1

بمختلف الألوان
حاول بنو أُميَّة (لعنهم الله) بكلِّ ما يملكون من تجبّر وطغيان إركاع الثورة الحسينية بإركاع رموزها، وما انفكوا يقرعون طبول الغدر والخيانة ليجتمع الناس حولهم بغية ردع الثورة وقهر الثوار، ولكنَّ مشيئة الله كانت هي الأقوى لإعلاء كلمة الحقِّ ونصرة الدين وفضح الباطل، ومن الرموز التي حاول الأُمويون قهرها... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات اسلامية
حضورٌ بين الأرض والملكوت.. رحلة مع الإمام الباقر (ع)
عدد المقالات : 67
كان الجو حارا ،والشمس بدت أكثر قربا إلی الأرض،وهذا السيد الجليل وعلی الرغم من كبر سنه مازال يعمل في بستانه،العرق يتصبب من جبهته،والتعب غزا جسده،إنه الشاكر الهادي(الإمام محمد الباقر) وفي هذه الأثناء مرّ الرجل المتصوف(ابن المكندر) نظر إلی الإمام وحاور نفسه:شيخ قرشي يطلب الدنيا في هذا الجو الحار والله لأعظنه
فدنا من الإمام وقال له:أصلحك الله ، شيخاً من أشياخ قريش في هذه الساعة في طلب الدنيا،كيف لو جاءك الموت وأنت على هذه الحالة
فأجابه الإمام: لو جاءني والله الموت وأنا على هذه الحال ، جاءني وأنا في طاعة من طاعات الله،أكفّ بها نفسي عنك وعن الناس ، وإنّما كنت أخاف الموت لو جاءني وأنا على معصية من معاصي الله .
فقال ابن المكندر: يرحمك الله، أردتُ أن أعظك فوعظتني

كان الإمام يحب العمل ويفضله،وكان يجلس مع الفلاحين ويشاركهم الطعام والشراب،ثم يجمع ريع بساتينه فيوزعه علی الفقراء والمساكين، فسعة علمه، وغزارته،ومسؤولية نشره لم تثنه يوما عن عمله

منزله كان مفتوحا للغريب والقريب،يُذكر أن رجلا من الشام كان يتردد  علی الإمام الباقر ويقول له: أنا أبغضكم،ولايوجد أحد في هذه الدنيا أبغض إليّ منكم؛ولكني أراك رجلا فصيحا،لكَ أدب وحسن لفظ،وإنّ حضوري مجلسك هو لحسن أدبك
مرت الأيام وغاب الرجل الشامي،فافتقده الإمام،سأل عنه،فقيل له: إنه مريض
فذهب  لعيادته والسؤال عنه،وأوصاه بأكل الأطعمة الباردة،وبعد أن شُفي الرجل،أسرع إلی مجلس الإمام الباقر وقدم اعتذاره وصار من أصحابه
هكذا هم خلفاء الله في الأرض، يتفاعلون مع الحياة، يتفاعلون مع الناس،يتواصلون معهم،يشاركونهم همومهم وأفراحهم وقضايهم،ينصحون ويرشدون ويمدحون الصالح،فقد قال الإمام الباقر  لصاحبه وتلميذه(أبان بن تغلب): اجلس في مسجد المدينة وَافْتِ الناس فإنّي أحبّ أن يُرى في شيعتي مثلك.
وكان( عليه السلام) كلما رأی الكميت بن زيد الأسدي(الشاعر) قال له:اللهم اغفر للكميت .

هذا التفاعل مع الناس وقضاياهم مع ما يمتلكه الإمام من علوم ومعارف،جعله مصدر قلق للسلطة الأموية، وستبقی السلطات الغاصبة علی مر العصور تخاف من خط الإمامة،حتی وإن لم يكن لرجال هذا الخط نشاط سياسي فتفاعلهم مع الناس وإمامتهم وعلمهم،وهيمنتهم علی القلوب،تجعلهم عنصرا مُقلقا لرجال السلطة المستحوذين،المتشبثين بالدنيا،الظالمين،المصادرين لحريات الناس وحقوقهم
وعلی هذا استدعی (هشام بن عبد المللك) الخليفة الأموي  (الإمام الباقر  والإمام الصادق) إلی الشام،ليستعرض ملكه وعرشه أمامهما ولما دخلا عليه أراد أن  يجعل  الإمام في موقف السخرية والتعريض،فجمع خاصته وكبار القوم،وأعدّ مسابقة للرماية،فطلب من الإمام الباقر أن يرمي،فأجابه:إني قد كبرت عن الرمي فاعفني .
رفض هشام وأصرّ على الإمام، وأشار إلى شيخ من بني أمية أن يناوله القوس، فأخذه الإمام  وتناول سهماً فوضعه فيه وسدّد نحو الهدف فأصاب مركزه ، ثم تناول الثاني فأصاب المركز مرّة أخرى . . حتى تكاملت تسعة أسهم .
دهش هشام لبراعة الإمام ومهارته الفائقة فهتف : أجدت يا أبا جعفر ، أنت أرمى العرب والعجم
هذا وأنت تقول : كبرت عن الرمي
ثم أجلس الإمامَ عن يمينه وقال : يا محمد لا تزال العرب والعجم تسودها قريش مادام فيهم مثلك ، لله درّك مَن علّمك هذا الرمي وفي كم تعلّمته
فقال الإمام : تعلّمته أيام حداثتي ثم تركته .
فقال هشام : ما أظن أن في الأرض أحداً يرمي مثل هذا الرمي . أيرمي جعفر مثل رميك
فقال الإمام : نحن أهل بيت نتوارث الكمال والتمام الذين أنزلهما الله على نبيه (صلى الله عليه وآله ) في قوله تعالى :((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا)).
إن ردّ الإمام علی هشام بالنص والاستدلال أثار غضبه،فرد علی الإمام رافضا قوله: من أين ورثتم هذا العلم وليس بعد محمد نبي ولا أنتم أنبياء
فقال الإمام : ورثناه عن جدّنا علي ( عليه السلام ) وقد قال : علّمني رسول الله ألف باب من العلم . . ينفتح عن كل باب ألفُ باب .
فتفاقم خوف هشام،وتلاطمت أمواج الحقد الأموي،فأرجع الإمام الباقر وولده الصادق(عليهما السلام) إلی المدينة،خوفا من تعلق الناس بهما وإقبالهم عليهما.
كان الإمام الباقر يحمل هموم الناس،ويتابع احتياجاتهم،ويسعی في قضائها،يُذكر أن في زمن عبد الملك بن مروان،قد تعرض المسلمون إلی حصار اقتصادي من الروم،إذ أمر ملكهم بمنع النقود عنهم،ولم يكن للمسلمين حينها علم بضرب السكة،وكانوا يتعاملون بنقد الروم المنقوش عليه الشعار النصراني: الأب والابن وروح القدس.
وظل حينها عبد الملك في حيرة فأشار عليه بعض أصحابه باستشارة الإمام الباقر،بعث في طلبه الی الشام،وحينما وصل الإمام وعرض عليه الأمر،طلب من عبد الملك أن يرسل الی ملك الروم يستمهله مدة من الزمن،ففعل ذلك.
ثم وجهه الإمام أن يجمع الذهب والفضة من الأقاليم والأمصار، وأن يدعو في هذه الساعة الصناع، ليضربوا سككاً للدراهم والدنانير،ويُنقَش عليها سورة التوحيد،وعلی الوجه الآخر(محمد رسول الله) وحين انتهوا من ذلك مُنِعَ  التعامل بالنقد الرومي،وصار التعامل بالنقد الإسلامي.

هكذا كان الإمام الباقر قريبا من الناس،فهو بحق رجل الله ووسيلته،وهو الحلقة التي تصل بين عالم الملكوت الرحمانيّ،وعالم البشر المرحوم،فلم يترك الإمام فرصة إلا وعمل لصالح عامة الناس،حتی حين استدعاه  (هشام بن عبد الملك) الی الشام مرة أخری،وكان من عادته أن يستعرض ملكه وسلطته،فيبقي الإمام منتظرا عند أبواب القصر،وفي هذه الأثناء كان جمع من الناس يجلسون منتظرين،فسأل  الإمام عن ذلك فقالوا له : إنهم ينتظرون عالِمهم، وهو لا يخرج في العام إلا مرّة فيسألونه ويستفتونه ، فجلس الإمام معهم حتى جاء العالم النصراني ، وعندما رأى النصرانيُّ الإمامَ ( عليه السلام ) سأله : هل أنت منّا أم من هذه الأمة المرحومة
فقال الباقر ( عليه السلام ) : بل مِن الأمة المرحومة .
فقال النصراني : مِن جُهّالها أم علمائها .
فقال الإمام : لستُ من جُهّالها .
فقال العالم النصراني : لديَّ أسئلة، بدأ يسأله والإمام يرد عليه،حتی دُهش النصراني،فأعلن إسلامه أمام القوم

إن هذه المحبة وهذا الحضور،وهذه الإنسانية،وهذا التواصل الذي يتميز به الإمام الباقر،يجعلنا أمام مسؤولية كبيرة لاتخاذ منهجه ميدان عملٍ تطبيقي،ولاسيما في وقتنا الراهن المليء بالمنغصات والتعقيدات والخطابات المتنافرة  المنفِّرة،فسلامٌ علی العابد العامل العالم..."سلامٌ عليك" نبعثها ونحن نحتاج الی علمك وعملك ووجودك بين الناس،فجُد علينا وامنح المشتاق نظرة الموعود
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 11 ساعة
2025/08/13م
الإمارات بين بريق الأبراج وفراغ الإنسان الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 13/8/2025 لا يختلف اثنان على أن دولة الإمارات العربية المتحدة قد حققت نهضة عمرانية مبهرة، تجسدها أبراجها الشاهقة التي تناطح السحاب، وشوارعها العصرية الممتدة كخيوط ضوء، وتقنياتها المتقدمة التي تضيء موانئها ومطاراتها،... المزيد
عدد المقالات : 46
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 11 ساعة
2025/08/13م
حين كانت الجدران تتجسس علينا،تراقب أنفاسنا،كُنّا نرادوها عن عاداتها،فتسلّم نفسها لمشيئة الظهيرة،مختمرةً،طريةً، طيّعةً هناك حيث كانت الحياة بقيادة أمهات( معدلات يسون من الماكو اكو) فلابد أن تدبر الأم حالها وتنظم أمور المنزل،وريثما يعود الأبناء من مدارسهم أوكلياتهم،يكون الغداء قد نضج(والجدورة... المزيد
عدد المقالات : 67
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/08/12م
نجد والحجاز قراءة أكاديمية في ذاكرة الحضارة وصراع الهوية الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 11/8/2025 التاريخ ليس سردًا جامدًا للأحداث، بل هو شريان الهوية الحيّ الذي يمدّ الحاضر بمعناه، ويحفظ للأمة ملامحها وسط تقلبات الزمان. فمن خلال صفحاته تتشكل خرائط الحضارة، حين تتلاقى الشعوب وتتبادل المعارف،... المزيد
عدد المقالات : 46
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/08/12م
لكل شعب من الشعوب طقوسه الخاصة وعاداته وتقاليده التي تميزه عن غيره،وأحيانا تجمعه مع غيره من الشعوب،وفي العراق  تجد الكرم المتفرد وتشهد حالات عجيبة من الكرم وحسن الاستقبال والإيثار ولاسيما في مواسم الضيافة كأيام الزيارة الأربعينية والزيارة الرجبية وزيارة استشهاد الإمام الكاظم (ع) والزيارة... المزيد
عدد المقالات : 67
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 11 ساعة
2025/08/13م
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط التاريخ أسماءٌ كالشموس، بينما توارت في حنايا الظل أسماءٌ أُخر، لوّحتْ أقلامُها بمِدادٍ من لهيبٍ لا يقلُّ حممًا عن دماء السيوف في ساحات الوغى. أولئك كانوا حَمَلَةَ هَمِّ آل البيت الكرام، فكانت قصائدُهم صرخةَ حقٍّ تُردِّدُها... المزيد
عدد المقالات : 37
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 11 ساعة
2025/08/13م
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه، لكنه كان يعاني من فقرٍ شديد. رغم ذلك، لم يشكُ يومًا ولم يطلب من أحد، بل كان دائم التوكل على الله. في ليلةٍ شتويةٍ عاصفة، ضاعت ماشية أحد أغنياء القرية في الجبال. أرسل الرجل خدمه للبحث، لكنهم عادوا خائبين. حينها، تقدم هشام... المزيد
عدد المقالات : 12
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/08/12م
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد آلام أمةٍ وهموم وطنٍ مزقته رياحُ الظلم. إنه ليس مجرد شاعرٍ ينسج الكلمات، بل **مؤرِّخٌ للجرح** بصوته الشعبي الصادق، و**مناضلٌ بالكلمة** في ساحات المواجهة ضد الطغيان. فشعره **سيفٌ مصقول** من حقائق المعاناة، و**مرآةٌ عاكسة** لتاريخ... المزيد
عدد المقالات : 37
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ يومين
2025/08/12م
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه "يعقوب"، رجل عُرف يومًا بحكمته الراجحة ولسانه البليغ، لكنه اليوم بات شبحًا لمن كان. نشب خلاف بين تاجرين، وارتفعت الأصوات، فتوجهت الأنظار إلى يعقوب، الذي كان الحَكم في مثل هذه النزاعات. قال أحدهم: "يا يعقوب، احكم... المزيد
عدد المقالات : 12
علمية
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء السابع والثلاثون: وعي متعدد في عوالم متفرعة: الزمن والراصد في تفسير إيفرت الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي يُقدّم تفسير العوالم المتعددة رؤية جديدة لما نختبره نفسيًا في إدراكنا للزمن؛ إذ يرى أن عقلنا الواعي... المزيد
في عالم تتزايد فيه الضغوط المعيشية وتتصاعد فيه معدلات التضخم، أصبحت إدارة الراتب من أهم مهارات الاستقرار المالي للأسر والأفراد، فالكثير من الأشخاص يجدون أنفسهم في منتصف الشهر بلا سيولة كافية لتغطية احتياجاتهم الأساسية، رغم أن رواتبهم قد تبدو... المزيد
سلسلة في مفاهيم الفيزياء الجزء الخامس والثلاثون: إيفرت والخلود الكمي: بين الحياة والموت في فروع متعددة الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي 8/8/2025 لطالما أثارت ميكانيكا الكم حيرة العلماء والفلاسفة على حد سواء، لا سيما عندما يتعلق الأمر بما... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
تجربة شخصية ومراجعة علمية لحالة حنف القدم:...
محسن حسنين مرتضى السندي
2025/06/15م     
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/07/29
أصدر قسمُ الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة دليلًا قصصياً بعنوان "المهمة وقصص أخرى". ويضمّ الكتاب الذي أشرف على...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي الهادي (عليه السلام)
2025/07/29
( خيرٌ من الخيرِ فاعله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com