مرض السكري هو أحد الأمراض المزمنة التي تؤثر على حياة ملايين الأشخاص حول العالم، ويحتاج المصابون به إلى مراقبة دقيقة ومستدامة لمستوى السكر في الدم لتجنب المضاعفات الصحية الخطيرة. في السنوات الأخيرة، شهدنا تطورًا ملحوظًا في التكنولوجيا المستخدمة في هذا المجال، ما أسهم في تحسين كيفية إدارة المرض، وجعل التحكم في مستوى السكر أكثر دقة وسهولة. من أجهزة قياس السكر المحمولة إلى أنظمة المراقبة المستمرة للسكر في الدم، وصولاً إلى التطبيقات الذكية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه الأدوات جزءًا أساسيًا من روتين مرضى السكري.
في البداية، كانت أجهزة قياس السكر المحمولة هي الخيار الوحيد لمراقبة مستويات السكر في الدم، حيث يتعين على المرضى فحص مستويات السكر في دمهم عدة مرات يوميًا باستخدام الشرائح والأجهزة اليدوية. ولكن مع مرور الوقت، ظهرت أجهزة قياس السكر المستمر (CGM) التي تعمل على مراقبة مستويات السكر بشكل مستمر، وتُرسل البيانات إلى الهاتف الذكي أو الجهاز المخصص، ما يتيح متابعة الحالة الصحية على مدار اليوم. هذه الأجهزة قد أحدثت فارقًا كبيرًا في حياة المرضى، حيث وفرت لهم بيانات لحظية ومستمرة حول مستويات الجلوكوز، وبالتالي أصبح بإمكانهم اتخاذ قرارات سريعة بشأن تعديل جرعات الأنسولين أو النظام الغذائي. وفقًا لدراسة نُشرت في مجلة Diabetes Care في عام 2021، أثبتت أجهزة المراقبة المستمرة أنها فعالة في تحسين تحكم المرضى في مستويات السكر وتقليل التقلبات الحادة في الجلوكوز.
لكن التطور لم يتوقف عند هذا الحد. مع ظهور الهواتف الذكية والتطبيقات الصحية، أصبح بالإمكان ربط هذه الأجهزة ببرمجيات متطورة تساعد المرضى في مراقبة صحتهم بشكل شامل. تقدم هذه التطبيقات للمستخدمين ميزات عديدة، مثل تتبع الطعام والتوازن بين الأنسولين والكربوهيدرات، بالإضافة إلى توجيه المرضى بشأن الجرعات المناسبة بناءً على الأنماط الغذائية. وبفضل هذا التكامل بين الأجهزة والتطبيقات، أصبح المرضى قادرين على تتبع وتحليل بياناتهم الصحية بشكل دقيق، مما يسهل عليهم اتخاذ قرارات طبية أفضل. وفقًا لدراسة نشرتها مجلة Journal of Diabetes Science and Technology في 2021، أظهرت النتائج أن التطبيقات الصحية المحمولة يمكن أن تحسن التحكم في السكري وتقلل من المخاطر المرتبطة به مثل أمراض القلب.
ومع تطور الذكاء الصناعي (AI) وتعلم الآلة، أصبح لدينا أدوات أكثر تقدمًا لتحليل البيانات الصحية بشكل أكثر دقة. على سبيل المثال، يستخدم الذكاء الصناعي الآن لتحليل البيانات الضخمة المجمعة من أجهزة المراقبة المستمرة، بالإضافة إلى بيانات غذائية وحركية، لتقديم توصيات شخصية لكل مريض. هذه التوصيات قد تشمل تعديل توقيت جرعات الأنسولين، أو تغيير النظام الغذائي بناءً على أنماط سكر الدم. في دراسة نشرت في مجلة Nature Medicine عام 2020، أظهرت الأبحاث أن الذكاء الصناعي يمكنه التنبؤ بشكل دقيق بتقلبات مستوى السكر في الدم، مما يساعد المرضى على اتخاذ قرارات مبكرة قبل حدوث الاضطرابات.
رغم هذه الفوائد الكبيرة، لا تزال هناك بعض التحديات التي يجب معالجتها. على سبيل المثال، حماية البيانات الصحية أصبحت أمرًا بالغ الأهمية، حيث يجب تأمين جميع المعلومات الشخصية لضمان عدم تعرضها للاختراق. بالإضافة إلى ذلك، هناك فجوة في الوصول إلى هذه التكنولوجيا في بعض الأماكن النائية أو بين الفئات الأقل قدرة على تحمل التكاليف. علاوة على ذلك، يحتاج المرضى إلى تدريب وتوجيه مستمر لاستخدام هذه الأدوات بفعالية، خصوصًا أولئك الذين ليس لديهم خبرة كبيرة في التكنولوجيا.







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN