التفسير بالمأثور/النبوة/الإمام الصادق (عليه السلام)
أبي، عن صفوان، عن ابن مسكان
قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إن آزر أبا إبراهيم كان منجما لنمرود بن
كنعان فقال له: إني أرى في حساب النجوم أن هذا الزمان يحدث رجلا فينسخ هذا الدين
ويدعو إلى دين آخر، فقال له نمرود: في أي بلاد يكون ؟ قال: في هذه البلاد، وكان
منزل نمرود بكوثى ربى، فقال له نمرود: قد خرج إلى الدنيا ؟ قال آزر: لا،
قال: فينبغي أن يفرق بين الرجال والنساء، ففرق بين الرجال والنساء، وحملت ام إبراهيم
بإبراهيم عليه السلام ولم يبين حملها، فلما حانت
ولادتها قالت: يا آزر إني قد اعتللت واريد أن أعتزل عنك، وكان في ذلك الزمان
المرأة إذا اعتلت اعتزلت عن زوجها، فخرجت واعتزلت في غار ووضعت بإبراهيم عليه
السلام وهيأته وقمطته ورجعت إلى منزلها وسدت باب الغار بالحجارة، فأجرى الله
لإبراهيم عليه السلام لبنا من إبهامه وكانت تأتيه امه ووكل نمرود بكل امرأة حامل،
فكان يذبح كل ولد ذكر، فهربت ام إبراهيم بإبراهيم من الذبح، وكان يشب إبراهيم عليه
السلام في الغار يوما كما يشب غيره في الشهر حتى أتى له في الغار ثلاث عشرة سنة،
فلما كان بعد ذلك زارته امه فلما أرادت أن تفارقه تشبث بها فقال: يا أمي أخرجيني،
فقالت له: يا بني إن الملك إن علم أنك ولدت في هذا الزمان قتلك، فلما خرجت امه
خرج من الغار وقد غابت الشمس نظر إلى الزهرة في السماء فقال: " هذا ربي
" فلما غابت الزهرة فقال: لو كان هذا ربي ما
تحرك ولا برح، ثم قال: لا أحب الافلين " والافل:
الغائب. فلما نظر إلى المشرق رأى وقد طلع القمر قال: " هذا ربي هذا أكبر وأحسن
فلما تحرك وزال قال: " لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين " فلما
أصبح وطلعت الشمس ورأى ضوءها وقد أضاءت
الشمس الدنيا لطلوعها قال: " هذا ربي هذا أكبر
" وأحسن فلما تحركت وزالت كشط الله عن السماوات حتى رأى العرش ومن عليه وأراه
الله ملكوت السماوات والارض، فعند ذلك قال: " يا قوم إني برئ مما تشركون. إني وجهت
وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما أنا من المشركين " فجاء إلى امه وأدخلته
دارها وجعلته بين أولادها. وسئل أبو عبد الله عليه السلام عن قول إبراهيم:
" هذا ربي " لغير الله هل أشرك في قوله: " هذا ربي " ؟ فقال:
من قال هذا اليوم فهو مشرك، ولم يكن من
إبراهيم شرك، وإنما كان في طلب ربه، وهو من غير شرك،
فلما أدخلت أم إبراهيم إبراهيم دارها نظر إليه
آزر فقال: من هذا الذي قد بقي في سلطان الملك والملك يقتل أولاد الناس ؟ قالت: هذا
ابنك ولدته وقت كذا وكذا حين اعتزلت ; فقال: ويحك إن علم الملك هذا زالت منزلتنا
عنده، وكان آزر صاحب أمر نمرود ووزيره، وكان يتخذ الاصنام له وللناس ويدفعها
إلى ولده فيبيعونها وكان على دار الاصنام، فقالت ام إبراهيم لأزر: لا عليك إن
لم يشعر الملك به بقي لنا ولدنا وإن شعر به كفيتك الاحتجاج عنه، وكان آزر كلما نظر
إلى إبراهيم أحبه حبا شديدا وكان يدفع إليه الاصنام ليبيعها كما يبيع إخوته، فكان
يعلق في أعناقها الخيوط ويجرها على الارض ويقول: من يشتري ما لا يضره ولا ينفعه
؟ ! ويغرقها في الماء والحماة ويقول لها: اشربي وتكلمي، فذكرا إخوته ذلك لأبيه
فنهاه فلم ينته فحبسه في منزله ولم يدعه يخرج. " وحاجه قومه فقال " إبراهيم
" أتحاجوني في الله وقد هدان أي بين لي " ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء
ربي شيئا وسع ربي كل شئ علما أفلا تتذكرون " ثم قال لهم: " وكيف أخاف ما أشركتم
ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن
إن كنتم تعلمون " أي أنا أحق بالأمن حيث أ عبد الله أو أنتم الذين تعبدون الاصنام.
المصدر : بحار الأنوار
المؤلف : العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي
الجزء والصفحة : جزء 12 / صفحة [29]
تاريخ النشر : 2024-05-26