أقرأ أيضاً
التاريخ: 2025-03-22
![]()
التاريخ: 2025-02-24
![]()
التاريخ: 2025-03-10
![]()
التاريخ: 2025-03-09
![]() |
النَّوْعُ الْحَادِي وَالسِّتُّوْنَ.
مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ والضُّعَفَاءِ مِنْ رُوَاةِ الْحَدِيْثِ (1).
هَذَا مِنْ أجَلِّ نوعٍ وأفْخَمِهِ فإنّهُ المَرْقَاةُ (2) إلى مَعْرِفَةِ صِحَّةِ الحَدِيْثِ وسَقَمِهِ ولأهلِ المَعْرِفَةِ بالحديثِ فِيهِ تصانيفُ كثيرةٌ.
مِنْها: مَا أُفرِدَ فِي الضُّعفاءِ: ككتابِ "الضُّعَفاءِ" للبخاريِّ، و"الضُّعفاءِ" للنَّسائيِّ، و"الضُّعفاء" للعُقَيْليِّ وغيرِها.
ومنها: فِي الثِّقاتِ فَحَسْبُ: ككتابِ "الثِّقاتِ" لأبي حاتِمِ بنِ حِبَّانَ.
ومنها: مَا جُمِعَ فِيهِ بَيْنَ الثِّقاتِ والضُّعفاءِ: ك"تأريخِ البُخَارِيّ"، و"تاريخُ بنُ أبي خَيْثَمَةَ" - وما أغْزَرَ فَوَائِدَهُ -، وكتابِ "الجَرْحِ والتَّعديلِ" لابنِ أبي حاتِمٍ الرَّازِيِّ (3).
رُوِّينا عنْ صالحِ بنِ محمدٍ الحافظِ جَزَرَةَ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ تكَلَّمَ فِي الرِّجَال: شُعبةُ بنُ الحَجَّاجِ، ثُمَّ تَبِعَهُ يَحْيَى بنُ سعيدٍ القَطَّانُ، ثُمَّ بَعْدَهُ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ، ويَحْيَى بنُ مَعِينٍ (4). وهؤلاءِ قلتُ: يعني أنّهُ أَوَّلُ مَنْ تَصدَّى لِذلِكَ وعُنِيَ بِهِ وإلاّ فالكلامُ فيهِم (5) جَرْحاً وتَعديلاً مُتقدِّمٌ ثابتٌ عنْ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلم - ثُمَّ عَنْ كثيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ والتابعينَ فمَنْ بَعْدَهم وجُوِّزَ ذَلِكَ صَوناً للشَّريعةِ ونَفْياً للخطأِ والكَذِبِ عَنْهَا(6).
وكما جازَ الجَرْحُ فِي الشُّهودِ جازَ فِي الرُّواةِ. وَرُوِّيتُ (7) عَنْ أبي بَكْرِ بنِ خَلاَّدٍ قَالَ: قلتُ ليَحْيَى بنِ سعيدٍ: أما تخشَى أنْ يكونَ هؤلاءِ الذينَ تركتَ حديثَهم خُصَماءَكَ عِنْدَ اللهِ يومَ القيامةِ؟ فَقَالَ: لأَنْ يكونوا خُصَمَائي أحَبَّ إليَّ مِنْ أنْ يكونَ خَصْمي رسولَ اللهِ - صلى الله عليه [وآله] وسلم - يَقُولُ لي: ((لِمَ لَمْ تَذُبَّ الكَذِبَ عَنْ حديثي)) (8).
ورُوِّينا أَوْ بَلَغَنا أنَّ أبا ترابٍ النَّخْشَبِيَّ (9) الزاهدَ سَمِعَ مِنْ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ شيئاً منْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: ((يا شيخُ! لا تغتاب (10) العُلَمَاءَ. فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! هَذَا نَصِيحَةٌ لَيْسَ هَذَا غِيبَةً)) (11).
ثُمَّ إنَّ عَلَى الآخِذِ فِي ذَلِكَ أنْ يتَّقيَ اللهَ تباركَ وتعالى وَيَتَثبَّتَ ويَتوقَّى التَّساهلَ كَيْلا يَجْرَحَ سَلِيماً ويَسِمَ بريئاً (12) بسِمَةِ (13) سَوْءٍ يَبْقَى عَلَيْهِ الدهرَ عَارُهَا(14). وأحسبُ أبا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الرحمنِ بنَ أبي حاتِمٍ وَقَدْ قِيلَ: إِنّهُ كَانَ يُعَدُّ مِنَ الأبدالِ منْ مِثلِ مَا ذَكَرناهُ خافَ، فِيْمَا رُوِّيناهُ أَوْ بَلَغَنا (15) أنَّ يوسُفَ بنَ الحُسَينِ الرازيَّ وَهُوَ الصُّوفيُّ دَخَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَقرأُ كتابَهُ فِي "الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ". فَقَالَ لَهُ: كم مِنْ هؤلاءِ القَوْمِ قَدْ حَطُّوا رواحِلَهم فِي الجنَّةِ منذُ مئةِ سنةٍ ومئتي سنةٍ وأنتَ تَذْكُرُهُمْ وتغتابهم؟ فَبَكَى عَبْدُ الرَّحمنِ(16). وبَلَغَنا أَيْضَاً أنَّهُ حُدِّثَ، وَهُوَ يَقْرأُ كتابَهُ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ عَنْ يَحْيَى بنِ مَعِينٍ أنّهُ قَالَ: ((إنا لَنَطْعُنُ عَلَى أقوامٍ لعلَّهم قَدْ حَطُّوا رِحَالَهم فِي الجنَّةِ منذُ أكثرَ مِنْ مئتي سنةٍ)). فَبَكى عَبْدُ الرحمنِ وارتَعَدَتْ يَدَاهُ حَتَّى سَقَطَ الكتابُ منْ يَدِهِ(17).
قلتُ (18): وَقَدْ أخطأَ فِيهِ غَيْرُ واحدٍ عَلَى غَيْرِ واحدٍ فجَرَحُوهُم بما لا صِحَّةَ لَهُ.
ومِنْ ذَلِكَ: جَرْحُ أبي عَبْدِ الرحمنِ النَّسائيِّ لأحمدَ بنِ صالحٍ وَهُوَ حافظٌ إمامٌ ثِقَةٌ (19) لا يَعْلَقُ بِهِ جَرْحٌ أخرجَ عَنْهُ البُخَارِيُّ فِي "صحيحِهِ". وقدْ كَانَ منْ أَحْمَدَ إلى النَّسائيِّ جَفاءٌ أفسَدَ قلبَهُ عَلَيْهِ. وَرُوِّينا عَنْ أبي يَعْلَى الخليليِّ الحافظِ قَالَ: ((اتَّفقَ الحُفَّاظُ عَلَى أنَّ كلامَهُ فِيهِ تحامُلٌ ولا يَقْدَحُ كلامُ أمثالِهِ فِيهِ)) (20).
قلتُ: النَّسائيُّ إمامٌ حُجَّةٌ فِي الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ، وإذا نُسِبَ مِثْلُهُ إلى مثلِ هَذَا كَانَ وَجْهُهُ أنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبدِي مَسَاوِيَ (21) لها فِي الباطنِ مَخارِجُ صَحِيْحَةٌ تُعْمَى عَنْهَا بحِجابِ السُّخْطِ، لا أنَّ ذَلِكَ يقعُ منْ مثلِهِ تَعَمُّداً لِقَدْحٍ يَعْلَمَ بطلانَهُ (22)، فاعلمْ هَذَا فإنَّهُ منِ النُّكَتِ النَّفيسةِ المهمّةِ.
وَقَدْ مَضَى الكلامُ فِي أحكامِ الجَرْحِ والتَّعدِيلِ فِي النَّوعِ الثَّالِثِ والعشرينَ، واللهُ أعلمُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر في ذلك: الإرشاد 2/ 772 - 786، والتقريب: 197 - 198، والمنهل الروي: 137، واختصار علوم الحديث: 242 - 243، والشذا الفياح 2/ 739 - 743، والمقنع 2/ 657 - 661، وشرح التبصرة والتذكرة 3/ 277، وفتح المغيث 3/ 314 - 330، وتدريب الراوي 2/ 368 - 370، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي 270، وفتح الباقي 3/ 259 - 263، وتوضيح الأفكار 2/ 500 - 502.
(2) المرقاة - بالفتح والكسر - الدّرجة، يقال: ترقّى في العلم، أي: رقي فيه درجةً درجة، انظر: اللسان 14/ 332.
(3) انظر كلاماً نافعاً عن هذه الكتب: بحوث في تاريخ السّنّة 90 - 123.
(4) الجامع لأخلاق الرّاوي وآداب السامع (1612)، وراجع المحاسن 589.
(5) في (ع) والتقييد: ((فيه)) وما أثبتناه من النسخ و (م) والشذا.
(6) راجع شرح التبصرة والتذكرة 3/ 279.
(7) في (ب): ((روينا)).
(8) أورده ابن عدي بسنده في مقدمة الكامل 1/ 186، والخطيب في الكفاية: (90 ت، 44 هـ).
(9) هو أبو تراب عسكر بن الحصين النخشبي، توفّي سنة (245 هـ)، انظر السير 11/ 545.
(10) هكذا في الأصول الخطية و(م) و(ع) والشذا والكفاية (92 ت، 45 هـ) والمقنع 2/ 659، وشرح التبصرة 3/ 279، ومثله في طبقات الحنابلة 1/ 249. وظاهر السياق أنه نهيٌ فالقياس: ((لا تغتب)). وجاء في حاشية المحاسن 590: ((أنّ توجيهه أن تكون لا: نافية، خرجت إلى النهي)). وضبط النص في التقييد هكذا: ((لا تغتابُ العلماءُ)) ضبط قلمٍ، وجاءت الرّواية في اختصار علوم الحديث 2/ 666 بلفظ: ((أتغتاب العلماء؟!)). وفي فتح المغيث 3/ 266 بلفظ: ((لا تغتب الناس)). وفي تدريب الرّاوي 2/ 399 بلفظ: ((لا تغتب الْعُلَمَاء))، وقارن بحاشية محقق الرفع والتكميل: 54.
(11) أخرجه الخطيب في الكفاية: (92 ت، 45 هـ)، وراجع المحاسن: 590.
(12) في (ب) و(ع) والتقييد: ((برياً)) بتسهيل الهمزة وتشديد الياء، وهو جائز أيضاً.
(13) في (م): ((بسمعة)).
(14) قال ابن دقيق العيد في الاقتراح: 344: ((أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس المحدّثون والحكّام)).
(15) في (ع) والتقييد: ((بلغناه)).
(16) أخرج هذه القصّة الخطيب في الكفاية: (82 - 83 ت، 38 هـ) وتكملة القصة كما في الكفاية: ((فبكى عبد الرحمن وقال: يا أبا يعقوب لو سمعت هذه الكلمة قبل تصنيفي هذا الكتاب لما صنّفته)).
(17) أخرجها الخطيب في الجامع (1613).
(18) في (ع) والتقييد: ((قال المؤلّف)).
(19) في (ع) والتقييد: ((وهو إمام حافظ ثقة)).
(20) الإرشاد 1/ 424.
(21) في (ع): ((مساوئ)) بالهمز؛ وكلاهما جائز كَمَا تقدّم، ثمّ إنّ هَذَا الكلام إشارة إلى قَوْل الشّافعيّ: وعين الرّضا عن كلّ عيبٍ كليلةٌ ... ولكنّ عين السّخط تبدي المساويا
(22) انظر: المحاسن: 591.
|
|
لشعر لامع وكثيف وصحي.. وصفة تكشف "سرا آسيويا" قديما
|
|
|
|
|
كيفية الحفاظ على فرامل السيارة لضمان الأمان المثالي
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تجري القرعة الخاصة بأداء مناسك الحج لمنتسبيها
|
|
|