أحاديث وروايات المعصومين الاربعة عشر/النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/قصص الانبياء في كتب التفسير/تفسير علي ين ابراهيم
في رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر
عليه السلام في قوله: " وجاءوا على قميصه بدم كذب
" قال: إنهم ذبحوا جديا على قميصه ; وقال علي بن إبراهيم:
ورجع إخوته وقالوا: نعمد إلى قميصه فنلطخه بالدم فنقول لأبينا: إن الذئب أكله،
فلما فعلوا ذلك قال لهم لاوي: يا قوم ألسنا بني يعقوب إسرائيل الله ابن إسحاق نبي
الله بن إبراهيم خليل الله ؟ أفتظنون أن الله يكتم هذا الخبر عن أنبيائه ؟ فقالوا:
وما الحيلة ؟ قال: نقوم ونغتسل ونصلي جماعة ونتضرع إلى الله تبارك وتعالى أن
يكتم ذلك عن أبينا فإنه جواد كريم فقاموا واغتسلوا وكان في سنة إبراهيم وإسحاق ويعقوب
أنهم لا يصلون جماعة حتى يبلغوا أحد عشر رجلا فيكون واحد منهم إمام عشرة يصلون
خلقه، فقالوا: كيف نصنع و ليس لنا إمام ؟ فقال لاوي: نجعل الله إمامنا، فصلوا
وبكوا وتضرعوا وقالوا: يا رب اكتم علينا هذا، ثم جاؤوا إلى أبيهم عشاء يبكون ومعهم
القميص قد لطخوه بالدم " فقالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق " أي نعدو وتركنا
يوسف عند متاعنا فأكله الذئب إلى قوله: "
على ما تصفون " ثم قال يعقوب: ما كان أشد غضب ذلك الذئب على يوسف وأشفقه على قميصه
حيث أكل يوسف ولم يمزق قميصه ؟ ! قال: فحملوا يوسف إلى مصر وباعوه من عزيز مصر،
فقال العزيز " لامرأته أكرمي مثواه " أي مكانه " عسى أن ينفعنا أو
نتخذه ولدا " ولم يكن له ولد فأكرموه
وربوه، فلما بلغ أشده هوته امرأة العزيز، وكانت لا تنظر
إلى يوسف امرأة إلا هوته، ولا رجل إلا أحبه، وكان وجهه مثل القمر ليلة البدر، فراودته
امرأة العزيز وهو قوله: " وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وغلقت الأبواب وقالت
هيت لك قال معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون " فما زالت تخدعه
حتى كان كما قال الله تعالى: " ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه
" فقامت امرأة العزيز وغلقت الابواب فلما
هما رأى يوسف صورة يعقوب في ناحية البيت عاضا
على إصبعه يقول: يا يوسف أنت في السماء مكتوب في النبيين، وتريد أن تكتب في الارض
من الزناة ؟ ! فعلم أنه قد أخطأ وتعدى. وحدثني أبي، عن بعض رجاله رفعه قال: قال
أبو عبد الله: لما همت به وهم بها قامت إلى صنم في بيتها فألقت عليه ملاءة لها، فقال
له يوسف: ما تعملين ؟ فقالت: القي على هذا الصنم ثوبا لايرانا فإني أستحيي منه،
فقال يوسف: أنت تستحيين من صنم لا يسمع ولا يبصر ولا أستحيي أنا من ربي ؟ ! فوثب
وعدا وعدت من خلفه وأدركهما العزيز على هذه الحالة وهو قول الله: " واستبقا الباب
وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدى الباب " فبادرت
امرأة العزيز فقالت للعزيز: " ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب
أليم " فقال يوسف للعزيز: " هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها
" فألهم الله يوسف أن قال للملك: سل هذا الصبي في المهد فإنه يشهد أنها
راودتني عن نفسي، فقال العزيز للصبي فأنطق الله
الصبي في المهد ليوسف حتى قال: " إن كان قميصه قد
من قبل فصدقت وهو من من الكاذبين * وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين
" فلما رأى العزيز قميص يوسف قد تخرق من دبر قال لامرأته: " إنه من كيد
كن إن كيد كن عظيم " ثم قال ليوسف:
" أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين "
وشاع الخبر بمصر وجعلت النساء يتحدثن بحديثها
ويعذلنها ويذكرنها وهو قوله: " وقال نسوة في
المدينة امرأت العزيز تراود فتها عن نفسه " فبلغ ذلك امرأة العزيز فبعثت إلى
كل امرأة رئيسة فجمعتهن في منزلها وهيأت
لهن مجلسا، ودفعت إلى كل امرأة اترجة وسكينا،
فقالت: اقطعن، ثم قالت ليوسف: اخرج عليهن، وكان في بيت فخرج يوسف عليهن فلما
نظرن إليه اقبلن يقطعن أيديهن وقلن كما حكى الله عزوجل " فلما سمعت بمكرهن أرسلت
إليهن وأعتدت لهن متكأ " أي اترجة " وآتت " وأعطت " كل واحدة
منهن سكينا وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه
" إلى قوله: " إن هذا إلا ملك كريم " فقالت امرأة
العزيز: " فذلكن الذي لمتنني فيه " في حبه " ولقد راودته عن نفسه
" أي دعوته " فاستعصم " أي امتنع، ثم
قالت: " ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن و ليكونا من الصاغرين
" فما أمسى يوسف في ذلك البيت حتى بعثت إليه كل امرأة رأته تدعوه إلى نفسها
فضجر يوسف في ذلك البيت فقال: " رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني
كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين * فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن " أي
حيلتهن " أصب إليهن " أي أميل
إليهن، وأمرت امرأة العزيز بحبسه فحبس في السجن.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 12 / صفحة [224]
تاريخ النشر : 2024-08-12