كتب التفسير/التفسير المنسوب للامام العسكري (عليه السلام)/القيامة والحساب والحشر
في قوله تعالى: " وأقيموا الصلوة وآتوا
الزكوة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله " قال: " وما تقدموا لأنفسكم
" من مال تنفقونه في طاعة الله، فإن لم يكن لكم مال فمن جاهكم تبذلونه لإخوانكم
المؤمنين تجرون به إليهم المنافع، وتدفعون به عنهم المضار " تجدوه عند الله
" ينفعكم الله تعالى بجاه محمد وآله الطيبين يوم القيامة فيحط به عن سيئاتكم،
ويضاعف به حسناتكم، ويرفع به درجاتكم - وساق الحديث إلى أن قال -: قال رسول الله صلى
الله عليه وآله: عباد الله أطيعوا الله في أداء الصلوات المكتوبات والزكوات المفروضات،
وتقربوا بعد ذلك إلى الله بنوافل الطاعات، فإن الله عزوجل يعظم به المثوبات، والذي
بعثني بالحق نبيا إن عبدا من عباد الله ليقف يوم القيامة موقفا يخرج عليه من لهب النار
أعظم من جميع جبال الدنيا حتى ما يكون بينه وبينها حائل، بينا هو كذلك إذ تطاير من
الهواء رغيف أو حبة فضة قد واسى بها أخا مؤمنا على إضافته فتنزل حواليه فتصير كأعظم
الجبال مستديرا حواليه، وتصد عنه ذلك اللهب، فلا يصيبه من حرها ولا دخانها شئ إلى أن
يدخل الجنة، قيل: يا رسول الله وعلى هذا يقع مواساته لأخيه المؤمن ؟ ! فقال رسول الله
صلى الله عليه وآله: والذي بعثني بالحق نبيا إنه لينفع بعض المؤمنين بأعظم من هذا،
وربما جاء يوم القيامة من ثمثل له سيئاته وحسناته وإساءته إلى إخوانه المؤمنين - وهي
التي تعظم وتتضاعف فتمتلئ بها صحائفه - وتفرق حسناته على خصمائه المؤمنين المظلومين
بيده ولسانه، فيتحير ويحتاج إلى حسنات توازي سيئاته، فيأتيه أخ له مؤمن قد كان أحسن
إليه في الدنيا فيقول له: قد وهبت لك جميع حسناتي بإزاء ماكان منك إلي في الدنيا، فيغفر
الله له بها، ويقول لهذا المؤمن: فأنت بماذا تدخل جنتي ؟ فيقول: برحمتك يا رب:
فيقول الله: جدت عليه بجميع حسناتك ونحن أولى بالجود منك والكرم، وقد تقبلتها عن
أخيك وقد رددتها عليك وأضعفتها لك، فهو أفضل أهل الجنان.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 7 / صفحة [ 299 ]
تاريخ النشر : 2024-09-09