الضمان هو عقد شرع للتعهد بمال أو نفس. والتعهد بالمال قد يكون ممن عليه للمضمون عنه مال و قد لا يكون فهنا ثلاثة أقسام :
القسم الأول في ضمان المال : ممن ليس عليه للمضمون عنه مال و هو المسمى بالضمان بقول مطلق و فيه بحوث ثلاثة : الأول في الضامن : ولا بد أن يكون مكلفا جائز التصرف.
فلا يصح ضمان الصبي و لا المجنون.
ولو ضمن المملوك لم يصح إلا بإذن مولاه ويثبت ما ضمنه في ذمته لا في كسبه إلا أن يشترطه في الضمان بإذن مولاه. وكذا لو شرطه أن يكون الضمان من مال معين.
ولا يشترط علمه ب المضمون له ولا المضمون عنه وقيل يشترط والأول أشبه لكن لا بد أن يمتاز المضمون عنه عند الضامن بما يصح معه العقد إلى الضمان عنه ويشترط رضا المضمون له ولا عبرة برضا المضمون عنه لأن الضمان كالقضاء ولو أنكر بعد الضمان لم يبطل على الأصح.
ومع تحقق الضمان ينتقل المال إلى ذمة الضامن ويبرأ المضمون عنه وتسقط المطالبة عنه ولو أبرأ المضمون له المضمون عنه لم يبرأ الضامن على قول مشهور لنا.
ويشترط فيه الملاءة أو العلم بالإعسار أما لو ضمن ثم بان إعساره كان للمضمون له فسخ الضمان و العود على المضمون عنه.
والضمان المؤجل جائز إجماعا و في الحال تردد أظهره الجواز.
ولو كان المال حالا فضمنه مؤجلا جاز وسقطت مطالبة المضمون عنه و لم يطالب الضامن إلا بعد الأجل ولو مات الضامن حل وأخذ من تركته ولو كان الدين مؤجلا إلى أجل فضمنه إلى أزيد من ذلك الأجل جاز.
ويرجع الضامن على المضمون عنه بما أداه إن ضمن بإذنه و لو أدى بغير إذنه و لا يرجع إذا ضمن بغير إذنه ولو أدى بإذنه.
وينعقد الضمان بكتابة الضامن منضمة إلى القرينة الدالة لا مجردة.
الثاني : في الحق المضمون : وهو كل مال ثابت في الذمة سواء كان مستقرا كالبيع بعد القبض و انقضاء الخيار أو معرضا للبطلان كالثمن في مدة الخيار بعد قبض الثمن.
ولو كان قبله لم يصح ضمانه عن البائع وكذا ما ليس بلازم لكن يئول إلى اللزوم كمال الجعالة قبل فعل ما شرط وكمال السبق والرماية على تردد.
وهل يصح ضمان مال الكتابة قيل لا لأنه ليس بلازم و لا يئول إلى اللزوم و لو قيل بالجواز كان حسنا لتحققه في ذمة العبد كما لو ضمن عنه مالا غير مال الكتابة.
ويصح ضمان النفقة الماضية و الحاضرة للزوجة لاستقرارها في ذمة الزوج دون المستقبلة.
وفي ضمان الأعيان المضمونة كالغصب و المقبوض بالبيع الفاسد تردد و الأشبه الجواز.
و لو ضمن ما هو أمانة كالمضاربة و الوديعة لم يصح لأنها ليست مضمونة في الأصل و لو ضمن ضامن ثم ضمن عنه آخر هكذا إلى عدة ضمناء كان جائزا.
و لا يشترط العلم بكمية المال فلو ضمن ما في ذمته صح على الأشبه و يلزمه ما تقوم البينة به أنه كان ثابتا في ذمته وقت الضمان لا ما يوجد في كتاب و لا ما يقر به المضمون عنه و لا ما يحلف عليه المضمون له برد اليمين.
أما لو ضمن ما يشهد به عليه لم يصح لأنه لا يعلم ثبوته في الذمة وقت الضمان.
الثالث : في اللواحق :
وهي مسائل : الأولى إذا ضمن عهدة الثمن لزمه دركه في كل موضع يثبت بطلان البيع من رأس أما لو تجدد الفسخ بالتقايل أو تلف المبيع قبل القبض لم يلزم الضامن و رجع على البائع و كذا لو فسخ المشتري بعيب سابق أما لو طالب بالأرش رجع على الضامن لأن استحقاقه ثابت عند العقد و فيه تردد.
الثانية إذا خرج المبيع مستحقا رجع على الضامن أما لو خرج بعضه رجع على الضامن بما قابل المستحق و كان في الباقي بالخيار فإن فسخ رجع بما قابله على البائع خاصة.
الثالثة إذا ضمن ضامن للمشتري درك ما يحدث من بناء أو غرس لم يصح لأنه ضمان ما لم يجب و قيل كذا لو ضمنه البائع و الوجه الجواز لأنه لازم بنفس العقد.
الرابعة إذا كان له على رجلين مال فضمن كل واحد منهما ما على صاحبه تحول ما كان على كل واحد منهما إلى صاحبه و لو قضى أحدهما ما ضمنه برئ و بقي على الآخر ما ضمنه عنه و لو أبرأ الغريم أحدهما برئ مما ضمنه دون شريكه.
الخامسة إذا رضي المضمون له من الضامن ببعض المال أو أبرأه من بعضه لم يرجع على المضمون عنه إلا بما أداه و لو دفع عوضا عن مال الضمان رجع بأقل الأمرين.
السادسة إذا ضمن عنه دينارا بإذنه فدفعه إلى الضامن فقد قضى ما عليه ولو قال ادفعه إلى المضمون له فدفعه فقد برئا و لو دفع المضمون عنه إلى المضمون له بغير إذن الضامن برئ الضامن و المضمون عنه.
السابعة إذا ضمن بإذن المضمون عنه ثم دفع ما ضمن و أنكر المضمون له القبض
كان القول قوله مع يمينه ف إن شهد المضمون عنه للضامن قبلت شهادته مع انتفاء التهمة على القول ب انتقال المال و لو لم يكن مقبولا فحلف المضمون له كان له مطالبة الضامن مرة ثانية و يرجع الضامن على المضمون عنه بما أداه أولا و لو لم يشهد المضمون عنه رجع الضامن بما أداه أخيرا.
الثامنة إذا ضمن المريض في مرضه و مات فيه خرج ما ضمنه من ثلث تركته على الأصح.
التاسعة إذا كان الدين مؤجلا فضمنه حالا لم يصح و كذا لو كان إلى شهرين فضمنه إلى شهر لأن الفرع لا يرجح على الأصل و فيه تردد
القسم الثاني : في الحوالة : والكلام في العقد و في شروطه و أحكامه
أما الأول [أي في العقد] فالحوالة عقد شرع لتحويل المال من ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله
و أما شروطه : و يشترط فيها رضا المحيل و المحال عليه و المحتال و مع تحققها يتحول المال إلى ذمة المحال عليه و يبرأ المحيل و إن لم يبرئه المحتال على الأظهر.
و يصح أن يحيل على من ليس عليه دين لكن يكون ذلك بالضمان أشبه و إذا أحاله على الملي لم يجب القبول لكن لو قبل لزم و ليس له الرجوع و لو افتقر.
أما لو قبل الحوالة جاهلا بحاله ثم بان فقره وقت الحوالة كان له الفسخ و العود على المحيل و إذا أحال بما عليه ثم أحال المحال عليه بذلك الدين صح و كذا لو ترامت الحوالة و إذا قضى المحيل الدين بعد الحوالة ف إن كان بمسألة المحال عليه رجع عليه و إن تبرع لم يرجع و يبرأ المحال عليه.
و يشترط في المال أن يكون معلوما ثابتا في الذمة سواء كان له مثل كالطعام أو لا مثل له كالعبد و الثوب.
و يشترط تساوي المالين جنسا و وصفا تفصيا من التسلط على المحال عليه إذ لا يجب أن يدفع إلا مثل ما عليه و فيه تردد و لو أحال عليه فقبل و أدى ثم طالب بما أداه فادعى المحيل أنه كان له عليه مال و أنكر المحال عليه فالقول قوله مع يمينه و يرجع على المحيل.
وتصح الحوالة بمال الكتابة بعد حلول النجم و هل تصح قبله قيل لا.
ولو باعه السيد سلعة فأحاله بثمنها جاز و لو كان له على أجنبي دين فأحال عليه ب مال الكتابة صح لأنه يجب تسليمه .
و أما أحكامه فمسائل :
الأولى إذا قال أحلتك عليه فقبض فقال المحيل قصدت الوكالة و قال المحتال إنما أحلتني بما عليك ف القول قول المحيل لأنه أعرف بلفظه و فيه تردد أما لو لم يقبض و اختلفا فقال وكلتك فقال بل أحلتني ب ما عليك فالقول قول المحيل قطعا و لو انعكس الفرض فالقول قول المحتال.
الثانية إذا كان له دين على اثنين وكل منهما كفيل لصاحبه و عليه لآخر مثل ذلك فأحاله عليهما صح و إن حصل الرفق في المطالبة.
الثالثة إذا أحال المشتري البائع بالثمن ثم رد المبيع بالعيب السابق بطلت الحوالة لأنها تتبع البيع و فيه تردد فإن لم يكن البائع قبض المال فهو باق في ذمة المحال عليه للمشتري و إن كان البائع قبضه فقد برئ المحال عليه و يستعيده المشتري من البائع أما لو أحال البائع أجنبيا بالثمن على المشتري ثم فسخ المشتري بالعيب أو بأمر حادث لم تبطل الحوالة لأنها تعلقت بغير المتبايعين و لو ثبت بطلان البيع بطلت الحوالة في الموضعين .
القسم الثالث في الكفالة : ويعتبر رضا الكفيل و المكفول له دون المكفول عنه و تصح حالة و مؤجلة على الأظهر و مع الإطلاق تكون معجلة.
وإذا اشترط الأجل فلا بد أن يكون معلوما.
وللمكفول له مطالبة الكفيل بالمكفول عنه عاجلا إن كانت مطلقة أو معجلة و بعد الأجل إن كانت مؤجلة فإن سلمه تسليما تاما فقد برئ و إن امتنع كان له حبسه حتى يحضره أو يؤدي ما عليه و لو قال إن لم أحضره كان علي كذا لم يلزمه إلا إحضاره دون المال و لو قال علي كذا إلى كذا إن لم أحضره وجب عليه ما شرط من المال.
ومن أطلق غريما من يد صاحب الحق قهرا ضمن إحضاره أو أداء ما عليه و لو كان قاتلا لزمه إحضاره أو دفع الدية و لا بد من كون المكفول معينا فلو قال كفلت أحد هذين لم يصح و كذا لو قال كفلت بزيد أو عمرو و كذا لو قال كفلت بزيد فإن لم آت به فبعمرو.
و يلحق بهذا الباب مسائل :
الأولى إذا أحضر الغريم قبل الأجل وجب تسلمه إذا كان لا ضرر عليه ولو قيل لا يجب كان أشبه و لو سلمه و كان ممنوعا من تسلمه بيد قاهرة لم يبرأ الكفيل و لو كان محبوسا في حبس الحاكم وجب تسلمه لأنه متمكن من استيفاء حقه و ليس كذلك لو كان في حبس ظالم.
الثانية إذا كان المكفول عنه غائبا و كانت الكفالة حالة أنظر بمقدار ما يمكنه الذهاب إليه و العود به و كذا إن كانت مؤجلة أخر بعد حلولها بمقدار ذلك.
الثالثة إذا تكفل بتسليمه مطلقا انصرف إلى بلد العقد و إن عين موضعا لزم ولو دفعه في غيره لم يبرأ و قيل إذا لم يكن في نقله كلفه و لا في تسلمه ضرر وجب تسلمه و فيه تردد.
الرابعة لو اتفقا على الكفالة و قال الكفيل لا حق لك عليه كان القول قول المكفول له لأن الكفالة تستدعي ثبوت حق.
الخامسة إذا تكفل رجلان برجل فسلمه أحدهما لم يبرأ الآخر ولو قيل بالبراءة كان حسنا و لو تكفل لرجلين برجل ثم سلمه إلى أحدهما لم يبرأ من الآخر.
السادسة إذا مات المكفول برئ الكفيل وكذا لو جاء المكفول و سلم نفسه.
فرع :
لو قال الكفيل أبرأت المكفول فأنكر المكفول له كان القول قوله فلو رد اليمين إلى الكفيل فحلف برئ من الكفالة و لم يبرأ المكفول من المال.
السابعة لو كفل الكفيل آخر وترامت الكفلاء جاز.
الثامنة لا تصح كفالة المكاتب على تردد.
التاسعة لو كفل برأسه أو بدنه أو بوجهه صح لأنه قد يعبر بذلك عن الجملة عرفا و لو تكفل بيده أو رجله و اقتصر لم يصح إذ لا يمكن إحضار ما شرط مجردا و لا يسري إلى الجملة .
الاكثر قراءة في الضمان
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة