الظالمون لا ينالون الشفاعة
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص377-379.
2025-08-19
235
الظالمون لا ينالون الشفاعة
قال تعالى : {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا (109) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (110) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا (111) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا } [طه : 109 - 112].
قال أبو عبد اللّه عليه السّلام : « سمعت أبي يقول ورجل يسأله عن قول اللّه عزّ وجلّ : {يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا } قال : لا ينال شفاعة محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يوم القيامة إلا من آذن له الرحمن بطاعة آل محمد ، ورضي له قولا وعملا ، فحيي على مودّتهم ومات عليها ، فرضي اللّه قوله وعمله فيهم ، ثمّ قال : « وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلما لآل محمد . » كذا نزلت ، ثم قال : {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً } قال : مؤمن بمحبّة آل محمّد ومبغض لعدوّهم » « 1 ».
وقال أبو جعفر عليه السّلام في قوله تعالى : فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً.
يقول : « لا ينقص من عمله شيء ، وأما ظلما يقول : لن يذهب به » « 2 ».
وقال علي بن إبراهيم ، في قوله تعالى : {يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً } قال : ما بين أيديهم : ما مضى من أخبار الأنبياء ، وما خلفهم ، من أخبار القائم عليه السّلام « 3 ».
وقال صفوان بن يحيى ، سألني أبو قرة المحدث أن أدخله على أبي الحسن الرضا عليه السّلام ، فاستأذنته في ذلك فأذن لي فدخل عليه ، فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتى بلغ سؤاله إلى التوحيد ، فقال أبو قرة : إنا روّينا أن اللّه قسّم الرؤية والكلام بين نبيين : فقسّم الكلام لموسى ، ولمحمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم الرؤية ؟
فقال أبو الحسن عليه السّلام : « فمن المبلّغ عن اللّه إلى الثقلين من الجن والإنس : {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام : 103] و لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً و {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى : 11] أليس محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ؟ » قال : بلى.
قال عليه السّلام : « كيف يجيء رجل إلى الخلق جميعا فيخبرهم أنه جاء من عند اللّه وأنه يدعوهم إلى اللّه بأمر اللّه فيقول : لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ و وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً و لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ، ثم يقول : أنا رأيته بعيني وأحطت به علما وهو على صورة البشر ، أما يستحيون ؟ ! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا ، أن يكون يأتي من عند اللّه بشيء ثمّ يأتي بخلافه من وجه آخر ».
قال أبو قرّة . فإنه يقول : {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم : 13] ؟
فقال أبو الحسن عليه السّلام : « إن بعد هذه الآية ما يدل على ما رأى ، حيث قال : {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم : 11] يقول : ما كذب فؤاد محمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ما رأته عيناه ، ثم أخبر بما رأى ، فقال : {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} [النجم : 18] ، فآيات اللّه غير اللّه ، وقد قال اللّه : وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم ووقعت المعرفة ».
فقال أبو قرّة : فتكذّب بالروايات ؟
فقال أبو الحسن عليه السّلام : « إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها ، وما أجمع المسلمون عليه أنه لا يحاط به علما ، ولا تدركه الأبصار ، وليس كمثله شيء » « 4 ».
وقال علي بن إبراهيم : وقوله : {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} أي ذلّت « 5 ».
_____________
( 1 ) تأويل الآيات : ج 1 ، ص 318 ، ح 15 .
( 2 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 65 .
( 3 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 65 .
( 4 ) الكافي : ج 1 ، ص 74 ، ح 2 .
( 5 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 65 .
الاكثر قراءة في الشفاعة والتوسل
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة