التفسير بالمأثور/الامامة/الإمام الصادق (عليه السلام)
عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
بينا أبي جالس وعنده نفر إذا استضحك حتى اغرورقت عيناه دموعا ثم قال: هل تدرون ما
أضحكني؟ قال: فقالوا: لا، قال زعم ابن عباس أنه من الذين قالوا ربنا الله ثم
استقاموا .
فقلت له: هل رأيت الملائكة يا ابن عباس تخبرك بولايتها لك في الدنيا
والآخرة، مع الامن من الخوف والحزن، قال فقال إن الله تبارك وتعالى يقول: {إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10] وقد دخل في هذا جميع الأمة، فاستضحكت.
ثم قلت: صدقت يا ابن عباس أنشدك الله هل في حكم الله جل ذكره اختلاف قال:
فقال: لا، فقلت: ما ترى في رجل ضرب رجلا أصابعه بالسيف حتى سقطت ثم ذهب وأتى رجل
آخر فأطار كفه فأتى به إليك وأنت قاض، كيف أنت صانع؟
قال: أقول لهذا القاطع: أعطه دية كفه وأقول لهذا المقطوع: صالحه على ما شئت
وابعث به إلى ذوي عدل، قلت: جاء الاختلاف في حكم الله عز ذكره، ونقضت القول الأول،
أبى الله عز ذكره أن يحدث في خلقة شيئا من الحدود [و] ليس تفسيره في الأرض، اقطع
قاطع الكف أصلا ثم أعطه دية الأصابع هكذا حكم الله ليلة تنزل فيها أمره، إن جحدتها
بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله فأدخلك الله النار كما أعمى بصرك يوم
جحدتها علي بن أبي طالب قال: فلذلك عمي بصري، قال: وما علمك بذلك فوالله إن عمي
بصري إلا من صفقة جناح الملك.
قال: فاستضحكت ثم تركته يومه ذلك لسخافة عقله، ثم لقيته فقلت: يا ابن عباس
ما تكلمت بصدق مثل أمس، قال لك علي بن أبي طالب عليه السلام: إن ليلة القدر في كل
سنة، وإنه ينزل في تلك الليلة أمر السنة وإن لذلك الامر ولاة بعد رسول الله صلى
الله عليه وآله فقلت: من هم؟ فقال: أنا وأحد عشر من صلبي أئمة محدثون، فقلت: لا
أراها كانت إلا مع رسول الله فتبدا لك الملك الذي يحدثه فقال: كذبت يا عبد الله
رأت عيناي الذي حدثك به علي - ولم تره عيناه ولكن وعا قلبه ووقر في سمعه - ثم صفقك
بجناحه فعميت قال فقال ابن عباس ما اختلفنا في شئ فحكمه إلى الله ، فقلت له: فهل
حكم الله في حكم من حكمه بأمرين؟ قال: لا، فقلت: ههنا هلكت وأهلكت .
المصدر : أصول الكافي
المؤلف : ثقة الاسلام محمد بن يعقوب الكليني
الجزء والصفحة : ج1 ، ص 247 - 248
تاريخ النشر : 2024-04-09