الوضع الليلي
انماط الصفحة الرئيسية

النمط الأول

النمط الثاني

0
المرجع الالكتروني للمعلوماتية

الأدب

الشعر

العصر الجاهلي

العصر الاسلامي

العصر العباسي

العصر الاندلسي

العصور المتأخرة

العصر الحديث

النثر

النقد

النقد الحديث

النقد القديم

البلاغة

المعاني

البيان

البديع

العروض

تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب

أبو حيان التوحيدي

المؤلف:  عمر فرّوخ

المصدر:  تأريخ الأدب العربي

الجزء والصفحة:  ج3، ص70-74

28-12-2015

3104

+

-

20

هو أبو حيّان عليّ بن محمد بن العبّاس التوحيديّ، قيل كان أبوه يبيع نوعا من التمر يسمّى التوحيد؛ أو لعلّ هذه النسبة جاءته من أنه كان من المعتزلة أهل العدل و التوحيد.

قضى التوحيديّ معظم حياته في بغداد فتلقّى فيها علوم زمانه على الفقيه أبي حامد المروذيّ (ت 362 ه‍) ، و المنطقيّ يحيى بن عديّ (ت 364 ه‍) ، و الفقيه أبي بكر محمد الشاشيّ (ت 365 ه‍) ، و النحوي أبي سعيد السيرافيّ (ت 367 ه‍) و اللّغوي عليّ بن عيسى الرمّانيّ (ت 384 ه‍) ، و المنطقي أبي سليمان السجستانيّ (ت 391 ه‍) .

اتّصل التّوحيديّ مدّة يسيرة بأبي الحسن المهلّبيّ الذي وزر في بغداد لأمير الأمراء معزّ الدولة بن بويه منذ 339 ه‍. و لمّا توفّي معزّ الدولة (352 ه‍) رحل التوحيديّ الى ابن العميد في الريّ؛ و بعد بضع سنوات ذهب إلى الريّ مرّة أخرى إلى الصاحب بن عبّاد؛ غير أنه لم ينل عندهما كليهما حظوة ما، فعاد الى بغداد (370 ه‍-980 م) و بقي فيها إلى نحو سنة 400 ه‍. ثم تنقّل فيما بعد في البلاد فأدركه الموت في شيراز (414 ه‍-1023 م)

أبو حيّان التوحيديّ أديب مفكّر ألمَّ بعدد من فنون المعرفة ثمّ صرّف جانبا كبيرا منها في كتبه. و كان التوحيديّ فقيها و معتزليّا على مذهب الجاحظ و ذا ميل إلى التصوّف، و كان يرمى بالزندقة. و أسلوب التوحيديّ سهل واضح متين السبك يجري على السليقة خاليا من التكلّف. و كان للتوحيديّ عناية بترتيب الأفكار و تخريج المعاني و عناية بالتراكيب مع اهتمام ظاهر بالمناقشة المنطقية و الجدال الفلسفيّ و الموازنة بين الآراء.

كتب أبي حيّان التوحيديّ كثيرة أشهرها: المقابسات (و هي مذكّرات كان يكتبها بعد الجلسات التي كان يعقدها مع الأدباء و المفكّرين و الأعيان، فهي من أجل ذلك مجموع من الموضوعات المختلفة في الأمور التي كان يهتمّ بها أهل عصره.) - الإمتاع و المؤانسة (و هو أيضا مجموع من الموضوعات التي كان البحث فيها ثائرا في أيامه) -رسالة في الصداقة و الصديق-رسالة في علم الكتابة-بصائر القدماء و سرائر الحكماء-الإشارات الالهية و الأنفاس الروحانية - رسالة في أخبار الصوفية-رياض العارفين-رسالة الإمامة-الهوامل و الشوامل - ثلب (أو مثالب، ذم الخ) الوزيرين (الصاحب بن عبّاد و ابن العميد) - تقريظ الجاحظ -الحنين الى الاوطان-النوادر.

مختارات من نثره:

- من مقدّمة المقابسات (ذمّ أهل الزمان) :

. . . فقد أصبحنا في هذه الدار و كأنما هي قاع أملس أو أثر أخرس لم يبقَ من يرضى هديه او يقتبس علمه. . . . او يعرف حدّه بأدب من الآداب عليه او يباشّ (1) بوجه من الوجوه إليه، و ما ذلك إلا لنغل القلوب و دخل الأعراق و خلوقة الدين و غلبة القحة و ارتفاع المراقبة و سقوط الهيبة و رفض السياسة و التبجّح بالفحشاء و المنكر (2).

و لعمري، ما زالت الدنيا على سجيّتها المعروفة و عاداتها المألوفة؛ و لكن اشتدّت مؤونتها و تضاعفت زينتها اليوم بفقد السائس الصارم و بعدم العابد العالم و بانقراض أهل الحياء و التكرّم و بتصالح الناس على التعادي و التظالم. و للّه -جلّ وجهه و تقدّس اسمه-في هذا الخلق غيب لا يعرف مآبه و لا يفتح بابه (3)، و لا يقع القياس عليه و لا يهتدي الإحساس إليه؛ و من أجله سقط الاعتراض و وجب التسليم (4) و الانقياد. و أدع هذا، فهو سلّم طويل و فضاء عريض.

- وصف الصاحب بن عبّاد:

قلت إن الرجل كثير المحفوظ: قد نتف من كلّ أدب خفيف أشياء، و أخذ من كلّ فنّ أطرافا. و الغالب عليه كلام المتكلّمين المعتزلة؛ و كتاباته مهجّنة بطرائقهم، و مناظرته مشوبة بعبارة الكتّاب. و هو شديد التعصّب على أهل الحكمة و الناظرين في أجزائها كالهندسة و الطب و التنجيم و الموسيقى و المنطق و العدد (الحساب) ، و ليس عنده بالجزء الالهيّ (علم ما وراء الطبيعة) خبر، و لا له فيه عين و لا أثر. و هو حسن القيام بالعروض و القوافي، و يقول الشعر و ليس بذاك!

ثم يعمل في أوقات كالعيد و الفصل (5) شعرا، و يدفعه الى أبي عيسى المنجّم و يقول: قد نحلتك هذه القصيدة امدحني بها في جملة الشعراء، و كن الثالث من الهمج المنشدين. فيفعل أبو عيسى، و هو بغداديّ محكّك قد شاخ على الخداع و تحكّك. و ينشد (أبو عيسى) فيقول (الصاحب بن عبّاد) عند سماعه شعره في نفسه. . . . : أعد، يا أبا عيسى، فانّك و اللّه مجيد. زه! يا أبا عيسى، و اللّه، قد صفا ذهنك و زادت قريحتك و تنقّحت قوافيك، (و لكن) ليس هذا من الطراز الأوّل حين أنشدتّنا في العيد الماضي. . . . ثم لا يصرفه عن مجلسه الا بجائزة سنيّة و عطيّة هنيّة، و يغيظ الجماعة من الشعراء و غيرهم أنّهم يعلمون أنّ أبا عيسى لا يقرض مصراعا و لا يزن بيتا و لا يذوق عروضا.

______________________

1) هذه الدار: الحياة الدنيا. الهدى (بالفتح) -الهدى (بالضم) : السلوك القويم، اتباع الحق، يباش (الصيغة غير موجودة في القاموس) : يقبل أحدنا عليه فرحا ضاحك الوجه.

2) نغل القلوب: فساد النية، تغير المودة. دخل الأعراق: فسادها (فساد الطبيعة البشرية بحيث لم يبق جنس من البشر على طبيعته البريئة الخيرة) . الخلوقة: التهري، البلى من أثر القدم. . خلوقة الدين: ذهاب الدين من القلوب. ارتفاع المراقبة: فقدان الوازع الذي يمنع الناس عن اتيان الشر جهرا. سقوط الهيبة: قلة مبالاة الناس بأوامر الدولة (أو الدين) و نواهيها. رفض السياسية: ترك المداراة، و حسن المعاملة. التبجح بالفحشاء و المنكر: التفاخر بإتيان الافعال القبيحة.

3) اشتدت مؤونتها: أصبحت مطالب الحياة كثيرة و ملحة. تضاعفت زينتها: ازداد جذبها لأبصار الناس و عظم اقبال الناس على التمتع بأسباب الحياة الهينة فيها. تصالح الناس على التعادي و التظالم: ألف الناس اعتداء القوي منهم على الضعيف. لا يعرف مآبه: غبه، نتيجته، آخرته. لا يفتح بابه: لا تعرف الحكمة منه.

4) سقط تساؤل المخلوق عن فعل الخالق في هذه الدنيا و وجب الرضا بما قدر اللّه.

5) مواسم الاعياد (الفطر، الاضحى) و الفصول (النيروز، المهرجان) الخ.

 

اخر الاخبار