اضطراب طيف التوحد (ASD) هو حالة مرضية تؤثر على طريقة التواصل والسلوك وفهم العالم وتظهر عادة في مرحلة الطفولة المبكرة. تشير الدراسات الحديثة إلى زيادة عدد حالات التشخيص ففي عام 2022 تم تشخيص حوالي 1 من كل 31 طفل في الولايات المتحدة مقارنة بنسبة أقل بكثير في عام 2000 ويعكس هذا التقدم في أدوات التشخيص وزيادة الوعي كما أشار تقرير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).
تلعب العوامل الوراثية دوراً كبيراً في خطر الإصابة بالتوحد حيث يُعتقد أن حوالي 80بالمئة من الخطر مرتبط بالجينات وفق دراسة نشرتها مجلة "Proceedings of the National Academy of Sciences" عام 2023. كما أظهرت دراسة أسترالية عام 2024 أن إصابة الأم بالتهابات أثناء الحمل قد تؤثر على الجينات والجهاز المناعي ما قد يساهم في ظهور التوحد ويؤكد هذا أن التفاعل بين الوراثة والبيئة معقد ويسبب اختلاف الأعراض وشدتها بين الأشخاص.
لا يوجد اختبار طبي محدد للتوحد ويعتمد التشخيص على تقييم سلوكي شامل للأطفال. وأظهرت الدراسات أن التشخيص المبكر قبل عمر سنتين ونصف يساعد الأطفال على تحسين مهارات التواصل وتقليل بعض السلوكيات الصعبة، بينما غالباً ما يتم التشخيص الفعلي عند سن الرابعة أو بعد ذلك مما يبرز أهمية وعي الأهل والمختصين بأعراض التوحد المبكرة.
على الرغم من عدم وجود علاج شافٍ للتوحد فإن التدخل المبكر يمكن أن يحسن بشكل كبير نمو الطفل. وتشمل العلاجات العلاج السلوكي المعرفي الذي يساعد على تطوير المهارات الاجتماعية والتواصلية، والعلاج الوظيفي لتحسين المهارات الحركية والقدرة على أداء الأنشطة اليومية، وأحيانًا الأدوية لعلاج أعراض مثل القلق أو فرط النشاط. أظهرت الدراسات أن العلاج السلوكي المعرفي يعزز قدرات التواصل والمهارات العقلية للأطفال المصابين مما يؤكد فعالية التدخل المبكر والدعم المنهجي.
تركز الأبحاث الحديثة أيضاً على طرق جديدة للتشخيص مثل تحليل الميكروبات المعوية عبر عينات البراز، والتي أظهرت دراسة عام 2024 أنها يمكن أن تساعد في التعرف على التوحد بدقة تصل إلى 82بالمئة لدى الأطفال الصغار بالإضافة إلى تطوير اختبارات دم للكشف المبكر عن الحالة مما يتيح التدخل المبكر وتحسين جودة حياة المصابين.
رغم كل التقدم في فهم التوحد لا يزال البحث مستمراً لفهم أسبابه وتطوير طرق علاجية أفضل. يبقى التدخل المبكر والدعم المناسب من أهم العوامل لمساعدة الأطفال والبالغين على تطوير مهاراتهم والعيش بشكل أفضل كما أن فهم المجتمع للتوحد يساعد على تقبل الاختلاف والتعامل مع المصابين بطريقة أفضل.
علينا جميعاً أن نتذكر أن الأشخاص المصابين بالتوحد يواجهون تحديات يومية ويمرون بأوقات عصيبة لذلك من المهم تقديم الدعم والصبر والوقوف إلى جانبهم سواء كأصدقاء أو أفراد من العائلة لمساعدتهم على الشعور بالأمان والانتماء وتحقيق أفضل ما لديهم من قدرات.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN