الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الصدقات والإعانات المالية لسد احتياجات الناس
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص466ــ476
2025-09-07
35
الإسلام - وبتدبير خاص - قام بتأمين احتياجات المحتاجين من أبناء المجتمع عن طريق الصدقات والأوقاف والكفارات وشبهها، وبإرساء الأسس لخدمة الفقراء والمساكين، وبذلك استطاع تأمين الحد الأدنى من نفقات المعيشة للمحرومين والفقراء في المجتمع.
إن التكليف الشرعي لجميع الناس والأغنياء منهم بخاصة، يحتم تقديم الصدقات والمساعدات المادية والمعنوية للمحرومين والمعوزين. وقد بينت الأحاديث والروايات الآثار الفردية والاجتماعية الدنيوية وكذا الثواب الأخروي الجزيل للصدقات والمساعدات المقدمة للمحرومين. فالصدقة هي رأسمال الإيمان، وتجارة رابحة وأفضل وسيلة للإحسان وجنّة واقيـة مـن نـار جهنم، ومدعاة لرفع البلايا والشدائد، ومصدر رزق للمحرومين واختبار للأغنياء... إلخ، وفي هذه الباقة التالية من الروايات تعبير جلي عن مضامين السيرة العملية للأئمة المعصومين (سلام الله عليهم):
أهمية الصدقة
عن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): تَصَدَّقْتُ يَوْماً بِدِينَارٍ، فَقَالَ لِي رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله): أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ صَدَقَةَ الْمُؤْمِنِ لا تَخْرُجُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى يُفَكَ بِهَا عَن لحَيَيْ سَبْعِينَ شَيْطَانَاً وَمَا تَقَعُ فِي يَدِ السَّائِلِ حَتَّى تَقَعَ فِي يَدِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. أَلَمْ يَقُلْ هَذِهِ الآيَةَ: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ...} [التوبة: 104].
وعن النبي الأعظم لعل الله أنه قال: أَرْضُ الْقِيَامَةِ نَارٌ مَا خَلَا ظِلَّ الْمُؤْمِنِ فَإِنَّ صَدَقَتَهُ تُظِلُّهُ(2).
أوقات الصدقة
الصدقة محبّذة ومؤثرة في كل الأوقات، غير أنّ لها تأثيراً خاصاً في أوقات معينة جاء التأكيد عليها في الروايات، منها:
قبل الأكل: جاء في وصية الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) لولده الإمام الحسن (سلام الله عليه) وهو على فراش الموت... ثُمَّ إِنِّي أُوصِيكَ يَا حَسَنُ... وَلَا تَأْكُلَنَّ طَعَاماً حَتَّى تَصَدَّقَ مِنْهُ قَبْلَ أَكْلِه(3).
في أول الصباح والمساء: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): باكِرُوا بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّ الْبَلايَا لَا تَتَخَطَّاهَا وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ أَوَّلَ النَّهَارِ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ شَرَّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، فَإِنْ تَصَدَّقَ أَوَّلَ اللَّيْلِ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ شَرَّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ(4).
وعنه (سلام الله عليه) أيضاً: مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ إِذَا أَصْبَحَ دَفَعَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ نَحْسَ ذَلِكَ الْيَوْمِ(5).
يوم الجمعة: وقال (سلام الله عليه) أيضاً: كَانَ أَبِي أَقَلَّ أَهْلِ بَيْتِهِ مَالاً وَأَعْظَمَهُمْ مَئُونَةٌ. قَالَ: وَكَانَ يَتَصَدَّقُ كُلَّ يَوْمٍ جُمُعَةٍ بِدِينَارٍ وَكَانَ يَقُولُ: الصَّدَقَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ تُضَاعَفُ لِفَضْلِ الْجُمُعَةِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الأَيَّامِ(6).
وعن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) في الرَّجُلِ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ مِثْل الصَّدَقَةِ وَالصَّوْمِ وَنَحْوِ هَذَا، قَالَ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّ الْعَمَلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُضَاعَفُ(7).
في بداية السفر: سأل حماد بن عثمان الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) عن كراهة السفر في بعض الأيام فقال (سلام الله عليه): افتتح سَفَرَكَ بِالصَّدَقَةِ وَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِيِّ إِذَا بدا لك(8).
يقول الراوي: سمعت الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) يقول: إِذَا خَرَجَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنْزِلِهِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِصَدَقَةٍ وَلْيَقُلْ:
اللَّهُمَّ أَظِلَّنِي مِنْ تَحْتِ كَنَفَكَ وَهَبْ لِي السَّلَامَةَ فِي وَجْهِي هَذَا ابْتِغَاءَ السَّلَامَةِ وَالْعَافِيَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَصَرْفِ أَنْوَاعِ الْبَلاءِ. اللَّهُمَّ فَاجْعَلْهُ لِي أَمَانَا فِي وَجْهِي هَذَا وَحِجَابَاً وَسِتْراً وَمَانِعاً وَحَاجِزًا مِنْ كُلَّ مَكْرُوهِ وَمَحْذُورٍ وَجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْبَلَاءِ، إِنَّكَ وَهَّابٌ جَوَادٌ مَاجِدٌ كَرِيمٌ.
فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ وَقُلْتَهُ لَمْ تَزَلْ فِي ظِلَّ صَدَقَتِكَ مَا نَزَلَ بَلاءُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَّا وَدَفَعَهُ عَنْكَ وَلا اسْتَقْبَلَكَ بَلاءُ فِي وَجْهِكَ إِلَّا وَصَدَمَهُ عَنْكَ وَلَا أَرَادَكَ مِنْ هَوَامٌ الْأَرْضِ شَيْءٌ مِنْ تَحْتِكَ وَلا عَنْ يَمِينِكَ وَلا عَنْ يَسَارِكَ إِلَّا وَقَمَعَتْهُ الصَّدَقَةُ(9).
عند الإفطار: عن الإمام الرضا (سلام الله عليه) قوله: مَنْ تَصَدَّقَ وَقْتَ إِفْطَارِهِ عَلَى مِسْكِينِ بِرَغِيفٍ غَفَرَ اللهُ لَهُ ذَنْبَهُ وَكَتَبَ لَهُ ثَوَابَ عِتْقِ رَقَبَةٍ مِنْ وُلْدِ إسماعيل (سلام الله عليه)(10).
في شهر رجب: سُئل الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله): قِيلَ: يَا نَبِيَّ الله فَمَنْ عَجَزَ عن صِيَامٍ رَجَبٍ لِضَعْفٍ أَوْ لِعِلَّةٍ كَانَتْ بِهِ أَوِ امْرَأَةٌ غَيْرُ طَاهِرٍ يَصْنَعُ مَا ذَا لِيَنَالَ مَا وَصَفْتَ؟ قَالَ: يَتَصَدَّقُ كُلَّ يَوْمٍ بِرَغِيفٍ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُ إِذَا تَصَدَّقَ بِهَذِهِ الصَّدَقَةِ كُلّ يَومٍ يَنَالَ مَا وَصَفْتُ وَأَكْثَرَ، إِنَّهُ لَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ الْخَلَائِقِ كُلُّهُم مِن أهلِ السَّماواتِ وَالأَرَض عَلَى أَنْ يُقَدِّرُوا قَدْرَ ثَوَابِهِ مِنْ أَهْلِ السَّمَواتِ وَالأَرْضِينَ مَا بَلَغُوا عُشْرَ مَا يُصِيبُ فِي الْجِنَانِ مِنَ الْفَضَائِلِ وَالدَّرَجَاتِ(11).
في شهر شعبان: عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فِي شَعْبَانَ رَبَّاهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَصِيلَهُ حَتَّى يُوَافِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقَدْ صَارَتْ لَهُ مِثْلَ أُحُدٍ(12).
في شهر رمضان: روي عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أَنه قال: مَنْ تَصَدَّقَ فِي هَذَا الشَّهْرِ بِصَدَقَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ(13).
أمثلة الصدقة
للصدقة أمثلة كثيرة نستعرض هاهنا بعضاً منها:
فعل المعروف: روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): قوله: كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٍ. مَا وَقَى بِهِ الْمَرْءُ عِرْضَهُ كُتِبَ لَهُ بِهِ صَدَقَة(14).
السقي: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ سَقْيُ المَاءِ وَأَفْضَلُ الصَّدَقَةِ صَدَقَةُ الماء(15).
ملاحظة: إن سقي المزارع والبساتين وإرواء النبات والحيوان والإنسان من أبرز الأمثلة على ((صدقة الماء))، وكذلك توزيع الماء بشكل عام، إن كان للشرب أو لسقي النباتات أو لأغراض الغسل أو لأعمال البناء وغير ذلك، كل ذلك يندرج تحت عنوان ((صدقة الماء)) والذي يعد من أفضل أمثلة الصدقات.
إسماع الأصم: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): إِسْمَاعُ الأَصَمَّ مِنْ غَيْرِ تَضَجُرٍ صَدَقَةٌ هَنِيئَة(16).
نشر العلم: وروي عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) قوله: مَا تَصَدَّقَ النَّاسُ بِصَدَقَةٍ مِثْلَ عِلْمٍ يُنشر(17).
مداراة الناس: وعنه (صلى الله عليه وآله): مُدَارَاةُ النَّاسِ صَدَقَة(18).
ملاحظة: ولأنّ كل رواية من هذه الروايات في صدد بيان المصداق والمثال، وليست بصدد الحصر، فليس بينها تعارض.
آداب الصدقة
قصد القربة: وفي حديث شريف يوصي فيه النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) قائلاً: يَا عَلِيُّ! لا خَيْرَ فِي القَوْلِ إِلا مَعَ الْفِعْلِ... وَلَا فِي الصَّدَقَةِ إلا مع النية(19).
الصدقة من أطيب المال: عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) فِي قَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة: 267] فَقَالَ: كَانَ الْقَوْمُ قَدْ كَسَبُوا مَكَاسِبَ سَوْءٍ في الجاهِلِيَّةِ، فَلَا أَسْلَمُوا أَرَادُوا أَنْ يُخْرِجُوهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ لِيَتَصَدَّقُوا بِهَا، فَأَبَى اللَّهُ - تبارك وتعالى - إلا أَنْ يُخْرِجُوا مِنْ أَطْيَبِ مَا كَسَبُوا(20)؛ ذلك أن أهم ما يجب على المرء إزاء المال غير الطيب، إرجاعه إلى صاحبه.
الصدقة المباشرة باليد: سُئِلَ الصادق (سلام الله عليه): أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قال: أَنْ تَتَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمُلُ الْبَقَاءَ وَتَخَافُ الْفَقْرَ وَلَا تُهِلْ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحَلْقُومَ قُلْتَ لِفُلانٍ كَذَا وَلِفُلانٍ كَذَا أَلَا وَقَدْ كَانَ لِفُلانٍ(21).
صدقة السر: قال الرواي سألت النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) قُلْتُ: فَأَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: جُهْدٌ مِنْ مُقِلٌ إِلَى فَقِيرِ فِي سِرِّ(22).
وعن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ المُتَوَسِّلُونَ... صَدَقَةُ السِّرِّ، فَإِنَّهَا تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ وَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ(23).
وروي عن الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه) قوله: أَرْبَعُ مِنْ كُنُوزِ الْبِرِّ: كِتَمانُ الْحَاجَةِ وَكِتُمَانُ الصَّدَقَةِ وَكِتْمَانُ الْوَجَعِ وَكِتْمَانُ المُصِيبَة(24).
اختبار قناعة الفقير: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): قَالَ وَكَانَ أبي (سلام الله عليه) ربما اخْتَبَرَ السُّوْلَ لِيَعْلَمَ الْقَانِعَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِذَا وَقَفَ بِهِ السَّائِلُ أَعْطَاهُ
الرَّأْسَ، فَإِنْ قَبلَهُ قَالَ: دَعْهُ وَأَعْطَاهُ اللَّحْمِ فَإِنْ لَمْ يَقْبَلُهُ تَرَكَهُ وَلَمْ يُعْطِهِ شَيْئًا(25).
صدقة الزوجة بإذن الزوج: أَنَّ امْرَأَةَ سَالَتْهُ (صلى الله عليه وآله) فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ؟ فَقَالَ (صلى الله عليه وآله): أَن لا تَتَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ...(26)؛ طبعاً إذا كانت الصدقة من مالها الخاص فلا داعي لإذنه.
آثار الصدقة
نفي الفقر: عن الإمام محمد الباقر (سلام الله عليه) أنه قال: الْبِرُّ وَالصَّدَقَةُ السِّرِّ يَنْفِيَانِ الْفَقْرَ وَيَزِيدَانِ فِي الْعُمُرِ وَيَدْفَعَانِ عَنْ سَبْعِينَ مِيتَةَ سَوْءٍ(27).
دفع النحس: وقال النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): إِذَا أَصْبَحْتَ فَتَصَدَّقْ بِصَدَقَةٍ تُذْهِبْ عَنْكَ نَحْسَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَإِذَا أَمْسَيْتَ فَتَصَدَّقْ بِصَدَقَةٍ تُذْهِبْ عَنْكَ نَحْسَ تِلْكَ اللَّيْلَة(28).
أولئك الذين لا يؤمنون بالله ولا بقضائه وقدره، ولا يدركون معنى القضاء والقدر بالشكل الصحيح، تراهم يستسلمون إلى الخرافات من قبيل حسن الطالع وبؤسه، والنحوسة والتشاؤم والتطيّر وما أشبهها. كما كان آل فرعون إذا ما ابتلوا ببليّة، وبدل أن يحتسبوها امتحاناً إلهياً، راحوا ـ من منطلق الطيرة - ينسبونها إلى كليم الله موسى (سلام الله عليه) والذين معه، ويطعنون فيهم بالنحوسة وسوء الطالع. وإذا ما وصلهم خيرٌ أو حُسن نسبوه إلى أنفسهم استحقاقاً وفضيلة: {فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 131].
وهنا نذكر ملاحظة مفيدة هي، إنّ ما يخطر في البال من خرافات مثل حسن الطالع وسوء الطالع، النحس والتطيّر وما شابه عليها كفارة أخلاقية؛ بمعنى أنه من تطيّر في خاطره من فلان أو اعتقد أنّ الواقعة الفلانية تجلب النحس، عليه كفارة أخلاقية وهي وفقاً للحديث النبوي الشريف التوكل على الله(29).(30) إن الذي ورد في هذه الروايات آنفة الذكر حول ضرورة التصدّق لإبعاد النحس، إنما هو في الحقيقة، مثال للتوكل على الله، وخطوة توكلية لمواجهة الخرافات.
قَالَ الحَسَنُ بْنُ مَسْعُودٍ: دَخَلْتُ عَلَى أَبِي الحَسَنِ عَلِي بْنِ مُحَمَّدٍ (سلام الله عليه) وَقَدْ نُكِبَتْ إِصْبَعِي وَتَلَقَّانِي رَاكِبُ وَصَدَمَ كَتِفِي وَدَخَلْتُ فِي زَحْمَةٍ فَخَرَقُوا عَلَيَّ بَعْضَ ثِيَابِي، فَقُلْتُ: كَفَانِي اللهُ شَرَّكَ مِنْ يَوْمٍ، فَمَا أَيْشَمَكَ! فَقَالَ (سلام الله عليه) لِي: يَا حَسَنُ! هَذَا وَأَنْتَ تَغْشَانَا تَرْمِي بِذَنْبِكَ مَنْ لا ذَنْبَ لَهُ؟ قَالَ الْحَسَنُ: فَأَثَابِ إِلَيَّ عَقْلِي وَتَبَيَّنْتُ خَطَئِي فَقُلْتُ: يَا مَوْلايَ! أَسْتَغْفِرُ اللهَ فَقَالَ: يَا حُسْنُ! مَا ذَنْبُ الأَيَّامِ حَتَّى صِرْتُمْ تَتَشَأَمُونَ بِهَا إِذَا جُوزِيتُمْ بِأَعْمَالِكُمْ فِيهَا؟ قَالَ الْحَسَنُ: أَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ أَبَداً وَهِيَ تَوْبَتِي، يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ! قَالَ (سلام الله عليه): وَاللَّهُ مَا يَنْفَعُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُعَاقِبُكُمْ بِذَمِّهَا عَلَى مَا لا ذَمَّ عَلَيْهَا فِيهِ، أَمَا عَلِمْتَ يَا حَسَنُ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَثيبُ وَالمُعَاقِبُ وَالمُجَازِي بِالأَعْمَالِ عَاجِلاً وَآجِلاً؟ قُلْتُ: بَلَى يَا مَوْلايَ قَالَ (سلام الله عليه): لا تَعُـدْ وَلا تَجْعَلْ لِلأَيَّامِ صُنْعاً فِي حُكْمِ اللَّهِ. قَالَ الْحَسَنُ: بَلَى يَا مَوْلاي(31).
وخلاصة الرواية هي: 1. الزمان وعاء لوقائع وحوادث التاريخ. 2. أحياناً تجلب هذه الوقائع السرور والسعد للبعض، وأحياناً أخرى تكدر صفو عيش البعض الآخر. 3. تارةً يكون للواقعة وجهان، وأخرى يكون لواقعتين مختلفتين تأثير متباين على شخصين؛ لذا لا ينبغي أن نعتقد بنحس الوعاء، كما لا ينبغي أن نعتقد بسعده سواء بسواء. 4. مسألة دخول القمر في برج العقرب وأمثال ذلك، ليست من قبيل الأوقات الخاصة بسعود الأيام ونحوسها، بل هي مسألة أخرى مختلفة يضيق المقام هنا بشرحها.
إطفاء غضب الله سبحانه وتعالى: عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): إِنَّ الْمَعْرُوفَ يَمْنَعُ: مَصَارِعَ السَّوْءِ وَإِنَّ الصَّدَقَةَ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ(32).
بركة في المال وزيادة في العمر: عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) قوله: إِنَّ صَدَقَةَ اللَّيْلِ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَمْحُو الذَّنْبَ الْعَظِيمَ وَتُهَوِّنُ الْحِسَابَ وَصَدَقَةَ النَّهَارِ تُثْمِرُ المالَ وَتَزِيدُ فِي الْعُمُر(33).
قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): اسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَة(34)؛ وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: ... وَالصَّدَقَةُ لا تَزِيدُ المالَ إِلا كَثْرَةً، فَتَصَدَّقُوا يَرْحَمَكُمُ الله(35)؛ وقال (صلى الله عليه وآله): لَيْسَ مِـنْ مُسْلِمٍ يَتَصَدَّقُ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبِ إِلا وَضَعَهَا فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ فَيُرَبِّيهَا لَهُ حَتَّى يَمْلَأ كفه(36).
النجاة من البلايا والأمراض: وعن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) أيضاً: إِنَّ اللهَ لَيَدْرَأ بِالصَّدَقَةِ سَبْعِينَ مِيتَةٌ مِنَ السَّوْءِ(37).
وعن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): الصَّدَقَةُ دَوَاءٌ مُنْجِح(38).
وقال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَادْفَعُوا الْبَلاءَ بِالدُّعَاءِ وَاسْتَنْزِلُوا الرِّزْقَ بِالصَّدَقَةِ، فَإِنَّهَا تَفْكُّ مِنْ بَيْنِ لُحِيّ [لحيَي] سَبْعِمِائَةِ شَيْطَانٍ وَلَيْسَ شَيْءٌ أَثقَلَ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَهِيَ تَقَعُ فِي يَدِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبْلَ أَنْ تَقَعَ فِي يَدِ الْعَبْدِ(39).
عن معاذ بن مسلم أنه قال: كُنْتُ عِنْدَ أبي عَبْدِ الله (سلام الله عليه) فَذَكَرُوا الأوجاع [الوَجَعَ]، فَقَالَ (سلام الله عليه) دَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ وَمَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقُوتِ يَوْمِهِ، إِنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ يُدْفَعُ إِلَيْهِ الصَّك بِقَبْضِ رُوحِ الْعَبْدِ، فَيَتَصَدَّقُ، فَيُقَالُ لَهُ: رُدَّ عَلَيْهِ الصَّكَ(40).
سبب الجواز على الصراط: عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): طلَبْتُ الجَوَاز علَى الصِّرَاطِ فَوَجَدْتُهُ فِي الصَّدَقَة(41).
ضمانة دخول الجنة: عن الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه): ضَمِنْتُ لِسِتّةٍ الجَنَّةَ: رَجُلٌ خَرَجَ بِصَدَقَةٍ فَمَاتَ فَلَهُ الْجُنَّةُ وَرَجُلٌ خَرَجَ يَعُودُ مَرِيضًا فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَرَجُلٌ خَرَجَ مُجَاهِداً فِي سَبِيلِ الله فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَرَجُلٌ خَرَجَ حَاجَاً فَمَاتَ فَلَهُ الجنَّةُ وَرَجُلٌ خَرَجَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَرَجُلٌ خَرَجَ فِي جِنَازَةِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ فَمَاتَ فَلَهُ الْجَنَّةُ(42).
حرمة الصدقة على آل النبي (صلى الله عليه وآله)
قال النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله): الصَّدَقَة لَا تَحِلُّ لمُحَمَّدٍ وَلَا لَآلِ مُحَمَّد؛ إِنَّ اللَّهَ قَد جَعَلَ لَهُمْ فِي الخُمْسِ مَا فِيهِ كِفَايَتَهم، فَجَعَلَهُ عِوَضاً عَنْهَا(43).
__________________________
(1) تفسير العياشي، ج 2، ص 107.
(2) الكافي، ج 4، ص 3.
(3) الأمالي، المفيد، ص221 - 222.
(4) الفقيه، ج 2، ص 67.
(5) الفقيه، ج 2، ص 269.
(6) ثواب الأعمال، ص 185.
(7) الفقيه، ج 1، ص 423.
(8) الكافي، ج 4، ص 283.
(9) بحار الأنوار، ج92، ص 305.
(10) فضائل الأشهر الثلاثة، ص 96؛ وسائل الشيعة، ج 10، ص 316.
(11) الأمالي الصدوق، ص 539 - 540.
(12) الأمالي الصدوق، ص 628.
(13) الأمالي الصدوق، ص 54.
(14) الدعوات، ص 107.
(15) بحار الأنوار، ج 71، ص 369.
(16) ثواب الأعمال، ص 139 - 140.
(17) منية المريد، ص 105.
(18) روضة الواعظين، ص 380.
(19) الفقيه، ص 442.
(20) الكافي، ج 4، ص 48.
(21) الدعوات، ص 107.
(22) معاني الأخبار، ص 333.
(23) علل الشرائع، ص 247.
(24) تحف العقول، ص 295.
(25) دعائم الإسلام، ج 2، ص 185.
(26) دعائم الإسلام، ج 2، ص 216.
(27) الزهد، ص 33.
(28) قرب الإسناد، ص 57؛ انظر: الدعوات، ص112.
(29) كَفَّارَةُ الطَّيَرَةِ التَّوَكُل (الكافي، ج 8، ص198).
(30) انظر: تسنیم، ج 7، ص 682.
(31) تحف العقول، ص 482 - 483.
(32) قرب الإسناد، ص37.
(33) الكافي، ج 4، ص 9.
(34) الفقيه، ج 4، ص 381.
(35) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر، ج 1، ص 126.
(36) مستدرك الوسائل، ج 7، ص 246.
(37) الدعوات، ص 181.
(38) نهج البلاغة، الحكمة 7.
(39) الكافي، ج 4، ص 3.
(40) مكارم الأخلاق، ص 388؛ الدعوات، ص181.
(41) مستدرك الوسائل، ج 12، ص 173.
(42) الفقيه، ج 1، ص 140.
(43) عوالي اللئالي، ج 3، ص 130.
الاكثر قراءة في آداب عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
