ذلك ، وأخفوا ذلك من زياد . فلما كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك ، فأخبر بذلك أبوها . فانطلق إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فقال له : بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، أمرتني بتزويج جويبر ، ولا واللّه ما كان مناكحنا ، ولكن طاعتك أوجبت عليّ تزويجه . فقال له النبي صلّى اللّه عليه وآله : فما الذي أنكرتم منه ؟ قال : إنا هيّأنا له بيتا ومتاعا ، وأدخلت ابنتي البيت وأدخل معها معتما ، فما كلّمها ولا نظر إليها ولا دنا منها ، بل قام إلى زاوية البيت فلم يزل تاليا للقرآن راكعا وساجدا حتى سمع النداء فخرج . ثم فعل مثل ذلك في الليلة الثانية ومثل ذلك في الليلة الثالثة ، ولم يدن منها ولم يكلمها إلى أن جئتك ، وما نراه يريد النساء ! فانظر في أمرنا .
فانصرف زياد وبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إلى جويبر ، فقال له : أما تقرب النساء ؟ فقال له جويبر : أو ما أنا بفحل ؟ ! بلى يا رسول اللّه ، إني لشبق نهم إلى النساء . فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله :
قد خبّرت بخلاف ما وصفت به نفسك . قد ذكروا لي أنهم هيّئوا لك بيتا وفراشا ومتاعا وأدخلت عليك فتاة حسناء عطرة ، وأتيت معتما فلم تنظر إليها ولم تكلّمها ولم تدن منها . فما دهاك إذن ؟
فقال له جويبر : يا رسول اللّه ، دخلت بيتا واسعا ، ورأيت فراشا ومتاعا وفتاة حسناء عطرة ، وذكرت حالي التي كنت عليها ، وغربتي وحاجتي وضيعتي وكينونتي مع الغرباء والمساكين ، فأحببت إذا ولّاني اللّه ذلك أن أشكره على ما أعطاني ، وأتقرب إليه بحقيقة الشكر . فنهضت إلى جانب البيت فلم أزل في صلاتي تاليا للقرآن راكعا وساجدا أشكر اللّه حتى سمعت النداء فخرجت . فلما أصبحت رأيت أن أصوم ذلك اليوم ففعلت ذلك ثلاثة أيام ولياليها ؛ ورأيت ذلك في جنب ما أعطاني اللّه يسيرا ولكني سأرضيها وأرضيهم الليلة إن شاء اللّه .
فأرسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إلى زياد فأتاه وأعلمه ما قال جويبر ، فطابت أنفسهم . قال : وفي لهم جويبر بما قال . ثم إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله خرج في غزوة له ومعه جويبر فاستشهد رحمه اللّه ، فما كان في الأنصار أيّم أنفق منها بعد جويبر .
المصادر :
1 . فروع الكافي : ج 5 ص 339 ح 1 .
2 . بحار الأنوار : ج 22 ص 117 ح 89 ، عن فروع الكافي .
الأسانيد :
محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عطية ، عن أبي حمزة الثمالي ، قال .
المتن الثاني والعشرون:
إن النبي صلّى اللّه عليه وآله كان ذات يوم جالسا إذ جاء أعرابي فجثا بين يديه . ثم قال : إني جئت لأنصحك . قال : وما نصيحتك ؟ قال : « قوم من العرب قد عملوا على أن يبيتوك بالمدينة » ، ووصفهم له . قال : فأمر أمير المؤمنين عليه السّلام أن ينادي بالصلاة جامعة . فاجتمع المسلمون فصعد المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال : « أيها الناس ، إن هذا عدو اللّه وعدوكم قد أقبل عليكم يزعم أنه يبيتكم بالمدينة ، فمن للوادي » ؟
فقام رجل من المهاجرين فقال : أنا له يا رسول اللّه . فناوله اللواء وضم إليه سبعمائة رجل وقال له : « امض على اسم اللّه » . فمضى فوافى القوم ضحوة ، فقالوا له : من الرجل ؟
قالوا : رسول لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . إما أن تقولوا » لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله » أو لأضربنّكم بالسيف . قالوا له : ارجع إلى صاحبك فإنا في جمع لا تقوم له . فرجع الرجل فأخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بذلك .
فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله : من للوادي ؟ فقام رجل من المهاجرين فقال : أنا له يا رسول اللّه . قال :
فدفع إليه الراية ومضى ، ثم عاد بمثل ما عاد به صاحبه الأول .
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « أين علي بن أبي طالب » ؟ فقام أمير المؤمنين عليه السّلام فقال : أنا ذا يا رسول اللّه . قال : « امض إلى الوادي » . قال : نعم ، وكانت له عصابة لا يتعصب بها حتى يبعثه النبي صلّى اللّه عليه وآله في وجه شديد . فمضى إلى منزل فاطمة عليها السّلام فالتمس العصابة منها . فقالت :
أين تريد وأين بعثك أبي ؟ قال : إلى وادي الرمل . فبكت إشفاقا عليه . فدخل النبي صلّى اللّه عليه وآله وهي على تلك الحال . فقال لها : « ما لك تبكين ؟ أتخافين أن يقتل بعلك ؟ كلا إنشاء اللّه » .
فقال له علي عليه السّلام : لا تنفس عليّ بالجنة يا رسول اللّه .
ثم خرج ومعه لواء النبي صلّى اللّه عليه وآله . فمضى حتى وافى القوم بسحر . فأقام حتى أصبح ، ثم صلى بأصحابه الغداة ، وصفّهم صفوفا ، وأنكأ على سيفه مقبلا على العدو ، فقال لهم : يا هؤلاء ، أنا رسول اللّه إليكم ، أن تقولوا : « لا إله إلا اللّه ، وأن محمدا عبده ورسوله » ، وإلا أضربنكم بالسيف . قالوا : ارجع كما رجع صاحباك . قال : أنا أرجع ؟ لا واللّه حتى تسلموا أو أضربكم بسيفي هذا . أنا علي بن أبي طالب بن عبد المطلب . فاضطرب القوم لمّا عرفوه ، ثم اجترؤوا على مواقعته ، فواقعهم عليه السّلام فقتل منهم ستة أو سبعة ، وانهزم المشركون وظفر المسلمون ، وحازوا الغنائم ، وتوجه إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 21 ص 81 ح 6 ، عن الإرشاد .
2 . الإرشاد : ص 162 ، شطرا من الحديث بتفاوت فيه .
المتن الثالث والعشرون:
عن حذيفة بن اليمان قال : لما خرج جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله أقدم جعفر والنبي صلّى اللّه عليه وآله بأرض خيبر فأتاه بالفرع من الغالية والقطيفة ، فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله : « لأدفعن هذه القطيفة إلى رجل يحب اللّه ورسوله ، ويحبه اللّه ورسوله » ، فمدّ أصحاب النبي صلّى اللّه عليه وآله أعناقهم إليها ، فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله : « أين علي ؟ » فوثب عمار بن ياسر رضى اللّه عنه فدعا عليا عليه السّلام . فلما جاء قال له النبي صلّى اللّه عليه وآله : « يا علي ، خذ هذه القطيفة إليك » ، فأخذها علي عليه السّلام وأمهل حتى قدم المدينة .
فانطلق إلى البقيع - وهو سوق المدينة - فأمر صائغا ففصل القطيفة سلكا سلكا ، فباع الذهب وكان ألف مثقال ، ففرّقه علي عليه السّلام في فقراء المهاجرين والأنصار . ثم رجع إلى منزله ولم يترك من الذهب قليلا ولا كثيرا .
فلقيه النبي صلّى اللّه عليه وآله من غد في نفر من أصحابه فيهم حذيفة وعمار فقال : « يا علي ، إنك أخذت بالأمس ألف مثقال فاجعل غدائي اليوم وأصحابي هؤلاء عندك » . ولم يكن علي عليه السّلام يرجع يومئذ إلى شيء من العروض : ذهب أو فضة . فقال حياء منه وتكرما : نعم يا رسول اللّه وفي الرحب والسعة ؛ ادخل يا نبي اللّه أنت ومن معك .
قال : فدخل النبي صلّى اللّه عليه وآله ثم قال لنا : ادخلوا . قال حذيفة : وكنا خمسة نفر : أنا وعمار وسلمان وأبو ذر والمقداد رضى اللّه عنهم ، فدخلنا ودخل علي عليه السّلام على فاطمة عليها السّلام يبتغي عندها شيئا من زاد ، فوجد في وسط البيت جفنة من ثريد تفور ، وعليها عراق كثير ، وكان رائحتها المسك ، فحملها علي عليه السّلام حتى وضعها بين يدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ومن حضر معه ، فأكلنا منها حتى تملأنا ولا ينقص منها قليل ولا كثير .
وقام النبي صلّى اللّه عليه وآله حتى دخل على فاطمة عليها السّلام ، وقال : « أنّى لك هذا الطعام يا فاطمة » ؟ فردت عليه ونحن نسمع قولهما . فقالت : « هو من عند اللّه ، إن اللّه يرزق من يشاء بغير حساب » .
فخرج النبي صلّى اللّه عليه وآله إلينا مستعبرا وهو يقول : الحمد للّه الذي لم يمتني حتى رأيت لا بنتي ما رأى زكريا لمريم ، كان إذا دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا ، فيقول لها : يا مريم ، أنى لك هذا ؟ فتقول : هو من عند اللّه إن اللّه يرزق من يشاء بغير حساب .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 21 ص 19 ح 14 ، عن أمالي الطوسي .
2 . أمالي الطوسي : ص 6 ، على ما في بحار الأنوار .
المتن الرابع والعشرون:
في كتاب أبان بن عثمان : قال الأعمش - في غزوة تبوك وقصة أصحاب العقبة - :
وكانوا اثني عشر ، سبعة من قريش . قال : وقدم رسول للّه صلّى اللّه عليه وآله المدينة ، وكان إذا قدم من سفر استقبل بالحسن والحسين عليهما السّلام . فأخذهما إليه وحفّ المسلمون به حتى يدخل على فاطمة عليها السّلام ويقاعدون بالباب وإذا خرج مشوا معه ، وإذا دخل منزله تفرقوا عنه .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 21 ص 248 ح 25 ، عن كتاب إعلام الورى .
2 . إعلام الورى : ص 124 ، عن كتاب أبان بن عثمان .
3 . كتاب أبان بن عثمان ، على ما في إعلام الورى .
المتن الخامس والعشرون:
قال ابن شهرآشوب في فتح حصون بني النضير وفي تلك الليلة قتل كعب بن الأشرف ، واصطفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أموال بني النضير ، وكانت أول صافية قسّمها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بين المهاجرين الأولين ، وأمر عليا عليه السّلام فحازها لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله منها ، فجعله صدقة ، وكان في يده مدة حياته ، ثم في يد أمير المؤمنين عليه السّلام بعده ، وهو في ولد فاطمة عليها السّلام حتى اليوم ، وفيما كان من أمر أمير المؤمنين عليه السّلام في هذه الغزاة وقتله اليهودي ومجيئه إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله برءوس التسعة النفر ، يقول حسان بن ثابت :
للّه أي كريهة أبليتها * ببني قريظة والنفوس تطلع
أردى رئيسهم وآب بتسعة * طورا يشلهم وطورا يدفع
المصادر :
1 . الإرشاد : ص 93 .
2 . المناقب لابن شهرآشوب : ج 1 ص 169 شطرا من الحديث .
3 . بحار الأنوار : ج 20 ص 6173 ، عن المناقب والإرشاد ، أورد تمام الحديث .
المتن السادس والعشرون:
عن الصادق عليه السّلام أنه قال : لما قتل علي عليه السّلام عمرو بن عبد ود أعطى سيفه الحسن عليه السّلام وقال :
قل لأمك : تغسل هذا الصيقل ، فردّه وعلي عليه السّلام عند النبي صلّى اللّه عليه وآله ، وفي وسطه نقطة لم تنق ، قال :
أليس قد غسلته الزهراء عليها السّلام ؟ قال : نعم ، قال : فما هذه النقطة ؟ قال النبي صلّى اللّه عليه وآله : يا علي ، سل ذا الفقار يخبرك !
فهزّه وقال : أليس قد غسلتك الطاهرة من دم الرجس النجس ؟ فأنطلق اللّه السيف فقال : بلى ، ولكنك ما قتلت بي أبغض إلى الملائكة من عمرو بن عبد ود ، فأمرني ربي فشربت هذه النقطة من دمه ، وهو حظي منه ، فلا تنتضيني يوما إلا ورأته الملائكة وصلّت عليك .
المصادر :
1 . الخرائج ، على ما في بحار الأنوار .
2 . بحار الأنوار : ج 20 ص 249 ح 18 ، عن الخرائج .
المتن السابع والعشرون:
عن الرضا عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام عن علي عليه السّلام قال : كنا مع النبي صلّى اللّه عليه وآله في حفر الخندق إذ جاءته فاطمة عليها السّلام ومعها كسيرة من خبز ، فدفعتها إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله . فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله : ما هذه الكسيرة ؟
قالت : قرص خبزته للحسن والحسين جئتك بهذه الكسيرة . فقال النبي صلّى اللّه عليه وآله : أما إنه أول طعام دخل في فم أبيك منذ ثلاث .
المصادر :
1 . عيون أخبار الرضا عليه السّلام : ج 2 ص 39 ج 123 .
2 . بحار الأنوار : ج 20 ص 245 ح 10 ، عن عيون أخبار الرضا عليه السّلام وصحيفة الرضا عليه السّلام .
3 . صحيفة الرضا عليه السّلام : ص 237 .
4 . بحار الأنوار : ج 16 ص 225 ح 28 ، عن صحيفة الرضا عليه السّلام .
5 . إحقاق الحق : ج 10 ص 286 .
6 . وسيلة المال للحضرمي : ص 490 ، على ما في الإحقاق .
7 . ينابيع المودة : ص 199 .
8 . ذخائر العقبى : ص 47 ، عن صحيفة الرضا عليه السّلام .
9 . وسائل الشيعة : ج 17 ص 14 شطرا من الحديث .
10 . تنبيه الخواطر : ج 1 ص 102 ، على ما في هامش صحيفة الرضا عليه السّلام .
11 . إحقاق الحق ج 10 ص 285 شطرا من الحديث .
12 . الرسالة القشيرية : ص 72 باختلاف فيه ، على ما في الإحقاق .
13 . المعجم للطبراني : ص 41 ، عن الرسالة القشيرية ، على ما في الإحقاق .
14 . مجمع الزوائد : ج 10 ص 312 بنقيصة فيها .
15 . إتحاف السادة المتقين : ج 7 ص 391 ، عن الرسالة القشيرية ، على ما في الإحقاق .
16 . أخلاق النبي صلّى اللّه عليه وآله : ص 298 ، عن الرسالة القشيرية ، على ما في الإحقاق .
الأسانيد :
1 . في عيون أخبار الرضا عليه السّلام كما في سند الحديث الرابع من باب 31 : حدثنا أبو الحسن محمد بن علي بن الشاه الفقيه المروزي بمروالروز في داره قال : حدثنا أبو بكر بن محمد بن عبد اللّه النيشابوري قال : حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر بن سليمان الطائي بالبصرة ، قال : حدثنا أبي في سنة ستين ومائتين ، قال : حدثني علي بن موسى الرضا عليه السّلام سنة أربع وتسعين ومائة .
2 . وحدثنا أبو منصور أحمد بن إبراهيم بن بكر الخوري بنيسابور ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن هارون بن محمد الخوري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن زياد الفقيه الخوري بنيسابور ، قال : حدثنا أحمد بن عبد اللّه الهروي الشيباني ، عن الرضا علي بن موسى عليه السّلام .
3 . وحدثني أبو عبد اللّه الحسين بن محمد الأشناني الرازي العدل ببلخ ، قال : حدثنا علي بن محمد بن مهرويه القزويني ، عن داود بن سليمان الفراء عن علي بن موسى الرضا عليه السّلام ، قال :
حدثني أبي موسى بن جعفر عليه السّلام ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد عليه السّلام ، قال : حدثني أبي محمد بن علي عليه السّلام ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي ، قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب عليه السّلام ، قال .
4 . في صحيفة الرضا عليه السّلام على ما في أول الكتاب : أخبرنا الشيخ الإمام الأجل العالم الزاهد الراشد أمين الدين ، ثقة الإسلام ، أمين الرؤساء أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي أطال اللّه بقائه في يوم الخميس غرة شهر اللّه الأصم رجب سنة تسع وعشرين وخمسمائة وقال : أخبر الشيخ الإمام السعيد الزاهد أبو الفتح عبد اللّه بن عبد الكريم بن هوازن القشيري أدام اللّه عزه ، قراءة عليه داخل القبة التي فيها قبر الرضا عليه السّلام غرة شهر اللّه المبارك رمضان سنة إحدى وخمسمائة ، قال : حدثني الشيخ الجليل العالم أبو الحسن علي بن محمد بن علي الحاتمي الزوزني قراءة عليه سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة قال : أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن هارون الزوزني بها قال : أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد حفدة العباس بن حمزة النيشابوري سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة ، قال : حدثنا أبو القاسم عبد اللّه بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة ، قال : حدثني أبي سنة ستين ومائتين ، قال : حدثني علي بن موسى الرضا عليه السّلام سنة أربع وتسعين ومائة ، قال : حدثني أبي موسى بن جعفر عليه السّلام ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد عليه السّلام ، قال : حدثني أبي محمد بن علي عليه السّلام ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين عليه السّلام ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي عليه السّلام قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب عليه السّلام ، قال .
5 . في الرسالة القشيرية : أخبرنا علي بن أحمد الأهوازي ، قال : أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، قال : حدثنا عبد اللّه بن أيوب ، قال : حدثنا أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا أبو هاشم صاحب الزعفراني ، قال : حدثنا محمد بن عبد اللّه ، عن أنس بن مالك ، أنه حدثه قال .
6 . في المعجم الكبير : حدثنا علي بن عبد العزيز ومحمد بن يعقوب بن شورة البغدادي قالا : أخبرنا أبو الوليد الطيالسي فذكر الحديث بعين ما تقدم عن الرسالة القشيرية .
7 . في مجمع الزوائد : روى الحديث من طريق أحمد والطبراني عن أنس بعين ما في الرسالة القشيرية .
8 . في إتحاف السادة المتقين : روى الحديث بعين ما في الرسالة القشيرية ، ثم قال : رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده .
9 . في أخلاق النبي صلّى اللّه عليه وآله : حدثنا ابن أخي أبي زرعة ، أخبرنا أبو زرعة ، أخبرنا أبو الوليد الطيالسي ، فذكر الحديث بعين ما في الرسالة القشيرية .
المتن الثامن والعشرون:
عن ابن عباس ، قال : كنت عند النبي صلّى اللّه عليه وآله وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم ، وعلى فخذه الأيمن الحسين بن علي عليه السّلام ، وهو تارة يقبّل هذا وتارة يقبّل هذا ، إذ هبط جبرئيل من ربي فقال : يا محمد ، إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول : لست أجمعهما فافد أحدهما بصاحبه ، فنظر النبي صلّى اللّه عليه وآله إلى إبراهيم فبكى ، ونظر إلى الحسين عليه السّلام فبكى ، وقال : إن إبراهيم أمه أمة ، ومتى مات لم يحزن عليه غيري ، وأم الحسين فاطمة وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت ابنتي ، وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه ، وأنا أوثر حزني على حزنهما . يا جبرئيل ، يقبض إبراهيم فديته للحسين .
قال : فقبض بعد ثلاث ، فكان النبي صلّى اللّه عليه وآله إذ رأى الحسين مقبلا قبّله وضمّه إلى صدره ورشف ثناياه وقال : فديت من فديته بابني إبراهيم .
المصادر :
1 . المناقب لابن شهرآشوب : ج 2 ص 134 ، على ما في بحار الأنوار .
2 . بحار الأنوار : ج 22 ص 153 ح 7 ، عن المناقب .
3 . الطرائف في معرفة مذاهب الطوائف : ج 1 ص 52 ، على ما في بحار الأنوار .
الأسانيد :
المناقب : عن تفسير النقاش بأسناده عن سفيان الثوري ، عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال .
المتن التاسع والعشرون:
عن يزيد بن خليفة ، قال : كنت عند أبي عبد اللّه عليه السّلام قاعدا ، فسأله رجل من القميين :
أتصلّي النساء على الجنائز ؟ فقال : إن المغيرة بن أبي العاص ادّعى أنه رمى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فكسر رباعيته وشقّ شفتيه وكذب ، وادّعى أنه قتل حمزة وكذب .
فلما كان يوم الخندق ضرب على أذنيه فنام فلم يستيقظ حتى أصبح فخشي أن يؤخذ ، فتنكّر وتقنّع بثوبه وجاء إلى منزل عثمان يطلبه وتسمّى باسم رجل من بني سليم كان يجلب إلى عثمان الخيل والغنم والسمن . فجاء عثمان فأدخله منزله وقال : ويحك ما صنعت ، ادّعيت أنك رميت رسول اللّه ، وادّعيت أنك شققت شفتيه وكسرت رباعيته ، وادعيت أنك قتلت حمزة ، وأخبره بما لقي وأنه ضرب على أذنه .
فلما سمعت ابنة النبي صلّى اللّه عليه وآله بما صنع بأبيها وعمها صاحت ، فأسكتها عثمان . ثم خرج عثمان إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهو جالس في المسجد . فاستقبله بوجهه وقال : « يا رسول اللّه ، إنك آمنت عمي المغيرة فكذب » ؛ فصرف عنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وجهه . ثم استقبله من الجانب الآخر ، فقال : « يا رسول اللّه ، إنك آمنت عمي المغيرة فكذب » ؛ فصرف رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وجهه عنه . ثم قال : « آمنّاه وأجّلناه ثلاثا . فلعن اللّه من أعطاه راحلة أو رحلا أو قتبا أو سقاء أو قربة أو دلوا أو خفّا أو نعلا أو زادا أو ماء » .
قال عاصم : هذه عشرة أشياء ، فأعطاها كلها إياه عثمان ! فخرج فسار على ناقته فنقبت ، ثم مشى في خفّيه فنقبا ، ثم مشى في نعليه فنقبتا ، ثم مشى على رجليه فنقبتا ، ثم مشى على ركبتيه فنقبتا . فأتى شجرة فجلس تحتها .
فجاء الملك فأخبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بمكانه ، فبعث إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله زيدا والزبير فقال لهما : « ائتياه فهو في مكان كذا وكذا فاقتلاه » . فلما أتياه قال زيد للزبير : إنه ادعى أنه قتل أخي ، وقد كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله آخى بين حمزة وزيدا فاتركني أقتله . فتركه الزبير فقتله ، فرجع عثمان من عند النبي صلّى اللّه عليه وآله ، فقال لامرأته : إنك أرسلت إلى أبيك فأعلمته بمكان عمي ؟ فحلفت له باللّه ما فعلت ، فلم يصدقها فأخذ خشبة القتب فضربها ضربا مبرحا .
فأرسلت إلى أبيها تشكو ذلك وتخبره بما صنع . فأرسل إليها إني لأستحي للمرأة أن لا تزال تجر ذيولها تشكو زوجها . فأرسلت إليه إنه قد قتلني ! فقال لعلي عليه السّلام : خذ السيف ثم ائت بنت عمك فخذ بيدها ، فمن حال بينك وبينها فاضربه بالسيف .
فدخل علي عليه السّلام فأخذ بيدها ، فجاء بها إلى النبي صلّى اللّه عليه وآله فأرته ظهرها ، فقال أبوها : « قتلها ، قتله اللّه » . فمكثت يوما وماتت في الثاني ، واجتمع الناس للصلاة عليها . فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله من بيته وعثمان جالس مع القوم ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « من ألم جاريته الليلة فلا يشهد جنازتها » ، قالها مرتين وهو ساكت . فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « ليقومنّ أو لأسمينّه باسمه واسم أبيه » . فقام يتوكّأ على مهين .[23]
قال : فخرجت فاطمة عليها السّلام في نسائها ، فصلّت على أختها .
المصادر :
1 . الخرائج والجرائح ، على ما في بحار الأنوار .
2 . بحار الأنوار : ج 22 ص 158 ح 19 ، عن الخرائج .
الأسانيد :
في الخرائج : روى قطب الدين عن محمد بن عبد الحميد ، عن عاصم بن حميد ، عن يزيد بن خليفة ، قال .
المتن الثلاثون:
عن يزيد بن خليفة ، قال : سأل عيسى بن عبد اللّه أبا عبد اللّه عليه السّلام : وأنا حاضر فقال : تخرج النساء إلى الجنازة وكان متكئا فاستوى جالسا ، ثم قال عليه السّلام : إن الفاسق عليه لعنة اللّه آوى عمه المغيرة بن أبي العاص - وكان ممن نذر[24] رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله دمه - فقال لابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله :
« لا تخبري أباك بمكانه » - كأنه لا يوقن أن الوحي يأتي محمدا - فقالت : ما كنت لأكتم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عدوّه ، فجعله بين مشجب له ولحفه بقطيفة ، فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الوحي فأخبره بمكانه ، فبعث إليه عليا عليه السّلام وقال : « اشتمل على سيفك وائت بيت ابنة عمك ، فإن ظفرت بالمغيرة فاقتله » . فأتى البيت فجال فيه فلم يظفر به ، فرجع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فأخبره فقال : يا رسول اللّه ، لم أره . فقال : إن الوحي قد أتاني فأخبرني إنه في المشجب !
ودخل عثمان بعد خروج علي عليه السّلام فأخذ بيد عمه فأتى به النبي صلّى اللّه عليه وآله ، فلما رآه أكبّ ولم يلتفت إليه ، - وكان نبي اللّه حنينا كريما - فقال : يا رسول اللّه ، هذا عمي ، هذا المغيرة بن أبي العاص وقد والذي بعثك بالحق آمنته .
قال أبو عبد اللّه : وكذب والذي بعثه بالحق نبيا ، ما آمنه . فأعادها ثلاثا ، وأعادها أبو عبد اللّه عليه السّلام ثلاثا : « إني آمنته » ، إلا أنه يأتيه عن يمينه ، ثم يأتيه عن يساره . فلما كان في الرابعة رفع رأسه إليه فقال : قد جعلت لك ثلاثا فإن قدرت عليه بعد ثلاثة قتلته . فلما أدبر قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « اللهم العن المغيرة بن أبي العاص ، والعن من يؤويه ، والعن من يحمله ، والعن من يطعمه ، والعن من يسقيه ، والعن من يجهزه ، والعن من يعطيه سقاء أو حذاء أو رشاء أو وعاء » وهو يعدهنّ بيمينه !
وانطلق به عثمان فاواه وأطعمه وسقاه وحمله وجهّزه حتى فعل جميع ما لعن عليه النبي صلّى اللّه عليه وآله من يفعله به . ثم أخرجه في اليوم الرابع يسوقه ، فلم يخرج من أبيات المدينة حتى أعطب اللّه راحلته ونقب حذاه ودميت قدماه ، فاستعان بيده وركبته وأثقله جهازه حتى وجر[25] به . فأتى سمرة[26] فاستظل بها لو أتاها بعضكم ما أبهره .[27]
فأتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الوحي فأخبره بذلك ؛ فدعا عليا عليه السّلام فقال : « خذ سيفك ، فانطلق أنت وعمار وثالث لهم ، فإن المغيرة بن أبي العاص تحت شجرة كذا وكذا » . فأتاه علي عليه السّلام فقتله .
فضرب عثمان بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وقال : أنت أخبرت أباك بمكانه ؟ فبعثت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله تشكو ما لقيت . فأرسل إليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : أقني حياءك[28]، فما أقبح بالمرأة ذات حسب ودين في كل يوم تشكو زوجها . فأرسلت إليه مرات ، كل ذلك يقول لها ذلك . فلما كان في الرابعة دعا عليا عليه السّلام وقال : « خذ سيفك واشتمل عليه ، ثم ائت بنت ابن عمك فخذ بيدها ، فإن حال بينك وبينها فاحطمه بالسيف » .
وأقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كالواله من منزله إلى دار عثمان ، فأخرج علي عليه السّلام ابنة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . فلما نظرت إليه رفعت صوتها بالبكاء ، واستعبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وبكى . ثم أدخلها منزله وكشفت عن ظهرها . فلما أن رأى ما بظهرها قال ثلاث مرات : « ما له ؟ قتلك قتله اللّه » ، وكان ذلك يوم الأحد وبات عثمان متلحفا بجاريتها . فمكثت الاثنين والثلاثاء وماتت في اليوم الرابع .
فلما حضر أن يخرج بها أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فاطمة عليها السّلام فخرجت ونساء المؤمنين معها ، وخرج عثمان يشيع جنازتها . فلما نظر النبي صلّى اللّه عليه وآله قال : « من أطاف البارحة بأهله أو بفتاته فلا يتبعنّ جنازتها » ، قال ذلك ثلاثا ، فلم ينصرف . فلما كان في الرابعة قال : لينصرفنّ أو لأسمينّ باسمه .
فأقبل عثمان متوكيا على مولى له ممسكا ببطنه ، فقال : يا رسول اللّه ، إني أشتكي بطني ، فإن رأيت أن تأذن لي أن أنصرف . قال : انصرف .
وخرجت فاطمة عليها السّلام ونساء المؤمنين والمهاجرين فصلّين على الجنازة .
المصادر :
1 . فروع الكافي : ج 3 ص 251 ح 8 .
2 . بحار الأنوار : ج 22 ص 160 ح 22 ، عن فروع الكافي .
3 . الذكرى للشهيد : ص 56 شطرا من الحديث بتغيير في الألفاظ .
الأسانيد :
في الكافي على ما في بحار الأنوار : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه وأحمد بن محمد الكوفي ، عن بعض أصحابه ، عن صفوان بن يحيى ، عن يزيد بن خليفة الخولاني وهو يزيد بن خليفة الحارثي ، قال : سأل عيسى بن عبد اللّه أبا عبد اللّه عليه السّلام .
المتن الحادي والثلاثون:
عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله أقام بالمدينة عشر سنين لم يحج ، ثم أنزل اللّه عز وجل عليه : « وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق »[29].
فأمر المؤذنين أن يؤذّنوا بأعلى أصواتهم بأن رسول اللّه يحج في عامه هذا . فعلم به من حضر المدينة وأهل العوالي والأعراب ، واجتمعوا لحج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، وإنما كانوا تابعين ينظرون ما يؤمرون به ويتبعونه أو يصنع شيئا فيصنعونه .
فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في أربع بقين من ذي القعدة . فلما انتهى إلى ذي الحليفة زالت الشمس ، فاغتسل . ثم خرج حتى أتى المسجد الذي عند الشجرة فصلى فيه الظهر . ثم عزم بالحج مفردا ، وخرج حتى انتهى إلى البيداء عند الميل الأول فصفّ له سماطان فلبّى بالحج مفردا وساق الهدي ستا وستين - أو أربعا وستين - حتى انتهى إلى مكة في سلخ أربع من ذي الحجة[30].
فطاف بالبيت سبعة أشواط ، ثم صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السّلام ، ثم عاد إلى الحجر فاستلمه - وقد كان استلمه في أول طوافه - ثم قال : « إن الصفا والمروة من شعائر اللّه ، فأبدأ بما بدأ اللّه عز وجل به » . وإن المسلمين كانوا يظنون أن السعي بين الصفا والمروة شيء صنعه المشركون ، فأنزل اللّه عز وجل : « إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ ، فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما » .[31]
ثم أتى الصفا فصعد عليه واستقبل الركن اليماني فحمد اللّه وأثنى عليه ، ودعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة مترسلا ، ثم انحدر إلى المروة فوقف عليهما كما وقف على الصفا .
ثم انحدر وعاد إلى الصفا فوقف عليها ، ثم انحدر إلى المروة حتى فرغ من سعيه .
فلما فرغ من سعيه وهو على المروة أقبل على الناس بوجهه فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال : « إن هذا جبرئيل - وأومأ بيده إلى خلفه - يأمرني أن آمر من لم يسق هديا أن يحل ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لصنعت مثل ما أمرتكم ، ولكني سقت الهدي ، ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحلّ حتى يبلغ الهدي محله » . قال : فقال له رجل من القوم : لنخرجنّ حجاجا ورؤوسنا وشعورنا تقطر ؟ فقال له رسول اللّه : « أما أنك لن تؤمن بهذا أبدا » ! !
قال له سراقة بن مالك بن جعشم الكناني : يا رسول اللّه ، علمنا ديننا كأنا خلقنا اليوم ، فهذا الذي أمرتنا به ألعامنا هذا أم لما يستقبل ؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « بل هو للأبد إلى يوم القيامة » . ثم شبّك أصابعه وقال : « دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة » .
قال : وقدم علي عليه السّلام من اليمن على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وهو بمكة ، فدخل على فاطمة عليها السّلام وهي قد أحلّت ، فوجد ريحا طيبا ووجد عليها ثيابا مصبوغة . فقال : ما هذا يا فاطمة ؟
فقالت : أمرنا بهذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . فخرج علي عليه السّلام إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مستفتيا ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : إني رأيت فاطمة قد أحلّت وعليها ثياب مصبوغة ، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : « أنا أمرت الناس بذلك فأنت يا علي بما أهللت » ؟ قال : يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، إهلال كإهلال النبي صلّى اللّه عليه وآله . فقال له رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : قرّ على إحرامك مثلي ، وأنت شريكي في هديي .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 21 ص 390 ح 13 ، عن الكافي .
2 . فروع الكافي : ج 1 ص 233 .
الأسانيد :
في الكافي : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ومحمد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان جميعا ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام .
المتن الثاني والثلاثون:
عن جعفر بن محمد عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام ، قال : دخلنا على جابر بن عبد اللّه ، فلما انتهينا إليه سأل عن القوم حتى انتهى إليّ ، فقلت : « أنا محمد بن علي بن الحسين » ، فأهوى بيده إلى رأسي ، فنزع زري الأعلى وزري الأسفل .
ثم وضع كفه بين ثديي وقال : « مرحبا بك وأهلا يا ابن أخي ، سل ما شئت » ؛ فسألته وهو أعمى . فجاء وقت الصلاة ، فقام في نساجة فالتحف بها . فلما[32] وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها ، ورداؤه إلى جنبه على المشجب [33]، فصلى بنا .
فقلت : أخبرني عن حجة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . فقال بيده - فعقد تسعا - وقال : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مكث تسع سنين لم يحج . ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله حاج . فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتمّ برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ويعمل ما عمله .
فخرج وخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة .
فذكر الحديث : وقدم علي عليه السّلام من اليمن ببدن النبي صلّى اللّه عليه وآله فوجد فاطمة عليها السّلام فيمن أحلّ ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت ، فأنكر علي عليه السّلام ذلك عليها . فقالت : « أبي أمرني بهذا » . وكان علي عليه السّلام يقول بالعراق : « فذهبت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله محرشا على فاطمة بالذي صنعت ، مستفتيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بالذي ذكرت عنه فأنكرت ذلك . قال صلّى اللّه عليه وآله : صدقت ، صدقت » .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 21 ص 382 ح 9 ، عن أمالي الطوسي .
2 . أمالي الطوسي : ص 256 ، على ما في بحار الأنوار .
الأسانيد :
1 . في أمالي الطوسي : حميد بن علي ، عن محمد بن بكر ، عن الفضل بن حباب ، عن مكي بن مروك الأهوازي ، عن علي بن بحر ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد عليه السّلام ، عن أبيه عليه السّلام ، قال .
المتن الثالث والثلاثون:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في مرضه الذي توفي فيه : « ادعوا لي خليلي » . فأرسلت عائشة إلى أبيها ؛ فلما جاء غطى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وجهه وقال : « ادعوا لي خليلي » ! فرجع أبو بكر . وبعث حفصة إلى أبيها ؛ فلما جاء غطى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وجهه وقال : « ادعوا لي خليلي » ! فرجع عمر . وأرسلت فاطمة عليها السّلام إلى علي عليه السّلام ؛ فلما جاء قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، فدخل ثم جلّل عليا بثوبه .
قال علي عليه السّلام : فحدثني بألف حديث يفتح كل حديث ألف حديث حتى عرقت وعرق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، فسال عليّ عرقه وسال عليه عرقي .
المصادر :
1 . الخصال : ج 2 ص 784 .
2 . بحار الأنوار : ج 22 ص 461 ح 9 ، عن الخصال .
3 . البصائر : ص 90 ، على ما في بحار الأنوار .
4 . الاختصاص ص 285 ، على ما في بحار الأنوار .
الأسانيد :
في الخصال : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ومحمد بن عبد الجبار ، عن محمد البرقي ، عن فضالة ، عن ابن عميرة الحضرمي ، عن مولاه حمزة بن رافع ، عن أم سلمة زوج النبي صلّى اللّه عليه وآله قالت : قال : رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله .
المتن الرابع والثلاثون:
قال الأشعث وجويبر لعلي أمير المؤمنين عليه السّلام : حدّثنا في خلواتك أنت وفاطمة . قال :
نعم ، بينا أنا وفاطمة في كساء إذا أقبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله نصف الليل ، وكان يأتيها بالتمر واللبن ليعينها على الغلامين . فدخل فوضع رجلا بحبالي ورجلا بحبالها .
ثم إن فاطمة عليها السّلام بكت ؛ فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : ما يبكيك يا بنية محمد ؟ فقالت : حالنا كما ترى في كساء نصفه تحتنا ونصفه فوقنا . فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله لها : يا فاطمة ، أما تعلمين أن اللّه تعالى اطّلع اطلاعة من سمائه إلى أرضه فاختار منها أباك فاتخذه صفيا وابتعثه برسالته وائتمنه على وحيه ؟ يا فاطمة ، أما تعلمين أن اللّه اطلع اطلاعة من سمائه إلى أرضه فاختار منها بعلك ، وأمرني أن أزوجكيه ، وأن أتخذه وصيا ؟ يا فاطمة ، أما تعلمين أن العرش سأل ربه أن يزيّنه بزينة لم يزيّن بها بشرا من خلقه ، فزيّنه بالحسن والحسين ركنين من أركان الجنة - وروي ركن ( ركنين ) من أركان العرش - .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 37 ص 43 ح 20 ، عن أمالي الطوسي .
2 . أمالي الطوسي : ص 259 ، على ما في بحار الأنوار .
الأسانيد :
في أمالي الشيخ : علي بن شبل ، عن ظفر بن حمدون ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبد اللّه بن حماد ، عن صباح المزني ، عن الحارث بن حصيرة ، عن الأصبغ بن نباتة ، قال : سمعت أشعث بن قيس الكندي وجويبر الختلي ، قالا لعلي أمير المؤمنين عليه السّلام .
المتن الخامس والثلاثون:
عن أم سلمة ، قالت : كنت مع النبي صلّى اللّه عليه وآله في البيت ، فقالت الخادم : هذا علي وفاطمة والحسن والحسين قائمين بالسدة . فقال : قومي تنحي لي عن أهل بيتي ، فقمت فجلست في ناحية . فأذن لهم فدخلوا . فقبّل فاطمة واعتنقها ، وقبّل عليا واعتنقه ، وضمّ إليه الحسن والحسين صبيين صغيرين . ثم أغدف عليهم خميصة سوداء ، ثم قال : اللهم إليك لا إلى النار . فقلت : أنا يا رسول اللّه ؟ قال : وأنت على خير .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 37 ص 63 ح 33 ، عن تفسير فرات .
2 . تفسير فرات : ص 121 .
الأسانيد :
في تفسير فرات : قال فرات بن إبراهيم بن فرات الكوفي عن الحسين ، ومعنعنا عن أم سلمة ، قالت .
المتن السادس والثلاثون:
عن عمران بن حصين أن النبي صلّى اللّه عليه وآله قال : ألا تنطلق بنا نعود فاطمة ، فإنها تشتكي ؟ قلت :
بلى . قال : فانطلقنا إلى أن انتهينا إلى بابها ؛ فسلّم واستأذن ، فقال : أدخل أنا ومن معي ؟
قالت : نعم ، ومن معك يا أبتاه ؟ فو اللّه ما عليّ عباءة . فقال لها : اصنعي بها كذا واصنعي بها كذا - فعلّمها كيف تستتر - . فقالت : واللّه ما على رأسي من خمار . قال : فأخذت خلق ملاءة كانت عليه ، فقال : اختمري بها . ثم أذنت لهما فدخلا .
فقال : كيف تجدنيك يا بنية ؟ قالت : إني لوجعة ، وإنه ليزيدني أن ما لي طعام آكله .
قال : يا بنية ، أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين ؟ قالت : يا أبة ، فأين مريم ابنة عمران ؟ قال : تلك سيدة نساء عالمها ، وأنت سيدة نساء عالمك . أم واللّه لقد زوّجتك سيدا في الدنيا والآخرة .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 37 ص 69 ح 38 .
2 . المستدرك لابن البطريق ، على ما في بحار الأنوار .
3 . حلية الأولياء لأبي نعيم ، على ما في بحار الأنوار .
المتن السابع والثلاثون:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة عليها السّلام : بأبي وأمي أنت ، أرسلي إلى بعلك فادعيه لي . فقالت فاطمة عليها السّلام للحسين عليه السّلام : انطلق إلى أبيك فقل : يدعوك جدي . قال : فانطلق إليه الحسين عليه السّلام فدعاه ؛ فأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام حتى دخل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وفاطمة عليها السّلام عنده وهي تقول : وا كرباه لكربك يا أبتاه . فقال لها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة . إن النبي صلّى اللّه عليه وآله لا يشق عليه الجيب ولا يخمش عليه الوجه ولا يدعى عليه بالويل ، ولكن قولي كما قال أبوك على إبراهيم :
« تدمع العينان وقد يوجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب ، وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون » ، ولو عاش إبراهيم لكان نبيا .
ثم قال : يا علي ، ادن مني فدنا منه . فقال : أدخل أذنك في فيّ ، ففعل . فقال : يا أخي ، ألم تسمع قول اللّه في كتابه : « إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ » ؟[34] قال : بلى يا رسول اللّه . قال : هم أنت وشيعتك يجيئون غرا محجلين شباعا مرويين ، أو لم تسمع قول اللّه في كتابه ؛ « إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ » ؟[35]
قال : بلى يا رسول اللّه . قال : هم عدوك وشيعتهم ، يجوزون يوم القيامة ظماء مظمئين ، أشقياء معذّبين ، كفارا منافقين . ذلك لك ولشيعتك ، وهذا لعدوك ولشيعتهم .
هكذا روى جابر الأنصاري رضي اللّه عنه .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 22 ص 458 ح 4 ، عن تفسير فرات .
2 . تفسير فرات : ص 220 .
3 . المحتضر ، على ما في بحار الأنوار ، عن تفسير محمد بن عباس .
4 . تفسير محمد بن عباس ، على ما في المحتضر .
الأسانيد :
1 . في تفسير فرات : قال فرات : عبيد بن كثير ، معنعنا عن جابر الأنصاري ، قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله .
2 . في المحتضر : محمد بن عباس بن مروان ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن إبراهيم بن عاصم ، عن الحسن بن عبد اللّه ، عن مصعب بن سلام ، عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليه السّلام .
المتن الثامن والثلاثون:
عن ابن عباس قال : لما مرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وعنده أصحابه قام إليه عمار بن ياسر فقال له : فداك أبي وأمي يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، من يغسلك منا إذا كان ذلك منك ؟ قال : ذاك علي بن أبي طالب ، لأنه لا يهمّ بعضو من أعضائي إلا أعانته الملائكة على ذلك . فقال له :
فداك أبي وأمي يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، فمن يصلي عليك منا إذا كان ذلك منك ؟ قال : مه رحمك اللّه .
ثم قال لعلي عليه السّلام : يا ابن أبي طالب ، إذا رأيت روحي قد فارقت جسدي فاغسلني وانق غسلي ، وكفّني في طمريّ هذين أو في بياض مصر وبرد يمان ، ولا تغال في كفني .
واحملوني حتى تضعوني على شفير قبري فأول من يصلي عليّ الجبار جل جلاله من فوق عرشه ، ثم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في جنود من الملائكة لا يحصي عددهم إلا اللّه جل وعز ، ثم الحافون بالعرش ، ثم سكان أهل سماء فسماء ، ثم جل أهل بيتي ونسائي الأقربون فالأقربون يؤمون إيماء ، ويسلّمون تسليما ، لا يؤذوني بصوت نادية ولا مرنّة .
ثم قال : « يا بلال ، عليّ بالناس » . فاجتمع الناس ، فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله متعصبا بعمامته متوكيا على قوسه حتى صعد المنبر ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثم قال : معاشر أصحابي ، أيّ نبي كنت لكم ؟ ألم أجاهد بين أظهركم ؟ ألم تكسر رباعيتي ؟ ألم يعفر جبيني ؟ ألم تسل الدماء على حر وجهي حتى كنفت لحيتي ؟ ألم أكابد الشدة والجهد مع جهال قومي ؟
ألم أربط حجر المجاعة على بطني ؟ قالوا : بلى يا رسول اللّه ، لقد كنت للّه صابرا ، وعن منكر بلاء اللّه ناهيا . فجزاك اللّه عنا أفضل الجزاء . قال : وأنتم فجزاكم اللّه .
ثم قال : إن ربي عز وجل حكم وأقسم أن لا يجوزه ظلم ظالم ، فناشدتكم باللّه أيّ رجل منكم كانت له قبل محمد مظلمة إلا قام فليقتص منه ، فالقصاص في دار الدنيا أحب إليّ من القصاص في دار الآخرة على رؤوس الملائكة والأنبياء .
فقام إليه رجل من أقصى القوم يقال له « سوادة بن قيس » ، فقال له : فداك أبي وأمي يا رسول اللّه ، إنك لما أقبلت من الطائف استقبلتك وأنت على ناقتك العضباء وبيدك القضيب الممشوق ، فرفعت القضيب وأنت تريد الراحلة فأصاب بطني ، فلا أدري عمدا أو خطأ . فقال : معاذ اللّه أن أكون تعمّدت . ثم قال : يا بلال ، قم إلى منزل فاطمة فائتني بالقضيب الممشوق .
فخرج بلال وهو ينادي في سكك المدينة : معاشر الناس ، من ذا الذي يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة ؟ فهذا محمد يعطي القصاص من نفسه قبل يوم القيامة !
وطرق بلال الباب على فاطمة عليها السّلام وهو يقول : يا فاطمة قومي ! فوالدك يريد القضيب الممشوق . فأقبلت فاطمة عليها السّلام وهي تقول : يا بلال ، وما يصنع والدي بالقضيب ، وليس هذا يوم القضيب ؟ فقال بلال : يا فاطمة ، أما علمت أن والدك قد صعد المنبر وهو يودّع أهل الدين والدنيا .
فصاحت فاطمة عليها السّلام وقالت : وا غماه لغمك يا أبتاه ! من للفقراء والمساكين وابن السبيل يا حبيب اللّه وحبيب القلوب ؟ ثم ناولت بلالا القضيب .
فخرج حتى ناوله رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : أين الشيخ ؟ فقال الشيخ : ها أنا ذا يا رسول اللّه ، بأبي أنت وأمي . فقال : تعال فاقتص مني حتى ترضى . فقال الشيخ :
« فاكشف لي عن بطنك يا رسول اللّه » ، فكشف صلّى اللّه عليه وآله عن بطنه . فقال الشيخ : بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه ، أتأذن لي أن أضع فمي على بطنك ؟ فأذن له ، فقال : أعوذ بموضع القصاص من بطن رسول اللّه من النار يوم النار . فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : يا سوادة بن قيس ، أتعفو أم تقتصّ ؟ فقال : بل أعفوا يا رسول اللّه . فقال صلّى اللّه عليه وآله : اللهم اعف عن سوادة بن قيس كما عفى عن نبيك محمد .
ثم قام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فدخل بيت أم سلمة وهو يقول : رب سلّم أمة محمد من النار ، ويسّر عليهم الحساب . فقالت أم سلمة : يا رسول اللّه ، ما لي أراك مغموما متغير اللون ؟
فقال : « نعيت إليّ نفسي هذه الساعة ، فسلام لك في الدنيا ، فلا تسمعين بعد هذا اليوم صوت محمد أبدا » . فقالت أم سلمة : وا حزناه حزنا لا تدركه الندامة عليك يا محمداه !
ثم قال عليه السّلام : « ادع لي حبيبة قلبي وقرة عيني فاطمة تجيء » . فجاءت فاطمة عليها السّلام وهي تقول : نفسي لنفسك الفداء ووجهي لوجهك الوقاء يا أبتاه ، ألا تكلمني كلمة ؟ فإني أنظر إليك وأراك مفارق الدنيا ، وأرى عساكر الموت تغشاك شديدا .
فقال لها : يا بنية ، إني مفارقك ، فسلام عليك مني . قالت : يا أبتاه ، فأين الملتقى يوم القيامة ؟ قال : عند الحساب . قالت : فإن لم ألقك عند الحساب ؟ قال : عند الشفاعة لأمتي .
قالت : فإن لم ألقك عند الشفاعة لأمتك ؟ قال : عند الصراط ، جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري ، والملائكة من خلفي وقدامي ينادون : ربّ سلّم أمة محمد من النار ويسّر عليهم الحساب .
قالت فاطمة عليها السّلام : فأين والدتي خديجة ؟ قال : « في قصر له أربعة أبواب إلى الجنة » . ثم أغمي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله .
فدخل بلال وهو يقول : الصلاة رحمك اللّه . فخرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وصلى بالناس وخفّف الصلاة . ثم قال : ادعوا لي علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد . فجاءا ، فوضع عليه السّلام يده على عاتق علي والأخرى على أسامة ، ثم قال : « انطلقا بي إلى فاطمة » ، فجاءا به حتى وضع رأسه في حجرها . فإذا الحسن والحسين عليهما السّلام يبكيان ويصطرخان وهما يقولان :
أنفسنا لنفسك الفداء ووجوهنا لوجهك الوقاء . فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : من هذان يا علي ؟
قال : هذان ابناك الحسن والحسين ، فعانقهما وقبّلهما وكان الحسن عليه السّلام أشد بكاء . فقال له :
كفّ يا حسن ، فقد شققت على رسول اللّه .
فنزل ملك الموت عليه السّلام وقال : السلام عليك يا رسول اللّه . قال : وعليك السلام يا ملك الموت ، لي إليك حاجة . قال : وما حاجتك يا نبي اللّه ؟ قال : حاجتي أن لا تقبض روحي حتى يجيئني جبرئيل فيسلّم عليّ وأسلّم عليه . فخرج ملك الموت وهو يقول :
يا محمداه !
فاستقبله جبرئيل في الهواء فقال : يا ملك الموت ، قبضت روح محمد ؟ قال : لا يا جبرئيل . سألني أن لا أقبضه حتى يلقاك فتسلم عليه ويسلم عليك . فقال جبرئيل :
يا ملك الموت ، أما ترى أبواب السماء مفتّحة لروح محمد صلّى اللّه عليه وآله ؟ أما ترى الحور العين قد تزيّن لروح محمد ؟
ثم نزل جبرئيل عليه السّلام فقال : السلام عليك يا أبا القاسم . فقال : « وعليك السلام يا جبرئيل ، يا ملك الموت ، احفظ وصية اللّه في روح محمد » ، وكان جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن يساره وملك الموت آخذ بروحه . فلما كشف الثوب عن وجه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله نظر إلى جبرئيل فقال له : عند الشدائد تخذلني ؟ فقال : يا محمد ، إنك ميت وإنهم ميتون ، كل نفس ذائقة الموت .
فروي عن ابن عباس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في ذلك المرض كان يقول : ادعوا لي حبيبي ، فجعل يدعى له رجل بعد رجل ، فيعرض عنه . فقيل لفاطمة عليها السّلام : امضي إلى علي فما نرى رسول اللّه يريد غير علي . فبعث فاطمة إلى علي عليه السّلام ؛ فلما دخل فتح رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عينيه وتهلّل وجهه ، ثم قال : « إليّ يا علي ، إليّ يا عليّ » . فما زال يدنيه حتى أخذه بيده وأجلسه عند رأسه ، ثم أغمي عليه .
فجاء الحسن والحسين عليهما السّلام يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . فأراد علي عليه السّلام أن ينحّيهما عنه . فأفاق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ثم قال : يا علي ، دعني أشمهما ويشمّاني ، وأتزوّد منهما ويتزوّدان مني . أما إنهما سيظلمان بعدي ويقتلان ظلما . فلعنة اللّه على من يظلمهما - يقول ذلك ثلاثا - .
ثم مدّ يده إلي علي عليه السّلام فجذبه إليه حتى أدخله تحت ثوبه الذي كان عليه ووضع فاه على فيه ، وجعل يناجيه مناجاة طويلة حتى خرجت روحه الطيبة ، صلوات اللّه عليه وآله . فانسلّ علي عليه السّلام من تحت ثيابه وقال : أعظم اللّه أجوركم في نبيكم ، فقد قبضه اللّه إليه .
فارتفعت الأصوات بالضجة والبكاء ، فقيل لأمير المؤمنين عليه السّلام : ما الذي ناجاك به رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله حين أدخلك تحت ثيابه ؟ فقال : علّمني ألف باب ، يفتح لي كل باب ألف باب .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 22 ص 507 ح 9 ، عن أمالي الصدوق .
2 . أمالي الصدوق : ص 376 ، على ما في بحار الأنوار .
الأسانيد :
في أمالي الصدوق : الطالقاني ، عن محمد بن حمدان الصيدلاني ، عن محمد بن مسلم الواسطي ، عن محمد بن هارون ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن عبد اللّه زيد الجرمي ، عن ابن عباس ، قال .
المتن التاسع والثلاثون:
عن سلمان الفارسي أنه قال : أتيت عليا وهو يغسّل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، وقد كان أوصى أن لا يغسله غير علي عليه السّلام وأخبر عنه أنه لا يريد أن يقلّب منه عضوا إلا قلّب له ، وقد قال أمير المؤمنين عليه السّلام لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : من يعينني على غسلك يا رسول اللّه ؟ قال : جبرئيل .
فلما غسّله وكفّنه أدخلني وأدخل أبا ذر والمقداد وفاطمة وحسنا وحسينا عليهم السّلام . فتقدّم وصففنا خلفه وصلى عليه ، وعائشة في الحجرة لا تعلم ، قد أخذ جبرئيل ببصرها . ثم أدخل عشرة من المهاجرين وعشرة من الأنصار فيصلّون ويخرجون حتى لم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا صلى عليه . . .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 22 ص 506 ح 6 ، عن الاحتجاج .
2 . الاحتجاج : ج 1 ص 105 شطرا من الحديث .
3 . كتاب سليم بن قيس الهلالي : ج 2 ص 577 ح 4 أورد تمام الحديث .
المتن الأربعون:
قال أمير المؤمنين عليه السّلام : لقد بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله جيشا ذات يوم إلى قوم من أشداء الكفار ، فأبطأ عليهم خبرهم وتعلّق قلبه بهم وقال : ليت لنا من يتعرف أخبارهم ويأتينا بأنبائهم . بينا هو قائل إذ جاءه البشير بأنهم قد ظفروا بأعدائهم واستولوا وصيّروهم بين قتيل وجريح وأسير ، وانتهبوا أموالهم وسبوا ذراريهم وعيالهم .
فلما قرب القوم من المدينة خرج إليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله بأصحابه يتلقّاهم . فلما لقيهم ورئيسهم زيد بن حارثة وكان قد أمّره عليهم . فلما رأى زيد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله نزل عن ناقته وجاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وقبّل رجله ثم قبّل يده . فأخذه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وقبّل رأسه ، ثم نزل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عبد اللّه بن رواحة ، فقبّل رجله ويده وضمّه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله إليه . ثم نزل إليه سائر الجيش ووقفوا يصلّون عليه وردّ عليهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله خيرا .
ثم قال لهم : حدّثوني خبركم وحالكم مع أعدائكم ، وكان معهم من أسراء القوم وذراريهم وعيالاتهم وأموالهم من الذهب والفضة وصنوف الأمتعة شيء عظيم .
فقالوا : يا رسول اللّه ، لو علمت كيف حالنا لعظم تعجبك .
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : لم أكن أعلم ذلك حتى عرّفنيه الآن جبرئيل وما كنت أعلم شيئا من كتابه ودينه أيضا حتى علّمنيه ربي . قال اللّه عز وجل : « وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ، ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ . . . » إلى قوله « صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ »[36]، ولكن حدّثوا بذلك إخوانكم هؤلاء المؤمنين لأصدّقكم ، فقد أخبرني جبرئيل . فقالوا : يا رسول اللّه ، إنا لمّا قربنا من العدو بعثنا عينا لنا لنعرف أخبارهم وعدّدهم لنا ، فرجع إلينا يخبرنا أنهم قدر ألف رجل وكنا ألفي رجل ، وإذا القوم قد خرجوا إلى ظاهر بلدهم في ألف رجل ، وتركوا في البلد ثلاثة آلاف يوهموننا أنهم ألف وأخبرنا صاحبنا أنهم يقولون في ما بينهم : « نحن ألف وهم ألفان ، ولسنا نطيق مكافحتهم ، وليس لنا إلا التحاصن في البلد حتى تضيق صدورهم من منازلتنا[37]، فينصرفوا عنا » . فتجرّ أنا بذلك عليهم وزحفنا إليهم . فدخلوا بلدهم وأغلقوا دوننا بابه ، فقعدنا ننازلهم .
فلما جنّ علينا الليل وصرنا إلى نصفه ، فتحوا باب بلدهم ونحن غارون نائمون ما كان فينا منتبه إلا أربعة نفر : زيد بن حارثة في جانب من جوانب عسكرنا يصلي ويقرأ القرآن ، وعبد اللّه بن رواحة في جانب آخر يصلي ويقرأ القرآن ، وقتادة بن النعمان في جانب آخر يصلي ويقرأ القرآن ، وقيس بن عاصم في جانب آخر يصلي ويقرأ القرآن .
فخرجوا في الليلة الظلماء الدامسة ورشقونا بنبالهم ؛ وكان ذلك بلدهم وهم بطرقه ومواضعه عالمون ونحن بها جاهلون . فقلنا فيما بيننا : دهينا وأوتينا ؛ هذا ليل مظلم لا يمكننا أن نتقي النبال لأنا لا نبصرها .
فبينا نحن كذلك إذ رأينا ضوءا خارجا من في قيس بن عاصم المنقري كالنار المشتعلة ، وضوءا خارجا من في قتادة بن النعمان كضوء الزهرة والمشترى ، وضوءا خارجا من في عبد اللّه بن رواحة كشعاع القمر في الليلة المظلمة ، ونورا ساطعا من في زيد بن حارثة أضوأ من الشمس الطالعة . وإذا تلك الأنوار قد أضاءت معسكرنا حتى أنه أضوأ من نصف النهار ، وأعداؤنا في ظلمة شديدة فأبصرناهم وعموا عنّا .
ففرّقنا زيد عليهم حتى أحطنا بهم ونحن نبصرهم وهم لا يبصروننا ، فنحن بصراء وهم عميان . فوضعنا عليهم السيوف فصاروا بين قتيل وجريح وأسير . ودخلنا بلدهم فاشتملنا على الذراري والعيال والأثاث والأموال . هذه عيالاتهم وذراريهم ، وهذه أموالهم . وما رأيناه يا رسول اللّه أعجب من تلك الأنوار من أفواه هؤلاء القوم التي عادت ظلمة على أعدائنا حتى مكننا منهم .
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : فقولوا : « الحمد للّه رب العالمين على ما فضّلكم به من شهر شعبان ، وقد انسلخ عنهم الشهر الحرام ، وهذه الأنوار بأعمال إخوانكم هؤلاء في غرة شعبان ، وأسلفوا لها أنوار في ليلتها قبل أن يقع منهم الأعمال » . قالوا : يا رسول اللّه ، وما تلك الأعمال لنثاب عليها ؟
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : أما قيس بن عاصم المنقري فإنه أمر بمعروف في يوم غرة شعبان ، وقد نهى عن منكر ودلّ على خير ، فلذلك قدم له النور في بارحة يومه عند قراءته القرآن .
وأما قتادة بن النعمان فإنه قضى دينا كان عليه في يوم غرة شعبان ، فلذلك أسلفه اللّه النور في بارحة يومه .
وأما عبد اللّه بن رواحة فإنه كان برا بوالديه فكثرت غنيمته في هذه الليلة . فلما كان من غده قال له أبوه : « إني وأمك لك محبان ، وإن امرأتك فلانة تؤذينا وتعيبنا ، وإنا لا نأمن من انقلاب في بعض هذه المشاهد ، ولسنا نأمن أن تستشهد في بعضها فتداخلنا هذه في أموالك ويزداد علينا بغيها وغيها . فقال عبد اللّه : ما كنت أعلم بغيها عليكم وكراهيتكما لها ، ولو كنت علمت ذلك لأبنتها من نفسي ، ولكني قد أبنتها الآن لتأمنا ما تحذران ، فما كنت بالذي أحب من تكرهان . فلذلك أسلفه اللّه النور الذي رأيتم .
وأما زيد بن حارثة الذي كان يخرج من فيه نور أضوأ من الشمس الطالعة وهو سيد القوم وأفضلهم ، فلقد علم اللّه ما يكون منه فاختاره وفضّله على علمه بما يكون منه ، إنه في اليوم الذي ولي هذه الليلة التي كان فيها ظفر المؤمنين بالشمس الطالعة من فيه جاءه رجل من منافقي عسكرهم يريد التضريب[38] « 1 » بينه وبين علي بن أبي طالب عليه السّلام وإفساد ما بينهما ، فقال له : بخ بخ لك ، أصبحت لا نظير لك في أهل بيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وصحابته ، هذا بلاؤك وهذا الذي شاهدناه نورك . فقال له زيد : يا عبد اللّه ، اتق اللّه ولا تفرط في المقال ولا ترفعني فوق قدري ، فإنك بذلك مخالف وبه كافر ، وإني إن تلقّيت مقالتك هذه بالقبول كذلك . يا عبد اللّه ، ألا أحدّثك بما كان في أوائل الإسلام وما بعده حتى دخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله المدينة وزوّجه فاطمة عليها السّلام ، وولدت الحسن والحسين عليهما السّلام ؟ قال : بلى .
قال : إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كان لي شديد المحبة حتى تبنّاني لذلك . فكنت أدعى زيد بن محمد ، إلى أن ولد لعلي عليه السّلام الحسن والحسين عليهما السّلام ، فكرهت ذلك لأجلهما ، وقلت لمن كان يدعوني : أحب أن تدعوني زيدا مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، فإني أكره أن أضاهي الحسن والحسين عليهما السّلام . فلم يزل ذلك حتى صدق اللّه ظني وأنزل على محمد صلّى اللّه عليه وآله : « ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ »[39] يعني قلبا يحب محمدا وآله ويعظّمهم ، وقلبا يعظم به غيرهم كتعظيمهم ، أو قلبا يحب به أعداءهم ، بل من أحب أعداءهم فهو يبغضهم ولا يحبهم . ثم قال : « وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهنّ أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم . . . » إلى قوله : « وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب اللّه » يعني الحسن والحسين عليهما السّلام أولى ببنوة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله في كتاب اللّه وفرضه ؛ « من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا » إحسانا وإكراما لا يبلغ ذلك محل الأولاد ، « كان ذلك في الكتاب مسطورا » .
فتركوا ذلك وجعلوا يقولون : زيد أخو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله . فما زال الناس يقولون لي هذا وأكرهه حتى أعاد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله المؤاخاة بينه وبين علي بن أبي طالب عليه السّلام . ثم قال زيد :
يا عبد اللّه ، إن زيدا مولى علي بن أبي طالب كما هو مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، فلا تجعله نظيره ولا ترفعه فوق قدره ، فتكون كالنصارى لما رفعوا عيسى عليه السّلام فوق قدره فكفروا باللّه العظيم .
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : فلذلك فضل اللّه زيدا بما رأيتم ، وشرّفه بما شاهدتم . والذي بعثني بالحق نبيا ، إن الذي أعدّه اللّه لزيد في الآخرة ليصغر في جنبه ما شهدتم في الدنيا من نوره . إنه ليأتي يوم القيامة ونوره يسير أمامه وخلفه ويمينه ويساره وفوقه وتحته من كل جانب مسيرة مأتي ألف سنة .
المصادر :
1 . تفسير الإمام العسكري عليه السّلام : ص 637 .
2 . بحار الأنوار : ج 22 ص 79 رقم 21 ، عن تفسير الإمام عليه السّلام .
المتن الحادي والأربعون:
روي أن زينب بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله توفيت وفاطمة عليها السّلام خرجت في نسائها ، فصلّت على أختها كأنها ليست مكروهة لها ولمن معها .
المصادر :
1 . مجمع الفائدة والبرهان للأردبيلي : ج 2 ص 470 .
المتن الثاني والأربعون:
قال سعيد بن المسيب في حديث : فقلت لعلي بن الحسين عليهما السّلام : فمتى زوّج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله فاطمة عليها السّلام من علي عليه السّلام ؟ فقال : بالمدينة بعد الهجرة بسنة وكان لها يومئذ تسع سنين .
المصادر :
1 . روضة الكافي : ص 338 ح 536 .
2 . بحار الأنوار : ج 19 ص 116 ح 2 ، عن روضة الكافي .
الأسانيد :
1 . في روضة الكافي : محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن هشام بن سالم ، عن أبي حمزة ، عن سعيد بن المسيب ، قال :
المتن الثالث والأربعون:
عن الرضا عليه السّلام قال : لما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله جاء الخضر فوقف علي باب البيت وفيه علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السّلام ، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قد سجي بثوب ، فقال : السلام عليكم يا أهل البيت ، كل نفس ذائقة الموت ، وإنما توفّون أجوركم يوم القيامة[40]، إن في اللّه خلفا من كل هالك وعزاء من كل مصيبة ودركا من كل فائت ، فتوكّلوا عليه وثقوا به ، وأستغفر اللّه لي ولكم . فقال أمير المؤمنين عليه السّلام : هذا أخي الخضر ، جاء يعزيكم بنبيكم .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 522 ص 515 ح 18 ، عن إكمال الدين .
2 . إكمال الدين وإتمام النعمة : ج 2 ص 391 ح 5 .
الأسانيد :
1 . في إكمال الدين : المظفر العلوي ، عن ابن العياشي ، عن أبيه ، عن جعفر بن أحمد ، عن ابن فضال ، عن الرضا عليه السّلام ، قال .
المتن الرابع والأربعون:
حماد بن عثمان قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول : تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة ، وذلك إني نظرت في مصحف فاطمة عليها السّلام . قال : قلت : وما مصحف فاطمة عليها السّلام ؟
قال : إن اللّه لما قبض نبيه صلّى اللّه عليه وآله دخل على فاطمة عليها السّلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا اللّه عز وجل ، فأرسل إليها ملكا يسلي غمها ويحدّثها ، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين عليه السّلام . فقال لها : إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي .
فأعلمته ذلك ، وجعل أمير المؤمنين عليه السّلام يكتب كل ما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفا . قال : ثم قال : أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ، ولكن فيه علم ما يكون .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 22 ص 545 ح 62 ، عن الكافي شطرا من الحديث .
2 . أصول الكافي : ج 1 ص 240 ح 2 .
الأسانيد :
في أصول الكافي : عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن حماد بن عثمان ، قال : سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول :
المتن الخامس والأربعون:
قال أمير المؤمنين عليه السّلام : مروا أهاليكم بالقول الحسن عند موتاكم ، فإن فاطمة عليها السّلام بنت محمد صلّى اللّه عليه وآله لما قبض أبوها ساعدتها بنات بني هاشم ، فقالت : دعوا التعداد وعليكم بالدعاء .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 79 ص 75 ح 8 ، عن الخصال .
2 . الخصال : ج 2 ص 159 على ما في بحار الأنوار .
الأسانيد :
قال الصدوق في الخصال : أبي ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن محمد بن عيسى اليقطيني ، عن القاسم بن يحيى ، عن جده الحسن ، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام ، قال أمير المؤمنين عليه السّلام .
المتن السادس والأربعون:
قال أمير المؤمنين عليه السّلام يوم الشورى : هل فيكم أحد غسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مع الملائكة المقربين بالروح والريحان ، فقلّبه لي الملائكة وأنا أسمع قولهم وهم يقولون : « استروا عورة نبيكم ستركم اللّه » ، غيري ؟ قالوا : لا .
قال : فهل فيكم أحد بعث اللّه عز وجل إليه بالتعزية حيث قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وفاطمة عليها السّلام تبكيه ، إذ سمعنا حسا على الباب وقائلا يقول - نسمع صوته ولا نرى شخصه وهو يقول : - السلام عليكم أهل البيت ورحمة اللّه وبركاته ، ربكم عز وجل يقرؤكم السلام ويقول لكم : إن في اللّه خلفا من كل مصيبة وعزاء من كل هالك ودركا من كل فوت ، فتعزوا بعزاء اللّه ، واعلموا أن أهل الأرض يموتون وأن أهل السماء لا يبقون ، والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته ، وأنا في البيت وفاطمة والحسن والحسين أربعة لا خامس لنا إلا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله مسجى بيننا ، غيرى ؟ قالوا : لا .
ثم قال : فهل فيكم أحد أعطاه اللّه صلّى اللّه عليه وآله حنوطا من حنوط الجنة ، فقال صلّى اللّه عليه وآله : اقسم هذا ثلاثا : ثلثا حنّطني به وثلثا لا بنتي وثلثا لك ، غيري ؟ قالوا : لا . . . الخبر .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 22 ص 543 ح 57 ، عن أمالي الطوسي .
2 . أمالي الطوسي : ج 2 ص 4 .
3 . الاحتجاج : ص 72 ، على ما في بحار الأنوار ، شطرا من الحديث .
الأسانيد :
1 . في أمالي الطوسي : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن الحسن بن علي بن زكريا ، عن أحمد بن عبيد اللّه ، عن الربيع بن سيار ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد رفعه إلى أبي ذر رضي اللّه عنه ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام .
2 . في الاحتجاج : عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه السّلام ، قال : قال أمير المؤمنين عليه السّلام .
المتن السابع والأربعون:
سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام بعض أصحابنا عن الجفر ، فقال : هو جلد ثور مملو علما . قال له :
فالجامعة ؟ قال : تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل فخذ الفالج ، فيها كل ما يحتاج الناس إليه ، وليس من قضية إلا وهي فيها حتى أرش الخدش .
قال : فمصحف فاطمة عليها السّلام ؟ قال : فسكت طويلا ثم قال : إنكم لتبحثون عما تريدون وعما لا تريدون . إن فاطمة عليها السّلام مكثت بعد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله خمسة وسبعين يوما ، وكان دخلها حزن شديد على أبيها ، وكان جبرئيل عليه السّلام يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ، ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذريتها ، وكان علي عليه السّلام يكتب ذلك ، فهذا مصحف فاطمة عليها السّلام .
المصادر :
1 . بحار الأنوار : ج 22 ص 546 ح 63 ، شطرا من الحديث .
2 . أصول الكافي : ج 1 ص 241 ح 5 .
الأسانيد :
في أصول الكافي : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن ابن رئاب ، عن أبي عبيدة قال : سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام بعض أصحابنا .
المتن الثامن والأربعون:
عن محمود بن لبيد قال : لما قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كانت فاطمة عليها السّلام تأتي قبور الشهداء وتأتي قبر حمزة وتبكي هناك . فلما كان في بعض الأيام أتيت قبر حمزة فوجدتها عليها السّلام تبكي هناك ، فأمهلتها حتى سكنت . فأتيتها وسلّمت عليها وقلت : يا سيدة النسوان ، قد واللّه قطعت نياط قلبي من بكائك . فقالت : يا با عمرو ، لحقّ لي البكاء ، فقد أصبت بخير الآباء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ، وا شوقاه إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله ! ثم أنشأت عليها السّلام تقول : إذا مات يوما ميت قل ذكره * وذكر أبي مذ مات واللّه أكثر
قلت : يا سيدتي ، إني سائلك عن مسألة تتلجلج في صدري . قالت : سل . قلت : هل نص رسول اللّه قبل وفاته على علي بالإمامة ؟ قالت : واعجبا ! أنسيتم يوم غدير خم ؟ ! قلت : قد كان ذلك ، ولكن أخبريني بما أشير إليك . قالت : أشهد اللّه تعالى لقد سمعته يقول : علي خير من أخلفه فيكم ، وهو الإمام والخليفة بعدي ، وسبطاي وتسعة من صلب الحسين أئمة أبرار . لئن اتبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين ، ولئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم إلى يوم القيامة ؟
قلت : يا سيدتي ، فما باله قعد عن حقه ؟ قالت : يا با عمر ، لقد قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله : مثل الإمام مثل الكعبة ، إذ تؤتى ولا تأتي - أو قالت : مثل علي . . . - ثم قالت : أما واللّه لو تركوا الحق على أهله واتبعوا عترة نبيه لما اختلف في اللّه اثنان ، ولورثها سلف عن سلف وخلف عن خلف ، حتى يقوم قائمنا التاسع من ولد الحسين . ولكن قدّموا من أخّره اللّه وأخّروا من قدّمه ، حتى إذا ألحدوا المبعوث وأودعوا الجدث المجدوث ، اختاروا بشهوتهم وعملوا بآرائهم ! تبّا لهم ! أو لم يسمعوا اللّه يقول : « وربك يخلق ما يشاء ويختار ، ما كان لهم الخيرة » ؟ بل سمعوا ولكنهم كما قال اللّه سبحانه : « فإنها لا تعمى الأبصار ، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور » .[41]
هيهات ! بسطوا في الدنيا آمالهم ونسوا آجالهم ، فتعسا لهم وأضل أعمالهم . أعوذ بك يا رب من الجور[42] بعد الكور .
المصادر :
1 . كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر عليهم السّلام للخزاز : ص 198 .
2 . من لا يحضره الفقيه : ج 1 ص 114 ح 36 ، شطرا من الحديث .
3 . بحار الأنوار : ج 36 ص 352 ح 224 ، عن كفاية الأثر .
الأسانيد :
في كفاية الأثر : حدثنا علي بن الحسين ، قال : حدثنا محمد بن الحسين الكوفي ، قال :
حدثنا محمد بن علي بن زكريا ، عن عبد اللّه بن الضحاك ، عن هشام بن محمد ، عن عبد الرحمن ، عن عاصم بن عمر ، عن محمود بن لبيد .
المتن التاسع والأربعون:
عن أبي جعفر عليه السّلام قال : كانت فاطمة صلوات اللّه عليها تزور قبر حمزة وتقوم عليه ، وكانت في كل سبت تأتي قبور الشهداء مع نسوة معها فيدعون ويستغفرون .
المصادر :
1 . دعائم الإسلام للقاضي النعمان : ج 1 ص 239 ، على ما في بحار الأنوار .
2 . بحار الأنوار : ج 79 ص 169 ح 3 ، عن دعائم الإسلام .
المتن الخمسون:
عن أبي عبد اللّه عليه السّلام : قال : إن فاطمة عليها السّلام كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة وتترحّم عليه وتستغفر له .
المصادر :
1 . منتهى المطلب ، للعلامة الحلي : ج 1 ص 468 .
2 . تذكرة الفقهاء للعلامة الحلي : ج 1 ص 59 .
الأسانيد :
في منتهى المطلب : روى الشيخ ، عن يونس ، عن أبي عبد اللّه عليه السّلام .
المتن الحادي والخمسون:
قال الرضا عليه السّلام : من أتى قبر أخيه المؤمن من أي ناحية يضع يده وقرأ « إنا أنزلناه »[43] سبع مرات أمن من الفزع الأكبر ، ولا يكره ذلك للنساء لأن فاطمة عليها السّلام كانت تأتي قبور الشهداء في غداة كل سبت فتأتي قبر حمزة عليه السّلام وتترحم عليه وتستغفر له .
المصادر :
نهاية الأحكام للعلامة الحلي : ج 2 ص 292 .
المتن الثاني والخمسون:
عن علي بن الحسين عليه السّلام : إن فاطمة بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله كانت تزور قبر عمها حمزة .
المصادر :
شرح الأزهار : ج 1 ص 424 .
المتن الثالث والخمسون:
قال الأردبيلي : وقد ورد في الأخبار المعتبرة زيارة فاطمة عليها السّلام قبور الشهداء في الأسبوع مرتين : الاثنين والخميس وفي كل غداة سبت ، واستغفارها لحمزة . فالظاهر عدم الكراهة للنساء أيضا زيارة قبور أقاربهم ، فالأئمة عليهم السّلام بطريق أولى .
المصادر :
مجمع الفائدة والبرهان للأردبيلي : ج 2 ص 489 .
المتن الرابع والخمسون:
عن الصادق عليه السّلام قال : عاشت فاطمة عليها السّلام بعد أبيها خمسة وسبعين يوما لم تر كاشرة ولا ضاحكة ، تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين : الاثنين والخميس .
وعن يونس عنه عليه السّلام : إن فاطمة عليها السّلام كانت تأتي قبور الشهداء في كل غداة سبت فتأتي قبر حمزة فتترحّم عليه وتستغفر له ، وفيه دليل على جوازها للنساء لقول النبي صلّى اللّه عليه وآله :
« فاطمة بضعة مني » ، ولأن عائشة زارت قبر أخيها عبد الرحمن فقيل لها : قد نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله عن زيارة القبور ؟ فقالت : نهى ثم أمر بزيارتها ، وأن النساء داخلات في الرخصة .
المصادر :
1 . الذكرى للشهيد : ص 72 .
2 . أصول الكافي : ج 1 ص 241 ح 5 .
[1] المعم المخول : الكثير الأعمام والأخوال .
[2] أي أخزاك .
[3] القلالة الحجر أو المدر يقتلع من الأرض فيرمى به .
[4] المراق بتشديد القاف : ما دقّ من أسفل البطن ولان .
[5] أي طعنه .
[6] أي رماه برمح صغير .
[7] أي يضرب .
[8] ذق عقيق : أراد ذق يا عاق قومه .
[9] أي قادوها إلى جنبهم من دون أن يركبوها .
[10] أي ركبوا الجمل .
[11] سورة النحل : الآية 126 .
[12] خ ل : يتحرقون عليكم تحرّقا .
[13] تنابلة : القصير القامة ، البليد ، الكسلان .
[14] عذله أي لامه فهو عاذل ، تعاذل القوم : اى عذل بعضهم بعضا .
[15] أي ينازع في دمها رجلان ضعيفا أيضا ويذهب هدرا .
[16] الزيادة من مسند أحمد بن حنبل .
[17] سورة آل عمران : الآية 121 .
[18] سورة آل عمران : الآية 152 .
[19] سورة الأنفال : الآية 36 .
[20] سورة آل عمران : الآية 153 .
[21] سورة النحل : الآية 126 .
[22] أي الذلة التي أحستها بغتة من قول الرجل .
[23] « مهين » اسم مولى عثمان .
[24] أي هدر .
[25] خ ل : حسر ، خ ل وجس .
[26] خ ل : شجرة .
[27] لعل المعنى : أو أتاها بعضكم ليقول عند نفسه : ما أبهره ، أي كيف انقطع به الحرّ والإعياء
[28] أي ألزم حياءك .
[29] سورة الحج : الآية 27 .
[30] أي آخر اليوم الرابع من ذي الحجّة .
[31] سورة البقرة : الآية 158 .
[32] كلما وضعها .
[33] المشجب بكسر الميم : عيدان تضم رءوسها وتفرج بين قوائمها وتوضع عليها الثياب .
[34] سورة البينة : الآية 6 .
[35] سورة البينة : الآية 6 .
[36]سورة الشورى : الآية 52 .
[37] خ ل : مقاتلتنا .
[38] التضريب : الإغراء وإيجاد الاختلاف .
[39] سورة الأحزاب : الآية 4 ، وكذلك تمام الآية التي يجيء في الفقرات التالية .
[40] سورة آل عمران : الآية 185 .
[41] سورة الحج : الآية 46 .
[42] في كفاية الأثر « الحور » بدل « الجور » في آخر الحديث .
[43] سورة القدر : الآية 1 .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
