كما أن بداية الفيلم هي القسم الوحيد الذي يسمح فيه المتفرج لكاتب السيناريو باستخدام المصادفات. والواقع أن المصادفة هي عدو لكاتب السيناريو الذي يجب أن يحرص دائماً على الإيحاء أن لكل ما يحصل في الفيلم سبب يجعله يحصل في هذا الوقت المحدد بالذات. بالمحصلة، يمكن للمتفرج أن يقبل لقاء شخصين مصادفة في بداية الفيلم بطريقة تسمح بإطلاق الحبكة. أما إذا عرضت بطل فيلمك لخطر داهم ثم ظهر كالسحر في اللحظة الحرجة شخص لم نره في الفيلم منذ ما يزيد عن ساعة، فإن ذلك لن يلقى صدى حسناً لدى المتفرج.

يستخدم في وصف هذا الأسلوب في كتابة السيناريو مصطلح " ex dues machina "الذي يعود في أصله إلى التقليد المسرحي القديم: عندما يشارف البطل على الموت فينحدر الإله من السماء على عربته كي ينقذ ذلك المسكين من الموت المحقق. وعلى الرغم من أن هذا الأسلوب كان يلقى التقدير من قبل، إلا أننا لا ننصح باللجوء إليه اليوم.

يقدم لنا، على سبيل المثال، جان بيير مليفيل في فيلم "Rouge Cercle Le " مشهداً كان يمكن أن يكون قمة في التشويق. كوري رجل عصابات في طريقه من مرسيليا إلى باريس وبرفقته في صندوق سيارته مجرم تلاحقه الشرطة. كانت السيارات المتوقفة أمام حاجز تخضع لتفتيش دقيق. يحافظ كوري على هدوئه عندما يطلب رجل شرطة منه أن يترجل من سيارته كي يفتح صندوقها الخلفي. يبلغ التوتر ذروته. إذ كيف سيتصرف؟ يقترب كوري من صندوق السيارة ولكنه يتذرع أنه أخطأ المفتاح. نشعر في هذه اللحظة أن حجته لن تكون كافية. ولكن، وفي اللحظة التي يبدو فيها كل شيء على وشك الانقلاب، يستدعي الشرطي زميل له كان يواجه بعض المتاعب مع سائق سيارة نقل فيبتعد ويتابع كوري طريقه بهدوء فيما يقول المتفرج في نفسه: «يا لها من مصادفة».