كتب التفسير/التفسير المنسوب للامام العسكري (عليه السلام)/الجنة والنار
قال عليه السلام في قوله تعالى: "
وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور " بعد
بيان أمر الله في الكتاب لبني إسرائيل أن يقروا بمحمد وآله، وعدم قبولهم، ورفع الجبل
فوقهم، ثم إقرار بعضهم باللسان دون القلب، قال: فنظر القوم إلى الجبل وقد صار قطعتين:
قطعة منه صارت لؤلؤة بيضاء فجعلت تصعد وترقى حتى خرقت السماوات وهم ينظرون إليها
ألى أن صارت إلى حيث لا تلحقها أبصارهم، وقطعة صارت نارا ووقعت على الأرض بحضرتهم
فخرقتها ودخلتها وغابت عن عيونهم، فقالوا: ما هذان المفترقان من الجبل، فرق صعد
لؤلؤا، وفرق انحط نار ؟ قال لهم موسى: أما القطعة التي صعدت في الهواء فإنها وصلت
إلى السماء فخرقتها إلى أن لحقت بالجنة، فاضعفت أضعافا كثيرة لا يعلم عددها إلا
الله، وأمر الله أن يبنى منها للمؤمنين بما في هذا الكتاب قصور ودور ومنازل ومساكين
مشتملة على أنواع النعم التي وعدها المتقين من عباده من الاشجار والبساتين والثمار
والحور الحسان والمخلدين من الولدان كاللئالي المنثورة وسائر نعيم الجنة وخيراتها،
وأما القطعة التي انحطت إلى الارض فخرقتها ثم التي تليها إلى أن لحقت بجهنم
فاضعفت أضعافا كثيرة، وأمر الله تعالى أن يبنى منها للكافرين بما في هذا الكتاب
قصور ودور ومساكن ومنازل مشتملة على أنواع العذاب التي وعدها الله الكافرين من عباده
من بحار نيرانها وحياض غسلينها وغساقها وأودية قيحها ودمائها وصديدها وزبانيتها
بمرزباتها وأشجار زقومها وضريعها وحياتها وعقاربها وأفاعيها وقيودها وأغلالها
وسلاسلها وأنكالها، وسائر أنواع البلايا والعذاب المعد فيها.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 8 / صفحة [ 165 ]
تاريخ النشر : 2024-09-09