الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
سعادة الحمصي الأعمى
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج3، ص408-411
27-1-2016
3558
هو سعيد بن عبد اللّه الضرير المعروف بسعادة الحمصيّ الأعمى، كان مملوكا لبعض الدمشقيّين، و قد أضرّ (عمي) في شبابه.
كان سعادة الحمصيّ يسكن حمص، و لكنّه - فيما يبدو-كان كثير الأسفار للتكسّب بالشعر: ذهب الى القاهرة و مدح صلاح الدين الأيّوبي (564-589 ه) في مطلع حكمه بقصيدة طائية فأثابه صلاح الدين عليها بألف دينار. و يبدو أنّه مدح آخرين أيضا، فقد رجع من مصر بوفر كبير و غنى ظاهر. ثمّ رأيناه في دمشق في عاشر شعبان من سنة 571(26-2-1176 م) ، و في حماة في ثامن صفر من سنة 572(16-8-1176 م) .
و كانت فاته في أواخر القرن السادس للهجرة (الثاني عشر للميلاد) .
كان سعادة الحمصيّ الأعمى ذكيّا حادّ الذهن و شاعرا مكثرا كثير المعاني متين السبك حسن الصناعة. و أكثر شعره المديح، و له أوصاف بارعة.
مختارات من شعره:
- وفد سعادة الحمصيّ على صلاح الدين الأيوبيّ بقصيدة منها:
وقفت و أنضاء المطيّ ضحى تمطو... وقوف جو أنحى على قربه الشمط (1)
على دارسات من رسوم كأنّها... صحائف كتب لا يبين لها خطّ
أخاطب منها صامتا غير ناطق... و من عبراتي في ترائبها سمط (2)
خليليّ، هل من حامل لي تحيّة... إلى قمر نجم الثريّا له قرط
نشدتكما، بالشام عوجا و سلّما... على ظبيات أسد ألحاظها تسطو
على المائسات اللاء رنّحها الصبا... على الآنسات اللاء نفّرها الوخط (3)
بنفسي و أهلي أنت من بابليّة... لها و اليها الحلّ في السحر و الربط
فلا و لماها العذّب، لا كنت ناقضا... عهود هواها لا و لا ساليا قطّ
فكيف و عندي من هواها صبابة... تكاد بها منّي الجوانح تنقّط (4)
و وجد كوجد الناصر الملك بالعلى... و بالشرف السامي الذي ما له هبط
فتى مهتدي الآراء في كلّ حادث... مضل لآراء الملوك بها خبط (5)
و ما كتبه - مذ كان - الاّ كتائب... حروف ظباها بالطلى ما لها كشط (6)
فتى من بني أيوب، إن همّ أو همى ... فما الغيث إذ يحبو و ما الليث اذ يسطو
- و مدح سعادة الأعمى صلاح الدين، في دمشق سنة 571 ه بقصيدة منها:
و مرابع تهدي الى سكّانها... طيبا إذا نفحت على سكّانها
أرجا لدى الغدوات تحسب أنّه... مسك إذا وافاك من أردانها
فالنّور تيجان على هاماتها... و النّور أثواب على أبدانها
و الورق قينات على أوراقها... تفتنّ بالألحان في أفنانها (7)
و أبيت من و له و فرط صبابة... أبكي على ما فات من أزمانها
أيّام كنت بها و كانت عيشتي... كالروضة الميثاء في إبّانها
دار هي الفردوس الاّ أنها... أشهى من الفردوس عند عيانها
سلطانها الملك ابن أيوب الذي... كفّاه لا تنفكّ عن هطلانها
بمواهب لو لم أكن نوحا لما... نجّيت يوم نداه من طوفانها
تلك السيوف المرهفات بكفّه... أمضى على الأيّام من حدثانها
و اذا جحافله أثرن سحائبا... لمعت بروق النصر في أحضانها
كم قدتهنّ، أبا المظفّر، ظافرا... و الأسد صائلة على عقبانها
متواثبات للطعان؛ فلا كبت... تلك العتاق الجرد يوم طعانها
أقسمت، ما هدّ من أركان العدى... الاّ بما شيّدت من أركانها
- و قال في الشمعة (الصعدة: الرمح. اللهذم: سنان الرمح) :
و شادن نادمته... تحت رواق الغيهب
بدر دجى مقترن... من كأسه بكوكب
يطعن أحشاء الدجى... عند الرضا و الغضب
بصعدة من فضّة... لهذمها من ذهب
- و قال يصف النار:
يا حسن نار أتتنا... في حندس الظلماء
وافت إلينا تهادى... في حلّة حمراء
حتّى إذا ما توارت... عن ذلك الإيراء (8)
أبدت قراضة تبر... في خرقة دكناء (9)
___________________
1) أنضاء المطي (الدواب التعبة) . تمطو: تسرع. جو: محب: انحى: مال. الشمط: بدء الشيب.
2) و من عبراتي (دموعي) في ترائبها (جوانب صدرها) سمط (خيط تنظم فيه اللآلي) كناية عن كثرة بكائه.
3) رنحها: هزها، جعلها تتمايل. الصبا. الشباب. نفرها (أمالها عني) الوخط (كثرة الشيب) .
4) الجوانح: أضلاع الصدر. تنقط: تتقطع.
5) الخبط: السير على غير هدى. مضل نعت «حادث» .
6) الظبا: السيوف. الطلى: الأعناق. الكشط: المحو. الاقلام اذا كتبت في الورق يمحى ما تكتبه و ما تكتبه السيوف في الطلى (الأعناق) لا يمحى.
7) ورق جمع ورقاء: حمامة. قينات: مغنيات. تفتن: تتفنن. أفنان: أغصان.
8) توارت (اختفت) الجمرات تحت الرماد. الايراء: شدة الاشتعال.
9) بقايا النار تشبه قطعا صغيرة من تبر (ذهب) في خرقة دكناء (سمراء) من الرماد.