النبوة/قصص الأنبياء وما يتعلق بهم/آدم وحواء صلوات الله عليهما وأولادهما /ترك آدم الاولى وكيفية قبول توبته والكلمات التى تلقاها من ربه/الإمام الصادق (عليه السلام)
أحمد بن الهيثم، عن ابن
زكريا القطان، عن ابن حبيب، عن ابن بهلول، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن المفضل قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: إن الله تبارك وتعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي
عام، فجعل أعلاها وأشرفها أرواح محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والائمة بعدهم
صلوات الله عليهم، فعرضها على السماوات والأرض والجبال فغشيها نورهم، فقال الله
تبارك وتعالى للسماوات والأرض والجبال: هؤلاء أحبائي وأوليائي وحججي على خلقي وأئمة
بريتي، ما خلقت خلقا " هو أحب إلى منهم، لهم ولمن تولاهم خلقت جنتي، ولمن خالفهم
وعاداهم خلقت ناري، فمن ادعى منزلتهم مني ومحلهم من عظمتي عذبته عذابا " لا اعذبه
أحد امن العالمين، وجعلته والمشركين في أسفل درك من ناري،
ومن أقر بولايتهم ولم يدع منزلتهم مني ومكانهم من عظمتي جعلته معهم في روضات
جناتي، وكان لهم فيها ما يشاؤون عندي وأبحتهم كرامتي، وأحللتهم جواري، وشفعتهم في المذنبين
من عبادي وإمائي، فولايتهم أمانة عند خلقي، فأيكم يحملها بأثقالها
ويدعيها لنفسه دون خيراتي ؟ فأبت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن
من ادعاء منزلتها وتمني محلها من عظمة ربها، فلما أسكن الله عزوجل آدم وزوجته
الجنة قال لهما: " كلا منها رغدا " حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة
" يعني شجرة الحنطة " فتكونا من الظالمين
" فنظرا إلى منزلة محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين
والأئمة بعدهم فوجداها أشرف منازل أهل الجنة فقالا: يا ربنا لمن هذه المنزلة
؟ فقال الله جل جلاله: ارفعا رؤوسكما إلى ساق عرشي، فرفعا رؤوسهما فوجدا اسم
محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام والأئمة صلوات الله عليهم
مكتوبة على ساق العرش بنور من نور الجبار جل جلاله، فقالا: يا ربنا ما أكرم أهل
هذه المنزلة عليك ! وما أحبهم إليك ! وما أشرفهم لديك ! فقال الله جل جلاله: لولاهم
ما خلقتكما، هؤلاء خزنة علمي وامنائي على سري، إياكما أن تنظرا إليهم بعين
الحسد، وتتمنيا منزلتهم عندي، ومحلهم من كرامتي فتدخلا بذلك في نهيي وعصياني
" فتكونا من الظالمين " قالا: ربنا ومن
الظالمون ؟ قال: المدعون لمنزلتهم بغير حق، قالا:
ربنا فأرنا منازل ظالميهم في نارك حتى نراها كما رأينا منزلتهم في جنتك، فأمر الله
تبارك وتعالى النار فأبرزت جميع ما فيها من ألوان النكال والعذاب، وقال الله عزوجل:
مكان الظالمين لهم المدعين لمنزلتهم في أسفل درك منها كلما أرادوا أن يخرجوا منها
اعيدوا فيها وكلما نضجت جلودهم بدلوا سواها ليذوقوا العذاب، يا آدم ويا حواء لا تنظرا
إلى أنواري وحججي بعين الحسد فأهبطكما عن جواري وأحل بكما هواني " فوسوس لهما
الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما وقال ما نهكما ربكما عن هذه الشجرة
إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلهما بغرور
" وحملهما على تمني منزلتهم فنظرا إليهم بعين الحسد فخذلا حتى أكلا من شجرة
الحنطة، فعاد مكان ما أكلا شعيرا "، فأصل الحنطة كلها مما لم يأكلاه، وأصل الشعير
كله مما عاد مكان ما أكلاه، فلما أكلا من الشجرة طار الحلي والحلل عن أجسادهما
وبقيا عريانين " وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناديهما ربهما ألم أنهكما
عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين * فقالا ربنا ظلمنا أنفسنا
وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين " قال: اهبطا من جواري فلا يجاورني
في جنتي من يعصيني فهبطا موكولين إلى أنفسهما في طلب المعاش، فلما أراد الله
عزوجل أن يتوب عليهما جاءهما جبرئيل فقال لهما: إنكما إنما ظلمتما أنفسكما بتمني
منزلة من فضل عليكما فجزاؤكما ما قد عوقبتما به من الهبوط من جوار الله عزوجل إلى
أرضه، فسلا ربكما بحق الأسماء التي رأيتموها على ساق العرش حتى يتوب عليكما، فقالا:
" اللهم إنا نسألك بحق الأكرمين عليك: محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمة
إلا تبت علينا ورحمتنا " فتاب الله عليهما إنه هو التواب الرحيم، فلم تزل أنبياء
الله بعد ذلك يحفظون هذه الأمانة ويخبرون بها أوصياءهم والمخلصين من اممهم فيأبون
حملها ويشفقون من ادعائها وحملها الإنسان الذي قد عرف، فأصل كل ظلم منه إلى يوم
القيامة، وذلك قول الله عزوجل: " إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين
أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما " جهولا " ".
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [ 172 ]
تاريخ النشر : 2024-07-02