الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
مجنون ليلى
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج1، ص436-439
30-12-2015
5523
كان في العصر الأموي، وفي الحجاز و نجد خاصة، عدد من الاشخاص الذين تيّمهم العشق و استولى عليهم حبّ امرأة عرفوها من قرابة أو جوار فخرج بهم الحب إلى الجنون. و كان من هؤلاء المجانين نفر من بني عامر بن صعصعة. و أشهر هؤلاء كلهم شخص يلقبونه مجنون ليلى و يذكرون أنه قيس بن الملوّح أو قيس بن معاذ؛ و يقولون مرة إنه مجنون بني عامر، و مرة انه مجنون بني جعدة، و قيل بل ان الاول غير الثاني (1).
و من الرواة من يرى أن مجنون بني عامر كان شخصا تاريخيا موجودا؛ و منهم من قال ان مجنون ليلى شخص خرافي، كما ذكر عوانة بن الكلبي (توفي سنة 147 ه-764 م) .
أما المجنون المقصود بهذه الأسطر فقد جعلوا نسبه: قيس بن الملوح (2) بن مزاحم من بني كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة. و قال بعض الرواة إن مجنون ليلى لم يكن مجنونا، و لكن كانت به لوثة (3)، و أنه خولط في عقله لما اشتد هيامه بليلى. أما ليلى هذه فهي، فيما قيل، ليلى بنت مهدي بن سعد ابن مهدي من بني كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، و تكنى أمّ مالك. و قد كان قيس و ليلى في صغرهما يرعيان الغنم لأهلهما عند جبل يقال له التوباد، فنشأت بينهما ناشئة حبّ استحكمت مع الايام، و لكنّ وطأتها عليه كانت أشد.
و لمّا اشتهر حبّ قيس و ليلى كره أبو ليلى أن يزوّج ليلى لقيس، و خطبها ورد بن محمد العقيلي فحملها أبوها على القبول به فتزوجته كارهة. و زال عقل قيس بعد زواج ليلى جملة، و لكنه ظل يذكر ليلى في شعره و هذيانه ثم يحاول زيارتها، فيقال ان عمر بن عبد الرحمن بن عوف، و كان يتولى جمع الصدقات (الزكاة) من بني كعب و قشير و جعدة، في أيام مروان بن الحكم (64-65 ه) ، أهدر دمه إن هو حاول الاتصال بليلى.
و يبدو أن مجنون ليلى توفّي بعد ذلك بقليل، سنة 70 ه (689 م) .
مجنون ليلى شاعر رقيق حلو الالفاظ رائق الاسلوب متأجّج العاطفة، و قد نحله الرواة شعرا كثيرا من جنس شعره. و قد تركت قصة مجنون ليلى أثرا عظيما في الأدبين الفارسي و التركي.
المختار من شعره:
- في كتاب الزهرة (ص 33) : و قال مجنون بني عامر:
تداويت من ليلى بليلى من الهوى كما يتداوى شارب الخمر بالخمر.
أ لا زعمت ليلى بأن لا أحبّها... بلى، و الليالي العشر و الشفع و الوتر (4)
إذا ذكرت يرتاح قلبي لذكرها... كما انتفض العصفور من بلل القطر
- و فيه أيضا (ص 213) أنه وقف عند جبل يقال له التوباد ثم قال:
و أجهشت للتوباد لمّا رأيته... و هلّل للرحمن حين رآني
و أذريت دمع العين لمّا رأيته... و نادى بأعلى صوته فدعاني
و قلت له: أين الذين عهدتهم ... حواليك في عيش و خير زمان
فقال: مضوا و استودعوني بلادهم ... و من ذا الذي يبقى على الحدثان
و انّي لأبكي اليوم، من حذري غدا... فراقك و الحيّان مؤتلفان
سجالا و تهتانا و وبلا و ديمة و سحّا و تسجاما، و ينهملان (5)
- و مما اشتهر في الرواية لمجنون ليلى (6):
فيا ليل، كم من حاجة لي مهمّة... إذا جئتكم بالليل لم أدر ما هيا
فما أشرف الأيفاع (7) إلاّ صبابة... و لا أنشد الأشعار إلاّ تداويا
و قد يجمع اللّه الشتيتين بعد ما... يظنّان كلّ الظن ان لا تلاقيا
لحا اللّه أقواما يقولون إننا... وجدنا طوال الدهر للحب شافيا
و ما ذا لهم-لا أحسن اللّه حالهم- ... من الحظ في تصريم ليلى حباليا
فإن تمنعوا ليلى و تحموا بلادها... عليّ فلن تحموا عليّ القوافيا (8)
أراني إذا صلّيت يممت نحوها... بوجهي و إن كان المصلّى و رائيا (9)
فو اللّه ما أدري، إذا ما ذكرتها...اثنتين صلّيت الضحى أم ثمانيا (10)
و ما بي إشراك؛ و لكنّ حبّها... و عظم الجوى أعيا الطبيب المداويا (11)
- و روى الجاحظ لمجنون ليلى هذا (12):
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى... فصادف قلبا خاليا فتمكّنا
______________________
1) راجع البيان و التبيين 1:385،3:224،4:22. راجع حاشيتي عبد السلام محمد هارون (البيان و التبيين 1:385، رقم 2، ثم 3:224، رقم 1، ثم 4:22، رقم 5) .
2) في الكامل (ص 166) : قيس بن معاذ بن أحد بن عقيل (بضم العين) بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، و هو المجنون.
3) جاء في الكامل (ص 88) : لم يكن مجنونا، و لكن كان به لوثة كلوثة أبي حية النمري الشاعر.
4) الليالي العشر من رمضان، و يكون في «إحداها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر (راجع سورة القدر في القرآن الكريم، رقم 97) . الشفع و الوتر: الخلق كلهم. الشفع: عيد الأضحى، و ركعتا الضحى (القاموس 3:45-46) . الوتر ركعة بعد سنة العشاء (القاموس 2:152) أو كل صلاة ركعاتها وتر غير مزدوجة.
5) السجال و التهتان و الوبل الخ: أنواع من هطول المطر. و ينهملان: عيناي ينهملان (يسقط دمعهما كالمطر) .
6) راجع الكامل 167.
7) الايفاع: الاماكن المرتفعة. إلا صبابة: الا لما بي من الحب، حتى أستطيع أن أراك و لو من بعيد.
8) لن تحموا علي القوافي: لن تمنعوني من قول الشعر فيها.
9) يممم: قصد، توجه نحو. المصلى: مكان الصلاة.
10) الضحى: صلاة تكون بعد ارتفاع الشمس، و هي من السنة.
11) الجوى: شدة الهوى و الحب.
12) البيان و التبيين 2:41-42.