يتميز النهر في هذه المرحلة في توسيع مجراه بينما تتناقض قدرته على تعميقه ويزداد وضوح تعرجاته بسبب تزايد نشاط النحت في جوانبها المقعرة وتزايد الارساب على جوانبها المحدبة التي يهدأ أمامها التيار وتتحول هذه التعرجات بالتدريج إلى منحنيات تفصل بينها السنة رسوبية منحدره يطلق عليها تعبير منحدرات الانزلاق وفي مقابل كل لسان منها تتكون حافة قائمة نتيجة للتأكل المستمر في أجزائها السفلى بواسطة المياه، ويطلق على هذه الحافة اسم الحافة النهرية، ونتيجة لاستمرار نشاط النحت الجانبي يزداد اتساع المنحنيات التي تتزحزح بالتدريج نحو المصب نتيجة لتأكل أجزائها المواجهة للتيار، كما تتناقص أحجامها لنفس السبب حتى تتلاشى ولا تبقى منها إلا تلالا منعزلة، ويترتب على زحف المنحنيات نحو المنصب، مع تأكل منحدرات الانزلاق، وتراجع الحافات النهرية بعيداً عن المجرى أن يتسع السهل الفيضي ويستوي سطحه تقريباً وأهم ما يميز النهر في هذه المرحلة ما يلي :

1ـ وادي النهر أكثر اتساعاً نظراً لأن النحت الجانبي يزداد قوته. يصبح يقل الانحدار فتتناقص سرعة التيار عنها في مرحلة الشباب. يزداد وضوح منعطفات الشباب فتبرز الضفاف المقعرة قائمة مكونة جروف نهرية بينما تنحدر الضفاف المحدبة انحداراً هيناً مكونة السفوح رسوبية وفي أواخر هذه المرحلة يتسع السهل الفيضي ويستوي سطحه تقريباً وتكون حدود الحافات النهرية التي تكون قد ابتعدت كثيراً عن النهر وعند بدء مرحلة النضج يكون كل السطح الأصلي قد زال تقريباً، وتكون قمم الأراضي المرتفعة التي تفصل بين الأنهار والأحواض المتجاورة مائلة للاستدارة ويؤدي تأكلها إلى انخفاض سطحها وفي هذه المرحلة الأولى تكيف الأنهار نفسها مع التركيب الجيولوجي للمنطقة حيث أن مجاريها تكون محفورة في طبقات هذا التركيب، وفي هذه المرحلة تصل كل المجاري النهرية حتى الصغيرة منها إلى مرحلة التعادل كما يتميز مجري النهر في هذه المرحلة باعتدال تياره، وانحداره وهدوء سرعة جريانه، كما تقل تبعاً لذلك درجة النحت الرأسي وذلك لأن منسوب النهر لا يكون على ارتفاع كبير بالنسبة لمستوى سطح البحر مستوى القاعدة العام. ويلاحظ أن جميع أنهار العالم لا تعمق مجاريها وفقاً لمنسوب واحد معين بل يعمل معظمها وخاصة الأنهار الرئيسية التي تصب في البحار الواسعة حسب مستوى القاعدة العام، في حين ينحت بعضها الآخر مجاريها رأسياً تبعاً لمستوى القاعدة المحلي والذي يكون أكثر ارتفاعاً أو انخفاضاً عن مستوى القاعدة العـام وتبعاً لفعل كل من التعرية الرأسية والتعرية الجانبية النهرية في هذا القسم من حوض النهر، تتكون عدة ظواهر خاصة مميزة يمكن إيجازها فيما يلي :

ا. تكوين المجاري النهرية الرئيسية : Master Streams.

تبعاً لتنوع التركيب الصخري يختلف مدى تعمق المجاري النهرية في الصخور من مكان إلى آخر ومن ثم نلاحظ فوق المنحدر الواحد بعض الأنهار التي تتميز بعظم عمقها وارتفاع جوانبها الحائطية في حين يبدو بعضها الآخر أقل عمقاً، ونتيجة لاستمرار عمليات النحت الرأسية النهرية الشديدة في مناطق الضعف الجيولوجية قد تنجح المجاري النهرية العميقة في جمع الأودية النهرية الأقل عمقاً وضمها داخل واديها.

ب. ذبذبة خط تقسيم المياه Shifting of divides

يقصد بمناطق تقسيم المياه تلك الأراضي العالية المنسوب والتي تفصل بين أعالي نهرين مختلفين ينحدران في اتجاهين متضادين. ويلاحظ أن خطوط تقسم المياه بين هذه الأودية لا تبقى في مكانها ثابتة دون تغيير، بل كثيراً ما تتذبذب مواقعها حسب سرعة التعرية النهرية، ومدى تأكل جانبي خط تقسيم المياه فإذا كان هناك نهراً على جانب خط تقسيم المياه أعظم قوة ونحتاً من النهر في الجانب الأخر وكليهما ينحت مجراه بشدة فإن خط تقسيم المياه يتميز في هذه الحالة بتغيره الدائم ويتجه أو يتغير بشدة صوب النهر الأقل عمقاً تبعاً لشدة التعرية الجانبية للنهر النشيط على الجانب الأخر من خط تقسيم المياه.

ج . الأسر النهر River Capture.

تظهر عمليات الأسر النهري في القسمين الأعلى والأوسط من حوض النهر في حالة كون مجرى النهر في مرحلة الشباب ويطلق على النهر الأسر أسم Capturing والمأسور أسم Dinvertedst ويعمل النهر الأسر تبعاً لمستوى قاعدة أعظم عمقاً من الأنهار الأخرى المجاورة. كما يقصد بالأسر النهري سيطرة الأنهار الكبيرة على روافد جيرانها الأصغر وتحويل مياهها إليه .