الإيمان هو عامل المحبوبيّة عند الله والتخلص من العذاب الإلهي
المؤلف:
الشيخ محمد تقي مصباح اليزدي
المصدر:
أصلحُ الناسِ وأفسدُهُم في نهج البلاغة
الجزء والصفحة:
ص 249 ــ 251
2025-12-09
38
إن معيار المحبوبية عند الله هو الإيمان الذي يعتبر منشأ للعمل الصالح، والله يحب عبده الذي يعيش مؤمنا ويمضي عن الدنيا مؤمنا، وأحيانا قد تصدر بعض الزلات من الأشخاص المؤمنين فهناك مراتب للإيمان، والأشخاص الذين يتمتعون بأعلى مراتب الإيمان بعيدون عن هذه الزلات والانحرافات، ومع الالتفات إلى التلازم الموجود بين المحبوبية عند الله وبين الإيمان، فالمحبوبيّة أيضا هي ذات مراتب ومن هنا نجد أن أحب عباد الله هم الأشخاص الذين يمتلكون إيمانا كاملا، ومضافا إلى كونهم قد نالوا مقام القرب الإلهي وأصبحوا مصونين من المعصية والزلل، يسعون إلى إصلاح الآخرين، فأصبحوا بذلك مجرى للفيض الإلهي على الآخرين، وقد ذكرت بعض آيات القرآن أنهم متصفون بمقام الصبر والتوكل والتقوى، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159].
{بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 76].
{وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146].
إن الله يحب الشخص الذي يتمتع بإيمان ثابت والذي يُحافظ على إيمانه حتى آخر رمق من حياته، إن الله لا يعادي مثل هذا الشخص. وإذا ما عصى وتاب فإنه يقبل منه توبته، وإذا لم يتب ولم تكن معصيته إلى الحد الذي يُزيل إيمانه بحيث تدخله ضمن أهل الشرك، فإنه يُعذبه ويجازيه لمدة من الزمن في عالم البرزخ تتناسب مع المعصية التي ارتكبها، ثم يدخله إلى الجنة بعد أن يتطهر من تلك المعصية، وبكل الأحوال لا يخلد المؤمن في جهنم. وإذا لم يتطهر من المعاصي، ففي نهاية المطاف ستناله شفاعة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) فوفقا للرواية التي نقلها الشيعة والسنة بالاتفاق، روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (ادْخَرْتُ شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكِبَائِرِ مِنْ أمتي) (1).
بناء على ذلك فإن معيار المحبوبية عند الله هو الإيمان الثابت لا الإيمان المتزلزل الذي يزول بعد مدة والمحبوبيّة عند الله تتوقف على قوة إيمان الإنسان، فكلما زادت مراتب إيمان الإنسان كان محبوبا أكثر عند الله إلى أن يصل إلى مرحلة بحيث لا تصدر منه أي معصية أو زلة ومضافا إلى ذلك فإنه يعمل على هداية الناس، وعند ذلك يُصبح أفضل عباد الله وأحبهم عند الله.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار، ج 8، الباب 21، ص 30.
الاكثر قراءة في التربية الروحية والدينية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة