الأدب
الشعر
العصر الجاهلي
العصر الاسلامي
العصر العباسي
العصر الاندلسي
العصور المتأخرة
العصر الحديث
النثر
النقد
النقد الحديث
النقد القديم
البلاغة
المعاني
البيان
البديع
العروض
تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب
ابن العلّاف
المؤلف:
عمر فرّوخ
المصدر:
تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة:
ج2، ص394-397
25-12-2015
3860
هو أبو بكر الحسن بن عليّ بن أحمد بن بشّار بن زياد المعروف بابن العلاّف من أهل النهروان، و هي بليدة قديمة قرب بغداد (1). و يقال إن أباه كان يبيع القتّ (2) في قنطرة بردان (3)، و بذلك سمّي ابن العلاّف (ابن بائع العلف) . و كان ابن العلاّف أعمى (وفيات الاعيان 1:245) أو مصابا بعين واحدة (طبقات ابن المعتزّ 359) . و يبدو أنه عاش قسما كبيرا من حياته في بغداد فنادم المعتضد (279-289 ه) ، و كان صديقا لعبد اللّه بن المعتزّ (قتل 296 ه) و لأبي الحسن عليّ بن محمّد ابن الفرات الذي وزر للخليفة المقتدر في فترات مختلفة بين سنة 296 ه (909 م) و بين مقتله (312 ه-924 م) .
و توفي ابن العلاّف سنة 318 ه(930 م) أو 319 ه، في بغداد في الأغلب، و قد قاربت سنه المائة.
خصائصه الفنّيّة:
ابن العلاّف محدّث و راوية للشعر و شاعر مكثر عدّه ابن المعتزّ (طبقات 360) من المجيدين. غير أنّ على شعره شيئا من التكلّف و الصنعة و من جفاف شعر العلماء. و شعره يدور على المدح و الرثاء و الغزل و الأغراض الوجدانية. و في شعره أيضا رمز و مرح: كان له هرّ يأنس به. و كان هذا الهر يذهب إلى أبراج الحمام عند جيرانه فيأكل من الحمام. فأمسكه أصحاب الحمام و قتلوه. فحزن ابن العلاّف على هره و رثاه بقصيدة بارعة أبياتها خمسة و ستون؛ و قيل بل رمز بهذه القصيدة إلى رثاء عبد اللّه بن المعتزّ. و قيل إنما كنى بالهر عن المحسن بن الفرات (ابن الوزير علي بن محمّد ابن الفرات) في أيام محنته؛ و قيل بل كانت لعلي بن عيسى بن الجرّاح وزير المقتدر جارية هويت غلاما لابن العلاّف ثم فطن لهما فقتلا كلاهما، فهذه القصيدة فيهما. و الصفدي يرى أنها في هرّ حقيقة (نكت الهميان 142) .
المختار من شعره:
- قال ابن العلاّف يرثي هرا كان عنده:
يا هرّ، فارقتنا و لم تعد... و كنت منا بمنزل الولد
فكيف ننفكّ عن هواك و قد... كنت لنا عدّة من العدد
تطرد عنّا الأذى و تحرسنا... بالغيب من حيّة و من جرد (4)
يلقاك في البيت منهم مدد... و أنت تلقاهم بلا مدد
لا ترهب الصيف عند هاجرة... و لا تهاب الشتاء في الجمد
و كان يجري و لا سداد لهم...أمرك في بيتنا على سدد (5)
حتى اعتقدتّ الأذى لجيراننا...و لم تكن للأذى بمعتقد (6)
و حمت حول الردى بظلمهم...و من يحم حول حوضه يرد (7)
تدخل برج الحمام متّئدا...و تبلع الفرخ غير متّئد (8)
أطعمك الغيّ لحمها، فرأى...قتلك أربابها من الرشد
عاقبة الظلم لا تنام، و ان...تأخّرت مدّة من المدد
أردت أن تأكل الفراخ و لا...يأكلك الدهر أكل مضطهد.
هذا بعيد من القياس، و ما... أعزّه في الدنوّ و البعد (9)
لا بارك اللّه في الطعام، إذا... كان هلاك النفوس في المعد
- و قال في المدح:
يتلقّى الندى بوجه حييّ... و صدور القنا بوجه وقاح (10)
هكذا هكذا تكون المعالي... طرق الجدّ غير طرق المزاح
- و قال في النسيب:
أداري بضحكي عن هواك، و ربما... سهرت فتبدي ما أجنّ المدامع (11)
و أمنع طرفي، و هو ظمآن، ورده... و أخفي الذي تحنو عليه الأضالع (12)
عجبت لطرفي كيف يبقى على الهوى... و ليس لقلبي من ضميرك شافع
أذوب و أبلى من رسيس هواكم... و تسهر عيني و العيون هواجع
_________________
1) وفيات الأعيان 1:248. و النهروان اسم لثلاث قرى على مسافات مختلفة بين واسط و بغداد (راجع القاموس 2:150) .
2) نبات عشبي ذكرته القواميس العربية باسمه الفارسي (أسفست أو أسبست) و باسم عربي آخر هو الفصفصة (بكسر الفاءين) . و العامة في الشام يقولون فصة (بالضم) و في مصر يقولون برسيم.
3) طبقات ابن المعتز 359. البردان قرية قرب بغداد (القاموس 1:277) .
4) بالغيب: عند غيابنا (عن البيت) . جرد (خطأ عامي، و المقصود جرذ واحد الجرذان) .
5) السداد و السدد بمعنى واحد: الصواب و التوفيق.
6) حتى تعودت ايذاء جيراننا بأكل حمامهم، و لم تكن تقصد الايذاء لهم لأن أكل الحمام سبيل من سبل معاشك.
7) تعرضت للموت ظلما منهم (لأنهم لم يستطيعوا أن يفهموا وجهة نظرك في أكل حمامهم) . و من يقترب من حوض الموت يرد (يشرب منه: يمت) .
8) متّئد: على مهل.
9) أردت أن تقتل فراخ الحمام (لتأكلها) و لم تحسب حساب الدهر الذي يترصدك بالقتل (انتقاما أو نفادا لعمرك) . و هذا أمر مخالف للقياس المنطقي و الفقهي؛ و إذا جاز (بقاء الذنب بلا عقاب) ، قليلا أو كثيرا فإن هذا الجواز أمر عزيز (نادر) .
10) يدفع المال على حياء منه (لأنه يرى دائما قلة ما يعطي) ، و يخوض الحرب بوجه رجل وقاح (صبور على ركوب الخيل شديد على العدو) .
11) أجن: أخفي، أكتم (من حبك) .
12) أمنع عيني أن تنظر اليه، مع أنها مشتاقة إلى رؤيته. تحنو (الاصوب: تحنى بالبناء للمجهول) عليه الأضالع: هواك و حبي لك.