الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
مالك بن أسماء
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج1، ص547-549
30-12-2015
3878
هو مالك بن أسماء بن خارجة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاريّ، كان جدّه من سادات غطفان في نجد ثم نزل الكوفة في حيّ بني أسد فكان له و لولده من بعده جاه و شرف في الكوفة. أما أم مالك فكانت أمّ ولد تدعى صفيّة.
ولد مالك بن أسماء في الكوفة، نحو سنة 35 ه(655 م) و شبّ تامّ الخلق ذا جمال باهر حسن الحديث و محبّا مغامرا حتّى روي (غ 1:147) أن عمر بن أبي ربيعة رأى رجلا. يطوف بالبيت قد بهر الناس بجماله و تمامه، فسأل عنه فقيل له: هذا مالك بن أسماء بن خارجة! فجاء عمر فسلّم عليه و قال له: يا أخي، ما زلت أتشوّق إليك منذ بلغني قولك:
إنّ لي عند كلّ نفحة بستا... ن من الورد أو من الياسمينا
نظرة و التفاتة أتمنّى... أن تكوني حللت في ما يلينا
و كان لمالك أخ اسمه عيينة يبدو أنه كان مثله في الجمال و في المغامرة. و كان له أخت بارعة في الجمال اسمها هند، من الاديبات و ذوات الخبرة و الحنكة و الدهاء، فشغلت ولاة العراق: تزوّجها عبيد اللّه بن زياد (توفي 67 ه-686 م) ، ثم تزوّجها بشر بن مروان (توفي 74 ه-693 م) ، ثم تزوّجها الحجّاج و شغف بها على ما نعرف من جدّ الحجّاج في الأمور و قسوته في معاملة الناس.
ولّى الحجّاج، بعد زواجه بهند، مالك بن أسماء على أصبهان و ولّى عيينة على شيء من الجبايات (في العراق في الاغلب) فظهر للحجّاج عليهما كليهما خيانة في الأموال فسجن مالكا في الكوفة و اشتطّ في تعذيبه حتّى كان لا يأذن بأن يسقى الماء إلا ممزوجا بالملح و الرماد (1). ثم ان الحجّاج عفا عنهما إكراما لأختهما هند.
و كان لمالك بن أسماء شعر طويل جميل (ديوان المعاني 2:162) ثم شاب و صار يخضب بالحنّاء (الأمالي 3:112) قبل أن يبلغ الاربعين من العمر.
في العقد الفريد (2): «لمّا مات مالك بن أسماء. . . قال الحجاج: ذلك عاش ما شاء و مات حين شاء» . فاذا نحن اعتمدنا هذه الجملة وجب أن يكون مالك بن أسماء قد توفّي في أيام الحجاج، و ربما بعد سنة 90 ه (708 م) ، و كان لا يزال فيه بقيّة من قوّة.
مالك بن اسماء بن خارجة شاعر غزل ظريف مكثر، و شعره فصيح الالفاظ سهل التركيب عذب في التلاوة. و فنونه الغزل و الخمريات، و له شيء من العتاب القريب من الهجاء، كما أن له أبياتا سائرة.
المختار من شعره:
- قال مالك بن أسماء في إحدى نسائه يستحسن كلامها، و كانت امرأته تلك تلحن أحيانا (تكسب كلامها غنّة أو نغما مخصوصا) مع اصابة المعني. و فهم الجاحظ اللّحن في هذه الابيات بمعنى الخطأ في القول (غ 16: 43، الاسطر 5-12؛ البيان و التبيين 1:147،228) :
أ مغطّى مني على بصري بالـ...ـحبّ، أم أنت أكمل الناس حسنا
و حديث ألذّه، هو مما... ينعت الناعتون: يوزن وزنا
منطق صائب، و تلحن أحيا...نا؛ و خير الكلام ما كان لحنا
- و له في اللهو (غ 16:40، معجم البلدان 1:865) :
حبّذا ليلتي بتلّ بونّا... حيث نسقى شرابنا و نغنّى
و مررنا بنسوة عطرات... و غناء و قرقف فنزلنا (3)
حيث ما دارت الزّجاجة درنا... يحسب الجاهلون أنّا جنّنا
من شراب كأنّه دم جوف... يترك الشيخ كالفتى مرجحنّا (4)
- كان مالك بن أسماء مغرما بالشراب فنصحه الحجّاج بتركه فتركه مدّة ثم عاد اليه. و في ذلك يقول:
و ندمان صدق قال لي بعد هجعة... من الليل قم نشرب فقلت له مهلا (5)
فقال أبخلا، يا ابن أسماء؛ هاكها... كميتا كريح المسك تزدهف العقلا(6)
فتابعته في ما أراد، و لم أكن... بخيلا على الندمان أو شكسا و غلا (7)
و لكنّني جلد القوى أبذل النّدى... و أشرب ما أعطى و لا أقبل العذلا (8)
ضحوك، إذا ما دبّت الكأس في الفتى... وغيّره سكر وان أكثر الجهلا (9)
____________________
1) الاغاني (طبعة الساسي)16:40-41؛ الأمالي 2:198؛ البيان و التبيين 2:181.
2) بتحقيق محمد سعيد العريان (توفي 1964 م) ، القاهرة (مطبعة الاستقامة)1372 ه-1953 م، 3:215.
3) القرقف: الخمر الباردة.
4) ارجحن: مال و اهتز.
5) الندمان (بفتح أوله) : النديم الواحد (الذي يشارك غيره في مجلس الخمر) . و ربما جاءت جمعا. مهلا! : استمع، لا تدعني إلى ذلك، اترك هذا القول أو العمل.
6) كميت: حمراء اللون. تزدهف العقل: تستخف العقل، تذهب به.
7) الشكس: صعب الخلق، سيء المعاشرة، كثير الخلاف على من يعاشرهم. الوغل: النذل، الساقط.
8) العذل: اللوم.
9) الجهل: (الكلام القبيح، الفج، القاسي) .