التفسير بالمأثور/النبوة/الإمام الصادق (عليه السلام)
علي بن محمد، عن صالح بن أبي حماد، عن الحسين
بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبي إبراهيم، عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله عزوجل
لما أصاب آدم وزوجته الحنطة أخرجهما من الجنة وأهبطهما إلى الأرض فأهبط آدم
على الصفا وأهبطت حواء على المروة، وإنما سمي صفا لأنه شق له من اسم آدم المصطفى،
وذلك لقول الله عزوجل: " إن الله اصطفى آدم ونوحا " " وسميت المروة
مروة لأنه شق لها من اسم المرأة، فقال آدم: ما
فرق بيني وبينها إلا لأنها لا تحل لي، ولو كانت
تحل لي هبطت معي على الصفا، ولكنها حرمت على من أجل ذلك وفرق بيني وبينها، فمكث
آدم معتزلا " حواء فكان يأتيها نهارا " فيتحدث عندها على المروة، فإذا كان الليل
وخاف أن تغلبه نفسه يرجع إلى الصفا فيبيت عليه، ولم يكن لآدم أنس غيرها، ولذلك
سمين النساء من أجل أن حواء كانت أنسا " لآدم، لا يكلمه الله ولا يرسل إليه رسولا
"، ثم إن الله عزوجل من عليه بالتوبة وتلقاه بكلمات، فلما تكلم بها تاب الله
عليه وبعث إليه جبرئيل عليه السلام فقال: السلام عليك يا آدم التائب من خطيئته،
الصابر لبليته إن الله عزوجل أرسلني إليك لأعلمك المناسك التي تطهر بها، فأخذ
بيده فانطلق به إلى مكان البيت، وأنزل الله عليه غمامة فأظلت مكان البيت، وكانت
الغمامة بحيال البيت المعمور، فقال: يا آدم
خط برجلك حيث أظلت عليك هذه الغمامة، فإنه سيخرج لك بيتا " من مهاة يكون قبلتك
وقبلة عقبك من بعدك، ففعل آدم عليه السلام وأخرج الله له تحت الغمامة بيتا
" من مهاة، وأنزل الله الحجر الأسود فكان أشد بياضا من اللبن، وأضوأ من الشمس
وإنما اسود لأن المشركين تمسحوا به، فمن نجس المشركين اسود الحجر، وأمره جبرئيل
عليه السلام أن يستغفر الله من ذنبه عند جميع المشاعر ويخبره أن الله عزوجل قد غفر
له، وأمره أن يحمل حصيات الجمار من المزدلفة، فلما بلغ موضع الجمار تعرض
له ابليس فقال له: يا آدم أين تريد ؟ فقال له جبرئيل: لا تكلمه وارمه بسبع حصيات
وكبر مع كل حصاة، ففعل آدم حتى فرغ من رمي الجمار، وأمره أن يقرب القربان هو الهدي
قبل رمي الجمار، وأمره أن يحلق رأسه تواضعا " لله عزوجل ففعل آدم ذلك، ثم أمره
بزيارة البيت وأن يطوف به سبعا " ، و(أن خ ل) يسعى بين الصفا والمروة اسبوعا
" يبدء بالصفا ويختم بالمروة، ثم يطوف بعد
ذلك اسبوعا " بالبيت وهو طواف النساء لا يحل
لمحرم أن يباضع حتى يطوف طواف النساء، ففعل آدم، فقال له جبرئيل : إن الله عزوجل قد غفر
ذنبك، وقبل توبتك، وأحل لك زوجتك، فانطلق آدم وقد غفر له ذنبه، وقبلت منه توبته
وحلت له زوجته.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 11 / صفحة [ 194 ]
تاريخ النشر : 2024-05-28