شفاعة النبي لمن يوم القيامة ؟
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص406-407
2025-06-30
400
شفاعة النبي لمن يوم القيامة ؟
قال تعالى : {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء: 26 - 28].
الجواب / قال علي بن إبراهيم : هو ما قالت النصارى : إنّ المسيح ابن اللّه : وما قالت اليهود : عزير ابن اللّه ، وقالوا في الأئمّة عليهم السّلام ما قالوا ، فقال اللّه عزّ وجلّ إبطالا له : بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ يعني هؤلاء الذين زعموا أنهم ولد اللّه ، وجواب هؤلاء الذين زعموا ذلك في سورة الزّمر ، في قوله : لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ « 1 ».
وقال الحسين بن خالد : قال الرضا عليه السّلام عن أبيه عن آبائه عن أمير المؤمنين ( صلوات اللّه عليهم ) : « قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : من لم يؤمن بحوضي فلا أورده اللّه حوضي ، ومن لم يؤمن بشفاعتي فلا أناله اللّه شفاعتي - ثم قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم - إنما شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي ، فأمّا المحسنون فما عليهم من سبيل ».
قال : الحسين بن خالد : فقلت للرضا عليه السّلام : يا بن رسول اللّه ، فما معنى قول اللّه عزّ وجلّ : وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ؟ قال : « لا يشفعون إلا لمن ارتضى اللّه دينه » « 2 ».
وقال محمد بن أبي عمير : سمعت موسى بن جعفر عليهما السّلام يقول : « لا يخلّد اللّه في النار إلا أهل الكفر والجحود وأهل الضلال وأهل الشرك ، ومن اجتنب الكبائر من المؤمنين لم يسأل عن الصغائر ، قال اللّه تبارك وتعالى : {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء : 31] ».
قال : فقلت له : يا بن رسول اللّه ، فالشفاعة لمن تجب من المذنبين ؟
فقال : « حدّثني أبي ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم السّلام قال : سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : يقول : إنّما شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي ، فأما المحسنون منهم فما عليهم من سبيل » .
قال ابن أبي عمير : فقلت له : يا بن رسول اللّه ، فكيف تكون الشفاعة لأهل الكبائر ، واللّه تعالى ذكره يقول : وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ومن يرتكب الكبائر لا يكون مرتضى به ؟
فقال : « يا أبا أحمد ، ما من مؤمن يرتكب ذنبا إلّا ساءه ذلك ، وندم عليه ، وقد قال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : كفى بالنّدم توبة . وقال عليه السّلام : من سرّته حسنته وساءته سيّئته فهو مؤمن . فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ، ولم تجب له الشفاعة ، وكان ظالما ، واللّه - تعالى ذكره - يقول : {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر: 18] » .
فقلت له : يا بن رسول اللّه ، وكيف لا يكون مؤمنا من لم يندم على ذنب يرتكبه ؟
فقال : « يا أبا أحمد ، ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي ، وهو يعلم أنه سيعاقب عليها إلا ندم على ما ارتكب ، ومتى ندم كان تائبا مستحقّا للشفاعة ، ومتى لم يندم عليها كان مصرا ، والمصرّ لا يغفر له لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ، ولو كان مؤمنا بالعقوبة لندم ، وقد قال النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : لا كبيرة مع الاستغفار ، ولا صغيرة مع الإصرار .
وأما قول اللّه عزّ وجلّ : وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ، فإنّهم لا يشفعون إلّا لمن ارتضى اللّه دينه ، والدين : الإقرار بالجزاء على الحسنات والسيّئات ، فمن ارتضى اللّه دينه ندم على ما ارتكبه من الذنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة » « 3 » .
_____________
( 1 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 69 ، والآية من سورة الزمر : 4.
( 2 ) عيون أخبار الرضا عليه السّلام : ج 1 ، ص 136 ، ح 35 .
( 3 ) التوحيد : ص 407 ، ح 6 .
الاكثر قراءة في الشفاعة والتوسل
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة