التعامل مع المتظاهرين بالإسلام (المنافقين)
المؤلف:
الشيخ عبد الله الجوادي الطبري الآملي
المصدر:
مفاتيح الحياة
الجزء والصفحة:
ص268ــ272
2025-11-06
26
المنافقون شعبة من الفاسقين(1) وهم من الفرق الضالة التي تشكل خطراً عظيماً على المجتمع المسلم. وقد قال فيهم القرآن الكريم: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [المنافقون: 2]، ولهم ظاهر خداع لكنّهم الأعداء الحقيقيون لله والدين، وعلى المسلمين أن يحذروهم {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ} [المنافقون: 4]. وتشخيص المنافقين يتطلب بصيرة ونظراً ثاقباً.
بعض أوصاف المنافقين
الخطوة الأولى في التعامل مع المنافق هي تشخيصه وتحديده ذلك لأنه يتلبّس بلباس الدين عند تعامله مع المؤمنين؛ لذلك نشير هنا إلى بعض أوصاف المنافقين:
ادعاؤه الإيمان زوراً وكذباً: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ} [البقرة: 8].
الخداع: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ} [البقرة: 9].
الأنانية: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8].
الخشية من الموت: {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ} [النساء: 77].
الهيمنة الطبقية: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ} [البقرة: 13].
مداهنة العدو: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ} [محمد: 26].
الكسل والتظاهر بالعبادة: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142].
ملاحظة: لن يذكر المنافق الله أبداً لأنه لا يؤمن به في أعماقه؛ لا قليلا ولا كثيراً. وفي التفسير النوراني للإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه) لهذه الآية الكريمة {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 142]، فإنّ المنافقين لا يذكرون الله إلّا لهذه الدنيا، وما الدنيا إلا متاع قليل، ولذلك قال تعالى.... {إلا قليلاً}.
السخرية من المؤمنين: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ} [البقرة: 14].
نقض العهود والكذب: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 77].
الإسرار والنجوى: {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ} [التوبة: 78].
اللمز وتتبع عورات المؤمنين: {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [التوبة: 79].
الخيانة: روي عن الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه) أنه قال: ثَلاثُ مَنْ كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى: مَنْ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ(2).
غمط الحق: قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): ثلاثة لا يَجْهَلُ حَقَّهُمْ إِلَّا مُنافِقٌ مَعْرُوفٌ بِالنِّفَاقِ: ذُو الشَّيْبَةِ فِي الإِسْلَامِ وَحَامِلُ الْقُرْآنِ وَالإِمَامُ الْعَادِل(3).
اللهو والفجور: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يَا ابْنَ مَسْعُودٍ! سَيَأْتِي مِنْ بَعْدِي أَقْوَامٌ يَأْكُلُونَ طَيِّبَاتِ الطَّعَامِ وَأَلْوَانَهَا وَيَرْكَبُونَ الدَّوَابَّ وَيَتَزَيَّنُونَ بِزِينَةِ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا وَيَتَبَرَّجُونَ تَبَرُّجَ النِّسَاءِ وَزِيهُمْ مِثْلُ زِي الْمُلُوكِ الْجَبَابِرَةِ، هُمْ مُنَافِقُو هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ شَارِبُوا الْقَهَوَاتِ لاعِبُونَ بِالْكِعَابِ رَاكِبُونَ الشَّهَوَاتِ تَارِكُونَ الْجَمَاعَاتِ رَاقِدُونَ عَنِ الْعَتَمَاتِ مُفَرِّطُونَ فِي الْغَدَوَاتِ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59](4).
طريقة التعاطي مع المنافقين
قال الإمام أمير المؤمنين (سلام الله عليه):... يَا كُمَيْلُ! جَانِبِ الْمُنَافِقِينَ وَلَا تُصَاحِبِ الْخَائِنِينَ. يَا كُمَيْلُ! إِيَّاكَ إِيَّاكَ وَالتَّطَرُّقَ إِلَى أَبْوَابِ الظَّالِمِينَ وَالِاخْتِلَاطَ بِهِمْ وَالِاكْتِسَابَ مِنْهُمْ وَإِيَّاكَ أَنْ تُطِيعَهُمْ وَأَنْ تَشْهَدَ فِي مَجَالِسِهِمْ بِمَا يُسْخِطُ اللَّهَ عَلَيْكَ. يَا كُمَيْلُ إِذَا اضْطُرِرْتَ إِلَى حُضُورِهِمْ فَدَاوِمْ ذِكْرَ اللَّهُ تَعَالَى وَالتَّوَكُلَ عَلَيْهِ وَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهِمْ وَأَطْرِقْ عَنْهُمْ وَأَنكِرْ بِقَلْبِكَ فِعْلَهُمْ وَاجْهَرْ بِتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى لِتُسْمِعَهُمْ، فَإِنَّهُمْ يَهَابُوكَ وَتَكَفَي شَرَّهُم(5).
قال الإمام جعفر الصادق (سلام الله عليه): يَا إِسْحَاقُ! صَائِعِ الْمُنَافِقَ بِلِسَانِكَ وَأَخْلِصْ وُدَّكَ لِلْمُؤْمِنُ(6).
_________________________
(1) {...إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [التوبة: 67].
(2) تحف العقول، ص 315.
(3) الكافي، ج2، ص 658.
(4) مكارم الأخلاق، ص 448 - 449.
(5) بحار الأنوار، ج74، ص271. جدير بالذكر أن الظالم هو أحد أمثلة المنافق.
(6) الفقيه، ج4، ص 404.
الاكثر قراءة في مشاكل و حلول
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة