الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
خليل بن إسحاق
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج4، ص224-226
11-3-2016
3201
هو أبو العبّاس خليل بن إسحاق بن ورد من أهل طرابلس (الغرب) و من أبناء الجند فيها. برع في عدد من وجوه العلم و أحاط بعدد من فنون الأدب. و صحب الصوفية مدّة. و يبدو أنّه كان رجلا صالحا، فمن أعماله أنّه أشرف على بناء الجامع الكبير الذي تمّ بناؤه سنة ٢٩٩(٩١٢ م) ثمّ زاد فيه المنارة (٣٠٠ ه) .
و في سنة ٢٩٩ ثار أهل طرابلس على الفاطميّين، فحاصر عبيد اللّه المهديّ- أول خلفاء الدولة الفاطمية-مدينة طرابلس حصارا شديدا ثمّ فتحها بعد مقاومة عنيفة، سنة ٣٠٣، و فرض عليها غرامة باهظة، قيل: أربعمائة ألف دينار! في هذه الأثناء كان خليل بن إسحاق قد مال إلى الدعوة الفاطمية و اعتنقها فولاّه عبيد اللّه المهديّ جمع تلك الغرامة، فاشتطّ في جمعها و عذّب الناس في تحصيلها. و تقلّب خليل ابن إسحاق في عدد من مناصب الدولة: تولّى جمع الضرائب كما تولّى قيادة فريق الخيّالة.
غير أنّ عبيد اللّه المهديّ عاد فغضب عليه و أهمله. فلمّا جاء القائم بأمر اللّه (٣٢٢-334 ه) ابن عبيد اللّه المهديّ أمّن خليل بن إسحاق و ولاّه على جزيرة صقلّية (325-٣٢٩ ه) فأكثر فيها من الظلم و سفك الدماء و كان يفتخر و يزعم أنّه قتل في صقلّية ألف ألف (مليون) نفس.
ثمّ إنّ القائم بأمر اللّه صرف خليل بن إسحاق عن صقلّية و ولاّه على جيش لقتال أبي يزيد مخلد بن كيداد الخارجيّ (316-336 ه) المعروف بلقب «صاحب الحمار» . و لكنّ أبا يزيد حاصره في مدينة القيروان ثمّ أخذه فقتله، سنة ٣٣٢ ه (943-944 م) و صلبه.
كان خليل بن إسحاق شديد التقلّب في حياته؛ و سبب انتقاله من الخير و الصّلاح إلى الظّلم و سفك الدماء و الانتقام يخفى علينا اليوم. و مع ذلك فإنّه كان شاعرا مجيدا عذب الألفاظ سهل التراكيب رقيق المعاني. و أكثر شعره مديح للفاطميّين.
مختارات من شعره:
- قال خليل بن إسحاق يمدح عبيد اللّه المهديّ بقصيدة منها:
قف بالمنازل و اسألن أطلالها... ما ذا يضرّك لو أردت سؤالها (1)
هل أنت أول من بكى في دمنةٍ... درست و غيّرت الحوادث حالها (2)
يا دار زينب، هل تردّين البكا... عن مقلة سفحت عليك سجالها (3)
بدّلت، بالأنس الخرائد كالدّمى... وحش الفلاة ظباءها و رئالها (4)
صلّى الإله على النّبيّ محمّدٍ... و على الإمام و زاده أمثالها
إنّ الإمام أقام سنّة جدّه... للمسلمين كما جذوت نعالها (5)
و هدى به اللّه البريّة بعد ما... طلب الغواة الظالمون ضلالها
إنّ الخلافة، يا ابن بنت محمّدٍ... حطّت إليك عن النبيّ رحالها (6)
و لقد عهدت لآل زينب حبرة... فيها و دنيا أقبلت إقبالها (7)
بيضاء ناعمة يجول وشاحها... و تهزّ دقّة خصرها أكفالها (8)
و كأنّ في فيها بعيد رقادها... عسلا أصاب من السماء زلالها (9)
و لقد عصيت عواذلي في حبّها... و النفس تعصي في الهوى عذّالها (10)
______________________
١) الطلل: مكان الخيمة بعد أن ينتزعها أهلها و يرحلوا عن المكان الذي كانوا فيه.
٢) الدمنة: الطلل. درس المنزل: امّحت آثاره.
٣) سفحت العين: سال دمعها. سفحت سجالها (السجل بفتح السين: الدلو العظيم) : بكت كثيرا.
4) في القاموس (٢:١٩٨) : الأنوس من الكلاب ضدّ العقور و جمعها أنس (بضمّ فضمّ) . و يقصد الشاعر بقوله بالأنس الخرائد: النساء الجميلات اللواتي يأنس بهنّ الرجل عادة. الدمية: التمثال، الصورة (المرأة الجميلة) . الرئال جمع رأل: ولد النعامة.
5) السنّة: الطريقة، المنهاج، نمط الحياة. جدّه: محمّد رسول اللّه (يعتقد الفاطميّون أنّ عبيد اللّه المهدي مؤسّس الدولة الفاطمية من نسل فاطمة بنت محمّد صلّى اللّه عليه[وآله] و سلم) . كما حذوت نعالها: كما فصّلت أديم إحدى النعلين على النعل الأخرى (يعني: يسلك كما كان يسلك رسول اللّه تماما) -و في هذه الاستعارة في هذا المكان قبح ظاهر.
6) يا ابن بنت محمّد: يا ابن فاطمة بنت محمّد: يا من أنت من نسلها. حطّت الخلافة إليك رحالها: وجدت فيه الخليفة الحقيقي (يعتقد الفاطميّون أن الإمام عليّا وحده كان خليفة، ثمّ بقي الناس بلا خليفة حتّى جاءت الدولة الفاطمية) .
7) الحبرة (بفتح الحاء) : السرور و النعمة (النضارة و الرونق، السعادة) . و دنيا أقبلت: خصب و نعيم و ازدهار.
8) يجول وشاحها: يتحرّك وشاحها على كتفيها (كناية عن أنّ جسمها أهيف رشيق غير ضخم) . الكفل (بفتح ففتح) : الردف (بكسر الراء) . -لعلّه يقصد: ضخامة أردافها تتعب خصرها النحيل الضعيف فتجعله يهتزّ بغير إرادته!
9) بعيد رقادها: بعد نومها بوقت قليل (عند استيقاظها) . الزلال: الماء الصافي. السماء المطر.
10) العذلة (بضمّ ففتح) و العذّال (بفتح فتشديد) اللائم (الذي يلوم المحبّ على حبّه) ، و الجمع منهما عذلة (بفتح ففتح) و عذّال و عذّل (بضمّ فتشديد فيهما) . و العواذل جمع عاذل: عرق يخرج منه دم الاستحاضة في المرأة (القاموس 4:١4) . و الشاعر يقصد بالعواذل جمع عاذلة (لائمة للمحبّ على حبّه) .