الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
حَيص بَيص
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج3، ص369-371
27-1-2016
3407
هو الأمير شهاب الدين أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد الصيفي التميمي، قيل إنه من نسل أكثم بن صيفي التميمي حكيم العرب. و قد لقّب حيص بيص (1) لأنه رأى الناس يوما في حركة مزعجة و أمر شديد فقال: ما للناس في حيص بيص، فبقي عليه هذا اللقب.
تفقّه حيص بيص في الريّ على القاضي محمد بن عبد الكريم الوزّان و سمع الحديث، ثم استقرّ في العراق. و كان له في مدينة الحلّة حوالة فذهب اليها لاستخلاص مبلغ الحوالة و كانت على ضامن الحلقة فوقع سباب بين غلامه و بين الضامن فغضب حيص بيص و تهدّد والي الحلة ضياء الدين مهلهل بن أبي العسكر الجاواني (مع أنهما كانا صديقين) . و لذلك و أمثاله يقال إنه كان به غرابة أطوار، فقد كان فيه تعاظم و تيه، و كان لا يخاطب أحدا الا بالكلام الفصيح، كما كان يتزيّا بزيّ البدو و يتقلّد سيفا. توفّي حيص بيص في بغداد، سادس شعبان 574(1179 م) .
كان حيص بيص فقيها يتكلّم في مسائل الخلاف (اختلاف الآراء بين الفقهاء) ، و لكن غلب عليه الأدب فكان عارفا بأخبار العرب و اختلاف لغاتهم. ثم كان شاعرا مجيدا جزل الألفاظ متين التركيب عالي النفس يتكلّف الصنعة أحيانا، و لكنّه كان حسن الابتداءات و التخلّص. و أكثر شعره المدح و الفخر، و له رثاء و لم يرو له هجاء. ثم له شيء من الوصف و الغزل و الحكمة. و له ايضا نثر و رسائل فصيحة بليغة.
مختارات من آثاره:
- قال حيص بيص يشير الى قتل الأمويّين لآل أبي طالب:
ملكنا فكان العدل منّا سجية... فلمّا ملكتم سال بالدم أبطح (2)
و حلّلتم قتل الأسارى، و طالما... غدونا عن الأسرى نعفّ و نصفح
فحسبكم هذا التفاوت بيننا... و كلّ إناء بالذي فيه ينضح
- و قال يمدح الخليفة المقتفي:
ما ذا أقول إذا الرواة ترنّموا... بفصيح شعري في الإمام العادل
و ترنّحت أعطافهم فكأنّما... في كلّ قافية سلافة بابل (3)
ثم انثنوا غبّ القريض و صنعه... يتساءلون عن النّدى و النائل (4)
هب، يا أمير المؤمنين، بأنّني... قسّ الفصاحة؛ ما جواب السائل (5)
- و قال يصف أبياتا كتبت اليه ثم يستطرد إلى ذكر ايام الصبا:
صادرات ألفاظهنّ عذاب... عن خلال مهذّبات عذاب (6)
كلّ روعاء لو تقلّدها الفارس... أغنت عن صارم قرضاب (7)
أذكرتني أيام عهد التصابي... و مراحي؛ و أين عهد التصابي
حين لا آمر يطاع سوى اللهو... و لا حاكم سوى الأحباب
- قال حيص بيص في خطبة (مقدّمة) ديوانه في تفضيل الشعر على النثر:
. . . . و حسب الشعر فخرا أنّ الإنسان يسمع المعنى فلا يهزّ له عطفا و لا
يهيج له طربا؛ فإذا حوّل نظما فرّح الحزين و حرّك الرزين و كرّم البخيل و وقّر الإجفيل (8) و قرّب الأمل البعيد و سنّ الغناء لغير الغرّيد. . . و كم استلّ سخيمة من ذي غمر عجز عن مداراته الحجا و ضعفت عن استرجاع ودّه الرقى. فما كان متصرّفا هذا التصرّف في النفوس و الأخلاق (9) فأكبر بشأنه و أعظم بمكتنه! . . . . و قد علم عصري و بنوه و زماني و أهلوه أنّي ابتدرت شعفات الفضل غلاما يفعة هاجرا اليه كلّ خفض و دعة (10) . . .
______________________
1) وفيات 1:361. و الحيص بيص (بفتح الباءين أو كسرهما ثم بالبناء أو بالإعراب) : الشدة و الضيق و اضطراب الأمور حتى لا يستطيع الانسان أن يتصرف (القاموس 2:296-297) .
2) سجية: طبيعة. الابطح: الارض المستوية. سال بالدم أبطح (مسيل واسع) : أكثرتم القتل ظلما حتى سال الدم في الابطح.
3) ترنحت (تمايلت) أعطافهم (جمع عطف بكسر العين: جانب الجسم) : اهتزت أجسامهم (من الطرب و السرور بشعري) . قافية: قصيدة (أو بيت من الشعر) . سلافة: خمر. بابل: أرض الكوفة (كانت مشهورة بالكروم التي تنتج-بالبناء للمجهول-منها الخمر، كما كانت مشهورة بالسحر) .
4) انثنوا: عادوا، رجعوا (جعلوا) . غب القريض: بعد أن سمعوا شعري (في مدحك) . يتساءلون عن الندى (الكرم) و النائل (العطاء) : يتحدثون عن كرمك و عن عظم العطية التي ستعطيني إياها على مدحي لك؛ ثم يقولون لي: كم أعطاك الخليفة على هذه المدحة؟
5) لو كنت أنا، يا أمير المؤمنين، قس بن ساعدة في الفصاحة لما استطعت أن أجيب السائل بجواب معقول اذا قال لي: كم أعطاك الخليفة على هذه المدحة؟ (و كان عطاؤك لي قليلا) .
6) (هذه الابيات التي) صدرت منك عذبة (جميلة) لأن خلالك (أخلاقك) مهذبة (جميلة) .
7) كل (قصيدة، قافية، لفظة) روعاء (جميلة و توحي الهيبة و الرهبة في الوقت نفسه) لو تقلدها الفارس (تسلح بها و ذهب الى الحرب) أغنته عن أن يحمل سيفا قرضابا (بكسر القاف: السيف القاطع) .
8) المراح: الاشر (نشاط الشباب) و الاختيال (الاعتزاز بالنفس و قلة المبالاة بالأمور، التكبر) . لا يهز له عطفا: لا يسره. حرك الرزين (الوقور) : حمله على الخفة و المرح. وقر (ثبت) الإجفيل (الجبان) ، أي في المعركة.
9) استل سخيمة من ذي غمر: يستخرج الضغينة و الحقد من صدر شاب ذي غمر (بفتح الغين و كسرها) الحقد الكامن. الحجا: العقل. الرقي جمع رقية (بضم القاف) : العزيمة (أقوال من السحر) . الاسترجاع (مستعملة خطأ) ، يقصد استرداد. التصرف: التأثير المتعدد الجوانب و الأشكال.
10) بمكنته، بمكتنه (؟) . ابتدر فلان الأمر: عجل الى لقائه و معالجته. الشعفة: أعلى الجبل. يفعة: صغير السن. الخفض و الدعة: العيش الهنيء الهادئ.