أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير مجمع البيان
قال الطبرسي
رحمه الله: روى مسلم في الصحيح، عن هدية بن خالد، عن حماد بن سلمة، عن
ثابت، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال:
كان ملك فيمن كان قبلكم له ساحر، فلما مرض الساحر قال: إني قد حضر أجلي فادفع
إلي غلاما أعلمه السحر، فدفع إليه غلاما، وكان يختلف إليه، وبين الساحر والملك
راهب، فمر الغلام بالراهب فأعجبه كلامه وأمره، فكان يطيل عنده القعود فإذا أبطأ
عن الساحر ضربه، وإذا أبطأ عن أهله ضربوه، فشكا ذلك إلى الراهب فقال: يا بني إذا
استبطأك الساحر فقل: حبسني أهلي، وإذا استبطأك أهلك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو ذات
يوم إذا بالناس قد غشيتهم دابة عظيمة فظيعة، فقال: اليوم أعلم أمر الساحر
أفضل أم أمر الراهب، فأخذ حجرا فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك فاقتل
هذه الدابة، فرمى فقتلها ومضى الناس فأخبر بذلك الراهب فقال: أي بني إنك ستبتلى
فإذا ابتليت فلا تدل علي. قال: وجعل يداوي الناس فيبرئ الاكمه والابرص، فبينما
هو كذلك إذ عمى جليس للملك، فأتاه وحمل إليه مالا
كثيرا فقال: اشفني ولك ما ههنا، فقال: إني لا أشفي
أحدا، ولكن يشفي الله، فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك. قال: فآمن فدعا الله له
فشفاه، فذهب فجلس إلى الملك فقال: يا فلان من شفاك ؟ قال: ربي، قال: أنا ؟ قال: لا
ربي وربك الله، قال: أو أن لك ربا غيري ؟ قال: نعم ربي وربك الله، فأخذه فلم يزل به
حتى دله على الغلام، فبعث إلى الغلام فقال: لقد بلغ من أمرك أن تشفي الاكمه والابرص
؟ قال: ما أشفي أحدا، ولكن ربي يشفي، قال: أو أن لك ربا غيري ؟ قال نعم ربي وربك
الله، فأخذه فلم يزل به حتى دله على الراهب فوضع المنشار عليه فنشره حتى وقع شقين،
وقال للغلام: ارجع عن دينك، فأبى فأرسل معه نفرا فقال: اصعدوا به جبل كذا وكذا،
فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه منه، قال: فعلوا به الجبل فقال: اللهم اكفنيهم
بم شئت، قال: فرجف بهم الجبل فتدهدهوا أجمعون وجاء إلى الملك فقال: ما صنع أصحابك
؟ قال: كفانيهم الله، فأرسل به مرة أخرى، قال: انطلقوا به فلججوه في البحر،
فإن رجع وإلا فغرقوه، فانطلقوا به في قرقور فلما توسطوا به البحر قال: اللهم
اكفنيهم بما شئت، قال فانكفأت بهم السفينة، وجاء حتى قام بين يدي الملك، فقال:
ما صنع أصحابك ؟ قال: كفانيهم الله، ثم قال: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به:
اجمع الناس ثم اصلبني على جذع ثم خذ سهما من كنانتي ثم ضعه على كبد القوس ثم قل:
باسم رب الغلام، فإنك ستقتلني، قال: فجمع الناس وصلبه، ثم أخذ سهما من كنانته فوضعه
على كبد القوس وقال: باسم رب الغلام، ورمى فوقع السهم في صدغه ومات، فقال الناس:
آمنا برب الغلام، فقيل له: أرأيت ما كنت تخاف قد نزل والله بك،
آمن الناس، فأمر بالأخدود فخددت على أفواه السكك،
ثم أضرمها نارا فقال: من رجع عن دينه فدعوه ومن أبى فاقحموه فيها، فجعلوا يقتحمونها،
وجاءت امرأة بابن لها فقال لها: يا أمة اصبري فإنك على الحق.
وقال ابن
المسيب: كنا عند عمر بن الخطاب إذ ورد عليه أنهم احتفروا فوجدوا ذلك الغلام وهو واضع
يده على صدغه، فكلما مدت يده عادت إلى صدغه، فكتب عمر: واروه حيث وجدتموه.
وروى سعيد بن جبير قال: لما انهزم أهل
اسفندهان قال عمر بن الخطاب: ما هم بيهود ولا نصارى،
ولا لهم كتاب وكانوا مجوسا، فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: بلى قد كان لهم
كتاب ولكنه رفع، وذلك أن ملكا لهم سكر فوقع على ابنته - أو قال: على أخته - فلما
أفاق قال لها: كيف المخرج مما وقعت فيه ؟ قالت: تجمع أهل مملكتك وتخبرهم أنك ترى
نكاح البنات وتأمرهم أن يحلوه، فجمعهم فأخبرهم، فأبوا أن يتابعوه فخد لهم أخدودا
في الارض وأوقد فيه النيران وعرضهم عليها، فمن أبى قبول ذلك قذفه في النار، ومن
أجاب خلى سبيله. وقال الحسن: كان النبي صلى الله عليه وآله إذا ذكر عنده أصحاب الاخدود
تعوذ بالله من جهد البلاء. وروى العياشي بإسناده عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام
قال: أرسل علي عليه السلام إلى أسقف نجران يسأله عن أصحاب الاخدود فأخبره بشئ،
فقال علي عليه السلام: ليس كما ذكرت، ولكن سأخبرك عنهم، إن الله بعث رجلا حبشيا
نبيا وهم حبشية فكذبوه فقاتلهم فقتلوا أصحابه وأسروه وأسروا أصحابه، ثم بنوا له
حيرا، ثم ملؤوه نارا، ثم جمعوا الناس فقالوا: من كان على ديننا وأمرنا فليعتزل،
ومن كان على دين هؤلاء فليرم نفسه في النار معه، فجعل أصحابه يتهافتون في النار،
فجاءت امرأة معها صبي لها ابن شهر، فلما هجمت على النار هابت ورقت على ابنها،
فناداها الصبي: لا تهابي وارمي بي وبنفسك في
النار فإن هذا والله في الله قليل، فرمت بنفسها في النار وصبيها وكان ممن تكلم في
المهد. وبإسناده عن ميثم التمار قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام وذكر أصحاب الاخدود
فقال: كانوا عشرة، وعلى مثالهم عشرة يقتلون في هذا السوق. وقال مقاتل: كان أصحاب
الاخدود ثلاثة: واحد منهم بنجران، والآخر بالشام، والآخر بفارس، حرقوا بالنار،
أما الذي بالشام فهو أنطياخوس الرومي، وأما الذي بفارس فهو بخت نصر، وأما الذي
بأرض العرب فهو يوسف بن ذي نواس، فأما ما كان بفارس والشام فلم ينزل الله تعالى
فيهما قرآنا، وأنزل في الذي كان بنجران، وذلك أن رجلين مسلمين ممن يقرؤون الانجيل
أحدهما بأرض تهامة والآخر بنجران اليمن آجر أحدهما نفسه في عمل يعمله، وجعل يقرء
الانجيل، فرأت ابنة المستأجر النور يضئ من قراءة الانجيل، فذكرت ذلك لأبيها فرمق
حتى رآه، فسأله فلم يخبره، فلم يزل به حتى أخبره بالدين والاسلام فتابعه مع
سبعة وثمانين إنسانا من رجل وامرأة، وهذا بعد ما رفع عيسى عليه السلام إلى السماء
فسمع يوسف بن ذي نواس بن سراحيل بن تبع الحميري فخد لهم في الارض، وأوقد فيها،
فعرضهم على الكفر فمن أبى قذفه في النار، ومن رجع عن دين عيسى عليه السلام لم يقذف
فيها، وإذا امرأة جاءت ومعها ولد صغير لا يتكلم، فلما قامت على شفير الخندق نظرت
إلى ابنها فرجعت، فقال لها: يا أماه إني أرى أمامك نارا لا تطفأ، فلما سمعت من ابنها
ذلك قذفا في النار، فجعلها الله وابنها في الجنة، وقذف في النار سبعة وسبعون.
قال ابن عباس: من أبى أن يقع في النار ضرب بالسياط، فأدخل أرواحهم إلى
الجنة قبل أن تصل أجسامهم إلى النار.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 14 / صفحة [441]
تاريخ النشر : 2024-08-13