يُعتبر داء السكري من النوع الثاني واحداً من أكثر الأمراض المزمنة شيوعاً في العالم، ويُشكل تحدياً صحياً كبيراً بسبب مضاعفاته وتأثيره المباشر على حياة المرضى. لعقود طويلة، كان الإنسولين العلاج الأساسي عندما تفشل الأدوية التقليدية في السيطرة على المرض، لكن مع تطور الطب، ظهرت أدوية جديدة من الجيل الحديث تقدم آليات مختلفة وأكثر فعالية، قد تقلل بشكل كبير من الاعتماد على الإنسولين، وربما تجعل بعض المرضى يستغنون عنه. في البداية، كان الميتفورمين (Metformin) والسلفونيل يوريا (Sulfonylureas) والأنالوجات التقليدية للإنسولين هي الخيارات المتاحة، ولكن مؤخراً ظهرت فئات جديدة من الأدوية مثل مثبطات SGLT2 التي تعمل على زيادة إخراج الكلوكوز من الكلى عبر البول، ما يقلل من مستوى السكر في الدم بشكل طبيعي، بالإضافة إلى محفزات GLP-1 التي تحاكي هرمون GLP-1 في الجسم، مما يحفز البنكرياس لإفراز الإنسولين عند ارتفاع السكر، ويقلل من إفراز الجلوكاجون، كما تساعد في تقليل الشهية وخسارة الوزن.
وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة "New England Journal of Medicine" عام 2015، أظهرت مثبطات SGLT2 مثل كاناجليفلوزين (Canagliflozin) قدرة ملحوظة على خفض مستويات السكر وتحسين صحة القلب والكلى. وهناك أدوية أخرى في نفس الفئة مثل داباجليفلوزين (Dapagliflozin) وإمبلوفليفلوزين (Empagliflozin) التي دعمتها دراسات في مجلة "The Lancet Diabetes Endocrinology" وحققت نتائج مشجعة أيضًا.
أما محفزات GLP-1 مثل الليراكليوتيد (Liraglutide) والسيماغلوتايد (Semaglutide)، فقد بينت أبحاث منشورة في "JAMA" عام 2016 قدرتها على تحسين التحكم في السكر وخفض الوزن، بالإضافة إلى تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب. هذه الأدوية الجديدة لا تساعد فقط في ضبط مستوى السكر، بل تقدم فوائد صحية إضافية مثل تقليل الوزن وحماية القلب والكلى، إلى جانب سهولة استخدامها، إذ يمكن تناول بعضها كحبوب يومية أو حقن أسبوعية.
مع ذلك، يبقى الإنسولين ضرورياً في حالات معينة، خاصة عندما يفقد البنكرياس القدرة على إنتاجه بشكل كافٍ، ولكن في كثير من الحالات يمكن للأدوية الجديدة أن تؤخر الحاجة إلى الإنسولين أو تقللها، خصوصاً إذا تم تشخيص المرض مبكراً واتباع نمط حياة صحي.
بشكل عام، يمثل هذا الجيل الجديد من الأدوية طفرة علاجية تُقربنا أكثر من تقليل الاعتماد على الإنسولين، لكن الإنسولين يبقى علاجاً حيوياً لا غنى عنه في مراحل متقدمة من المرض، ويظل النجاح الحقيقي مرتبطاً بالتشخيص المبكر والمتابعة الدقيقة واختيار العلاج المناسب لكل حالة.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN