قضيّة أبو طلحة وأمّ سليم وموت الابن ودعاء النبيّ لهما
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج3/ ص140-142
2025-08-12
236
ينقل هنا المرحوم المطهّريّ قضيّة أبي طلحة وامّ سليم وقصّة موت ولدهما المعبّرة، وذلك لبيان أثر روح الإيمان على المسلم، حيث إنّه ومع كثرة المصائب الكبيرة والمشاكل التي تقصم الظهر، فإنّه ليس فقط لا يَهِن، بل يثبت ويحتسب كالجبل الأشمّ ويشكر البارئ على نِعَمِهِ.
وارتأينا هنا أن نورد نصّ القصّة لما تحمل من دلالات وعِبَر جمّة: روى العلّامة المجلسيّ رضوان الله عليه في «بحار الأنوار» نقلًا عن كتاب «مُسكِّن الفؤاد» للشهيد الثاني رفع الله درجته عن كتاب «عيون المجالس» عن معاوية بن قُرّة حيث قال: كَانَ أبُو طَلْحَةَ يُحِبُّ ابْنَهُ حُبَّاً شَدِيداً. فَمَرِضَ، فَخَافَتْ أمُّ سُلَيْمٍ عَلَى أبِي طَلْحَةَ الجَزَعَ حِينَ قَرُبَ مَوْتُ الوَلَدِ، فَبَعَثَتْهُ إلى النَّبِيّ صلى اللهُ عَلَيه وآلِهِ.
فَلَمَّا خَرَجَ أبُو طَلْحَةَ مِنْ دَارِهِ تُوُفِّيَ الوَلَدُ. فَسَجَّتْهُ امُّ سُلَيْمٍ بِثَوْبٍ وعَزَلَتْهُ في نَاحِيَةٍ مِنَ البَيْتِ. ثُمَّ تَقَدَّمَتْ إلى أهْلِ بَيْتِهَا وقَالَتْ لَهُمْ: لَا تُخْبِرُوا أبَا طَلْحَةَ بِشَيءٍ. ثُمَّ إنَّهَا صَنَعَتْ طَعَاماً ثُمَّ مَسَّتْ شَيْئاً مِنَ الطِّيبِ.
فَجَاءَ أبُو طَلْحَةَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ فَقَالَ: مَا فَعَلَ ابْنِي؟!
فَقَالَتْ لَهُ: هَدَأتْ نَفْسُهُ! ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَنَا مَا نَأكُلُ؟!
فَقَامَتْ فَقَرَّبَتْ إليه الطَّعَامَ. ثُمَّ تَعَرَّضَتْ لَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهَا. فَلَمَّا اطْمَأنَّ قَالَتْ لَهُ: يَا أبَا طَلْحَةَ! أ تَغْضَبُ مِنْ وَدِيعَةٍ كَانَتْ عِنْدَنَا فَرَدَدْنَاهَا إلى أهْلِهَا؟!
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللهِ؛ لَا!
فَقَالَتْ: ابْنُكَ كَانَ عِنْدَنَا وَدِيعَةً فَقَبَضَهُ اللهُ تعالى!
فَقَالَ أبُو طَلْحَةَ: فَأنَا أحَقُّ بِالصَّبْرِ مِنْكِ! ثُمَّ قَامَ مِنْ مَكَانِهِ فَاغْتَسَلَ وصلى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ انْطَلَقَ إلى النَّبِيّ صلى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ فَأخْبَرَهُ بِصَنِيعِهَا.
فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ: فَبَارَكَ اللهُ لَكُمَا في وَقْعَتِكُمَا!
ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي جَعَلَ في امَّتِي مِثْلَ صَابِرَةِ بَنِي إسْرَائِيلَ.
وجاء في نهاية القصّة: «فقيل: يا رسول الله! صلى الله عليه وآله وسلّم ما كان من خبرها؟ فقال: كان في بني إسرائيل امرأة وكان لها زوج، ولها منه غلامان، فأمرها بطعامٍ ليدعو عليه الناس ففعلتْ، واجتمع الناس في داره، فانطلق الغلامان يلعبان فوقعاً في بئرٍ كانت في الدار، فكرهتْ أن تنغّص على زوجها الضيافة، فأدخلتْهما البيت وسجّتهما بثوب، فلمّا فرغوا دخل زوجها فقال: أين ابناي؟ قالت: هما في البيت؛ وإنّها كانت تمسّحت بشيءٍ من الطيب وتعرّضتْ للرجل حتى وقع عليها. ثمّ قال: أين ابناي؟ قالت: هما في البيت. فناداهما أبوهما فخرجا يسعيان. فقالت المرأة: سُبحان الله، والله لقد كانا ميّتين، ولكنّ الله تعالى أحياهما ثواباً لصبري»[1].
[1] الآية 156، من السورة 2: البقرة: الَّذِينَ إذَآ أصَابَتْهُم مُصِيبَةٌ قَالُوا إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إليه رَاجِعُونَ.
« العدل الإلهيّ» ص 25 إلى 27، طبعة سنة 1390 هجريّة قمريّة. الطبعة الفارسيّة.
الاكثر قراءة في الشفاعة والتوسل
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة