من المعروف بان لقب الشهيد الاول في الثورة الحسينية يطلق عادة على مولانا مسلم بن عقيل وهو المشهور وهذا صحيح اذا اردنا بذلك الشهيد الاول من بني هاشم في هذه الثورة المباركة ولكننا اذا اردنا الشهيد الاول من الشهداء عموما فان رسول الحسين (عليه السلام) الى اشراف البصرة ورؤسائها هو ذلك الشهيد رضوان الله عليه والذي قتله عبيد الله بن زياد يوم ترك البصرة متوجها للكوفة وذلك بسبب وشاية وخيانة المنذر بن الجارود العبيدي وابنته بحريه بنت المنذر زوجة عبيد الله بن زياد تاريخه اسود حافل بالخيانة ففي زمن خلافة الامام علي ولاه في بعض الاعمال فخان في تلك المهمة فكتب اليه الامام علي (عليه السلام): ((اما بعد، فان صلاح أبيك غرني منك، وظننت انك تتبع هديه وتسلك سبيله، فاذا انت فيما رقى الى عنك لا تدع لهواك انقيادا، ولا تبقي لا خرتك عتادا، اتعمر دنياك بخراب اخرتك فقبل حين يصلك كتابي هذا انشاء الله)).
وقد وصفه الامام (عليه السلام): (انه لنظار في عطنيه، مختال في برديه، تفال في شراكيه) اي انه ذو زهو، معجب بنفسه ومظهره، متكبر، همه في نظافة ظاهره لا طهارة الباطن وتزكيه النفس وتهذيب المحتوى والعروج الى افاق المعنويات السامية، ولقد شفع المنذر بن الجارود خيانته في الاقوال والنفوس حيث قدم نسخه رسالة الامام الحسين (عليه السلام) اليه مع رسول الحسين(عليه السلام) (سليمان بن رزين) الى عبيد الله بن زياد تقربا اليه وطمعا في الزلفة منه وكانت مكافأة هذه الخيانة لصهره ان ولاه على منطقة السند سنة 61هـ فلم يهنأ بجائزته الا شهورا قليلة جزاء وشايته على رسول الحسين الذي صلبه ابن زياد فكان اول شهيد في نهضة الحسين(عليه السلام).
ويصل الحسين (عليه السلام) ارض الكرب والبلاء وتحل بالمسلمين الكارثة الكبرى والمصيبة العظمى التي ارتعدت لها الفرائص وتكسف شمس يوم العاشر ويغبر الافق وتعلوا الاصوات بالتكبير ويسقط الحسين ويده على قائم سيفه وتذعر الاطفال وتسبى النساء وتحرق الخيام وتجول خيول الاعداء جولة الظفر المؤقت وتنجلي الغبرة واذا بالحسين يتشحط بدم الشهادة السرمدية، ومعسكر ابن سعد تغمره فرحة النصر المؤقت ولم يبقَ امامهم الا عرض الولاء امام ابن زياد لنيل الجوائز وهاهم يحصون الرؤوس التي قطعوها ليأخذ كل قاتل رأس من قتله في تلك الساعات وارض كربلاء مصبوغة بدم الشهداء، في ذلك الجو المشحون يصل بطل مغوار قادم من البصرة، كان يجد الليل بالنهار استجابة لنداء ابي عبد الله، كان هذا البطل من الشجعان المضحين في سبيل المبدأ والعقيدة كانت له عزيمة تبعث على الاستماته في كل معركة عندما كان جنديا عند سيده ومولاه الامام علي (عليه السلام)، كان عسكريا بطلا بمعنى البطولة انه (الهفهاف بن المهند الراسبي) المولود في البصرة وكان ملازما وفيا للإمام علي (عليه السلام) ومن خيرة المبايعين، لم ير النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يحظ بالتبرك بلقائه ومجالسته، لكنه من اشد المواليين لاهل البيت (عليهم السلام)، برز اسمه في معركة الجمل سنة 36هـ حيث كان باستقبال قائد معركة الجمل ومعه جمع كثير من اقاربه لنصرة سيده ومولاه كما انه اشترك في معركة صفين وابلى بلاءً حسنا وكان اذا جلس بين يدي الامام علي (عليه السلام) لا يجلس الا بإذن منه كالعبد الذليل بين يدي مولاه، كان متمثلا لا وامره ونواهيه مطيعا له ولما استشهد الامام علي لازم الامام الحسن ومن بعده الحسين (عليه السلام).
وصل كربلاء ارض البطولة بعد صلاة العصر يوم العاشر فدخل على العسكر وامامهم عمر بن سعد فسأل القوم ما الخبر اين الحسين بن علي فقالوا له: من انت قال انا الهفهاف ابن الراسبي البصري جئت لنصرة سيدي ومولاي الحسين بن علي (عليه السلام) اخذ الاحلاف ينظر احدهم للأخر واجابه احدهم: قد قتلنا الحسين واصحابه وانصاره وكل من لحق به ولم يبقَ غير النساء والاطفال وابنه العليل علي بن الحسين.
فلما سمع بذلك صعق بالنبأ وانتضى سيفه وارتجز قائلا:-
يا ايها الجند المجند
انا الهفهاف وابن المهند
احمي عيالات محمد
ثم شد عليهم كليث العرين فلم يزل يقاتل كل من دنا منه حتى قتل من القوم جماعة وجرح آخرين وفي ذلك يرتجز بالشعر المقدم وقد اثخن بالجراح فصاح عمر بن سعد بقومه: الويل لكم احملوا عليه من كل جانب فأقبل عليه القوم من كل جانب فاحتوشوه وعقروا فرسه حتى قتلوه وخر صريع في الميدان قائلا:
عليك مني السلام يا ابا عبد الله
وقد قال عنه الامام زين العابدين (عليه السلام) مؤبنا: لم ير الناس شجاعا بعد اهل البيت كمثل هذا اللهم احشره مع ابي الحسين وال بيته (عليهم السلام).
فسلام عليك يا اول شهيد في معركة الطف الذي ورد اسمه في زيارة الناحية المقدسة السلام على سليمان مولى الحسين بن امير المؤمنين ولعن الله قاتله والسلام على آخر شهيد سقط بعد مصرع الحسين (عليه السلام)...
(( منقول ))







وائل الوائلي
منذ 3 ايام
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN