كان المجتمع البدوي يتبع نظام الأبوم (1) Patrimonial system))، فللرجل السيادة والسلطة على البيت وعلى المرأة وعلى الأولاد قبل البلوغ. ولكن مع هذه الحقوق، كانت للمرأة مكانة كبيرة تتناسب مع الخدمات التي تقوم بها، اذا نها كانت تقوم بقسط كبير من العمل في البيت، لا سيما في المجتمع القاسي الذي كان الرجال فيه يمتهنون الحرب والرعي. ثم ان المرأة هي الوسيلة الوحيدة لإنتاج الرجال الذين يزيدون قوة القبيلة في السلم والحرب. وخاصة اذا كان اولادها (نجباء) قادرين على ان يكونوا لأنفسهم مكانة مرموقة في المجتمع. ولا ريب ان المرأة كانت تقوم بنفسها بدور في الحروب، كتضميد الجرحى ورعايتهم، وتزويد المقاتلين بالزاد والماء؛ هذا الى ان المرأة قد تكون مصدر ربح لوليها الذي يأخذ عند زواجها صداقا. واخيرا فان المرأة قد توحي للشعراء بالخيال والرجال بالطموح، وقد تدخل في البيت بهجة وحياة روحية جميلة (2).

وقد أعطتها هذه الخدمات مكانة مرموقة في المجتمع. فكانت تعد من أهم عناصر الشرف، والدفاع عنها من المروءة التي تجلب الفخر. كما لا يجوز رفض من يستجير بها. ولا ادل على احترامها من مخاطبتها بالحرمة من الاحترام، وبربة البيت كدليل على تقدير مكانتها فيه :

يا ربة البيت قومي غير صاغرة       ضمي اليك رجال القوم والقربا(3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جمعة : ص12.

(2) الحوفي : الحياة العربية في الشعر الجاهلي ص157؛ وعن مساهمة نساء قريش في بدر، سيرة ابن هشام : ج3 ص5-6؛ وعن مساهمتهم في أحد ج3 ص7، 58؛ وانظر : الجزء الثاني من كتاب (الطبقات) لابن سعد.

(3) الحوفي : المرجع السابق ص155 -156؛ المرأة العربية : ص160 فما بعد.