مؤسفٌ حقاً أن ينحدر المبدع - بعد عُمرٍ من المكابدة والجهد في نحت مكانةٍ ساميةٍ في قلوب الناس الى الحضيض الأرذل ، وان يرتضي لنفسه ان يكون أداةً رخيصةً لحربٍ لم يشهد العالم الحديث أبشع منها ولا أقذر ، حربٌ قذفتْ بالقيم والأخلاق والحضارة والثقافة و الإنسانية حطباً لأوارها ، ونجحت للأسف بالتهام الكثير منها وتشويه كثيرٍ آخر سيكون بحاجةٍ لسنوات طوال لإعادة ترميمه .
كتمتُ حَنَقي جاهداً وأنا أقرأ هذرهُ قبل أيام وهو يوغلُ في الانتقاص من أبرز أساطين الشعر المحكي في العراق في وضعٍ مازال فيه الأخير- يُصفح فيه صاحب الثأر عن غريمه ، إلا انه لم يخجل من تسديد طعناته لأبناء جلدته المشهورين بهذا اللون الإبداعي الضارب في أطناب الثقافة العراقية كدالةٍ جنوبيةٍ عريقة .
حينها راودني هاجسٌ بأنَّ المسألة أكبر من ان تكون محض مناكفة بين شاعرين أحدثها إختلاف الرؤى و" حسد العيشة " ، وأرجأتهُ للغد عسى أن " تبدي لي الأيام ماكنتُ جاهلا " ...
وفعلاً فقد صدقت الظنون ووقع المحظور بانكشاف النوايا التي عكست سوء عاقبةٍ وضِعة مآل ، بعد أن أطل علينا ليلة أمس الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف بنثرٍ مجٍّ أقرب للشعير منه الى الشعر ، نفث فيه سُمَّهُ على العراقيين وهم في أوج فرحتهم بنصرهم الكبير في معركتهم الإنسانية الظافرة .. نعم أقول الإنسانية ؛ لأن الحرب التي خاضها العراق نيابةً عن البشرية في هذا الكون جاءت لاستئصال هذا السرطان الكافر بكل الشرائع والاديان والمهلك للحرث والنسل أينما حلَّ وارتحل ، فاصطلمه العراقيون وقلعوا شأفته وأبادوا جمعه بشجاعتهم وصبرهم ووحدتهم ، ما أبقى للعراقيين في عنق العالم طوقاً أزلياً من الشكر والعرفان والامتنان .
هذه الحقيقة التي عمِيَّ عنها ( القرصان) بعد أن شرب من ماء ( التايمز) الذي أنساه ملوحة ماء البصرة مثلما تنكر لحلاوة رطبها ، ليتطاول وبكل وقاحة على مآذن النصر وأنبياء السواتر ، متهماً إياهم بالبربرية والهمجية وامتهان الإنسان والعمران في معركة تحرير الموصل ، متغابياً عما اقترفته زمر الإرهاب الداعشي من قتلٍ واغتصاب وسبي وتهجير ، ونسف لدور العبادة ومراقد الأنبياء ، ومحوٍ لمعالم الموصل الحضارية والتأريخية ، في تجلٍّ واضحٍ لاحتدام عُقدهِ النفسية وخرفهِ المبكّر ، الذي سلبهُ التمييز بين ( النجم والرماد) قبل أن تطفأ ( ساعته الأخيرة ) ، كما فضح طائفيته المتجذرة وكشف جلياً أكذوبة اليسار التي طبّل لها الكثيرون .
تعساً للشعر.. إن لم يكن ضمير الأمة وبوح أبنائها ، تعساً للشعراء.. ان لم يتحلّوا بأخلاق الأنبياء ويكتبوا رسائلهم بمداد الإنسانية ، عاش العراق منتصراً عزيزاً مترفعاً عن نباح أعدائه وعوائهم .







وائل الوائلي
منذ 1 يوم
"المهمة".. إصدار قصصي يوثّق القصص الفائزة في مسابقة فتوى الدفاع المقدسة للقصة القصيرة
(نوافذ).. إصدار أدبي يوثق القصص الفائزة في مسابقة الإمام العسكري (عليه السلام)
قسم الشؤون الفكرية يصدر مجموعة قصصية بعنوان (قلوب بلا مأوى)
EN