أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير مجمع البيان
قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى:
" وإلى عاد ": هو عاد بن عوص بن آدم بن سام بن نوح
" أخاهم " يعني في النسب " هودا " " هو هود بن شالح
بن أرفخشد بن سام بن نوح، عن محمد بن إسحاق، وقيل:
هود بن عبد الله بن رباح بن حلوث بن عاد بن
عوص بن آدم بن سام بن نوح، وكذا هو في كتاب النبوة " في سفاهة " أي
جهالة " أمين " أي ثقة مأمون في تبليغ
الرسالة فلا أكذب ولا اغير، أو كنت مأمونا " فيكم فكيف
تكذبونني ؟ " إذ جعلكم خلفاء " أي جعلكم سكان الأرض " من بعد قوم
نوح " وهلاكهم بالعصيان " وزادكم في
الخلق بصطة " أي طولا " وقوة، عن ابن عباس، قال الكلبي:
كان أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعا "، وقيل: كان أقصرهم اثني عشر ذراعا
"، وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: كانوا كأنهم النخل الطوال، فكان الرجل منهم
ينحو الجبل بيده فيهدم منه قطعة، وقيل: كانوا أطول من غيرهم بمقدار أن يمد الإنسان
يده فوق رأسه باسطا " " بما تعدنا " أي من العذاب " إن كنت من
الصادقين " في أنك رسول الله إلينا، وفي نزول
العذاب بنا لو لم نترك عبادة الاصنام " قد وقع عليكم
" أي وجب عليكم وحل بكم لا محالة فهو كالواقع " من ربكم رجس " أي
عذاب " وغضب " إرادة عقاب " أتجادلونني
" أي تخاصمونني " في أسماء " أي في أصنام صنعتموها " أنتم
وآباؤكم " واخترعتم لها أسماء فسميتموها آلهة، وقيل: معناه: تسميتهم لبعضها أنه
يسقيهم المطر، والآخر أنه يأتيهم بالرزق، والآخر أنه يشفي المرضى، والآخر أنه يصحبهم
في السفر " من سلطان " أي حجة وبرهان " فانتظروا " عذاب الله
" وقطعنا " أي استأصلناهم فلم يبق لهم نسل ولا ذرية.
وروى أبو حمزة الثمالي، عن سالم، عن
أبي جعفر عليه السلام قال: إن لله تبارك
وتعالى بيت ريح مقفل عليه لو فتح لأذرت ما بين السماء
والأرض ما أرسل على قوم عاد إلا قدر الخاتم. وكان هود وصالح وشعيب وإسماعيل ونبينا
صلى الله عليهم يتكلمون بالعربية. " يرسل السماء " أي المطر "
عليكم مدرارا " " أي متتابعا
" متواترا " دارا "، قيل: إنهم كانوا قد أجدبوا فوعدهم هود أنهم
إن تابوا أخصبت بلادهم وأمرعت وهادهم، وأثمرت أشجارهم، وزكت ثمارهم بنزول
الغيث " ويزدكم قوة إلى قوتكم " فسرت القوة ههنا بالمال والولد والشدة،
وقيل: قوة في إيمانكم إلى قوة في أبدانكم
" ولا تتولوا " عما أدعوكم إليه " مجرمين " أي كافرين
" ببينة " أي بحجة ومعجزة " عن قولك " أي بقولك، وإنما نفوا
البينة عنادا " وتقليدا " " إن نقول إلا
اعتراك " أي لسنا نقول فيك إلا أنه أصابك بعض " آلهتنا بسوء
" فخبل عقلك لسبك إياها " فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون " أي
فاحتالوا واجتهدوا أنتم وآلهتكم في إنزال مكروه بي ثم لا
تمهلوني، وهذا من أعظم الآيات أن يكون الرسول وحده
وامته متعاونة عليه فلا يستطيع واحد منهم ضره " إلا هو آخذ بناصيتها "
كناية عن القهر والقدرة، لأن من أخذ بناصية
غيره فقد قهره وأذله " إن ربي على صراط مستقيم "
أي على عدل فيما يعامل به عباده وفي تدبير عباده على طريق مستقيم لا عوج فيه
" ويستخلف ربي قوما " غيركم "
أي يهلككم ربي بكفركم ويستبدل بكم قوما غيركم يوحدونه " ولا
تضرونه " إذا استخلف غيركم، أو لا تضرونه بتوليكم وإعراضكم " شيئا
" " ولا ضرر عليه في إهلاككم لأنه لم يخلقكم لحاجة
منه إليكم " والذين آمنوا معه " قيل: كانوا أربعة
آلاف " برحمة منا " أي بما أريناهم من الهدى إن تعلق بآمنوا، أو بنعمة
إن تعلق بأنجينا " من عذاب غليظ
" أي عذاب الآخرة أو الدنيا، والغليظ: الثقيل العظيم " واتبعوا
" أي بعد إهلاكهم في الدنيا بالإبعاد عن الرحمة، فإن الله أبعدهم من رحمته وتعبد
المؤمنين باللعن عليهم. " من بعدهم " أي من بعد قوم نوح " قرنا
" آخرين " القرن: أهل العصر، يعني قوم هود، وقيل:
ثمود لأنهم اهلكوا بالصيحة " وأترفناهم " أي نعمناهم
بضروب الملاذ " عما قليل " أي عن قليل من الزمان، و (ما) مزيدة، أي عند نزول
العذاب " فأخذتهم الصيحة " صاح بهم جبرئيل عليه السلام صيحة واحدة ماتوا
عن آخرهم " بالحق " باستحقاقهم
العقاب " فجعلناهم غثاء " " هو ما جاء به السيل من نبات قد
يبس أي فجعلناهم هلكى قد يبسوا كما يبس الغثاء وهمدوا " فبعدا " "
أي ألزم الله بعدا من الرحمة " للقوم
الظالمين " المشركين " تترى " أي متواترة يتبع بعضها بعضا
" " أحاديث " أي يتحدث بهم على طريق المثل في الشر. "
بكل ريع " أي بكل مكان مرتفع، أو بكل طريق " آية تعبثون " أي بناء
لا تحتاجون إليه لسكناكم، وقيل: إنهم كانوا يبنون
بالمواضع المرتفعة ليشرفوا على المارة والسابلة
فيسخروا منهم ويعبثوا بهم، وقيل: إن هذا في بنيان الحمام أنكر هود عليهم
اتخاذهم بروجا " للحمام عبثا " وتتخذون مصانع " أي حصونا "
وقصورا " مشيدة، وقيل: مأخذ الماء تحت الأرض "
لعلكم تخلدون " أي كأنكم تخلدون فيها " وإذا بطشتم " البطش:
الأخذ باليد، أي إذا بطشتم بأحد تريدون إنزال عقوبة به عاقبتموه عقوبة من يريد
التجبر بارتكاب العظائم، وقيل: أي إذا عاقبتم قتلتم " أمدكم " الإمداد:
إتباع الثاني بما قبله شيئا " بعد شئ
على انتظام " إن هذا إلا خلق الأولين " أي كذب الأولين
الذين ادعوا النبوة، أو هذا الذي نحن عليه مما ذكرت عادة الأولين من قبلنا. "
في أيام نحسات " أي نكدات مشومات، وقيل: ذوات غبار وتراب حتى لا يكاد يبصر
بعضهم بعضا "، وقيل: باردات، والعرب يسمي البرد نحسا ". " لتأفكنا
" أي لتصرفنا " إنما العلم عند الله
" إي هو يعلم متى يأتيكم العذاب " عارضا " " أي سحابا
" يعرض في ناحية السماء ثم يطبق السماء " مستقبل أوديتهم " قالوا:
كانت عاد قد حبس عنهم المطر أياما " فساق
الله إليهم سحابة سوداء أخرجت عليهم من واد لهم يقال
له المغيث " فلما رأوه " استبشروا " وقالوا هذا عارض ممطرنا "
فقال هود: " بل هو ما استعجلتم به " من العذاب
" تدمر " أي تهلك كل شئ مرت به من الناس والدواب والأموال،
واعتزل هود ومن معه في حظيرة لم يصبهم من تلك الريح إلا ما تلين على الجلود
وتلتذ به الأنفس وإنما لتمر على عاد بالظعن ما بين السماء والأرض حتى ترى الظعينة
كأنها جرادة " فيما إن مكناهم فيه " أي في الذي ما مكناكم فيه من قوة الأبدان
وبسطة الأجسام وطول العمر وكثرة الأموال، وقيل: معناه: فيم
مكناكم فيه، " و (إن) مزيدة، أي من الطاعات والإيمان
" وحاق بهم " أي حل بهم. " الريح العقيم " هي التي عقمت عن أن
تأتي بخير " كالرميم " أي كالشيء
الهالك البالي وهو نبات الأرض إذا يبس وديس، وقيل: هو العظم
البالي السحيق. " ونذر " أي وإنذاري إياهم " مستمر " أي دائم الشؤم
استمر عليهم بنحوسته " سبع ليال وثمانية
أيام " حتى أتت عليهم، وقيل: إنه كان في يوم أربعاء
في آخر الشهر لا يدور، رواه العياشي بالإسناد عن أبي جعفر عليه السلام " تنزع
الناس " أي تقتلع هذه الريح الناس ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدق رقابهم فيصرون "
كأنهم أعجاز نخل منقعر " أي أسافل نخل منقلع لأن رؤوسهم سقطت عن أبدانهم،
وقيل: معناه: تنزعهم من حفر حفروها ليمتنعوا
بها عن الريح، وقيل: تنزع أرواح الناس. " بالقارعة
" أي بيوم القيامة " عاتية " عتت على خزانها في شدة الهبوب، وروى
الزهري، عن قبيصة بن ذؤيب أنه قال: ما يخرج من
الريح شئ إلا عليها خزان يعلمون قدرها وعددها وكيلها
حتى كانت التي ارسلت على عاد فاندفق منها فهم لا يعلمون قدرها غضبا " لله
فلذلك سميت عاتية " سخرها عليهم " أي سلطها وأرسلها عليهم " سبع
ليال وثمانية أيام " قال وهب: وهي التي تسميها
العرب أيام العجوز ذات برد ورياح شديدة وإنما نسبت إلى
العجوز لأن عجوزا " دخلت سربا " فتبعتها الريح فقتلتها اليوم الثامن من
نزول العذاب وانقطع العذاب في اليوم الثامن
" فترى القوم فيها " أي في تلك الأيام والليالي " صرعى " أي
مصروعين هلكى " كأنهم أعجاز نخل خاوية " أي اصول نخل بالية نخرة،
وقيل: خالية الأجواف، وقيل: ساقطة " من باقية " أي من نفس باقية، وقيل:
من بقاء.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [345]
تاريخ النشر : 2024-08-14