Logo

بمختلف الألوان
في وطنٍ تئنُّ روحه من ثِقل الأيام، وتتوقُّ أجياله إلى فجرٍ يمحو ظلام اليأس، انبعث نورٌ من قلب مدينة مقدسة، نورٌ يملأ الوطن ضياءً، وأيدٍ أمينة تعانق آماله واحلامه. سطع نور العتبة العباسية المقدسة، التي لطالما كانت مَوئِلاً للعلم والمعرفة، لتتجاوز دورها الديني وتصبح حاضنة حقيقية للطاقات الشابة،... المزيد
أخر المواضيع


مرحبا بكَ زائرنا العزيز
نتمنى أن تكون في تمام الصحة والعافية

تحذير! هل انت متأكد من حذف هذا المقال مع الردود عليه ؟
الأهداف التربوية للإمام زين العابدين في أدعية الصحيفة السجادية

منذ 5 سنوات
في 2021/03/23م
عدد المشاهدات :4735
جميل ظاهري

اقتضت الحكمة الالهية بقاء الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، حياً بعد ثورة كربلاء فكان الشاب الوحيد الذي نجا من المجزرة الرهيبة والفاجعة الدموية الوحشية التي حلَّت بأهل البيت الميامين الأطهار واصحابهم كي لينقل الصورة الحقيقية والواضحة والشفافة عن تلك الحوادث والوقائع والمصائب والإجرام البشع وانتهاك الحرمات المقدسة التي جرت في الطفوف بعاشوراء عام 61.
تمكن الامام السجاد (ع) الذي نعيش ذكرى ولادته المباركة، في تلك الظروف البالغة الحساسية والخطيرة على عهد أعتى وأقسى طغاة بني أمية وفي مقدمتهم يزيد الفاسق الفاجر حفيد هند آكلة الأكباد، من العمل على قيادة الحركة الاصلاحية للأمة الاسلامية تلك التي بدأها والده الامام الحسين (ع) وضحى بنفسه وأهله وأصحابه الميامين من أجلها وذلك وفقاً لمقتضيات المصلحة الإسلامية منذ اللحظة الأولى لوصول السبايا الى الكوفة وكانت خطوط عمله التي إنتهجها على الشكل التالي:
أولاً: عمل الامام زين العابدين (ع) عبر أساليبه وتعاليمه وأقواله وأدعيته على فضح بني أمية وإسقاط كل الأقنعة التي كانوا يغطون وجوه سياستهم الحاقدة والدموية خلفها وهذا ما يبدو لنا واضحاً وجلياً من خلال خطبه في مسيرة السبايا من كربلاء الى الكوفة والشام والعودة الى المدينة؛ بين مخاطبة ضمائر الناس عبر خطبته في الكوفة خاصة اولئك الذين خذلوا الامام الحسين (ع) بعد أن بايعوه، وبين فضح الحكم الأموي وتعرية جرائمه خلال خطبته في الشام.
ثانياً: أستعمل الامام السجاد (ع) الدعاء لنشر أهداف الثورة الحسينية الوهاجة واستغلاله لتربية الأمة الاسلامية ودفعها نحو مقارعة الكفر والانحراف والاعوجاج والظلم والطغيان الذي حل بالأمة بعد رحيل الرسول الأعظم (ص) وعانى منه والده وعمه وجده الامام علي بن أبي طالي أمير المؤمنين عليهم السلام أجمعين .
فالدعاء ركن ركين، وكهف حصين، وواحة أمان وطمأنينة في الدين الاسلامي المحمدي الأصيل يلجأ إليه الانسان المسلم عندما تداهمه الخطوب، وتنتابه العلل، وتتلبّد أمامه الأجواء فيحسّ بالاختناق في كل لحظة، ويفتش عن المتنفس، ويبحث عن (الإنعاش)، وقد أشار القرآن الكريم الى هذا المعنى حيث قال: "وَإِذا مَسَّ الإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ أَوْ قاعِداً أَوْ قائِماً.." سورة يونس: آية 12.
كما أكدت الأحاديث النبوية الشريفة التي هي تعبير عن روح القرآن الكريم على أن للدعاء أهدافاً وحكماً كثيرة لو عرفها الإنسان لاكتشف كنزاً عظيماً.. اكتشف علاجاً لمشاكل عويصة يعيشها في حياته.. وحلاًّ للمصاعب التي تعترضه.. واكتشف بالتالي شفاءً لما في صدره من الآلام والأدران.
في طليعة هذه الأحاديث ما روي عن الامام الرضا (ع) عن آبائه عن الرسول الأكرم (ص) أنه قال: "الدعاء سلاح المؤمن، وعماد الدين، ونور السماوات والأرض"( بحار الأنوار: ج90، باب فضل الدعاء والحث عليه).
إن المؤمن ليواجه في حياته مخاطر كثيرة، وذلك بسبب ضعف نفسه، لأن الإنسان خلق من ضعف وركب في ضعف (وَخُلِقَ الإِنْسانُ ضَعِيفاً)، حياته محدودة، وعمره محدود، وعلمه محدود، وأخيراً تحركه في الدنيا محدود.
ثم أن الدعاء عماد الدين كما أكدته الأحاديث النبوية الشريفة، حيث أن للدين مظهر وجوهر، مظهر الدين هو الصلاة والصيام، والحج.. الى آخر العبادات.. لكن ما هو جوهر الدين وعماده إنه الدعاء، لأن جوهر الدين هو اتصال الإنسان بالله، وعماد الدين وهو عروج الإنسان الى الله، فإن الله سبحانه وتعالى تحدث الى الإنسان عبر القرآن الكريم، ولكن كيف يتحدث الإنسان مع الله سبحانه إن مناجاة الإنسان مع ربّه هو الدعاء.
صاغ الامام علي بن الحسين (ع) أدعية عالية المضامين بوحي من القرآن الحكيم تعتبر بحق دائرة معارف عليا لجميع المعارف الإلهية، ابتداءً من معرفة الله سبحانه وتعالى ومعرفة أسمائه الحسنى، وطرق التوسل إليه، واستمراراً مع صفات الرسل وانتهاءً بتكريس الصفات الرسالية عند الإنسان المسلم كما وردت في الصحيفة السجادية أو ما تسمى صحيفة أهل البيت (ع) .
دعونا نتأمل المقطوعة التالية في التربية الأخلاقية الاسلامية التي وردت في أ؛د أدعية الصحيفة السجادية : "اللهم صلّ على محمد وآل محمد، واحجُبني عن السرف والازدياد وقوّمني بالبذل والاقتصاد، وعلّمني حسن التقدير واقبضني بلطفك عن التبذير، وأجر من أسباب الحلال أرزاقي، ووجّه في أبواب البرّ إنفاقي وأوزعني من المال ما يحدث إليّ مخيلة، أو تأدّياً إلى بغي، أو ما أتعقب منه طغياناً، اللهم حبّب إلي صحبة الفقراء، وأعنّي على صحبتهم بحسن الصبر، وما زويت عنّي من متاع الدنيا الفانية فاذخره لي في خزائنك الباقية، واجعل ما خوّلتني من حطامها وعجّلت لي من متاعها بلغة إلى جوارك، ووصلةً الى قربك، وذريعة إلى جنتك، إنك ذو الفضل العظيم وأنت الجواد الكريم".
إن التأمل في فقرات هذا الدعاء الرائع يرفع الإنسان أعلى مراتب الشعور الإنساني حيث يشعر المرء بحب الصحبة للفقراء.. والابتعاد عن أخلاق الطغاة.. وبالذات (الطغيان الناشئ من الغنى والثروة). كما يعلمنا الامام زين العابدين (ع) كيف ينبغي أن نصرف المال بدون تبذير.
لقد كان واضحاً في عصر الامام السجاد (ع) مدى الخطورة والانهيار الذي بدأ يدبّ في أوصال الأمة المسلمة في كيانها ووجودها الاجتماعي، وذلك إثر الهجوم الواسع النطاق الذي أخذ (المفسدون) والطواغيت على عاتقهم القيام به. فقد بدأ هؤلاء يشيعون ويروجون الأفكار الهدامة، ويشجعون ألوان المجون والتحلل الأخلاقي، ويخترعون كلّ وسيلة لتدمير وتفكيك البنى الاجتماعية والأسريّة.. حيث يدلنا على ذلك، ويشهد عليه ما نقله أبو الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني(ج7،ص6)، وما أورده المسعودي في مروج الذهب(ج3، ص214. وكذلك العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي)، وكذلك كانت عمليات (الإفساد الرسمي) والحفلات الماجنة، وانتهاك الحرمات نهاراً جهاراً، ممّا ينبئ بعملية (إفساد منظّم) تقف وراءها مؤسسات الدولة. إن من يطّلع على مثل تلك الصور والأرقام يدرك ما كان يجري من (فسادٍ وإفساد) وعلى مختلف الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية(العدالة الاجتماعية في الإسلام، سيد قطب) والفكرية والأخلاقية.
إذا فأن الرجوع للصحيفة السجادية يعدّ رجوعاً الى الينابيع الأصيلة والنقية. والبحث في مضامينها الراقية سواء في المجال الفكري والسياسي أو الاجتماعي أو الأخلاقي، ومحاولة استكشاف المفاهيم.
ما أجمل أن نختم الحديث عن أدعية الامام السجاد (ع) بمقطوعة رائعة من أدعيته التي تعلّم المؤمنين ـ كيف ينبغي الانقطاع الى الله والاستغناء عن الخلق والتذلل لهم.."اللهم إني أعتذر إليك من مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره ومن معروف أسدي إليّ فلم أشكره، ومن مسيء اعتذر إليّ فلم أعذره، ومن ذي فاقة سألني فلم أوثره ومن حق ذي حق لزمني لمؤمن فلم أوفره ومن عيب مؤمن ظهر لي فلم أستره، ومن كل إثم عرض لي فلم أهجره" الصحيفة السجادية: 147.

اعضاء معجبون بهذا

حين يسقط القناع: قراءة نفسية في تغيّر الصديق الطيّب
بقلم الكاتب : حنين ضياء عبدالوهاب الربيعي
كان يبدو صديقًا حقيقيًا، قريبًا للروح، تتحدث إليه فيفهمك دون أن تشرح كثيرًا. عاش بينك زمنًا من المودّة والصدق الظاهري، حتى ظننت أن صداقتكما من النوع الذي لا يتبدّل. لكنك كنتَ مخدوعًا أو بالأحرى كنت ترى الوجه الذي أراد أن يُريك إياه. فجأة تغيّر. صار يتصرف بسوء، يتحدث عنك في غيابك، يذكرك بأقبح الكلام،... المزيد
المزيد من المقالات الإجتماعية

المزيد من المقالات الثقافية

كان اسمها (زينب)  ويقال إن للإنسان نصيبا من اسمه،وهي كذلك،ترتدي الخُلق وتنطق... المزيد
ونحنُ في المشتاةِ ندعو الجَفَلَىٰ لا تُرى الآدِبَ فينا يُنتَقَرُ طرفة بن العبد... المزيد
مازلتُ غريقا في جيبِ الذكرياتِ المُرّةِ، أحاولُ أن أخمدها قليلا ؛لكنّ رأسها... المزيد
رُوَّادُ الولاء : شعراء أضاءوا بالحقِّ فطُمِسَ نورُهم لطالما تهادت على بساط... المزيد
في قريةٍ صغيرةٍ محاطةٍ بجبالٍ شاهقة، عاش رجلٌ يدعى هشام، معروفٌ بحكمته وطيب قلبه،... المزيد
في فضاءات القصيدة العراقية، ينهض فالح حسون الدراجي كصرحٍ شعريٍّ نادر، يُجسّد... المزيد
في زاوية السوق، جلس رجل أشيب، يضم كفيه الفارغتين إلى صدره كمن يحمي كنزًا لا يُرى. كان اسمه...
حين نتحدث عن الأجناس الأدبية التي تتصدر المشهد الثقافي العربي عامة، والعراقي خاصة، نُشَخِّص...
في رحاب الكاظمية المقدسة، وُلد جابر بن جليل كرم البديري الكاظمي عام 1956، ليكون نجمًا متألقًا...
كان يتذمر،والشكوی تضحك في فمه كيف يعلِّمني صبيٌّ علی كلٍّتلميذٌ صغير  وسأعيد تربيته أنا...


منذ 4 ايام
2025/11/16
احلفكم بالله ايها المحللون والاعلاميون اتركوا المنتخب العراقي وشأنه ولا تضعوا...
منذ 4 ايام
2025/11/16
سلسلة مفاهيم في الفيزياء الجزء السادس والسبعون: كون داخل الكون: العوالم المتعددة...
منذ 4 ايام
2025/11/16
منذ سنوات برزت ظاهرة من قبل بعض جماهير الاندية الكبيرة ضد نادي الزوراء وانتشرت...
رشفات
( مَن صبر أُعطي التأييد من الله )