يعرض الفصل الأول نوع الفيلم أولاً والحقبة الزمنية التي تدور فيها أحداثه والمكان الذي تجري فيه الأحداث. إذ يجب أن يدرك المتفرج منذ الدقائق الأولى أن ما يشاهده هو فيلم وسترن أو فيلم كوميدي حول عالم الأزياء... يمكن للمرء أن يعرف هذه المعلومات بسهولة بالغة من خلال قراءة مقالات نقدية وبإجراء قليل من البحث. ولكن ماذا لو لم يفعل ذلك؟

إن ملكاتك هي الكفيلة بكتابة مواقف تثير فضول القارئ وتجعله يعيش في العالم الذي يصنعه فيلمك. إن كتابة سيناريو تدور أحداثه في عصرنا الحاضر هو، بالضرورة، أكثر سهولة من كتابة سيناريو فيلم حول العصور القديمة الرومانية. ولك أن تتخيل مدى التعقيد الكامن في كتابة فيلم تدور أحداثه بعد ٢٤٠٠ سنة من اليوم حيث يكون عليك أن تخترع كل شيء وأن تصف كل شيء كي يكون القارئ قادراً على فهم ما يحدث.

عندما يقول شاب يجلس في مدرجات حلبة تزلج شبه خاوية في بداية فيلم "Story Love "لآرثر ميلر الكلمات التالية: «كانت جميلة، وذكية بصورة مذهلة. كانت تحب موزارت والبيتلز وكانت تحبني»، يفهم القارئ تماماً أنه في صدد قراءة ميلودراما، قصة حب حزينة بين شابين سيفرقهما الموت.

ونشاهد في بداية فيلم "Rosetta "للأخوين داردن شابة تعمل في مصنع. ولا تدع الصفحات الأولى من السيناريو أي مجال للشك في أن الفيلم متجذر بعمق في الواقع الاجتماعي ويوشك أن يكون فيلماً وثائقياً.

وهكذا، يكون الديكور والأزياء والحقبة التي تدور فيها أحداث الفيلم العناصر الأولى التي يميط العرض التمهيدي اللثام عنها. وعلى الرغم من أنه يمكن تصور فيلم وسترن هو أيضاً فيلم كوميدي ("Saddles Blazing(" أو فيلم خيال علمي مضحك للغاية ("Black In Men "لباري سوننفيلد)، إلا أن ذلك هو مجرد استثناء فيما تبقى الأنواع السينمائية المتمايزة راسخة جداً في التقليد السينمائي.

تعد قصص الحب من الأمور المبتذلة في السينما، إلا إذا كانت فصول قصة الحب التي ترويها تجري في باريس عام ١٧٨٩ حيث تأخذ حينئذ سعة مختلفة تماماً. وهو المبدأ الذي انطلق منه فيلم "Dreamers The "لبرناردو بيرتولوتشي الذي تجري فصوله في باريس خلال أحداث أيار ١٩٦٨

يروي فيلم «متاهة فاونو»   لغويليرمو ديل تورو مغامرات شابة إسبانية عام ١٩٤٤ في خضم الحرب العالمية الثانية في ظل ديكتاتورية فرانكو. إن الخيار الزمني والجغرافي الذي اتخذه كاتب سيناريو الفيلم لم يكن عبثياً.

وبالطريقة نفسها، يصور فيلم "Sauvages Roseaux Les "لأندريه تيشينيه قصة عدد من المراهقين الذين يكتشفون الحب في فرنسا عام ١٩٦٢ وهذه المرة نحن في صدد حرب الجزائر التي تشكل إطاراً تاريخياً للفيلم، الأمر الذي سوف يحدث ارتكاسات عميقة في نفس كل من يشاهد الفيلم.

للسياق التاريخي والاجتماعي لفيلمك أهمية كبيرة وهو ما يستهدفه الفصل الأول. ويمكن لتحقيق ذلك أن تكتب عبارة على الشاشة تشير إلى هذا السياق.

١ /خارجي- الشانزيليزيه- صباحاً

جادة الشانزيليزيه، التي يستطيع المرء أن يميز قوس النصر فيها من مسافة بعيدة، غارقة في الضباب الصباحي. الجادة مقفرة تماماً ويعم فيها صمت مطبق.

فجأة يسمع صوت هدير، ثم تبدأ دبابة يعلوها صليب معقوف صعودها البطيء في الجادة تتبعها دبابات أخرى. تظهر العبارة التالية على الشاشة: "باريس- حزيران ١٩٤٠