الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
قيس بن ذريح
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج1، ص424-427
30-12-2015
7281
هو قيس بن ذريح من بني بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة؛ وأمّه بنت سنّة بن الذاهل بن عامر الخزاعي. وكان قيس بن ذريح أخا الحسين بن علي بن أبي طالب [عليه السلام] من الرضاعة، فان أم قيس أرضعت الحسين [عليه السلام].
نشأ قيس بن ذريح في المدينة، وفيها رأى لبنى بنت الحباب الكعبيّة فأحبها وأحبّته وأراد الزواج بها فدافعه أبوه عن ذلك: كان قيس وحيدا لأبويه، وكان أبوه غنيّا جدا، فأراد أن يتزوّج ابنه احدى بنات عمّه حتى لا تذهب الثروة إلى أسرة غريبة. فاستشفع قيس أخاه من الرضاعة الحسين بن علي فمشى الحسين في أمره وطلب، بما له من الوجاهة الدينية والاجتماعية، من والد قيس ووالد لبنى أن يجمعا بين الحبيبين بالزواج فلم يستطيعا مخالفته.
وعاش قيس ولبنى في سعادة، ولكن لم يرزقا أولادا. فأكره ذريح ابنه قيسا على طلاق لبنى فأسرع ذلك في عقله وجعل يهيم على وجهه. غير أنه كان يلمّ ببيتها حينا بعد حين، فشكا الحباب ذلك إلى معاوية بن أبي سفيان، فكتب معاوية إلى مروان بن الحكم والي المدينة (49-56 ه) بأن يهدد قيسا ويردعه عن زيارة لبنى، ثم كتب إلى الحباب بأن يزوّج لبنى بخالد بن حلّزة الغطفاني.
وتطاول بعد ذلك شقاء العاشقين فماتت لبنى ثم مات قيس وشيكا بعدها، نحو سنة 68 ه (687 م) أو بعد ذلك بقليل، وقد دفن إلى جانبها.
كان قيس بن ذريح من عشاق العرب المشهورين، وكان معظم شعره في لبنى. وشعره جميل المعاني سهل التركيب متين السبك، وأكثره مقطّعات، وقد تطول قصائده. وأطول قصيدة لقيس بن ذريح تبلغ اثنين وخمسين بيتا، مطلعها (الأمالي 2:318 وما بعدها):
عفا سرف من أهله فسراوع... فجنبا أريك فالتّلاع الدوافع
و يبدو أن الاشعار التي رواها الاصفهانيّ لقيس بن ذريح (الاغاني 9: 178-220) قد قيل بعضها قبل طلاق لبنى و بعضها بعد طلاق لبنى. و لا يبعد أن يكون في هذه الاشعار أشياء منحولة.
و كان قيس بن الملوّح (مجنون ليلى) يعجب بشعر قيس بن ذريح و يفيق من ذهوله إذا سمع أحدا ينشده.
المختار من شعره:
- قال قيس بن ذريح لما تزوّجت لبنى خالد بن حلّزة و سارت معه إلى حيّه:
إلى اللّه أشكو فقد لبنى كما شكا... إلى اللّه فقد الوالدين يتيم
يتيم جفاه الأقربون، فجسمه... نحيل و عهد الوالدين قديم (1)
بكت دارهم من نأيهم فتهلّلت... دموعي، فأيّ الجازعين ألوم (2)
أ مستعبرا يبكي من الشوق و الهوى... أم آخر يبكي شجوه و يهيم (3)
تهيّضني من حبّ لبنى علائق... و أصناف حبّ هولهن عظيم (4)
و من يتعلّق حبّ لبنى فؤاده... يمت أو يعش ما عاش و هو كليم (5)
فانّي، و ان أجمعت عنك تجلّدا...على العهد فيما بيننا لمقيم
- و قال بعد أن فارق لبنى و هدده معاوية بهدر دمه إن هو تعرّض لها:
فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها... مقالة واشٍ أو وعيد أمير
فلن يمنعوا عينيّ عن دائم البكا... و لن يذهبوا ما قد أجنّ ضميري
إلى اللّه أشكو ما ألاقي من الهوى... و من حرقٍ تعتادني و زفير (6)
و من حرق للحبّ في باطن الحشى... و ليل طويل الحزن غير قصير
سأبكي على نفسي بعينٍ غزيرةٍ... بكاء حزينٍ في الوثاق أسير
و كنّا جميعا قبل أن يظهر الهوى... بأنعم حالي غبطةٍ و سرور
فما برح الواشون حتّى بدت لهم... بطون الهوى مقلوبة لظهور
لقد كنت حسب النفس لو دام وصلنا... و لكنّما الدنيا متاع غرور
- و لمّا اضطرّ قيس بن ذريح إلى تطليق امرأته (راجع البيت الثاني) ، قال (الأمالي 1:190) :
هبيني امرأً إن تحسني فهو شاكر... لذاك، و ان لم تحسني فهو صافح
و ان يك أقوام أساءوا فأهجروا... فإنّ الذي بيني و بينك صالح (7)
و مهما يكن فالقلب، يا لبن، ناشر... عليك الهوى؛ و الجيب ما عشت ناصح (8)
و انّك من لبنى، العشيّة، رائح... مريض الذي تطوى عليه الجوانح (9)
_____________________
1) و عهد الوالدين قديم: طاعة الوالدين حق قديم لهم على أولادهم (؟).
2) النأي: البعد. تهلل المطر و الدمع: سقط، انهمر. الجازع: الحزين الذي لا يقوى على الصبر.
3) المستعبر: الباكي. الشجو: الحزن. يهيم. يسير على غير هدى.
4) تهيض: انكسر. تهيضني: زاد في حزني (؟) . تهيض الغرام فلانا: عاوده (المعجم الوسيط 2:1014) .
5) كليم: مجروح (القلب) .
6) اعتاده الامر: عاد اليه مرة بعد مرة. الزفير: النفس الحار الذي يصعده الانسان.
7) في هذا البيت إشارة إلى والده الذي أجبره على طلاق لبنى. أهجروا: حملوني على أن أهجر (لبنى) .
8) الجيب: مكان العنق من الثوب. ما عشت: طول حياتي الباقية. ناصح: أمين. رجل ناصح الجيب: لا غش فيه (القاموس 1:252) . -لن أتزوج غيرك ما حييت و لن أحب امرأة أخرى.
9) الذي تطوى عليه الجوانح (جمع جانحة: الضلع) : القلب (لعل «مريض» بفتح الضاد) .