أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/وصايا ومواعظ/النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن
علي الطوسي (رحمه الله)، قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا رجاء بن يحيى
بن الحسين العبرتائي الكاتب سنة أربع عشرة وثلاث مائة وفيها مات، قال. حدثنا محمد بن
الحسن بن شمون، قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن الفضيل بن يسار، عن وهب
بن عبد الله بن أبي دبي الهنائي، قال: حدثني أبو حرب بن أبي الأسود الدؤلي، عن أبيه
أبي الأسود، قال: قدمت الربذة فدخلت على أبي ذر جندب بن جنادة فحدثني أبو ذر، قال:
دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله (صلى الله عليه وآله) في مسجده، فلم أر في
المسجد أحدا من الناس إلا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام) إلى جانبه
جالس، فاغتنمت خلوة المسجد، فقلت.
يا رسول الله، بأبي أنت وأمي أوصني بوصية
ينفعني الله بها. فقال: نعم وأكرم بك يا أبا ذر، إنك منا أهل البيت، وإني موصيك بوصية
إذا حفظتها فإنها جامعة لطرق الخير وسبله، فإنك إن حفظتها كان لك بها كفلان.
يا أبا ذر، اعبد الله كأنك تراه، فإن كنت
لا تراه فإنه (عز وجل) يراك، واعلم أن أول عبادته المعرفة به فإنه الأول قبل كل شئ
فلا شئ قبله، والفرد فلا ثاني معه، والباقي لا إلى غاية، فاطر السماوات والأرض وما
فيهما وما بينهما من شئ، وهو الله اللطيف الخبير، وهو على كل شئ قدير، ثم الايمان بي
والاقرار بأن الله (عز وجل) أرسلني إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بأذنه
وسراجا منيرا، ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
واعلم يا أبا ذر، أن الله (تعالى) جعل أهل
بيتي كسفينة النجاة في قوم نوح، من ركبها نجا، ومن رغب عنها غرق، ومثل باب حطة في بني
إسرائيل من دخلها كان آمنا.
يا أبا ذر، احفظ ما أوصيتك به تكن سعيدا
في الدنيا والآخرة.
يا أبا ذر، نعمتان مغبون فيهما كثير من
الناس: الصحة، والفراغ.
يا أبا ذر، اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل
هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك.
يا أبا ذر، إياك والتسويف بأملك، فإنك بيومك
ولست بما بعده، فإن يكن غد لك تكن في الغد كما كنت في اليوم، له ان لم يكن غد لك لم
تندم على ما فرطت في اليوم.
يا أبا ذر، كم من مستقبل يوما لا يستكمله
ومنتظر غدا لا يبلغه.
يا أبا ذر، لو نظرت إلى الاجل ومسيره لأبغضت
الامل وغروره.
يا أبا ذر، كن في الدنيا كأنك غريبا وكعابر
سبيل، وعد نفسك في أهل القبور.
يا أبا ذر، إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء،
وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح، وخذ من صحتك قبل سقمك، ومن حياتك قبل موتك، - فإنك
لا تدري ما اسمك غدا.
يا أبا ذر، إياك أن تدركك الصرعة عند الغرة
فلا تمكن من الرجعة، ولا يحمدك من خلفت بما تركت، ولا يعذرك من تقدم عليه بما به اشتغلت.
يا أبا ذر، ما رأيت كالنار نام هاربها،
ولا مثل الجنة نام طالبها.
يا أبا ذر، كن على عمرك أشح منك على درهمك
ودينارك.
يا أبا ذر، هل ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا،
أو فقيرا منسيا، أو مرضا مضنيا، أو هرما مفندا ، أو موتا محيرا أو الدجال فإنه شر غائب
ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر.
يا أبا ذر، إن شر الناس عند الله (تعالى)
يوم القيامة عالم لا ينتفع بعلمه، ومن طلب علما ليصرف به وجوه الناس إليه لم يجد ريح
الجنة.
يا أبا ذر، إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل:
لا أعلمه. تنج من تبعته، ولا تفت الناس بما لا علم لك به تنج من عذاب يوم القيامة.
يا أبا ذر، يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم
من أهل النار فيقولون: ما أدخلكم النار، وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم وتعليمكم!
فيقولون: إنا كنا نأمركم بالخير ولا نفعله.
يا أبا ذر، إن حقوق الله أعظم من أن يقوم
بها العباد، وإن نعم الله (عز وجل) أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أمسوا تائبين وأصبحوا
تائبين.
يا أبا ذر، إنكم في ممر الليل والنهار في
آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن يزرع خيرا يوشك أن يحصد رغبة، ومن
يزرع شرا يوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع ما زرع.
يا أبا ذر، لا يسبق بطئ بحظه، ولا يدرك
حريص ما لم يقدر له، ومن أعطى خيرا فالله (عز وجل) أعطاه، ومن وقى شرا فإن الله وقاه.
يا أبا ذر، المتقون سادة، والفقهاء قادة،
ومجالستهم زيادة.
يا أبا ذر، إن المؤمن ليرى ذنبه كأنه تحت
صخرة يخاف أن تقع عليه، والكافر يرى ذنبه كأنه ذباب مر على أنفه.
يا أبا ذر، إن الله إذا أراد بعبد خيرا
جعل الذنوب بين عينيه ممثلة.
يا أبا ذر، لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن
انظر إلى من عصيت.
يا أبا ذر، إن نفس المؤمن أشد تقلبا وخيفة
من العصفور حين يقذف به في شرك.
يا أبا ذر، من وافق قوله فعله فذاك الذي
أصاب حظه، ومن خالف قوله فعله فذلك المرء إنما يوبخ نفسه.
يا أبا ذر، إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب
يصيبه.
يا أبا ذر، إنك إذا طلبت شيئا من الآخرة
واتبعته تيسر لك، وإذا رأيت شيئا من أمر الدنيا واتبعته عسر عليك، فإنك على حال خشيته.
يا أبا ذر، لا تنطق فيما لا يعنيك فإنك
لست منه في شئ واحرز لسانك كما تحرز رزقك.
يا أبا ذر، إن الله (جل ثناؤه) ليدخل قوما
الجنة فيعطيهم حتى تنتهي أمانيهم، وفوقهم قرم في الدرجات العلى، فإذا نظروا إليهم عرفوهم
فيقولون. ربنا إخواننا كنا معهم في الدنيا، فبم فضلتهم علينا؟ فيقال: هيهات، إنهم كانوا
يجوعون حين تشبعون، ويظمأون حين تروون، ويقومون حين تنامون، ويشخصون حين تخفضون.
يا أبا ذر، إن الله (تعالى) جعل قرة عيني
في الصلاة وحببها إلي كما حبب إلى الجائع الطعام، وإلى الظمآن الماء، فإن الجائع إذا
أكل الطعام شبع، وإذا شرب الماء روي، وأنا لا أشبع من الصلاة.
يا أبا ذر، إن الله (تعالى) بعث عيسى بن
مريم بالرهبانية، وبعثت بالحنيفية السمحة، وحببت إلي النساء والطيب، وجعلت في الصلاة
قرة عيني.
يا أبا ذر، أيما رجل تطوع في يوم اثنتي
عشرة ركعة سوى المكتوبة، كان له حقا واجبا بيت في الجنة.
يا أبا ذر، صلاة في مسجدي هذا تعدل مائة
ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام تعدل مائة
ألف صلاة في غيره، وأفضل من هذا كله صلاة يصليها الرجل في بيته حيث لا يراه إلا الله
(عز وجل) يطلب بها وجه الله (تعالى).
يا أبا ذر، إنك ما دمت في الصلاة فإنك تقرع
باب الملك، ومن يكثر قرع باب الملك يفتح.
يا أبا ذر، ما من مؤمن يقوم إلى الصلاة
إلا تناثر عليه البر ما بينه وبين العرش، ووكل به ملك ينادي: يا بن آدم، لو تعلم ما
لك في صلاتك ومن تناجي ما سئمت ولا التفت.
يا أبا ذر، طوبى لأصحاب الألوية يوم القيامة،
يحملونها فيسبقون الناس إلى الجنة، ألا وهم السابقون إلى المساجد بالاسحار وغيرها.
يا أبا ذر، لا تجعل بيتك قبرا، واجعل فيه
من صلاتك يضئ بها قبرك.
يا أبا ذر، الصلاة عمود الدين واللسان أكبر،
والصدقة تمحو الخطيئة واللسان أكبر.
يا أبا ذر، الدرجة في الجنة فوق الدرجة
كما بين السماء والأرض، وإن العبد ليرفع بصره فيلمع له نور يكاد يخطف بصره، فيفرح فيقول:
ما هذا؟ فيقال. هذا نور أخيك المؤمن. فيقول: هذا أخي فلان، كنا نعمل جميعا في الدنيا،
وقد فضل علي هكذا! فيقال: إنه كان أفضل منك عملا، ثم يجعل في قلبه الرضا حتى يرضى.
يا أبا ذر، الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر،
وما أصبح فيها مؤمن إلا وهو حزين، وكيف لا يحزن المؤمن وقد أوعده الله أنه وارد جهنم
ولم يعده أنه صادر عنها!
يا أبا ذر، ومن أوتي من العلم ما لا يعمل
به لحقيق أن يكون أوتي علما لا ينفعه الله (عز وجل) به، لان الله (جل ثناؤه) نعت العلماء
فقال: (إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا " إلى
قوله: ﴿يبكون﴾ .
يا أبا ذر، من استطاع أن يبكي قلبه فليبك،
ومن لم يستطع فليشعر قلبه الحزن وليتباك.
يا أبا ذر، إن القلب القاسي بعيد من الله
ولكن لا تشعرون.
يا أبا ذر، ما من خطيب إلا عرضت عليه خطبته
يوم القيامة وما أراد بها.
يا أبا ذر، إن صلاة النافلة في السر تفضل
على العلانية كفضل الفريضة على النافلة.
يا أبا ذر، ما يتقرب العبد إلى الله بشئ
أفضل من السجود.
يا أبا ذر، أذكر الله ذكرا خاملا. قلت:
يا رسول الله، وما الذكر الخامل؟ قال: الذكر الخفي.
يا أبا ذر، يقول الله (عز وجل): لا أجمع
على عبدي خوفين، ولا أجمع له أمنين، فإذا أمنني أخفته يوم القيامة، وإذا خافني أمنته
يوم القيامة.
يا أبا ذر، لو أن رجلا كان له مثل عمل سبعين
نبيا لاحتقره وخشي أن لا ينجو من شر يوم القيامة.
يا أبا ذر، إن العبد لتعرض عليه ذنوبه يوم
القيامة فيقول: أما إني قد كنت منك مشفقا، فيغفر له.
يا أبا ذر، إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل
عليها، ويعمل المحقرات فيأتي الله (عز وجل) وهو من الأشقياء، وإن الرجل ليعمل السيئة
فيفرق منها فيأتي الله (عز وجل) آمنا يوم القيامة.
يا أبا ذر، إن العبد ليذنب فيدخل إلى الله
بذنبه ذلك الجنة. فقلت. وكيف ذلك، يا رسول الله؟ قال: يكون ذلك الذنب نصب عينه تائبا
منه فارا إلى الله حتى يدخل الجنة.
يا أبا ذر، إن الكيس من دان نفسه وعمل لما
بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه وهواها، وتمنى على الله (عز وجل) الأماني.
يا أبا ذر، إن أول شئ يرفع من هذه الأمة
الأمانة والخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعا.
يا أبا ذر، والذي نفس محمد بيده لو أن الدنيا
كانت تعدل عند الله (عز وجل) جناح بعوضة ما سقى الكافر والفاجر منها شربة من ماء.
يا أبا ذر، إن الدنيا ملعونة، ملعون ما
فيها إلا ما ابتغى به وجه الله (عز وجل).
يا أبا ذر، ما من شئ أبغض إلى الله من الدنيا،
خلقها ثم أعرض عنها فلم ينظر إليها، ولا ينظر إليها حتى تقوم الساعة، وما من شئ أحب
إلى الله (تعالى) من الايمان به وترك ما أمر أن يترك.
يا أبا ذر، إن الله (تعالى) أوحى إلى أخي
عيسى (عليه السلام): يا عيسى، لا تحب الدنيا فإني لست أحبها، وأحب الآخرة فإنها دار
المعاد.
يا أبا ذر، إن جبرئيل (عليه السلام) أتاني
بخزائن الدنيا على بغلة شهباء، فقال: يا محمد، إن هذه خزائن الأرض ولا تنقصك من حظك
عند ربك (تعالى)، فقلت: حبيبي جبرئيل، لا حاجة لي فيها، إذا شبعت شكرت ربي، وإذا جعت
سألته.
يا أبا ذر، إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه
في الدين، وزهده في الدنيا، وبصره بعيوب نفسه.
يا أبا ذر، ما زهد عبد في الدنيا إلا أثبت
الله الحكمة في قلبه، وأنطق بها لسانه، وبصره عيوب الدنيا وداءها ودواءها، وأخرجه منها
سالما إلى دار السلام.
يا أبا ذر، إذا رأيت أخاك قد زهد في الدنيا
فاستمع منه، فإنه يلقي إليك الحكمة. ففلت: يا رسول الله، من أزهد الناس؟ قال: من لم
ينس المقابر والبلى، وترك ما يفنى لما يبقى، ومن لم يعد غدا من أيامه، وعد نفسه في
الموتى.
يا أبا ذر، إن الله (تعالى) لم يوح إلي
أن أجمع المال، لكن أوحى إلي أن سبح بحمد ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك
اليقين .
يا أبا ذر، إني ألبس الغليظ، وأجلس على
الأرض، وأركب الحمار بغير سرج، وأردف خلفي، فمن رغب عن سنتي فليس مني.
يا أبا ذر، حب المال والشرف مذهب لدين الرجل.
قال: قلت: يا رسول الله، الخائفون الخاضعون
المتواضعون الذاكرون الله كثيرا يستبقون الناس إلى الجنة؟ قال: لا، ولكن فقراء المؤمنين،
فإنهم يأتون يوم القيامة فيتخطون رقاب الناس، فيقول لهم خزنة الجنة: كما أنتم حتى تحاسبوا.
فيقولون: بم نحاسب! فوالله ما ملكنا حتى نجور ونعدل، ولا أفيض علينا فنقبض ونبسط، ولكنا
عبدنا ربنا حتى أتانا اليقين.
يا أبا ذر، إن الدنيا مشغلة للقلب والبدن،
فإن الله (عز وجل) يسأل أهل الدنيا عما نعموا في حلالها، فكيف بما نعموا في حرامها!
يا أبا ذر، إني قد سألت الله (عز وجل) أن
يجعل رزق من أحبني الكفاف، ويعطي من أبغضني المال والبنين.
يا أبا ذر، طوبى للزاهدين في الدنيا، الراغبين
في الآخرة، الذين اتخذوا أرض الله بساطا، وترابها فراشا، وماءها طيبا، واتخذوا الكتاب
شعارا، والدعاء لله دثارا، وقرضوا الدنيا قرضا.
يا أبا ذر، إن حرث الآخرة العمل الصالح،
وحرث الدنيا المال والبنون.
يا أبا ذر، إن ربي (تبارك اسمه) أخبرني،
فقال: وعزتي وجلالي، ما أدرك العابدون درك البكاء عندي شيئا، واني لابني لهم في الرفيق
الاعلى قصرا لا يشاركهم فيه أحد.
قال: قلت: يا رسول الله، أي المؤمنين أكيس؟
قال: أكثرهم للموت ذكرا، وأحسنهم له استعدادا.
يا أبا ذر، إذا دخل النور القلب انفتح القلب
واستوسع. قلت: فما علامة ذلك، بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال: الإنابة إلى دار الخلود،
والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله.
يا أبا ذر، اتق الله ولا تري الناس أنك
تخشى الله فيكرموك وقلبك فاجر.
يا أبا ذر، إن لله ملائكة قياما من خيفته
ما رفعوا رؤوسهم حتى ينفخ في الصور النفخة الآخرة، فيقولون جميعا: سبحانك وبحمدك ما
عبدناك كما ينبغي لك أن نعبد، ولو كان لرجل عمل سبعين نبيا لاستقل عمله من شده ما يرى
يومئذ، ولو أن دلوا صب من غسلين في مطلع الشمس لغلت منه جماجم من في مغربها، ولو أن
زفرات جهنم زفرت لم يبق ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خر جاثيا على ركبتيه، يقول: رب نفسي
نفسي حتى ينسى إبراهيم إسحاق (عليهما السلام) يقول: يا رب أنا خليلك إبراهيم لا تنسني.
يا أبا ذر، لو أن امرأة من نساء أهل الجنة
أطلعت من سماء الدنيا في ليلة ظلماء لأضاءت لها الأرض أفضل مما يضئ القمر ليلة البدر،
ولوجد ريح نشرها جميع أهل الأرض، ولو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في الدنيا
لصق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم.
يا أبا ذر، اخفض صوتك عند الجنائز، وعند
القتال، وعند القرآن.
يا أبا ذر، إذا تبعت جنازة فليكن عقلك فيها
مشغولا بالتفكر والخشوع، واعلم أنك لاحق به.
يا أبا ذر، اعلم أن كل شئ إذا فسد فالملح
دواؤه، فإذا فسد الملح فليس له دواء - قال الشيخ: هذا المثل لعلماء السوء - واعلم أن
فيكم خلتين: الضحك من غير عجب، والكسل من غير سهر.
يا أبا ذر، ركعتان مقتصرتان في تفكر خير
من قيام ليلة والقلب ساه.
يا أبا ذر، الحق ثقيل مر، والباطل خفيف
حلو، ورب شهوة ساعة تورث حزنا طويلا.
يا أبا ذر، لا يفقه الرجل كل الفقه حتى
يرى الناس كلهم في جنب الله أمثال الأباعر، ثم يرجع إلى نفسه فيكون هو أحقر حاقر لها.
يا أبا ذر، لا يصيب الرجل حقيقة الايمان
حتى يرى الناس كلهم حمقى في دينهم عقلاء في دنياهم.
يا أبا ذر، حاسب نفسك قبل أن تحاسب، فإنه
أهون لحسابك غدا، وزن نفسك قبل أن توزن، وتجهز للعرض الأكبر يوم تعرض لا يخفى على الله
خافية، استح من الله، فإني والذي نفسي بيده لا ظل حين أذهب إلى الغائط متقنعا بثوبي
استحي من الملكين اللذين معي.
يا أبا ذر، أتحب أن تدخل الجنة؟ قلت: نعم
فداك أبي. قال: فاقصر من الامل، واجعل الموت نصب عينك، واستح من الله حق الحياء.
قال: قلت يا رسول الله، كلنا نستحي من الله.
قال: ليس كذلك الحياء، ولكن الحياء من الله أن لا تنسى المقابر والبلى، والجوف وما
وعى، والرأس وما حوى، فمن أراد كرامة الاجر فليدع زينة الدنيا، فإذا كنت كذلك أصبت
ولاية الله.
يا أبا ذر، يكفي من الدعاء مع البر ما يكفي
الطعام من الملح.
يا أبا ذر، مثل الذي يدعو بغير عمل، كمثل
الذي يرمي بغير وتر.
يا أبا ذر، إن الله يصلح بصلاح العبد ولده
وولد ولده، ويحفظه في دويرته والدور حوله ما دام فيهم.
يا أبا ذر، إن ربك (عز وجل) يباهي الملائكة
بثلاثة نفر. رجل يصبح في الأرض فردا، فيؤذن ثم يصلي، فيقول ربك للملائكة: انظروا إلى
عبدي يصلي ولا يراه أحد غيري، فينزل سبعون ألف ملك يصلون وراءه ويستغفرون له إلى الغد
من ذلك اليوم، ورجل قام من الليل فصلى وحده فسجد ونام وهو ساجد، فيقول (تعالى): انظروا
إلى عبدي روحه عندي، وجسده في طاعتي ساجد، ورجل في زحف فر أصحابه وثبت وهو يقاتل حتى
يقتل.
يا أبا ذر، ما من رجل يجعل جبهته في بقعة
من بقاع الأرض إلا شهدت له بها يوم القيامة، وما من منزل نزله قوم إلا وأصبح ذلك المنزل
يصلي عليهم أو يلعنهم.
يا أبا ذر، ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع
الأرض ينادي بعضها بعضا: يا جارة، هل مر بك اليوم ذاكر لله (تعالى)، أو عبد وضع جبهته
عليك ساجدا لله (تعالى)؟ فمن قائلة:
لا. ومن قائلة: نعم، فإذا قالت: نعم، اهتزت
وانشرحت وترى أن لها فضلا على جارتها.
يا أبا ذر، إن الله (جل ثناؤه) لما خلق
الأرض وخلق ما فيها من الشجر، لم يكن في الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها
منفعة، فلم تزل الأرض والشجر كذلك حتى تكلم فجرة بني آدم، والكلمة العظيمة قولهم: اتخذوا
لله ولدا، فلما قالوها اقشعرت الأرض وذهبت منفعة الأشجار.
يا أبا ذر، إن الأرض لتبكي على المؤمن إذا
مات أربعين صباحا.
يا أبا ذر، إذا كان العبد في أرض قفر فتوضأ
أو تيمم ثم أذن وأقام وصلى، أمر الله (عز وجل) الملائكة فصفوا خلفه صفا لا يرى طرفاه،
يركعون بركوعه، ويسجدون بسجوده، ويؤمنون على دعائه.
يا أبا ذر، من أقام ولم يؤذن، لم يصل معه
إلا الملكان اللذان معه.
يا أبا ذر، ما من شاب يدع لله الدنيا ولهوها،
وأهرم شبابه في طاعة الله، إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقا.
يا أبا ذر، الذاكر في الغافلين كالمقاتل
في الفارين..
يا أبا ذر، الجليس الصالح خير من الوحدة،
والوحدة خير من جليس السوء، وإملاء الخير خير من السكوت، والسكوت خير من إملاء الشر.
يا أبا ذر، لا تصاحب إلا مؤمنا، ولا يأكل
طعامك إلا تقي، ولا تأكل طعام الفاسقين.
يا أبا ذر، أطعم طعامك من تحبه في الله،
وكل طعام من يحبك في الله (عز وجل).
يا أبا ذر، إن الله (عز وجل) عند لسان كل
قائل، فليتق الله امرؤ، وليعلم ما يقول.
يا أبا ذر، اترك فضول الكلام، وحسبك من
الكلام ما تبلغ به حاجتك.
يا أبا ذر، كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل
ما سمعه.
يا أبا ذر، ما من شئ أحق بطول السجن من
اللسان.
يا أبا ذر، إن من إجلال الله إكرام العلم
والعلماء، وذي الشيبة المسلم، واكرام حملة القرآن وأهله، واكرام السلطان المقسط.
يا أبا ذر، من فر من رزقه كما يفر من الموت
لأدركه رزقه كما يدركه الموت.
يا أبا ذر، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله
(عز وجل) بهن؟ قلت: بلى، يا رسول الله.
قال: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك،
تعرف إلى الله (عز وجل) في الرخاء يعرفك في الشدة، وإذا سألت فاسأل الله (عز وجل)،
وإذا استعنت فاستعن بالله، فقد جرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، فلو أن الخلق
كلهم جهدوا أن ينفعوك بشئ لم يكتب لك ما قدروا عليه، ولو جهدوا أن يضروك بشئ لم يكتبه
الله عليك ما قدروا عليه، فإن استطعت أن تعمل لله (عز وجل) بالرضا في اليقين فافعل،
وإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، وان النصر مع الصبر، والفرج مع
الكرب، وإن مع العسر يسرا.
يا أبا ذر، استغن بغناء الله يغنك الله.
فقلت: وما هو، يا رسول الله؟ فقال: غداء يوم وعشاء ليلة، فمن قنع بما رزقه الله فهو
أغنى الناس.
يا أبا ذر، إن الله (تبارك وتعالى) يقول:
إني لست كل كلام الحكيم أتقبل ولكن همه وهواه، فإن كان همه وهواه فيما أحب وأرضى جعلت
صمته حمدا لي ووقارا وإن لم يتكلم.
يا أبا ذر، إن الله (تبارك وتعالى) لا ينظر
إلى صوركم ولا إلى أموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
يا أبا ذر، التقوى التقوى هاهنا، وأشار
إلى صدره.
يا أبا ذر، أربع لا يصيبهن إلا مؤمن: الصمت
وهو أول العبادة، والتواضع لله (سبحانه وتعالى)، وذكر الله (سبحانه وتعالى) في كل حالة،
وقلة الشئ، يعني قلة المال.
يا أبا ذر، هم بالحسنة، وإن لم تعملها،
لكيلا تكتب من الغافلين.
يا أبا ذر، من ملك ما بين فخذيه وبين لحييه
دخل الجنة. قلت: يا رسول الله، إنا لنؤخذ بما تنطق به ألسنتنا؟ قال: يا أبا ذر، وهل
يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم، إنك لا تزال سالما ما سكت، فإذا
تكلمت كتب لك أو عليك.
يا أبا ذر، إن الرجل يتكلم بالكلمة من رضوان
الله (جل ثناؤه) فيكتب له بها رضوانه إلى يوم القيامة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة في
المجلس ليضحكهم بها فيهوي في جهنم ما بين السماء والأرض.
يا أبا ذر، ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك القوم،
ويل له، ويل له، ويل له.
يا أبا ذر، من صمت نجا، فعليك بالصدق، ولا
تخرجن من فيك كذبة أبدا.
قلت: يا رسول الله، فما توبة الرجل الذي
يكذب متعمدا؟ قال: الاستغفار، والصلوات الخمس تغسل ذلك.
يا أبا ذر، إياك والغيبة، فإن الغيبة أشد
من الزنا. قلت: يا رسول الله، وما ذاك بأبي أنت وأمي؟ قال: لان الرجل يزني فيتوب إلى
الله فيتوب الله عليه، والغيبة لا تغفر حتى يغفرها صاحبها.
يا أبا ذر، سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر،
وأكل لحمه من معاصي الله، وحرمة ماله كحرمة دمه.
قلت: يا رسول الله، ما الغيبة؟ قال: ذكرك
أخاك بما يكرهه. قلت: يا رسول الله، فإن كان فيه ذاك الذي يذكر به. قال: اعلم إذا ذكرته
بما هو فيه فقد اغتبته، وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد بهته.
يا أبا ذر، من ذب عن أخيه المؤمن الغيبة
كان حقه على الله (عز وجل) أن يعتقه من النار.
يا أبا ذر، من اغتيب عنده أخوه المسلم وهو
يستطيع نصره فنصره، نصره الله (عز وجل) في الدنيا والآخرة، فإن خذله وهو يستطيع نصره
خذله الله في الدنيا والآخرة.
يا أبا ذر، لا يدخل الجنة قتات. قلت: ما
القتات؟ قال: النمام.
يا أبا ذر، صاحب النميمة لا يستريح من عذاب
الله (عز وجل) في الآخرة.
يا أبا ذر، من كان ذو وجهين ولسانين في
الدنيا، فهو ذو لسانين في النار.
يا أبا ذر، المجالس بالأمانة، وإفشاؤك سر
أخيك خيانة فاجتنب ذلك، واجتنب مجلس العشيرة.
يا أبا ذر، تعرض أعمال أهل الدنيا على الله
من الجمعة إلى الجمعة في يوم الاثنين والخميس. يغفر لكل عبد مؤمن إلا
عبدا كان بينه وبين أخيه شحناء، فيقال:
اتركوا عمل هذين حتى يصطلحا.
يا أبا ذر، إياك والهجران لأخيك المؤمن،
فإن العمل لا يتقبل مع الهجران.
يا أبا ذر، من أحب أن يتمثل له الرجال قياما
فليتبوأ مقعده من النار.
يا أبا ذر، من مات وفي قلبه مثقال ذرة من
كبر، لم يجد رائحة الجنة إلا أن يتوب قبل ذلك. فقال رجل: يا رسول الله، إني ليعجبني
الجمال حتى وددت أن علاقة سوطي وقبال نعلي حسن، فهل ترهب علي ذلك؟ فقال: كيف تجد قلبك؟
قال:
أجده عارفا للحق مطمئنا إليه. قال: ليس
ذلك بالكبر، ولكن الكبر أن تترك الحق وتتجاوزه إلى غيره، وتنظر إلى الناس فلا ترى أحدا
عرضه كعرضك ولا دمه كدمك.
يا أبا ذر، أكثر من يدخل النار المستكبرون.
فقال رجل: وهل ينجو من الكبر أحد، يا رسول الله؟ قال: نعم، من لبس الصوف، وركب الحمار،
وحلب العنز، وجالس المساكين.
يا أبا ذر، من حمل بضاعته، فقد برئ من الكبر،
يعني ما يشتري من السوق.
يا أبا ذر، من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله
(تعالى) إليه يوم القيامة.
يا أبا ذر، إزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه،
ولا جناح عليه فيما بينه وبين كعبه.
يا أبا ذر، من رقع ذيله، وخصف نعله، وعفر
وجهه، فقد برئ من الكبر.
يا أبا ذر، من كان له قميصان فليلبس أحدهما
وليكن الآخر لأخيه.
يا أبا ذر، سيكون ناس من أمتي يولدون في
النعيم ويغذون به، همتهم ألوان الطعام والشراب، ويمدحون بالقول، أولئك شرار أمتي.
يا أبا ذر، من ترك لبس الجمال، وهو يقدر
عليه تواضعا لله، كساه الله حلة الكرامة.
يا أبا ذر، طوبى لمن تواضع لله (عز وجل)
في غير منقصة، وأذل نفسه في غير مسكنة، وأنفق مالا جمعه في غير معصية، ورحم أهل الذل
والمسكنة، وخالط أهل الفقر والحكمة، طوبى لمن صلحت سريرته، وحسنت علانيته، وعزل عن
الناس شره، طوبى لمن عمل بعلمه، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من قوله.
يا أبا ذر، البس الخشن من اللباس، والصفيق
من الثياب، لئلا يجد الفخر فيك مسلكا.
يا أبا ذر، يكون في آخر الزمان قوم يلبسون
الصوف في صيفهم وشتائهم، يرون أن لهم الفضل بذلك على غيرهم، أولئك يلعنهم ملائكة السماوات
والأرض.
يا أبا ذر، ألا أخبرك بأهل الجنة؟ قلت:
بلى يا رسول الله. قال: كل أشعث أغبر ذي طمرين لا يوبه به لو أقسم على الله لأبره.
قال أبو ذر (رحمه الله) : ودخلت يوما على
رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو في المسجد جالس وحده، فاغتنمت وحدته فقال: يا أبا
ذر، إن للمسجد تحية. قلت:
وما تحيته، يا رسول الله؟ قال: ركعتان تركعهما.
ثم التفت إليه فقلت. يا رسول الله، أمرتني
بالصلاة، فما الصلاة؟ قال: خير موضوع، فمن شاء أقل، ومن شاء أكثر.
قلت. يا رسول الله، أي الأعمال أحب إلى
الله (عز وجل) قال: الايمان بالله، ثم الجهاد في سبيله.
قلت: يا رسول الله، أي المؤمنين أكملهم
إيمانا؟ قال. أحسنهم خلقا.
قلت: فأي المؤمنين أفضل؟ قال: من سلم المسلمون
من يده ولسانه.
قلت: أي الهجرة أفضل؟ قال: من هجر السوء.
قلت: فأي الليل أفضل؟ قال: جوف الليل الغابر.
قلت: فأي الصلاة أفضل؟ قال: طول القنوت.
قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: جهد من مقل
إلى فقير في سر.
قلت: فما الصوم؟ قال: فرض مجز وعند الله
أضعاف ذلك.
قلت: فأي الزكاة أفضل؟ قال: أعلاها ثمنا،
وأنفسها عند أهلها.
قلت: فأي الجهاد أفضل؟ قال: من عقر جواده،
وأهرق دمه.
قلت: وأي آية أنزلها الله عليك أعظم. قال:
آية الكرسي.
قال: قلت يا رسول الله، فما كانت صحف إبراهيم
(عليه السلام)؟ قال: كانت أمثالا كلها وكان فيها: أيها الملك المسلط المبتلى، إني لم
أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض، ولكن بعثتك لترد عني دعوة المظلوم، فإني لا أردها
وإن كانت من كافر أو فاجر فجوره على نفسه.
وكان فيها أمثال: وعلى العاقل ما لم يكن
مغلوبا على عقله أن يكون له ساعات. ساعة يناجي فيها ربة، وساعة يتفكر في صنع الله
(تعالى)، وساعة يحاسب فيها نفسه فيما قدم وأخر، وساعة يخلو فيها بحاجته من الحلال في
المطعم والمشرب، وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا في ثلاث: تزود لمعاد، أو مرمة لمعاش،
أو لذة في غير محرم، وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه، مقبلا على شأنه، حافظا للسانه،
فإن من حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه.
قلت: يا رسول الله، فما كانت صحف موسى
(عليه السلام)؟ قال: كانت عبرا كلها، وفيها: عجب لمن أيقن بالنار ثم ضحك، عجب لمن أيقن
بالموت كيف يفرح، عجب لمن أبصر الدنيا وتقلبها بأهلها حالا بعد حال ثم هو يطمئن إليها،
عجب لمن أيقن بالحساب ثم لم يعمل!
قلت: يا رسول الله، فهل في الدنيا شئ مما
كان في صحف إبراهيم وموسى (عليهما السلام) مما أنزل الله عليك؟ قال: اقرأ يا أبا ذر
(قد أفلح من تزكى * وذكر أسم ربه فصلى * بل تؤثرون الحياة الدنيا * والآخرة خير وأبقى
* إن هذا لفي الصحف الأولى * صحف إبراهيم وموسى).
قلت: يا رسول الله، أوصني. قال. أوصيك بتقوى
الله، فإنه رأس أمرك كله.
فقلت: يا رسول الله، زدني. قال: عليك بتلاوة
القرآن، وذكر الله (عز وجل)، فإنه ذكر لك في السماء، ونور لك في الأرض.
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: عليك بالجهاد،
فإنه رهبانية أمتي.
قلت. يا رسول الله، زدني. قال: عليك بالصمت
إلا من خير، فإنه مطرد الشيطان عنك، وعون لك على أمور دينك.
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: إياك وكثرة
الضحك، فإنه يميت القلب، ويذهب بنور الوجه.
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: انظر من
هو تحتك، ولا تنظر إلى من هو فوقك، فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عليك.
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: صل قرابتك
وإن قطعوك، وأحب المساكين، وأكثر مجالستهم..
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: قل الحق
وإن كان مرا.
قلت: يا رسول الله، زدني. قال: لا تخف في
الله لومة لائم.
قلت: يا رسول الله، زدني. قال. يا أبا ذر،
ليحجزك عن الناس ما تعرف من نفسك، ولا تجد عليهم فيما تأتي، فكفى بالرجل عيبا أن يعرف
من الناس ما يجهل من نفسه، ويجد عليهم فيما يأتي.
قال. ثم ضرب على صدري وقال: يا أبا ذر،
لا عقل كالتدبير، ولا ورع كالكف، ولا حسب كحسن الخلق.
المصدر : الأمالي
المؤلف : شيخ الطائفة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي
الجزء والصفحة : ص 525
تاريخ النشر : 2024-05-05