التسمم الغذائي هو مرض ناتج عن تناول طعام ملوث بالعوامل الممرضة مثل البكتيريا والفيروسات والطفيليات أو السموم الناتجة عنها. في السنوات الأخيرة أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن التسمم الغذائي يصيب حوالي 600 مليون شخص سنوياً حول العالم مما يبرز حجم المشكلة الصحية الكبرى التي تواجه المجتمعات. هذا التزايد الملحوظ في الحالات يعكس تحديات كبيرة تتعلق بسلسلة الإمداد الغذائي وأساليب التحضير.
تعود أسباب زيادة التسمم الغذائي إلى عدة عوامل، أبرزها سوء النظافة خلال تحضير الطعام. في دراسة أجريت عام 2019 حول ممارسات السلامة الغذائية في المطاعم أشار الباحثون إلى أن نحو 45 بالمئة من حالات التسمم كانت نتيجة عدم غسل اليدين أو تعقيم الأدوات بشكل صحيح. بالإضافة إلى ذلك يلعب التخزين غير السليم للطعام في درجات حرارة غير مناسبة دوراً مهماً في نمو البكتيريا الضارة مثل السالمونيلا والإشريكية القولونية وهما من أبرز مسببات التسمم الغذائي. كما أوضحت دراسة نشرت في مجلة متخصصة أن ارتفاع درجات الحرارة يسرع من نمو هذه البكتيريا مما يفسر ارتفاع حالات التسمم في الفصول الحارة.
لا تقتصر المشكلة على تحضير الطعام فقط بل تلعب الممارسات التجارية دوراً كبيراً في انتشار التسمم الغذائي. أشارت دراسة أخرى إلى أن تعرض الطعام في أماكن غير صحية وعدم الالتزام بمعايير النظافة يزيد من فرص تلوثه. كما بينت منظمة الأغذية والزراعة أن استهلاك الأطعمة النيئة أو غير المطهية جيداً خاصة المنتجات الحيوانية يمثل مصدراً رئيسياً للعديد من الأمراض المنقولة بالغذاء.
الوقاية من التسمم الغذائي تعتمد بشكل أساسي على اتباع إجراءات صحية صارمة. غسل اليدين وتنظيف الأدوات بانتظام إلى جانب الطهي الجيد وحفظ الطعام في درجات حرارة مناسبة يقلل من انتشار الجراثيم بشكل كبير. أظهرت دراسة أجريت عام 2021 أن حملات التوعية والتعليم حول هذه الإجراءات أسهمت في خفض حالات التسمم بنسبة تقارب 30 بالمئة في المناطق التي تم تطبيقها فيها. ومن الضروري أيضاً اختيار مصادر غذائية موثوقة والتأكد من صلاحية الطعام قبل استهلاكه.
تزايد حالات التسمم الغذائي يستدعي أيضاً تعزيز الرقابة الصحية على المؤسسات الغذائية. ذكرت تقارير صادرة عن مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أن تطبيق معايير صارمة في المطاعم والأسواق يقلل بشكل ملموس من انتشار التسمم. كما أكدت هذه التقارير على أهمية الحملات التوعوية المستمرة لمساعدة الجمهور على التعرف على علامات فساد الطعام والتصرف السليم عند حدوث التسمم.
في المجمل، تعد مشكلة التسمم الغذائي تحدياً صحياً عاماً يتطلب تعاوناً بين الأفراد والمؤسسات والجهات الصحية لضمان سلامة الغذاء وحماية الصحة العامة. الاهتمام بالنظافة، التخزين السليم، والتعليم الغذائي المستمر يمكن أن يقلل بشكل كبير من معدلات الإصابة بهذا المرض.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN