الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
سهل بن هارون
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج2، ص212-215
30-12-2015
13537
هو أبو محمّد (أبو عمر) سهل بن هارون بن راهبون (راهيون) (1) الأهوازي أو الخوزي.
ولد سهل بن هارون في ميسان، بين واسط و البصرة، أو في دستميسان سنة 140 هـ(758 م) أو بعد ذلك بقليل. ثمّ انّه انتقل مع أهله إلى البصرة فنشأ فيها و درس على علمائها، و لكنّنا لا نعرف أحدا من الذين درس عليهم على وجه الحصر.
و جاء سهل بن هارون بعد ذلك إلى بغداد و اتّصل بهارون الرشيد و أدرك نكبة البرامكة (187 ه-803 م) . و لمّا نكب الرشيد يحيى بن خالد و حبسه جعل سهل بن هارون صاحب ديوانه. و اعتزل سهل بن هارون الفتنة بين الأمين و المأمون (195-198 ه) ، فلمّا دخل المأمون إلى بغداد (204 ه) جعله خازن بيت الحكمة (2).
و يبدو أن وفاة سهل بن هارون كانت سنة 215 ه(830 م) .
كان سهل بن هارون شيعيّا معتدلا و معتزليّا. و كذلك كان شعوبيا. ثم انه كان عالما حكيما حليما حسن العشرة، كما كان بخيلا مشهورا بالبخل.
و كان سهل بن هارون مترسّلا بليغا و خطيبا فصيحا و مصنّفا للكتب، تروج كتبه عند الناس لحسن أسلوبها و طلاوتها و لأنها كانت تدور في الأكثر على القصص و الخرافات و الأسمار على لسان الناس و البهائم و الطّير. و قد كان الجاحظ في أول أمره يكتب الكتب ثم ينسبها إلى سهل بن هارون حتّى تلقى عند الناس قبولا و رواجا.
و الجانب المعنوي في آثار سهل بن هارون أحسن من الجانب اللفظي، و مع ذلك فقد كان عذب الألفاظ واضح التعبير بعيدا عن التكلّف ليس في كتابته من السّجع إلاّ ما يجيء عفوا. و كان له شيء من الشعر الوجداني في عدد من الاغراض الاجتماعية. و قد كان له اهتمام بالغ بالحكمة.
و لسهل بن هارون من الكتب: كتاب ثعلة و عفرة، كتاب النمر و الثعلب (و كلاهما على مثال كتاب كليلة و دمنة) ، كتاب الاخوان، كتاب المخزومي و الهذلية، كتاب الوامق (المحبّ) و العذراء، كتاب المسائل، كتاب تدبير الملك و السياسة، كتاب إلى عيسى بن أبان في القضاء. و له الرسالة المشهورة في البخل و تبرير مسلك البخلاء الخ.
المختار من شعره و نثره:
قال سهل بن هارون يهجو رجلا:
من كان يعمر ما شادت أوائله... فأنت تهدم ما شادوا و ما سمكوا (3)
ما كان في الحقّ أن تأبى فعالهم... و أنت تحوي من الميراث ما تركوا
- و قال سهل بن هارون يصف يحيى بن جعفر البرمكي:
عدوّ تلاد المال في ما ينوبه... منوع إذا ما منعه كان أحزما
مذلّل نفس قد أبت غير أن ترى... مكاره ما تأتي من العيش مغنما
- و من الأقوال المأثورة لسهل بن هارون:
*اللسان البليغ و الشعر الجيّد لا يكادان يجتمعان في واحد، و أعسر من ذلك أن تجتمع بلاغة الشعر و بلاغة القلم (النثر) .
*إذا كان الحبّ يعمي عن المساوئ فالبغض أيضا يعمي عن المحاسن. و ليس يعرف حقائق مقادير المعاني و محصول حدود لطائف الأمور إلاّ عالم حكيم و معتدل الأخلاط عليم، و إلاّ قويّ المنّة الوثيق العقدة (4) و الذي لا يميل مع ما يستميل الجمهور الأعظم و السواد الأكثر.
-و قال في رسالته التي ألّفها في الدفاع عن البخل:
. . . . و عبتموني حين زعمت أني أقدّم المال على العلم لأنّ المال به يغاث العالم و به تقوّم النفوس قبل أن تعرف فضيلة العلم، و إنّ الأصل أحقّ بالتفضيل من الفرع. و إنّي قلت: و إن كنّا نستبين الأمور بالنفوس، فإنّا بالكفاية نستبين و بالخلّة نعمى (5).
و قلتم: كيف تقول هذا، و قد قيل لرئيس الحكماء و مقدّم الأدباء: العلماء أفضل أم الأغنياء؟ قال: بل العلماء. قيل (له) : فما بال العلماء يأتون أبواب الأغنياء أكثر ممّا يأتي الأغنياء أبواب العلماء؟ قال (المسئول) لمعرفة العلماء بفضل الغنى و لجهل الأغنياء بفضل العلم. فقلت حالهما هي القاضية بينهما: و كيف يستوي شيء ترى حاجة الجميع اليه و شيء يغني فيه بعضهم عن بعض!
___________________
1) أو راهويه، رامويه.
2) بيت الحكمة أو دار الحكمة: دار جمع فيها المأمون نفرا من العلماء و الفلاسفة لنقل الكتب من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، كما جمع فيها ما وصلت اليه يده من الكتب.
3) سمك البنيان: علاه، جعله عاليا.
4) معتدل الاخلاط: معتدل المزاج، صحيح الجسم. قوي المنة: شديد القوة. وثيق العقدة (الثابت الأمر و الولاية، المالك للمال أو للأرض) .
5) الكفاية: الغنى. الخلة (بفتح الخاء) : الفقر. -الغني تتضح له الأمور و الفقير يعمى عن التصرف الصحيح في أموره.