كتب التفسير/تفسير علي بن إبراهيم(تفسير القمي)/الهداية والضلال
قوله: { وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا
هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ
قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } [النساء: 78] يعني الحسنات والسيئات، ثم قال في آخر
الآية: " ما أصابك من حسنة فمن الله وما
أصابك من سيئة فمن نفسك " وقد اشتبه هذا على عدة من العلماء فقالوا: يقول الله: وإن
تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله، وإن تصبهم
سيئة يقولوا هذه من عندك، قل كل من عند الله الحسنة والسيئة. ثم قال في آخر الآية:
" ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك " فكيف هذا وما معنى
القولين ؟. فالجواب في ذلك من معنى القولين جميعا عن الصادقين عليهم السلام أنهم
قالوا: الحسنات في كتاب الله على وجهين، والسيئات على وجهين، فمن الحسنات التي ذكرها
الله الصحة والسلامة والامن والسعة في الرزق وقد سماها الله حسنات " وإن تصبهم
سيئة " يعني بالسيئة ههنا المرض والخوف والجوع والشدة " يطيروا بموسى ومن
معه " أي يتشاءموا به، والوجه الثاني من
الحسنات يعني به أفعال العباد وهو قوله: " من جاء
بالحسنة فله عشر أمثالها " ومثله كثير. وكذا السيئات على وجهين فمن السيئات الخوف
والجوع والشدة وهو ما ذكرناه في قوله: " وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه "
وعقوبات الذنوب قد سماها الله السيئات كقوله تعالى: " جزاء سيئة سيئة مثلها
". والوجه الثاني من السيئات يعني بها أفعال
العباد الذين يعاقبون عليها وهو قوله: " ومن
جاء بالسيئة فكبت وجوههم في النار " وقوله: " ما أصابك من حسنة فمن الله
وما أصابك من سيئة فمن نفسك " يعني ما
عملت من ذنوب فعوقبت عليها في الدنيا و الآخرة فمن
نفسك بأعمالك لان السارق يقطع، والزاني يجلد ويرجم، والقاتل يقتل فقد سمى الله العلل
والخوف والشدة وعقوبات الذنوب كلها سيئات، فقال: " ما أصابك من سيئة فمن نفسك "
بأعمالك، قوله: " قل كل من عند الله " يعني الصحة والعافية والسعة والسيئات
التي هي عقوبات الذنوب من عند الله.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 5 / صفحة [ 201 ]
تاريخ النشر : 2023-05-31