المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 5832 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإمام عليٌ (عليه السلام) حجّة الله يوم القيامة
2024-04-26
امساك الاوز
2024-04-26
محتويات المعبد المجازي.
2024-04-26
سني مس مربي الأمير وزمس.
2024-04-26
الموظف نفرحبو طحان آمون.
2024-04-26
الموظف نب وعي مدير بيت الإله أوزير
2024-04-26

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


المصادر الدينية لدراسة أوضاع شبه الجزيرة العربية  
  
3704   04:12 مساءً   التاريخ: 26-8-2018
المؤلف : لطفي عبد الوهاب
الكتاب أو المصدر : العرب في العصور القديمة
الجزء والصفحة : ص159- 194
القسم : التاريخ / احوال العرب قبل الاسلام / عرب قبل الاسلام /

المصادر الدينية

إذا كانت الآثار التي تركتها مجتمعات شبه الجزيرة العربية هي السجل الفعلي الذي نعرف من خلاله ما أنجزته هذه المجتمعات "في حدود ما نعثر عليه من هذه الآثار"، وإذا كانت النقوش التي خلفها بعض أفراد أو فئات من هذه المجتمعات تعرفنا بما ذكره هؤلاء عن أنفسهم أو عن ظروفهم ومواقفهم وعلاقاتهم، فإن نوعا آخر من المصادر يعطينا زاوية أخرى أساسية للتعرف على مجتمعات شبه الجزيرة في الفترة السابقة لظهور الإسلام، وهذا النوع هو المصادر التي وصلتنا عن طريق التدوين الكتابي، والتي فيها ذكر لأحوال هذه المجتمعات.

وينقسم هذا النوع من المصادر إلى قسمين رئيسيين: أولهما ديني، ويضم القرآن الكريم والتوراة، اللذين وصلا إلينا في هذه الصورة المكتوبة، ثم الأفكار الوثيقة الصلة بهذين الكتابين المنزلين، وهي الحديث الشريف الذي يضم مجموعة التعليمات والتعليقات التي نطق بها الرسول -صلى الله عليه [وآله] وسلم- وتنوقلت عن طريق الرواية حتى تم تدوينها فيما بعد، ثم التلمود الذي يمثل مجموعة الأحكام والشروح والروايات المتصلة بالتوراة التي تواترت هي الأخرى شفاها بعض الوقت ثم سجلها بعض أحبار اليهود كتابةً بعد ذلك. أما القسم الثاني من هذه المصادر التي وصلتنا عن طريق التدوين الكتابي فهي الكتابات التي تركها لنا الأقدمون من المؤرخين والجغرافيين والرحالة وكتاب الموسوعات العلمية وغيرهم من أصحاب القلم.

1- القرآن الكريم:

وأتحدث في هذا الباب من الدراسة عن أول هذين النوعين من المصادر وهو المصادر الدينية، وفي مقدمتها يأتي القرآن الكريم، فهو كلام الله الذي لا يرقى إليه الشك من جهة، ثم هو الكتاب الذي لم يتطرق إليه تبديل أو تحريف على مر العصور من جهة أخرى. وربما ذهب بعض الباحثين إلى أن القرآن الكريم، رغم ما يرويه من أحداث ومواقف تاريخية، لا يهدف في المقام الأول إلى تسجيل تاريخ المجتمعات القديمة في حد ذاتها، وإنما يستهدف إرساء القيم الروحية التي تربط الإنسان بالله، والقيم الاجتماعية التي تنظم علاقة الإنسان بالمجتمع، ومن ثم فإن الأحداث أو المواقف التي يرويها لا تعدو أن تكون أمثلة هدفها الحقيقي هو إظهار العبرة المستفادة من تاريخ هذه المجتمعات. وهكذا جاءت بعض الإشارات التاريخية في القرآن الكريم مقتضبة أو عابرة أو جاء تصويرها بشكل يمتزج فيه تسجيل الحدث أو الموقف بالعرض الوجداني له.

وأود أن أرد على هذا الانطباع السائد بين بعض الباحثين من ناحيتين، تتصل إحداهما بالشكل وتتصل الأخرى بالمضمون. وفيما يتصل بالشكل فإن الإشارة المقتضبة أو العابرة إلى بعض الأحداث أو المواقف لا ينتقص من قيمتها في شيء، فالمصادر جميعا وحدة متكاملة، تتساند فيما بينها في استكمال الحقيقة التاريخية، سواء أكانت هذه المصار آثارًا أم نقوشًا أم كتبًا سماوية أم كتاباتٍ تاريخية أم غيرها، بل إن سطرا واحدا أو عدة كلمات من سطر نعثر عليه في أحد هذه المصادر قد تستكمل لنا حقيقة ناقصة أو تقدم تصورا جديدا لهذه الحقيقة أكثر اقترابا إلى الصواب. كذلك فيما يتصل بالشكل فإن المصدر التاريخي ليس من اللازم في كل الأحوال أن يكون سجلا مباشرا للأحداث أو المواقف، بل ربما كان الاستنتاج غير المباشر هو السبيل الوحيدة الواردة أمام الباحث في كثير من الأحيان، ودور الباحث هو أن يستخلص الحقيقة التاريخية التي يبحث عنها من الإطار الذي جاءت ضمنه أو الصورة التي عرضت بها. فقد تأتي الحقيقة متناثرة داخل عدة نصوص دينية أو قانونية أو سياسية أو قصصية أو غيرها، كما قد تعرض في صورة تقريرية أو تقديرية أو يمتزج فيها العرض التقريري بالعرض الوجداني أو حتى قد يداخلها الخيال في بعض الأحيان دون أن يقف هذا عائقا حقيقيا أمام استخلاصها.

وأما فيما يتعلق بالمضمون فإن القرآن الكريم، إلى جانب قداسة إشارته إلى كل الحقائق، فإنه يشير إلى عدد من الأحداث والمواقف الخاصة بمجتمع شبه الجزيرة العربية، والمعاصرة لنزوله أو التي سبقت ذلك بوقت قصير أو طويل ولكنها كانت لا تزال موجودة، بدرجات متفاوتة بين التعميم والتفصيل في وعي سكان شبه الجزيرة، ومن ثم فإن القرآن الكريم يبين لنا بشكل نابض مدى انفعال هذا المجتمع بهذه الأحداث والمواقف. كذلك فإن القرآن الكريم في محاولته تصحيح عدد من الأوضاع والممارسات التي كانت سائدة في المجتمع الجاهلي عند نزوله يعطينا فكرة واضحة عن هذه الأوضاع والممارسات وعن الدوافع التي أدت بهذا المجتمع إلى اتخاذها طريقا له وإلى التمسك بها والمجادلة عنها والتعنت في سبيل المحافظة عليها. وهي دوافع يسهب القرآن الكريم في عرضها وتفصيلها؛ ومن ثم يحصل الباحث على صورة تاريخية حية للصراع الذي شهده هذا المجتمع في نهاية العصر الجاهلي بين أسلوبين للحياة، أحدهما هو ما كان قائما فعلا والآخر هو ما كانت الدعوة الإسلامية بسبيل تقديمه.

أ- أمثلة لأقوام شبه الجزيرة في القرآن:

وفي الواقع فإن القرآن الكريم تعرض لأحوال المجتمع أو المجتمعات التي كانت موجودة في شبه الجزيرة العربية وألقى أضواء على عديد من جوانبها وسأكتفي هنا، على سبيل المثال لا الحصر، بالإشارة إلى عدد من هذه الجوانب. فقد عرفنا القرآن الكريم بعدد من الأقوام التي كانت موجودة في شبه الجزيرة، فإلى جانب قريش التي كانت موجودة وقت نزوله في أوائل القرن السابع الميلادي -واستمرت بعد ذلك- كانت هناك أقوام أخرى سابقة مثل عاد وثمود وسبأ. وفيما يخص عاد فيشير القرآن الكريم إلى عاد الأولى التي وجدت ثم اندثرت وإلى عاد أخرى اندثرت كذلك. ونحن نستطيع أن نتتبع الإشارة هذه ونستكمل بها ما جاء في مصادر أخرى، فعاد الأولى التي أرسل الله إليها هودًا -عليه السلام- كانت موجودة في جنوبي شبه الجزيرة العربية حسبما نستنتج من ارتباط اسمها بالأحقاف (1)، وهي منطقة صحراوية تقع في العربية الجنوبية، كذلك يشير القرآن الكريم في موضعين آخرين إلى وجود آخر لعاد في فترة غير بعيدة قبل نزوله، وفي أحد هذين الموضعين إلى منطقة تنطبق أوصافها على القسم الشمالي الغربي لشبه الجزيرة العربية كمكان لإقامتهم (2). وإذن فنحن أمام وجودين لقوم عاد في مكانين مختلفين، أحدهما في الجنوب عند الأحقاف والآخر في الشمال الغربي، وفي زمانين مختلفين أحدهما لا نعرفه على وجه التحديد والآخر في وقت غير بعيد قبل نزول القرآن.

ونحن في الواقع نستطيع أن نستكمل هاتين الإشارتين إلى حد كبير من مصادر الكتاب الكلاسيكيين، إذ نجد ذكرا لقوم عاد يظهر في النصف الأول من القرن الثاني الميلادي على الخارطة التي رسمها جغرافي يوناني من مصر هو بطلميوس كلاوديوس PtOLEMAIOS CLAUDIOS "كتب بين 121، 151م" الذي عرفه الجغرافيون العرب باسم بطلميوس القلوذي. ويظهر قوم عاد في هذه الخارطة تحت اسم OADITAE في شمالي شبه الجزيرة العربية في المنطقة الواقعة إلى شرقي خليج العقبة (3) "وهي المنطقة التي ينطبق عليها الوصف الذي جاء في القرآن الكريم، والذي كان التجار العرب في الواقع يمرون به جيئة وذهابا في خط القوافل الذي يصل شبه الجزيرة العربية بالمنطقة السورية". ومعنى هذا أن عادًا الثانية قد تواجدت بشكل ظاهر يلفت نظر هذا الجغرافي ابتداء من النصف الأول من القرن الثاني على الأقل، ويبقى أمامنا تحديد الفترة التي اختفت فيها عاد الأولى.

وهنا نلجأ مرة ثانية إلى الكتاب الكلاسيكيين، وفي هذا المجال لا نجد ذكرا لقوم عاد فيما تركه لنا الكاتب الموسوعي الروماني بلينيوس plinius في أواسط القرن الثاني الميلادي "54/23-79م" رغم أن هذا الكاتب تعرض باستفاضة لشبه جزيرة العرب وحرص على أن يذكر في عرضه المستفيض أكبر عدد من الأماكن والأقوام الموجودة في شبه الجزيرة، بل لقد ذكر عددًا من المواقع كان موجودا ثم اندثر قبل زمنه، وهو يجد في حرصه هذا نقطة اعتداد علمي يذكر القارئ بها (4). فإذا توغلنا قليلا في الماضي إلى أوائل القرن الأول الميلادي والنصف الأخير من القرن الأول ق. م. لا نجد ذكرا لهؤلاء القوم في كتابات الجغرافي اليوناني إسترابون "63/ 64 ق. م -21م على الأقل" رغم اهتمامه بوجه خاص بالقسم الشمالي الغربي لشبه الجزيرة وذكره اثنين من الأقوام الموجودة بها (5). فإذا تابعنا التوغل في الماضي نجد أن قوم عاد لا يظهرون في كتابات أرتميدوس في أواخر القرن الأول ق. م. "ظهرت بعض كتاباته في 104-101 ق. م" أو في كتابات الجغرافي اليوناني إراتوسثنيس، عرفه الجغرافيون العرب باسم إراتسطين الذي عاش بين 275 و194 ق. م. ومن ثم نستطيع أن نقول: إنه بدأ يكتب منذ أوائل القرن الثاني ق. م. (6). وهكذا نستطيع أن نستنتج من هذه المقارنة بين القرآن الكريم وبين ما ذكره الكتاب الكلاسيكيون أن عادا الأولى كانت قد اختفت من جنوبي شبه الجزيرة العربية ابتداء من النصف الأول من القرن الثاني ق. م على الأقل.

أما عن وجود مكانين مختلفين لعاد الأولى وعاد الثانية فتفسير ذلك هو الهجرات التي عرفها عرب الجنوب إلى شمالي شبه الجزيرة، وهي هجرات قد تكون بسبب تغير مناخ المنطقة نحو الجفاف بشكل تدريجي ابتدأت آثاره تظهر بوضوح منذ القرن الثالث ق. م. كما يذهب بعض الباحثين، أو قد تكون لها أسباب أخرى (7). ولكن الثابت هو أن هجرات قد تمت من الجنوب إلى الشمال بشكل أو بآخر، وأن بعض هذه الهجرات اتخذ شكل مستوطنات أقامها التجار أو الحكام الجنوبيون في شمال الجزيرة كمحطات تجارية لقوافلهم في البداية، ولكن هذه المستوطنات لم تلبث أن تحولت إلى كيانات قائمة بذاتها تتصرف وتقيم علاقاتها مع المدن أو الدول المحيطة أو القريبة منها في ضوء ظروفها الخاصة. وقد كان بعض هذه المستوطنات يتخذ اسم القوم أو البلد الذي جاء منه المستوطنون في البداية. ومن أمثلة ذلك مدينة جَرَش التي لا تزال قائمة في العربية الجنوبية "الآن في القسم الغربي من المملكة العربية السعودية" وسميَّتها مدينة جرش في الشمال "الآن في المملكة الأردنية"، تقعان على خط القوافل التجارية الذي كان يمتد بين اليمن وسورية، إحداهما على شوطه اليمني والأخرى على شوطه السوري. ومن أمثلتها كذلك المستوطنات التي أقامتها سبأ في الشمال واتخذت واحدة منها على الأقل الاسم ذاته وكانت لها مواقف خاصة بها إزاء محور الدفع والجذب بين الآشوريين في وادي الرافدين ودويلات المنطقة السورية في الغرب في القرن الثامن ق. م. كما نظر إليها الرومان في أواخر القرن الأول ق. م. على أنها كيان قائم بذاته (8).

وفي ضوء هذا كله يبدو أمرا متفقا مع الظروف التي سادت شبه الجزيرة العربية أن تفترض أن قوم قد هاجرت منهم جاليات أقامت لها مستوطنات في شمالي شبه الجزيرة، ثم تعرض القوم الأصليون في الجنوب إلى ظروف الجفاف وظروف مناخية أخرى مصاحبة مثل الأعاصير المدارية العنيفة التي تعرفها المنطقة الاستوائية، والتي قد تستمر أياما عددية متوالية تدمر فيها مناطق بأكملها وتغطيها بالرمال إذا كانت أرض هذه المناطق أرضا رملية (9). ولنا أن نتصور أن مستوطنات عاد في القسم الشمالي من شبه الجزيرة، التي ابتدأت قليلة وبسيطة في عدد سكانها، لم تلبث أن ازدهرت وتزايد عدد سكانها حتى أصبحت تشكل قوما ملحوظين منذ أوائل القرن الأول من النصف الثاني، يسترعي وجودهم نظر عالم جغرافي مثل بطلميوس كلاوديوس وهو يضع خارطة للمنطقة، وبخاصة إذا كان هؤلاء يشغلون منطقة تمر بها خطوط القوافل التجارية الواصلة من شبه الجزيرة إلى المنطقة السورية، وهي المنطقة التي وضعهم فيها هذا العالم الجغرافي بالفعل. ولنا كذلك أن نقول: إن هذا الازدهار قد استمر فترة ربما امتدت ثلاثة أو أربعة قرون ثم اندثرت هذه المستوطنات العادية الشمالية لأسباب تتعلق بالعوامل الطبيعية أو بالمنافسات التجارية وما يصحبها من غارات "كما سنرى في أثناء الحديث على ثمود" أو لأسباب أخرى، بحيث لم يعد لها ولا لقوم عاد وجود ظاهر عند نزول القرآن الذي يشير إلى عاد على أنهم قوم قد اندثروا أو اندثرت أماكن إقامتهم قبل ذلك بقليل.

وإذا كنا نستطيع أن نتابع أوضاع قوم عاد من خلال آيات القرآن الكريم مستكملين الحديث من خلال المصادر الكلاسيكية، فالشيء ذاته ينطبق على قوم ثمود. إن القرآن الكريم يشير في مواضع عديدة إلى أرض الثموديين على أنها واحة غنية بالمياه الجوفية وما يترتب على ذلك من ثروة زراعية "جنات وعيون وزروع ونخل" (10)، وهي إشارة نجدها كذلك عند الكاتب الكلاسيكي إراتوسثنيس الذي يقسم سكان المناطق الغربية "من شبه الجزيرة" المتاخمة لسواحل البحر الأحمر فيصف المنطقة الشمالية منها "وهي المنطقة التي نحن بصدد الحديث عنها" بأنها منطقة بها قدر من الزراعة. فإذا أضفنا إلى ذلك أن المنطقة تمر بها خطوط القوافل التجارية المتجهة من شبه الجزيرة إلى المنطقة السورية، استطعنا أن ندرك ما يشير إليه القرآن الكريم من ثروة الثموديين "أو بالأحرى ثروة الطبقة الأرستقراطية الزراعية التجارية من الثموديين" التي تبدو في الإشارة إلى عدد القصور الذي أصبح ظاهرة تسترعي الانتباه وإلى النشاط المعماري الذي جعهلم ينحتون في الجبال "بيوتا" "وهي في الواقع أضرحة ومعابد تتخذ شكل البيوت فعلا ولا تزال قائمة حتى الآن في منطقة مدائن صالح -نبي ثمود". وقد اندثر الثموديون كقوم لهم كيانهم في فترة سبقت قيام الدعوة الإسلامية بفترة غير طويلة حسبما يتبين لنا من آيات الكتاب الكريم (11).

ونحن نستطيع في الواقع أن نتتبع الثموديين في عدد من المصادر الأخرى، فهم يظهرون في نقش آشوري يعود إلى حكم الملك سرجون في الشطر الأخير من القرن الثامن ق. م. "721-705 ق. م"، على أنهم "أو أن قسما منهم" يسكنون في المنطقة الشمالية لشبه جزيرة العرب. ثم نجد عددا من النقوش الثمودية منتشرة في عدد من مناطق شبه الجزيرة العربية وتعود إلى القرون الثلاثة من الخامس إلى الثالث ق. م. ثم نجد الثموديين بعد ذلك في كتابات بلينيوس في أواسط القرن الأول الميلادي تحت اسم tamudaei ثم على خارطة بطلميوس كلاوديوس "القلوذي" في النصف الأول من القرن الثاني م. تحت اسم thamudenoi ومتعاصرين مع قوم عاد الذين يضعهم بطلميوس على خارطته إلى الشمال من الثموديين (12)، ولما كان القرآن الكريم يجعلهم "خلفاء من بعد عاد" ويشير إلى ما تبوءوه من مركز وثروة في منطقتهم، فبإمكاننا أن نستنتج من ذلك أن الثموديين استمروا بعد تعاصرهم مع العاديين فترة أخرى قبل أن يندثروا كقوم لهم سطوتهم أو مركزهم كأرستقراطية متحكمة في المنطقة الغنية التي كانوا يقيمون بها. ونحن لا نستطيع أن نضع وقتا محددا لاندثار الثموديين أو اختفائهم كقوم لهم عددهم وسطوتهم، إذ نحن نعود نسمع عنهم بعد بطلميوس الجغرافي في كتابات الكلاسيكيين ابتداء من يوسيبيوس eusebios "حوالي 260-340م" وانتهاء عند بروكوبيوس prokopios الذي توفي في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي "565م" وصمت الكتاب الكلاسيكيين عن ذكر الثموديين طوال هذه الفترة التي تبلغ ثلاثة قرون تقريبا لا يثبت لنا بالضرورة شيئًا عن وجود هؤلاء القوم أو عدم وجودهم، إذ قد يكون هذا الصمت ناتجا عن عدم اهتمام هؤلاء الكتاب بشكل خاص بذكر تفصيلي لأقوام المنطقة الشمالية من شبه الجزيرة العربية. ولكن الثابت هو أن الثموديين كانوا قد اندثروا قبل عهد الرسول -صلى الله  عليه وآله وسلم- وأن اندثارهم تم قبل ذلك بفترة غير طويلة. فقد كانت بقايا مساكنهم، حسبما يذكر القرآن الكريم، لا تزال قائمة يستطيع أن يستشهد بها الرسول -صلى الله عليه [وآله] وسلم- وهو في صدد محاجَّته للجاهليين وإقناعهم بالدعوة الوليدة (13).

وغير عاد وثمود يحدثنا القرآن الكريم عن أقوام عربية أخرى مثل قوم سبأ. وفي هذا المجال يشير إلى سيل العرم الذي اجتاح هذه المنطقة وكان سببًا في كثير من الآثار السيئة التي عانت منها. والمنطقة في الواقع كانت معرضة لهذا النوع من السيول الناتجة عن الأمطار الموسمية الغزيرة وكان سكانها يعمدون إلى جمع مياه هذه الأمطار خلف جدران السدود التي أقيمت لهذا الغرض، وأهم هذه السدود هو سد مأرب، عاصمة سبأ، ولا تزال بقايا هذا السد قائمة في مكانها حتى الآن. كذلك تشير لنا النقوش التي عثر عليها في المنطقة أن جدران هذا السد تصدعت في أكثر من مناسبة، إذ تذكر لنا هذه النقوش أن ترميمات لسد مأرب تمت في عهد شرحبيل يعفر في أواسط القرن الخامس الميلادي "449-450م" ثم في عهد أبرهة حاكم اليمن من قِبَلِ نجاشي الحبشة، في أواسط القرن الذي يليه "543م" وإذا كان السيل الذي أعقبه هذا الترميم الأخير قد تم في فترة قريبة من ظهور الدعوة الإسلامية بحيث كانت أخباره لا تزال ماثلة في أذهان الجاهليين الذين نزلت آيات القرآن الكريم لتذكرهم بها، فإن أخبار التصدعات والترميمات الأخرى السابقة لهذه المناسبة الأخيرة لا بد أن تكون شيئا وَعَتْه ذاكرة العرب كتاريخ على مر القرون في أثناء رحلاتهم التجارية بين اليمن والشام، فالقحط الذي يصيب منطقة مشهورة بخصبها مثل اليمن "الشهيرة بثروتها الزراعية وما يترتب عليها من رخاء" بعد أن تفقد المياه التي كان سد مأرب يحفظها للانتفاع بها في مواسم الجفاف لا بد أن يؤثر على منتجات اليمن التي تحملها القوافل التجارية وتبادل بها سلعا أخرى، ومن ثم فلا بد أن يكون تصدع السد شيئا بارزا يتناقله القادمون من اليمن والذاهبون إليه، بل إن مثل هذا الحدث يتحول في الواقع إلى تاريخ يروونه ويحددون به مواعيد الأحداث التي وقعت قبله أو بعده. وإذا كان التصدع الأخير قد حدث في عصر سيادة الحبش على المنطقة فإن أذهان العرب لا بد أنها كانت تعي تصدعات أخرى في السد حدثت حين كان السبئيون هم أصحاب السيطرة على المنطقة (14).

على أن هذه الإشارة ليست الوحيدة إلى سبأ والسبئيين في القرآن الكريم، فهناك إشارة أخرى إلى زيارة ملكة سبأ إلى سليمان النبي. ونحن نعرف أن سليمان كان ملك يهوذا وأنه حكم في الشطر الأوسط من القرن العاشر "970-937ق. م.". ولكن ربما كانت سبأ المقصودة هنا ليست سبأ الموجودة في اليمن، وإنما مدينة سبأ الموجودة في الشمال الغربي لشبه الجزيرة العربية، التي كانت على أرجح وجه إحدى المستوطنات التي أقامها التجار السبئيون على خط القوافل من اليمن إلى سورية. وقد مر بنا أن هذه المدينة مذكورة في سجلات بعض الملوك الآشوريين على أنها إحدى المدن الموجودة في القسم الشمالي من شبه الجزيرة على مقربة من المنطقة السورية. وفي الواقع فإن هذا الافتراض هو الأرجح، وقد يدعمه ما نستخلصه من الآيات القرآنية التي وردت فيها زيارة هذه الملكة إلى سليمان النبي، فبعد مقدمات متوترة بينهما تظهر في لهجة الكتاب الذي أرسله سليمان إليها، وفي اتجاه مستشاري الملكة نحو مقابلة التهديد بالقوة العسكرية، تنتهي الأمور بأن تتخذ الزيارة شكلا وديا بين حاكمين، ومن ثم نستطيع أن نصفها بأنها محاولة منطقية من جانب الملكة السبئية لتحسين علاقاتها بحاكم آخر يبدو أنه كان يحسب حسابه في مجال العلاقات الخارجية، وبخاصة إذا تذكرنا أن مدينة سبأ كانت تحصل على ثروتها من تجارة العبور "الترانزيت" عن طريق القوافل التجارية البرية في المقام الأول، وأن علاقات حسن الجوار تصبح، نتيجة لذلك، أمرا واردا إن لم يكن في الواقع أمرا حيويا بالنسبة لها، وإذا تذكرنا إلى جانب ذلك أن سليمان قد أنشأ أسطولا وأنه كان بسبيل اعتماد سياسة تجارية بحرية عن طريق البحر الأحمر، لا بد أن تؤثر تأثيرا ضارا على نشاط الخط التجاري البري، سواء بحكم طبيعة الأشياء، أو بضغوط مقصودة من جانب سليمان نفسه تعرقل الخط التجاري البري لصالح خطه البحري. كذلك مما يدل على أن إشارة القرآن الكريم إلى سبأ الشمالية وليست إلى سبأ الجنوبية أن سجلات الملوك في العربية الجنوبية، سواء من السبئيين أو غير السبئيين لا تضم حالة واحدة فيها اسم لملكة، بينما تظهر أسماء لعدة ملكات في العربية الشمالية من بينها ملكتان لمنطقتين اجتاحهما الملك الآشوري تجلات بيليسر الثالث "744-727 ق. م" في غاراته على القسم الشمالي من شبه الجزيرة، وملكتان أخريان على عهد ملك آشوري آخر هو أسارحدون "680-669 ق. م". وقد ظهرت أسماء هذه الملكات في النقوش الآشورية التي سجلت أعمال هذين الملكين (15) ....... .

2- الحديث الشريف:

كان القرآن الكريم، إذن، هو المصدر الديني الأول لتاريخ العرب قبل الإسلام؛ لأنه لا يرقى إليه الشك، ولأنه، كما أسلفت الإشارة في بداية هذا الحديث، معاصر لمجتمع شبه الجزيرة العربية في نهاية العصر الجاهلي، ثم لأنه لم يتعرض لأي تحريف أو تبديل. وإذا كان القرآن الكريم هو المصدر الديني الأول، فإن المصدر الديني الإسلامي الذي يليه هو الحديث، وهو الأقوال المروية عن الرسول -صلى الله عليه[وآله] وسلم- وأهمية الحديث كمصدر تاريخي للمجتمع العربي قبل الإسلام تنسحب بالضرورة إلى المرحلة الأخيرة من المراحل التي مر بها هذا المجتمع، وهي المرحلة التي عاصرت ظهور الدعوة الإسلامية، ومن ثم يصبح الحديث مطابقا لها من الناحية الزمنية. كذلك فإن الحديث رغم اهتمامه بالأحكام الدينية وقوانين المجتمع الإسلامي في المقام الأول إلا أنه تضمن، إلى جانب هذه الأحكام والقوانين، قدرًا من أخبار الجاهليين. كذلك فنحن نستطيع أن نستنتج بشكل مباشر أو غير مباشر بعض ممارسات المجتمع الجاهلي من خلال التعاليم التي تتضمنها هذه الأحاديث النبوية.

وعلى سبيل المثال فقد جاء في أحد الأحاديث: "انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا" ، قيل: يا رسول الله، أنصره مظلومًا فكيف أنصره ظالمًا؟ قال: "بأن تنهاه عن ظلمه" والحديث في محاولة لتغيير مفاهيم المجتمع الجاهلي، يشير إشارة مباشرة إلى العصبية العشائرية أو القبلية التي كانت تحكم هذا المجتمع والتي نراها في كثير مما وصلنا من أشعار الجاهليين. وعلى سبيل مثال آخر فقد جاء في أحد الأحاديث: "إخوانكم خولكم، فأطعموهم مما طعمتم وألبسوهم مما لبستم" وفي الحديث حض صريح لحسن معاملة الخدم، الذين كانوا في أغلب الأحوال عبيدا. ونحن نستطيع أن نستنتج منه سوء معاملة هذه الطبقة ومن ثم نعرف شيئا عن العلاقات الطبقية في المجتمع الجاهلي القريب من الإسلام، وهي علاقات يذكرها القرآن الكريم، فيما يخص طبقة العبيد، في أكثر من آية ويشير إلى ما كانت تتسم به من قسوة وتسلط (16).

على أن هناك عدة اعتبارات ينبغي أن ندخلها في حسابنا ونحن نعتمد على الحديث كمصدر لتاريخ المجتمع العربي في الفترة السابقة للإسلام، وأول هذه الاعتبارات يتعلق بطريقة انتقاله إلينا، فالحديث ظل ينتقل بالرواية الشفوية على امتداد قرنين كاملين حتى جمع ودون على عهد عمر بن عبد العزيز في أواخر القرن الثاني الهجري، وهو أمر قد يؤدي إلى شيء من الزيادة أو النقصان في هذه الأحاديث أو إلى التغيير في بعض ألفاظها مما قد يستتبع تغييرًا في المعنى المحدد المقصود منها، وهذا على عكس ما حدث في حالة القرآن الكريم الذي كانت آياته وسوره، كما رأينا في مناسبة سابقة، تسجل عند نزولها مما لا يدفع مجالا لأي تغيير فيها، وحتى إذا كان رواة الحديث ثقاتٍ فإن هذا وحده لا يكفي، فالحديث ليس رواية فحسب ولكنه، حسبما يؤكد المتخصصون فيه، "رواية ودراية"، أي أن الذي يروي الحديث لا يكفي أن يكون صادقا وحريصا في روايته فحسب، بل ينبغي كذلك أن يكون على علم بالأحاديث المروية سواء فيما يخص معناها أو ألفاظها أو الملابسات التي قيلت فيها والغرض المقصود منها يوم قولها، فالحديث قد يكون صحيحا وثابتا وقاله الرسول -صلى الله عليه [وآله] وسلم- فعلا، ولكنه منسوخ، أي أبطل العمل به في عهد الرسول نفسه (17). وحتى لو افترضنا أن بعض الأحاديث قد دونت فعلا قبل عهد عمر بن عبد العزيز، وهو أمر وارد إذا أدخلنا في اعتبارنا أن المجتمع الإسلامي الأول كان على معرفة بالكتابة وأدواتها، مهما ضاق نطاق هذه المعرفة، فإن هذا لا يغير من الأمر شيئا فيما يخص الدراية بالأحاديث عامة وفيما يتعلق بالأحاديث المنسوخة بوجه خاص. كذلك يجب أن ندخل في اعتبارنا أن الفترة التي سبقت جمع الحديث وتدوينه، وهي التي تمتد عبر القرنين الأول والثاني للهجرة، كانت فترة مشحونة بالتيارات والنزاعات السياسية التي قد تتداخل أحيانا مع اعتبارات دينية، ومن ثم يصبح نحل بعض الأحاديث من قبل فئة أو أخرى أمرا واردا في سبيل تبرير موقف أو دحض موقف مضاد (18).

وقد كان هذا دون شك هو الذي أدى إلى شيء من الاختلاف بدرجات متفاوتة سواء في عدد الأحاديث أو ألفاظها في عدد من مجموعات الحديث التي نذكر من بينها: الموطأ للإمام مالك "توفي 179هـ" وجامع الصحيح للبخاري "ت257هـ" وصحيح مسلم "ت262هـ" وسنن أبي داود "ت275هـ" وسنن الترمذي "ت279هـ" ومسند الإمام أحمد بن حنبل "ت قبل 303هـ". هذا التفاوت يدفع الباحث في الواقع إلى قدر كبير من الحرص وهو بصدد الاعتماد على الحديث كمصدر تاريخي لمجتمع شبه الجزيرة قبل الإسلام ومن هنا فلعل خير سبيل نعتمده في هذا المجال هو ما ذهب إليه مفكر عربي معاصر من أننا نستطيع الاعتماد على الحديث "إذا كان موافقا لما ورد في القرآن الكريم" (19).

3- التوراة والتلمود:

وإلى جانب القرآن الكريم والحديث الشريف، وهما المصادر الدينية العربية التي نتعرف من خلالها عن أحوال شبه جزيرة العرب ومجتمعها، هناك مصدران دينيان غير عربيين هما التوراة والتلمود. والتوراة وهي الكتاب المقدس عند اليهود، والتلمود يعتبر تكملة للتوراة ويشمل مجموعة الأحكام والشروح والروايات المتصلة بها والتي تواترت شفاهًا بعض الوقت قبل أن يدونها بعض أحبار اليهود في فترة لاحقة. وقيمة التوراة والتلمود كمصدرين من مصادر تاريخ العرب قبل الإسلام هي أنهما يتحدثان عن علاقة العبرانيين بالعرب في مواضع عديدة من جهة، كما أنهما معاصران لفترة ما قبل الإسلام من جهة أخرى. وأود أن أشير، هنا كذلك، أن ما يذكره هذان المصدران الدينيان قد يكون مقتضبا أو عابرا في بعض الأحيان وأن على الباحث أن يستكمل الحقيقة التاريخية بالمقارنة مع المصادر الأخرى مثل الآثار والنقوش والكتابات الكلاسيكية "اليونانية واللاتينية"، كما أود أن أقول: إن فترة الرواية الشفهية التي مرت بها أحكام التلمود "وربما بعض أسفار التوراة" قبل أن تدون، لا بد أن ندخلها في اعتبارنا ونحن نعتمد على ما جاء بهما من أخبار ونقارنها بالمصادر الأخرى. وأخيرا فإن كلمة "العرب" في التوراة والتلمود تعني البدو أو عرب الصحراء أساسا وحتى حين يرد داخل المدن فإن المقصود بهم في هذه الحال هو البدو الذين نزحوا إلى هذه المدينة لسبب أو لآخر، أما سكان الحضر من شبه الجزيرة العربية فإن هذين المصدرين يشيران إليهما كأهل هذه المنطقة أو تلك كأن يقال: "أهل سبأ" أو "سكان أرض تيماء" أو "الدادانيون" "وهم سكان منطقة العلا الحالية بشمالي غربي شبه الجزيرة"، أو كأن ينسب شخص إلا مدينة "هجر" "وهي التي ترد باسم "الحجر" في القرآن الكريم ومكانها ميناء الوجه حاليا قرب مدينة العلا أو مدائن صالح" على سبيل المثال (20).

وسأقدم في السطور التالية بعضا من الجوانب التي اشتملت عليها حياة سكان شبه الجزيرة العربية كما تصورها التوراة والتلمود وكيف نحاول أن نستكمل صورتها التاريخية. وأول هذه الجوانب يخص المناطق شبه الصحراوية من شبه الجزيرة وعلاقة سكانها بالمناطق المستقرة المتاخمة لها، والمنطقة هي منطقة "عوص" التي كان يقطنها أيوب وآله من "بني قِدم". ونستنتج من التوراة أنها منطقة شبه صحراوية تجمع بين الرعي والزراعة، إذ تذكر أن أيوب كان يملك سبعة آلاف من الغنم وثلاثة آلاف من الإبل وعددا من البقر يكفي لفلاحة خمسمائة فدان من الأرض الزراعية وخمسمائة أتان. كذلك تذكر التوراة أن الكلدانيين قد هاجموا هذه المنطقة وأخذوا الجمال وتركوا وراءهم عددا كبيرا من القتلى من بين السكان، بينما أغار السبئيون عليها وأخذوا البقر والأتن (21).

ولنحاول الآن أن نحدد مكان منطقة "عوص". وفي هذا المجال نجد اختلافا في الرأي بين الباحثين، فبعضهم يرى أنها منطقة حوران في سورية، وبعضهم يرى أنها تقع في منطقة الحجاز، وهو رأي قد يغري به وجود موضع حتى الآن يدعى "عيص" في المجاز فعلا "شمال غربي المدينة وشمال ينبع النخل"، وبعضهم يضعها في مناطق أخرى (22)، فأين إذن منطقة "عوص" على وجه التحديد؟ إن التوراة أطلقت على سكانها "بني قدم"، وهو وصف يعني سكان الشرق أي: السكان الذين يقطنون إلى شرقي العبرانيين، وهذه طريقة في تحديد الأماكن تتمشى مع ما اتبعته الأقوام القديمة في هذا الصدد "كما كان أبناء وادي الرافدين، على سبيل المثال، يسمون القبائل البدوية القاطنة إلى غربهم قبائل أمورو أي: قبائل الغرب" كذلك فالمنطقة تقع في متناول غارات الكلدانيين. والكلدانيون من سكان وادي الرافدين وقد أقاموا حكمًا لهم هناك بعد أن اشتركوا في إسقاط حكم الآشوريين في 612 ق. م. وإذن فمنطقة عوص قريبة من وادي الرافدين أو على الأقل تقع في المجال الذي تجتاحه قوات وادي الرافدين في طريق غاراتها المعتاد على المنطقة السورية. من جهة أخرى فإن السبئيين الذين أغاروا على منطقة عوص لا يمكن أن يكونوا قوات مملكة سبأ التي كانت في اليمن، فلا يعقل أن يتكبد هؤلاء مشقة اختراق شبه الجزيرة من جنوبيها إلى شماليها لكي يغيروا على منطقة يأخذون منها عددًا من البقر والأتن. وإذن فسبأ المقصودة هنا هي مستوطنة سبأ التي أقامها السبئيون في شمالي شبه الجزيرة والتي يرد ذكرها في عدد من النصوص الآشورية (23). وهكذا نستطيع أن نقول: إن منطقة "عوص" المذكورة هي منطقة تقع في البادية الشمالية من شبه الجزيرة والتي تمتد بين وادي الرافدين والمنطقة السورية، وأن الحادثة التي ترويها التوراة تمثل نوعا من الاحتكاكات التي كانت تحدث بين البدو والمناطق المستقرة التي يوجدون على تخومها وأن الحدث المذكور قد يكون نوعا من الغارات التأديبية على هؤلاء البدو لسبب أو لآخر.

وقد ذهب بعض المعلقين، سواء من القدامى أو المحدثين، ومن بينهم ابن عزرا، العالم اليهودي الذي عاش في القرن الثاني عشر، إلى أن أيوب وقومه كانوا من العرب، استدلوا على ذلك بما وجدوه في بعض الأسماء والألفاظ والتعابير التي وردت في سفر أيوب الذي يضم هذا الحدث، وهي تشير في رأيهم إلى أثر عربي واضح، بل إن بعض الباحثين ذهبوا إلى أن هذا السفر ربما كان ترجمة لأصل عربي مفقود، وعلى أي حال فالذي يهمنا في الموضوع هو أن المنطقة التي عاش فيها قوم أيوب تقع في شبه الجزيرة العربية وأن الحدث المروي يمثل علاقة هذه المنطقة شبه الصحراوية بجيرانها (24).

على أن أغلب الإشارات الواردة في التوراة، فيما يخص موضوعنا، تبين لنا عددا من الجوانب التي اتسمت بها العلاقات بين العرب والعبرانيين، سواء أكان العرب المقصودون من البدو أم من أهل الحضر. وهي علاقات كانت تسير في بعض الأحيان في طريق العنف السافر الذي ينتصر فيه أحد الطرفين مرة وينتصر الطرف الآخر مرة، وتسير في طريق المؤامرات أحيانا أخرى، أو في طريق العلاقات التجارية في أحيان ثالثة. فالتوراة تذكر لنا مثلا أن الفلسطينيين والعرب "الذين بقرب الكوشيين" هاجموا مملكة يهوذا على عهد ملكها يورام أو يهورام "851-843 ق. م" ويبدو من سياق الحديث أنه كان هجوما عنيفا اكتسحوا فيه المملكة، فقد هاجموا قصر الملك وسبوا نساءه وأسروا كل أبنائه فيما عدا واحدًا ونهبوا أمواله، وهنا تقف أمام الباحث صعوبة، فالكوشيون عادة يعني الأحباش أو سكان منطقة السودان، ومن هنا ذهب أحد الباحثين إلى أن العرب الذين بقرب الكوشيين هم أهل اليمن، بينما ذهب باحث آخر إلى أنهم عرب سيناء على أساس أنهم بقرب المصريين اعتبارا بأن المصريين من الحاميين ومن ثم يكونون هم المقصودون بالكوشيين(25).

ولكن الرأيين مردود عليهما، وفيما يخص الرأي الأول، فإن التوراة حين ترد فيها لفظة العرب تعني الصحراء أي البدو، واليمن كانت منطقة حضر وكانت النظرة إليها في العصور القديمة دائما بهذا الوصف الحضري رغم وجود بعض المناطق البدوية فيها بالضرورة، وسكانها يذكرون في التوراة على أنهم "سبئيون من أرض بعيدة" كما سنرى في مناسبة مقبلة، وحتى إذا دخلنا في باب الافتراض الجدلي فإن اليمنيين لا يمكن أن يكونوا هم المقصودون فليس هناك أي احتمال لاشتراك بدو اليمن مع الفلسطينيين في مهاجمة مملكة يهوذا لا من جانب المصلحة المشتركة ولا من جانب جوار "غير موجود" بينهما. أما فيما يخص الرأي الثاني الذي يجد في هؤلاء العرب القريبين من الكوشيين عربا من سيناء "على اعتبار أن المصريين هم الكوشيون" فالاحتمال ضعيف، إذ إن الألفاظ الدالة على المصريين وعلى أرض مصر واردة ومتكررة في التوراة ولو كان العرب المقصودون في النص هم عرب سيناء لأشارت التوراة إلى المصريين بالتحديد وليس إلى الكوشيين، وإذن يبقى هناك تفسيران محتملان، أولهما أن العرب المقصودين بهذا الوصف هم من جيران الفلسطينيين بحكم ظرف الحادث الوارد في النص ولكنهم كانوا من القبائل اليمنية المهاجرة إلى الشمال والتي عاشت في الشمال حياة بدوية. وأما التفسير الثاني، وهو الأبسط والأرجح في رأيي، فهو أن يكون الوصف مجرد استخدام مجازي للفظة "الكوشيين" وكان النص يريد أن يقول: إن الفلسطينيين لم يكونوا وحدهم في الهجوم وإنما كانت معهم قبائل بدوية "من كل حدب وصوب" أو "من كل فج عميق" أو من "آخر الدنيا" وهي صيغة مبالغة في التعبير واردة في اللغات السامية (26).

ونحن في الواقع نستطيع أن ندرك السبب الذي من أجله تم هذا التحالف بين هذه القبائل العربية القريبة من مملكة يهوذا وبين الفلسطينيين إذا رجعنا إلى الوراء قليلا لنرى ما تقوله التوارة عن عهد سليمان "970-937 ق. م". فقد وجه سليمان اهتمامه إلى ناحية التجارة البحرية واتخذ ميناء عصيون جابر "بجوار ميناء إيلات" على البحر الأحمر مرفأً أساسيا لهذه التجارة. وقد كان هذا دون شك ضربة للموانئ الفلسطينية على شاطئ البحر المتوسط، كما كان في الوقت ذاته ضربة إلى الأطراف الشمالية للطرق البرية التي توصل إلى موانئ الفلسطينيين، وهي الأطراف التي تمر بالضرورة في أراضي العرب المحيطين بفلسطين وتعتبر موردا اقتصاديا حيويا بالنسبة لهم (27).

مثال آخر من الأمثلة التي تقدمها التوراة في تصوير هذه العلاقات العنيفة بين العرب والعبرانيين نرى فيه الملك عزيّا ملك يهوذا وقد حارب الفلسطينيين والعرب المقيمين بمنطقة "جُور بَعْل" والمعونيين وهدم أسوار مدنهم وأخذ جزية من العمونيين (28). وهنا تقابلنا مشكلة تحديد هذه الأماكن الثلاثة، جور بعل وأرض المعونيين وأرض العمونيين. فلفظة "جور" تعني في العبرية "مسكن" ومن ثم فمنظمة جور بعل معناها الحرفي مسكن بعل وتشير بذلك إلى منطقة تسود فيها عبادة هذا الإله والمنطقة السورية بأكملها كانت تعرف عبادة هذا الإله. لقد ذهب أحد الباحثين إلى أن المنطقة توجد على حدود الحجاز الشمالية، وليس من المستبعد، قياسا، أن تكون هذه العبادة قد انتشرت من سوريا إلى الحجاز، فالعقائد الدينية المرتبطة بعدد من الآلهة القديمة انتشرت في أحيان عديدة خارج المناطق التي ظهرت بها، كما أن طرق القوافل التي تربط بين الحجاز وسورية كان من الممكن أن تساعد على انتقال هذه العبادة إلى الحجاز (29). ولكن مع ذلك فإننا نتوقع منطقيا وقياسيا أن يشير اسم "مسكن بعل" إلى منطقة يكون بها المركز الرئيسي لعبادة هذا الإله كما كانت مدينة "عين شمس" أو "هيليوبوليس" heliopolis "وهي ترجمة يونانية للمكان نفسه تحت اسم "مدينة الشمس"" تعني المركز الأساسي لعبادة "رع" إله الشمس في مصر القديمة. ومن ثم فاحتمال أن تكون الحجاز، أو منطقة تقع على حدودها الشمالية، هي منطقة جور بعل يبقى في خير الأحوال احتمالا ضعيفا. هذا، بالإضافة إلى أن منطقة الحجاز تظل منطقة بعيدة عن المنطقة التي دار فيها الحدث المذكور ومن ثم يظل احتمال المصلحة المباشرة التي تدعو أهلها إلى أن يكونوا طرفًا في المعركة احتمالا بعيدا. كذلك ذهب باحث آخر إلى أن جور بعل قد تشير إلى صخرة بعل، ومن ثم فتكون مدينة بترا petra "البتراء" ومعناها في اليونانية "الصخرة" هي المدينة المرشحة لأن تكون جور بعل (30). وهذا الاحتمال يبقى واردا ولكن دون تأكيد وإنما كل ما نستطيع أن نصل إليه في هذا الصدد هو أن نقول: إن منطقة جور بعل هي منطقة قريبة من حدود مملكة يهوذا حتى تكون لها مصلحة مباشرة تجعلنا نفهم فهما مقبولا أن تكون طرفا في المعركة مع ملك يهوذا، أي أنها في أقصى الشمال الغربي من شبه الجزيرة العربية.

أما عن المعونيين، فيكاد يكون من الأرجح أنهم المعينيون، ولكنهم من المنطلق ذاته، ليسوا دولة معين التي كانت موجودة باليمن، وإنما هم جماعة منهم كانوا قد أسسوا مستوطنة أو مستوطنات في الشمال "على نمط السبئيين" واستقروا في منطقة ديدان "العلا الحالية في القسم الشمالي الغربي من شبه الجزيرة العربية" وأقاموا هناك مملكة معينية شمالية. وأما عمون التي يبدو أنها اشتركت في الحلف ولكنها لم تشترك في المعركة الفعلية ومن ثم اكتفى ملك يهوذا بأن يفرض جزية عليها دون تهديمها، فهي ربة عمون التي كانت تقع جنوبي عمان الحالية بمسافة قصيرة على الخط التجاري (31).

وإذن فنحن أمام حلف قوامه الفلسطينيون والقبائل العربية المجاورة لهم وعمان والمعينيون الشماليون. ومن مواقع المشتركين في هذا الحلف نستطيع أن نتعرف على هوية التحالف بينهم. إن للفلسطينيين موانئ على ساحل البحر المتوسط حيث تصب نهايات الخط التجاري الآتي من جنوبي شبه الجزيرة العربية، والقبائل العربية في جور بعل تمر بها نهايات هذا الخط التجاري التي توصل في أشواطها الأخيرة إلى الموانئ الفلسطينية، وعمون تقع في طريق هذه القوافل، أما المعونيون "وهم المعينيون كما رأينا"، وموقعهم إلى الجنوب قليلا، فبأرضهم يمر الخط التجاري المذكور، بالإضافة إلى ميناء تجارية لهم على البحر الأحمر هي ميناء إجرا "الحجر" أو الوجه حاليا. وهذا الحلف تجمعه مصلحة مشتركة هي المصلحة التجارية، ونحن نستطيع أن ندرك الحجم الحقيقي لهذا التحالف التجاري الحربي إذا عرفنا من التوراة أن عزيا ملك يهوذا استولى على المدن والموانئ الفلسطينية وأعاد بناء إحدى هذه الموانئ على الأقل وهي ميناء أشدود، وأنه أراد أن يحدث تغييرا جذريا في الخطوط التجارية البرية التي كانت تصل إلى الموانئ الفلسطينية وذلك بعد أن استعاد ميناء إيلات "على رأس خليج العقبة" (32) وهو أمر يستطيع من خلاله أن يجعل هذه الميناء نهاية الطريق التجارية الآتية من البحر الأحمر وبداية للطرق التجارية إلى موانئ الشاطئ الفلسطيني وهكذا تصبح ميناء إيلات منافسا خطيرا لميناء الحجر المذكور والتي كان المعينيون يعتمدون عليها في تجارتهم البحرية إلى جانب اعتمادهم على خط القوافل في تجارتهم البرية.

أما المثال الثالث الذي سأقدمه من التوراة كمصدر من مصادر التعرف على العلاقات بين عرب شبه الجزيرة "أو بالأحرى أطرافها الشمالية الغربية" وبين العبرانيين، وفيه يتعادل الفريقان بشكل أو بآخر، فهو يرجع إلى فترة ما بعد عودة العبرانيين من السبي البابلي، وفيها نجد نحميا اليهودي يطلب من ارتَحَشْتا الإمبراطور الفارسي "464-424 ق. م" أن يسمح له ببناء سور حول القدس. وهنا تذكر التوراة أن نحميا وجد معارضة من عدد من زعماء المنطقة من بينهم طوبيا العموني وجشم العربي، ولكن هذه المعارضة لا تتمخض عن مواجهة عسكرية كما رأينا في المناسبتين السابقتين وإنما تقتصر على مؤامرات وحيل من الطرفين تنتهي بنجاح نحميا في بناء السور الذي يريده (33). ونحن نستطيع أن نفهم ما جاء في التوراة إذا نظرنا إلى الوضع السياسي الذي كانت تمر به المنطقة بأكملها، وهو أنها قد أصبحت في ذلك الوقت جزءًا من الإمبراطورية الفارسية التي شملت كل بلاد الشرق الأدنى ومن ثَمَّ لم يكن هناك مجال لمواجهة عسكرية وإنما لمؤامرات داخلية لا تصل إلى حد هذا النوع من المواجهة، وبخاصة إذا كان الإمبراطور الفارسي هو الذي أعطى الإذن ببناء السور.

ولا تقتصر التوراة كمصدر تاريخي على التعريف بعلاقات العرب والعبرانيين في مجال الاحتكاكات الحربية والمؤامرات السلمية، وإنما تتعداها لتحدثنا عن علاقات تجارية تدخل فيها السياسة أو عن علاقات تجارية عادية. ونحن نجد في هذا المجال إشارة إلى أن السبئيين في العربية الجنوبية كانوا يشترون العبيد من خارج البلاد كأيدٍ عاملة ربما للعمل في مزارعهم أو كعمال أو للخدمة في بيوت الطبقة التجارية الأرستقراطية التي كانت تسيطر على البلاد. فالتوراة تورد تهديدا من جانب يَهْوه "اسم الله عند العبرانيين" يتوعد فيه صور وصيدون وجميع بقاع فلسطين بأن يبيع بنيهم وبناتهم بأيدي يهوذا للسبئيين، لأمة بعيدة "وهذا يعني أن هؤلاء لم يكونوا من سبأ الشمالية القريبة من العبرانيين، إنما من تجار مملكة سبأ التي كانت موجودة في اليمن"، وذلك ردا على ما فعلوه حين باعوا "بني يهوذا وبني أورشليم لبني الياوانيين"، وهم اليونان (34). كذلك نجد تجار سبأ "الجنوبية أو الشمالية" يتجرون مع العبرانيين بالطيوب والذهب والأحجار الكريمة و"بالأنسجة الفاخرة" وتشير التوراة كذلك إلى أهل وَدَان "العلا" الذين كانوا يتجرون مع العبرانيين "بالنمارق للركوب" وربما يقصد بذلك نوع من الأثاث، بينما تشير إلى العرب "القبائل البدوية" على أن تجارتهم مع العبرانيين كانت في الماعز والأغنام43، كما نجد مثلا مرجحا من أمثلة العلاقة التجارية بين العبرانيين والعرب في عهد سليمان إذ تذكر لنا التوراة أن سليمان في محاولته لتقوية مملكته وإشاعة الرخاء في أرجائها قد وجه عنايته إلى النشاط التجاري البحري فأنشأ أسطولًا تجاريًّا في عصيون جابر (35) على خليج العقبة "غربي إيلات". قام برحلات تجارية إلى عدد من الأماكن من بينها "أوفير" التي أتى منها هذا الأسطول بكميات وفيرة من الذهب، والرأي الراجح بين الباحثين استنادا إلى بعض ما جاء في التوراة من أسماء الأقوام أو الأماكن وتحديد موقعها، واستنادا إلى مصادر أخرى أن "أوفير" تقع في شبه الجزيرة العربية على السواحل الشرقية أو الجنوبية. وأود أن أؤيد هذا الترجيح بما ذكره هيرودوتوس herodotus شيخ المؤرخين اليونان الذي كتب في أواسط القرن الخامس ق. م. وبما أورده سترابون strabo الجغرافي اليوناني "أواخر القرن الأول ق. م. وأوائل القرن الأول م" عن وجود الذهب في شكله الخالص في شبه الجزيرة العربية (36).

وأخيرا فإن التلمود، وهو الكتاب المكمل للتوراة، يتحدث عن عدد من جوانب الحياة عند العرب وإن كان على الباحث أن يستنتج ذلك بشكل غير مباشر في أغلب الأحوال من حديث كتاب التلمود عن المسائل الفقهية والتشريعية -وهي الموضوع الأساسي لهذا الكتاب- والتي تتطرق إلى ما يجوز وما لا يجوز العمل به في المعاملات بين العبرانيين والعرب، كذلك يجب أن ندخل في اعتبارنا ونحن بصدد الاعتماد على التلمود أن عددا من الأمثلة التي يوردها وهو بسبيل الحديث عن هذه المعاملات تشير إلى عرب سيناء وليس إلى سكان شبه الجزيرة العربية. كما أن هذا الكتاب يشير إلى العرب كثيرا تحت اسم "طييعة" و"طيافة" والنسبة في هذه الأشكال هي إلى قبيلة "طي" العربية المعروفة التي يذهب أحد الباحثين إلى أنها كانت قد أصبحت في وقت تدوين التلمود من أشهر القبائل العربية وأعظمها قوة بحيث غلب اسمها على بقية أسماء القبائل العربية، فأصبح هذا الاسم يطلق على بقية هذه القبائل المجاورة (37).

وأختم الحديث بعرض أمثلة سريعة من حديث التلمود عن العرب وحياتهم وعاداتهم. ففي مجال العقائد والعبادات يذكر هذا الكتاب أن العرب كان لهم معبود هو "نشرا" ونحن نجد ذكر هذا المعبود يرد كذلك في القرآن الكريم على نحو ما أشرت في مناسبة سابقة، وأن مواسم حج الأعراب لم تكن ثابتة وإنما كانت تتغير من حين لآخر حسب ما يجدّ في مواسم السنة. ويشير التلمود إلى حياة الأعراب فيذكر أنهم كانوا دائمي التنقل في البادية. وأما عن عاداتهم فيذكر أن رجال العرب كانوا يعمدون إلى وضع اللثام على وجوههم في أثناء السفر على سبيل الوقاية من الزوابع الرملية، كما كان نساء العرب يغطين وجوههن عند الخروج إلى الأماكن العامة، وهي عادة يرى أحد الباحثين أنها ربما كانت تخص نساء العرب المقيمين في المدن، كما أن بين ما أشار إليه التلمود من صفات العرب هو قدرتهم الخارقة على التعرف على مواضع الماء في الصحراء بمجرد شم الرمال (38)، وهذه دون شك من نوع الحاسة السادسة التي أوجدتها عند العرب ظروف الجفاف التي سيطرت على شبه الجزيرة والتي أكسبت العرب بالضرورة هذا النوع من الخبرة التي لا يمكن الاستغناء عنها تحت هذه الظروف.

____________

(1) عاد الأولى، سورة النجم: 50؛ ارتباط عاد الأولى بالأحقاف، سورة الأحقاف: 21، هذا ورغم أن الأحقاف تعني لغويًّا الكثبان الرملية، أو على حد ما جاء في القاموس المحيط للفيروزآبادي "طبعة القاهرة 1913م" الرمل العظيم المستدير أو المستطيل المشرف "ج3، ص 129" إلا أن الإشارة إليها على طريقة التخصيص في الآية الكريمة تجعل المراد بها هو المكان المسمى بالأحقاف تحديدًا، وهو يقع في القسم الجنوبي الغربي من الربع الخالي في جنوبي شبه الجزيرة.

(2) آثار مساكنها باقية، سورة العنكبوت: 38؛ موقع المنطقة في الشمال الغربي من شبه الجزيرة العربية نستنتجه مع أن قوم عاد كانوا ينحتون في الجبال بيوتا، سورة الأعراف: 74، راجع عن البيوت "الأضرحة" المنحوتة في الجبال الباب الرابع من الآثار والنقوش في هذه الدراسة.

(3) راجع خريطة شبه الجزيرة عند بطلميوس كلاوديوس في ملحق الخرائط، خريطة رقم 4.

(4) plinius:.N.H VI، 32،160.

(5) .STrABO: xvi، 4:21

(6) أقوال أرتميدوس في STRABO: xvi، 4:5، 18-19. أقوال إراتوسثنيس في ذاته: XVI، 1:12،3: 2،4: 2.

(7) راجع الباب الثاني من هذه الدراسة تحت عنوان "الساميون وشبه الجزيرة والعرب".

(8) عن سبأ الشمالية راجع إشارة النصوص الآشورية إليها في القرن الثامن ق. م. "744-727ق. م" على عهد تجلات بيليسر الثالث في ANET ص283 عن سبأ الشمالية في العصر الروماني راجع: strabo: XVI،4:21.

(9) الإعصار المداري له قوة قد تصل إلى ما بين 200 إلى 300 كيلوطن في الثانية، وهذه قوة خارقة إذا أدخلنا في اعتبارنا أن قنبلة هيروشيما -على سبيل المثال- كانت قوتها 20كيلوطن في الثانية أي 1/10 من القوة المذكورة، جريدة le monde، باريس، 18نوفمبر 1970، ص 23، أعمدة 1-3. عن الأعاصير في القرآن راجع أدناه في هذه الدراسة.

(10) سورة الشعراء: 147-148.

(11) الإشارة إلى القصور، سورة الأعراف: 74؛ البيوت المنحوتة في الجبال، السورة ذاتها، الآية ذاتها، قارن سورة الحجر: 80-82، قارن كذلك الآثار التي لا تزال قائمة في مدائن صالح "شمال غربي شبه الجزيرة"، ملحق اللوحات: 9 ج. عن اندثارهم بوجه عام راجع بين آيات أخرى كثيرة: سورة التوبة: 70، الفرقان: 38، ص: 13-15، غافر: 31، 33، الذاريات: 43، 44، النجم: 51، الفجر: 9، 13. إشارة إراتوسثنيس منقولة في سترابون strabo: xvi،4:2.

(12) النص الآشوري الذي يشير إلى ثمود في anet 286؛ عن انتشار النقوش الثمودية في عدد من مناطق شبه الجزيرة بين القرنين الخامس والثالث ق. م. راجع الباب الرابع الخاص بالآثار والنقوش في هذه الدراسة وملحق اللوحات "لوحات 20 أ - ج"؛ عن ظهور الثموديين في كتابات بلينيوس راجع: plinius n.h.vi 32،157. عن تعاصر الثموديين مع العاديين في زمن بطلميوس كلاوديوس راجع ملحق الخرائط "خريطة 4".

(13) راجع حاشية 11 أعلاه.

(14) عن هذا السيل، سورة سبأ: 15، 16. عن السيول في شبه جزيرة العرب بوجه عام، سورة الرعد: 17. عن بقايا السد راجع ملحق اللوحات: لوحة 4. عن شيوع فكرة السدود في شبه الجزيرة بغرض تخزين مياه الأمطار والسيول، راجع الحديث عن سد السملقى "أعلى وادي ليه من ضواحي مدينة الطائف" وسد الحصين جنوبي خيبر في الباب الرابع "الخاص بالآثار والنقوش" من هذه الدراسة، انظر كذلك لوحتي 4 ب - ح في ملحق اللوحات. عن القحط الناتج عن الجفاف الذي سببه تصدع السد ومن ثم ضياع المخزون وراءه من المياه راجع الآيتين في بداية هذه الحاشية.

(15) عن توقيت بداية حكم سليمان، راجع نجيب ميخائيل إبراهيم: مصر والشرق الأدنى القديم ج3 "سورية" ط1 1959، ص234 وحاشية2. وعن نهايته راجع جواد علي: ذاته، ج2 ص64. عن موقف سليمان في المجال الدولي وعن زيارة ملكة سبأ إليه وتطورها من مقدمات متوترة إلى علاقات ودية، راجع سورة النمل: 22، 23، 28-44. عن اتجاه سليمان إلى سياسة بحرية تجارية راجع التوراة، سفر الملوك الثالث، إصحاح 9: 26، 27، المناقشة أدناه في هذا الباب. كذلك فيما يخص نفس الأسلوب في محاولة سليمان تقويته للطريق البحرية التجارية على حساب طريق القوافل البرية، قارن محاولة إغراء الملك الفينيقي حيرام، ملك صور، باستخدام الطريق البحرية بدلا من طريق مصر، راجع نجيب ميخائيل إبراهيم: ذاته، ص231.

(16) عن شعر الجاهلية في مجال العصبية القبلية والعشائرية، على سبيل المثال، دريد بن الصمة "توفي حوالي 630م":

وما أنا إلا من غزية إن غوت ... غويت وأن ترشد غزية أرشد

كذلك عمرو بن كلثوم "القرن السادس م" في المعلقة:

ونشرب إن وردنا الماء صفوًا ... ويشرب غيرنا كدرًا وطينَا

عن سوء معاملة العبيد في العصر الجاهلي كما يصورها القرآن الكريم، البقرة: 177، النساء: 36، التوبة: 60.

(17) قواعد التحديث لجمال الدين القاسمي "دمشق 1353هـ" صفحات 51-53؛ مصطلح الحديث لعبد الغني محمود "مصر، ط2، 1331هـ -1913م" صفحات 2-5، مقتبس في، عمر فروخ: تاريخ الجاهلية، بيروت 1964، ص9 وحاشية 1.

(18) السيد عبد العزيز سالم: تاريخ العرب في العصر الجاهلي، بيروت، 1970، ص20.

(19) عمر فروخ: ذاته، ص 16.

(20) عند تدوين بعض أسفار التوراة بعد فترة رواية شفهية قد تصل إلى قرنين أو ثلاثة قرون وما يترتب على ذلك من تداخل في الأحداث من الناحية الزمنية قد يصل إلى قرن كامل راجع التداخل بين الأسماء الواردة في سفر عزرا: الإصحاح الثاني "في صدد العودة من السبي" وتلك الموجودة في سفر نحيما: الإصحاح السابع. عن تفصيل التداخل راجع، نجيب ميخائيل إبراهيم: مصر والشرق الأدنى القديم، ط1، ج3 "سورية"، الأسكندرية، 1959، ص312. كذلك قصة سبأ وزيارتها لسليمان "راجع أدناه في هذا الباب" دونت بعد تداولها شفهيا بعدة قرون، راجع، جواد علي: ذاته، ج1، ص636، أرض العرب في التوراة يقصد بها الصحراء راجع، نبوءة أشعيا، إصحاح 33: 9؛ نبوءة أرميا، إصحاح 50: 12، و51: 43، وفيهما ترد تسمية "مساها عرب" بهذا المعنى. عن سكان عرب من الحضر لا يوصفون بوصف "عرب" وإنما ينسبون إلى مواطن إقامتهم راجع عن أهل سبأ: نبوءة يوئيل، الإصحاح3: 8 عن الدادانيين، نبوءة أشعيا، 12: 13 عن سكان أرض تيماء ذاته: 21: 14، عن يازبز الهجري، سفر أخبار الملوك الأول، 28: 30.

(21) منطقة عوص، سفر أيوب، 1: 1، بني قدم، ذاته، 1: 3، أملاك أيوب، ذاته، الموضع ذاته، هجوم السبئيين، ذاته: 1: 15، هجوم الكلدانيين، ذاته، 1: 17.

(22) راجع جواد علي: ذاته، ج1، ص631 وحاشية 2.

(23) عن بداية حكم الكلدانيين في وادي الرافدين راجع: GeORGE ROUX: ANCIENT IRAQ، صفحات 338 وما بعدها. عن إشارة النصوص الآشورية إلى سبأ الموجودة في الشمال راجع القسم الأول من هذا الباب، وتجدر الإشارة هنا أن بوسعنا أن نحدد تاريخ هذا السفر استنادا إلى تاريخ قيام حكم الكلدانيين في وادي الرافدين "الفقرة التالية لعام 612 ق. م".

(24) جواد علي: ذاته، ج1 صفحات 633-634 وحاشية 1 في 634.

(25) عن نص التوراة، إخبار الأيام الثاني، إصحاح 16:21-17، عن شدة هذا الهجوم، السفر ذاته، إصحاح 22: 1، صاحب رأي عرب اليمن هو ماجوليوت margoliouth وصاحب رأي عرب سيناء هو موسل musil، الرأيان مقتبسان في جواد علي: ذاته، ج1، ص643 وحاشية 1و2 وفي الصفحة ذاتها.

(26) راجع عن الهجرات من اليمن وأسبابها الباب الثاني "الساميون وشبه الجزيرة والعرب" من هذه الدراسة. راجع عن المبالغات، ما جاء من مبالغات الأعداد في النصوص الآشورية في الباب الرابع الخاص بالآثار والنقوش في هذه الدراسة.

(27) عن الاتجاه البحري لسليمان راجع، سفر الملوك الثالث، إصحاح 9: 26، والباب الخاص بالعلاقات الخارجية لشبه الجزيرة القسم الثالث من هذه الدراسة.

(28) إخبار الأيام الثاني، إصحاح 26: 6-8.

(29) alois musil: northen hagaz، ص274.

(30) montgomery: Arabia، ص30.

(31) عن موقع عمون على الطريق التجارية بين بصرى والبتراء راجع: "rene dussaud: la penetration des arabes en syrie avant l'lslam 1955 paris". ص154. راجع كذلك خريطة رقم 2 في: krammer: petra et "paris 1929" la nabatene. عن استقرار المعينيين حول منطقة العلا الحالية في شمالي غربي شبه الجزيرة راجع dussaud: ذاته، ص 48.

(32) إخبار الأيام الثاني، إصحاح 26: 2 و6-8 ويجدر بنا في هذا الصدد أن نشير إلى أن العرب كانوا قد بدءوا قبل هذه الفترة ينضمون إلى تحالفات في هذه المنطقة ضد بعض القوات التي تريد اجتياحها والسيطرة عليها، وذلك حسبما تشير الملابسات وموقع المنطقة حرصا على مصلحة تجارية تتأثر بهذه التحركات، كما حدث على سبيل المثل حين انضم جندبو -وهو زعيم عربي- بقوة عسكرية من راكبي الجمال إلى الحلف المؤلف من ملوك دمشق وحماة وأرواد ومدن سورية أخرى ضد الملك الآشوري شلمنصر الثالث "858-824 ق. م." في السنة السادسة من حكمه، راجع النص في ANET ص279، عن مناقشته راجع الباب الخاص بالوضع السياسي في مجتمع شبه الجزيرة في القسم الثالث من هذه الدراسة.

(33) نبوءة نحميا، إصحاح 4: 7 -21، 6: 2-16.

(34) نبوءة بوئيل، إصحاح 3: 6-8.

(35) سفر الملوك الأول، إصحاح 10: 10، 14 وما بعدهما، إخبار الأيام الثاني، إصحاح 9: 13 وما بعدها. ويجدر بنا أن نشير هنا إلى أن المقصود بملوك العرب هو على الأرجح رؤساء أو شيوخ القبائل العربية.

44 سفر الملوك الأول، إصحاح 9: 26 وما بعدها، 10: 11. إخبار الأيام الثاني، إصحاح 9: 10؛ آراء الذين تناولوا الموضوع، وهم، DUNBOW، HASTINGS Glaser معروضة في جواد علي: ذاته، ج1، صفحات 638-639. السبب المرجح لهذه الآراء هو ورود اسم أوفير في التوراة "سفر التكوين، إصحاح 10: 26-29" على أنه اسم أحد أبناء يقطان "قحطان في العربية" ونظرا لأن مواطن اليقطانيين هي من ميشا وأنت آت "الإصحاح ذاته: 30" وحيث إن ميشا يرجح أن تكون ميسان الحالية على رأس الخليج العربي و"سفار" يرجح أنها تشير إلى ظفار الحالية على مقربة من وسط الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة العربية فتكون أوفير على الساحل في مكان ما بين الموقعين. كذلك يرى جواد علي: ذاته، ص639 إمكانية تطابق اسم أوفير مع موضع "الحفير" الذي ذكره الهمداني في "صفة جزيرة العرب" تحت عنوان معادلة اليمامة عندما قال: إن بهذا الموضع معدن ذهب غزيرًا، وبما أن "الحفير" تكون بموضعها هذا بعيدة عن ساحل البحر فيقترح جواد علي، تخطيًا للتناقض، أن يكون بحارة أسطول سليمان التجاري قد اشتروا ذهب أوفير من إحدى الموانئ العربية الجنوبية، وظن كتاب التوراة أن أوفير تقع على الساحل.

(36) راجع الباب الثامن الخاص بالوضع الاقتصادي في القسم الثالث من هذه الدراسة.

(37) قارن ذلك بظهور اسم الطائيين تحت اسم طاويني tavani عند الكاتب الروماني بلينيوس في أواسط القرن الأول الميلادي plinius: N،H، VI، 32:157.

(38) عن ورود اسم نشرا وعن تغيير مواسم الحج راجع عبودة زاره: 11ب، عن التنقل الدائم، راجع هلوت، 28: 10، عن تلثم الرجال، موعيد قطان: 24، عن تحجب النساء العربيات راجع، شيت، 6: 6، عن ربط هذه العادة الأخيرة بنساء المدن راجع، جواد علي: ذاته، ص653، عن التعرف على مواضع الماء في الرمال راجع، بابا بترا:273.

 

 

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).





اللجنة التحضيرية للمؤتمر الحسيني الثاني عشر في جامعة بغداد تعلن مجموعة من التوصيات
السيد الصافي يزور قسم التربية والتعليم ويؤكد على دعم العملية التربوية للارتقاء بها
لمنتسبي العتبة العباسية قسم التطوير ينظم ورشة عن مهارات الاتصال والتواصل الفعال
في جامعة بغداد.. المؤتمر الحسيني الثاني عشر يشهد جلسات بحثية وحوارية