1

بمختلف الألوان
رِسالةٌ إلى قَلبِكَ (الرَّحمَةُ) عِندَما تَضِيقُ بِكَ الدُّنيا، وَعِندَما تَتَسَاءَلُ: أينَ الفَرجُ مَتَى تَنكَشِفُ الغُمَّةُ تَذَكَّرْ هذهِ الآيَةَ العَظيمَةَ: {مَا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ... المزيد
أخر المواضيع
الرئيسة / مقالات ثقافية
قراءة نقدية في قصة (موديل) للكاتبة المصرية ليلى حسين
عدد المقالات : 19
"موديل" قصة قصيرة للكاتبة المصرية ليلى حسين ، وجدتها بعد قراءة متأملة جديرة بالدراسة والتحليل والنقد ، بداية من العنوان "موديل" ، وانتهاء بـ "لحظة التنوير" ومشهد الذل والمهانة لـ "أمينة" إحدى شخصيات القصة.
ومثلما يصنع معظم شعراء "العالم الافتراضي" في تمردهم على القواعد الفنية وخرق الضوابط اللغوية كذلك يفعل كتَّابُ ومبدعو القصة القصيرة فلا تكاد تعثر بينهم على قاصٍ يتقيد بما يرسمه أهل النقد الأدبي من ملامح وما يرسخونه من ضوابط حول هذا الفن الأدبي شديد الصعوبة. وعلى الرغم من ذلك فلدينا بعض المعايير الأساسية التي لا يجوز على أية حال التهاون بشأنها سواء أكان هذا التهاون من المبدع أم من الناقد.
ولعل أهم هذه الضوابط والأسس في تقديري أربعة هي: "الصراع الدرامي" و "لحظة الاكتشاف" و "الحبكة" و "وحدة الانطباع".. وهذه الأربع مناط الحكم عندي على العمل القصصي. غير أن هذا لا يعني ألا يلتفت الناقد إلى عناصر أخرى بالعمل أو أن يغفل عنها كالحدث واللغة والشخصية وغيرها من عناصر أخرى نتناولها في حينها وموضعها من الدراسة.
تجري أحداث هذه القصة (موديل) في واحدة من أرقى بيئات المجتمع وهي البيئة التعليمية الجامعية ، في أكثر وحدات هذه البيئة رقياً وجمالا وهي كما بدى من الأحداث كلية الفنون الجميلة ولدي إحساس قوي قد يكون مبعثه قمصان الطلاب وعطورهم أن الأحداث جاءت في بدايات السبعينات.
وكما اختارت الكاتبة موضوع قصتها من الواقع ، اختارت شخوص القصة من الحياة أيضاً ، من داخل أسوار الجامعة. إنهم أربعون طالبأ منهم أربع طالبات فقط ، ودكتور رمضان الذي يدرسهم محاضرات الطبيعة الحية ، وعامل الكلية الموديل المحلي ، وأمينة الموديل الخارجي الأنثوي ، والكاتبة نفسها من شخوص القصة.
وقد حرصت الكاتبة منذ بداية القصة وحتى نهايتها على عرض شخصياتها واضحة من خلال الأبعاد الجسمية والاجتماعية والنفسية المختلفة. فالدكتور رمضان أستاذ جامعي "بهيئتة الغريبة" يتدحرج في مشتيه أمام الطلاب وهو رجل "مكتنز البنية أسمر البشرة" نظارته سميكة "تبتلع نصف وجهه" ، وهو "صامت دائما" "لا يبتسم مطلقا".
و"العم فولى" عامل بسيط في الكلية "داكن البشرة ..هيكل طويل جدا ، نحيل .. عظام صدره بارزة والشعر الأبيض الناعم يتوج رأسه الذي يشبه كرة البينج بينج". وهو إنسان شديد الفقر حتى أن "لباسه" مصنوع "من الدمور الرخيص" و"تتخلله بعض الرقع" فهو يعيش في عوز وحاجة اضطرَّاه إلى أن يجلس شبه عاريٍ "فى عز البرد" متربعا على الطاولة أمام الطلاب لإعادة إنتاجه من خلال لوحات فنية تنفصل عن الواقع وتتعالى فوق حقائقه ؛ من أجل "شراء وجبة لا تتغير فول وفلافل وكوب شاي أسود وسيجارة فرط".
والراوي ، فتاة ، مرحة ، شقية ، تكره الموت منذ طفولتها ، خصبة الخيال.
والزملاء بالكلية ، مجموعة من "شباب العشرين" على تواصل مع الحراك الفني المحيط بهم بحكم ثقافتهم وتعليمهم الجامعي ولديهم كشباب اهتمام بمظهرهم وأناقتهم خاصة في حضرة الجنس اللطيف ، تقول الكاتبة "قال أحدهم ليتها تشبه مارلين منرو أو إحدى الراقصات الأرمن في الأفلام القديمة....وقد زاد اهتمام كل منهم بهيئته وتهذيب شعره وسوالفه..والقمصان المشجرة تأججت بالجمال ممتزجة بعطر الياسمين والبنفسج والأربيج والأبيوم".
والموديل "أمينة" ، امرأة ، بسيطة الحال ، من قاع المجتمع ، "تمتلك عينين كاللؤلؤ الأسود تفيضان حزناً..الشفتان فقدتا بريقهما لكن يحتفظان بابتسامة رضا" ، ألجأها العوز أن تخلع طرحة شعرها و"الجلابية السودا" وتفك ضفائرها وتعرِّي كامل كتفها الأيسر وترفع قميصها حتى أعلى ساقيها وفي النهاية ، المقابل ، "تلملم من على الطاولة بعض العملات المعدنية تكفي العيش والملح وبعض الستر"
وقد جعلت القاصة من نفسها راوٍ للحدث وهذه طريقة محفوفة بالمخاطر تتطلب من صاحبها أعلى درجات الحياد ومقدرة فائقة على الانفصال التام عن العمل مخافة فرض سلطانه على الحدث واللغة. وبرغم هذه الخطورة نجد كثيرين من مبدعي القصة المعاصرة يجترؤن عليها وأكثرهم لا يفلحون.
لقد عرضت الكاتبة أحداث قصتها من خلال الـ "أنا" السردي ؛ فهي من تعرض الحدث وهي من تقدم لنا معلومات جزئية وحقائق تفصيلية داخل العمل. ومن ثم بدت وكأنها تعرض رؤيتها وفلسفتها وذكرياتها من خلال قالب أدبي يجمع بين "المقال" و "القصة" و"السيرة الذاتية". ثم إن اعتماد القاصة على "السرد" كتقنية فنية رئيسة واستخدامها ضمير الأنا السردي جعلها تفرض سلطانها وهيمنتها على هذا العمل.
ولأن الكاتبة اختارت أن تكون هي الراوي للقصة ؛ فمن الطبيعي أن تأتي لغة العمل انعكاساً كاملاً للكاتبة نفسها ؛ ومن ثم فاللغة فصحى ، بسيطة وأنيقة ، تخللتها مفردات وتعبيرات معدودات من العامية المصرية: "الكوبايه - فى عز البرد الطرحة الجلابية" جاءت اضطراراً ومناسبةً.
قصة "موديل" و"رؤية" الكاتبة:
الرؤية هي البؤرة الفكرية للعمل الفني ؛ فهي تعبر عن مفهوم الكاتب ونظرته للحياة. والمبدع الحقيقي يبلور رؤىً محددة فيما يقدمه من أعمال فنية. والقاصة ليلى حسين تناولت في قصتها مشكلتين مجتمعيتين تلميحاً وتصريحا. ففي ذكاء واضح ألمحت الكاتبة إلى شيء من التخلف المتسرطن في منظومة التعليم الجامعي من خلال إصرار الدكتور رمضان على أن يكون "الموديل فى كل محاضرة هو تمثال نصفي لبيتهوفن" ، غير أن الاطلاب لم يطل صبرهم ، و"الزملاء الشباب بدءوا التذمر والتأفف على هذا البيت هوفن الذي لا صلة بينه وبين الأحياء ولا يمت لأنفاس الطبيعة الحية من بعيد أو قريب" بصلة.
ثم إن القاصَّة مؤمنة حد اليقين بحق الفقراء في عيش كريم وهذه القضية هي قوام هذا العمل الفني الأساس لكنها ليست سوى أمنية تتحطم على عتبات واقع مترع بالمذلة والعوز. وقد جسدت الكاتبة رؤيتها تلك من خلال "الحدث" و"شخصية الموديل".
اعضاء معجبون بهذا
جاري التحميل
ثقافية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 ايام
2025/05/06م
" شعلينا بالقدس علينا بنفسنا" " فلسطين وشعارات ص.دام الي ما تخلص" " مالنا شغل بالفلسطينيين" "فلسطين مو قضيتنا" " سوالف الب.عث،مو تگلون احنا ضد ص.دام،شو نفس سوالفه" بعد هذه المقولات الجاهزة التي يرددها الشباب خلف مروجيها أبدأ مقولتي:(القدس قضية تبعا لحاملها) فذات يوم كان جيش أمير المؤمنين علي بن أبي... المزيد
عدد المقالات : 32
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 ايام
2025/05/02م
كانت مسابقة كرة القدم في دورة الألعاب الآسيوية بمثابة كاس امم اسيا حيث تشارك أغلب الدول الاسيوية بها وتكون المشاركة بالمنتخبات الوطنية حصرا واستمر الحال هكذا الى عام 1990 وقد كانت اهم مشاركتنا في هذه البطولة هي عام 1982 حيث فزنا باللقب الآسيوي في ظروف صعبة كان مدرب المنتخب عموبابا وهو مستمر مع المنتخب... المزيد
عدد المقالات : 4
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 ايام
2025/05/02م
حين نبتعد عن الأشياء التي اعتدناها وتغيب عن وجوهنا،نحنُّ إليها، نشتاقها علی الرغم من أنها كانت عادية جدا، وغير لافتة ،وأحيانا تكون مملة روتينية قبل سنوات حين كنت في نيودلهي وجدت نفسي أبحث عن التفاصيل اليومية، اشتقت إليها، اشتقت للأسواق العراقية واشتقت حتی لأصوات الباعة المتجولين، اشتقت لوجوه... المزيد
عدد المقالات : 32
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 7 ايام
2025/05/02م
عن صفحة أماني سعد: ألف التفريق أو الفارقة: هي ألف تزاد بعد واو الجماعة للتفريق بينها وبين الواو التي هي من أصل الفعل والواو التي تكون في جمع المذكّر السالم عند حذف نونه للإضافة. للتوضيح لدينا ثلاثة أمثلة: 1- كتب كتبوا - الواو هنا واو الجماعة بحاجة إلى ألف تفريق. 2- سما - يسمو - الواو هنا واو أصليّة ليست... المزيد
عدد المقالات : 765
أدبية
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/04/27م
كانَ زيدٌ رجلاً بسيطاً، يعيشُ في قريةٍ صغيرةٍ بينَ الحقولِ والجبالِ، اشتهرَ بينَ الناسِ بحكمتهِ وهدوئهِ، وكانَ يردِّدُ دائماً: الصبُر زينةُ المؤمنِ، والسَّترُ تاجُ الكرامةِ. لم يكنْ زيدٌ يشتكي منْ همٍّ ولا يشكو ضعفَهُ لأحدٍ، حتّى عندما كانتِ الرياحُ العاتيةُ تَهُبُّ على بيتهِ المتواضعِ وتكادُ... المزيد
عدد المقالات : 9
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ اسبوعين
2025/04/27م
اللقاء .. حالة وجدانية شديدة الخصوصية .. تستهوي الشعراء على تعاقب عصور الأدب ، ومهما تنوعت مذاهبهم وتباينت مشاربهم .. فينسجون حوله ، ومن أجله ، أدبيات تتفاوت جودة وتفردا. فإذا تناولنا واحدا من تلك النصوص تذوقا ونقدا فلابد من مظاهر معينة تكشف عن مواطن الجودة ، ومعايير نحتكم إليها في تحديد معالم التفرد في... المزيد
عدد المقالات : 19
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/04/21م
ـ حين كانت  الجدران تتجسس علينا،لم نجد إلا اسمك يهوِّن علينا غلظة البيوت ـ حين كانت الأمنيات تجاور النجوم،كان اسمك موطن الغنی والرضا ـ حين كنّا نری اليتامی وهم يتلعثمون إذا سألهم أحد عن آبائهم المغادرين في عتمة الليل،لم نجد إلا اسمك  يخفف عنّا سطوة التقارير والمحاجر ـ حين تصرخ الأم وهي تنظر إلی... المزيد
عدد المقالات : 32
عدد الاعجابات بالمقال :0
عدد التعليقات : 0
منذ 3 اسابيع
2025/04/21م
في قريةٍ بعيدةٍ، كانَ يعيشُ رجلٌ يُدعى سامِر، عُرِفَ بينَ أهلِ قريَتِهِ بحبّهِ لجمعِ المالِ. كانَ سامرٌ يملكُ أرضاً خصبةً، تكفيهِ لزراعةِ ما يُغنيهِ عنِ الحاجةِ، ولكنّهُ لم يكتفِ. فكّرَ سامرٌ يومًا وقالَ في نفسِهِ: "إنَّ القناعةَ لا تجلبُ الذهبَ، ولا ترفعُ شأنَ الإنسانِ بينَ أقرانهِ. سأجمعُ المالَ... المزيد
عدد المقالات : 9
علمية
هي عبارة عن فوالق طولية الشكل قوسية الامتداد ومحدودة الاتساع إذ لا يتعدى اتساعها بضعة كيلو مترات غير أنها ذات جوانب انحدارية وعميقة ويصل متوسط عمقها إلى 9000 متر تحت مستوى سطح البحر. ويرى جليشر بأنه على الرغم من أن الخوانق المحيطية لا تشكل أثر من (1)... المزيد
يفضل منظمو الرحلات تنظيم رحلاتهم السياحية للمسافرين من الأزواج والمجموعات أكثر من الأفراد، وهو ما يوضحونه خلال الأسعار المقدمة. وفي هذا الصدد استعرض تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية بعض الطرق التي يمكن من خلالها أن يسافر الشخص بمفرده... المزيد
تُعد الكيمياء الكمومية من أعقد فروع الكيمياء وأكثرها إثارة، فهي تمثل تقاطعًا فريدًا بين قوانين فيزيائية دقيقة وسلوك الجزيئات والذرات في العالم المجهري. ورغم أن هذا المجال يبدو في ظاهره بعيدًا عن التطبيقات البيولوجية، إلا أن له حضورًا مدهشًا في... المزيد
آخر الأعضاء المسجلين

آخر التعليقات
عظمة أهل البيت (عليهم السلام) وحدود القياس...
السيد رياض الفاضلي
2025/02/20م     
النخب والمفاهيم النمطية الموروثة
عبد الخالق الفلاح
2024/11/16م     
ميدان الأوّلويّات
السيد رياض الفاضلي
2024/10/14م     
اخترنا لكم
إصدارات
2025/05/04
أصدر قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة، كتابًا بعنوان "قلوب بلا مأوى". يضمّ الكتاب مجموعة قصصية إنسانية...
المزيد

صورة مختارة
رشفات
الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام)
2025/05/04
( صاحب النعمة يجب أن يوسع على عياله )
المزيد

الموسوعة المعرفية الشاملة
القرآن وعلومة الجغرافية العقائد الاسلامية الزراعة الفقه الاسلامي الفيزياء الحديث والرجال الاحياء الاخلاق والادعية الرياضيات سيرة الرسول وآله الكيمياء اللغة العربية وعلومها الاخبار الادب العربي أضاءات التاريخ وثائقيات القانون المكتبة المصورة
www.almerja.com