نظام جمعية دينية مؤرَّخ بالسنة 223ق.م من عهد الملك بطليموس الثالث
المؤلف:
سليم حسن
المصدر:
موسوعة مصر القديمة
الجزء والصفحة:
ج15 ص 285 ــ 290
2025-10-21
44
عُثِر على هذه الوثيقة في جعران من أعمال الفيوم، وهذه الوثيقة قد انطوت على نظام جمعية دينية تشبه كثيرًا ما جاء في أوراق أخرى غير أنها أحدث من وثيقتنا (1)، ومن أجل ذلك فإن أهمية وثيقتنا تنحصر في أنها أقدم عهدًا من أوراق القاهرة وبرلين، وهاك الترجمة:
السنة الرابعة والعشرون شهر أمشير (من عهد) الملك «بطليموس» العائش أبديًّا ابن «بطليموس» و«أرسنوي» الإلهين المتحابين، عندما كان كاهن «الإسكندر» والإلهان المتحابان والإلهان المحسنان (…) حاملة السلة الذهبية «لأرسنوي» محبة أخيها.
نسخة من النظام الذي اتفق على السير بمقتضاه أعضاء جمعية معبد «حور بحدتي» في بلدة «سوخوس» «بيزاي» Pisai من أعمال مركز «تيميستيس» Themistis الواقعة على الشاطئ الجنوبي (لقناة موريس) في مقاطعة «أرسنوي»، (على أن يراعوا) قائلين باتفاق موحد: لقد اتفقنا على مراعاته (في المكان) المذكور أعلاه، وسنورد جزءًا من الملح، ومن العطور، ومن الأكاليل، ومن أواني ماء الطهور، ومن أزهار كوينزا Conyza ومن جعة، ومن نبيذ، وسنجلس في المعبد المذكور أعلاه (في البلدة المذكورة أعلاه في الأيام) (4) التي يتفق أعضاء الجمعية على الاجتماع فيها، وذلك في السنة الرابعة والعشرين شهر أمشير حتى السنة الخامسة والعشرين آخر طوبة؛ أي مدة سنة، أي اثنا عشر شهرًا وسدس. أي مدة سنة دون حساب أيام العيد التي يكون في أثنائها أعضاء الجمعية سيتفقون فيها على الاجتماع.
ونحن ننطق بإجماع موحد: نحن (…) الذين قرروا العمل خلال المدة المذكورة أعلاه، ونحن سنؤدي الضحايا والقربات السائلة للملك «بطليموس» ابن «بطليموس» والملكة «برنيكي» ولأجل «أرسنوي» الإلهين المتحابين والإلهين المحسنين … (…) ولأجل كل آلهة مصر الذين ضمن الجمعية … وسنعطي قدتًا من الفضة، والذي نصفه هو 1/ 2 قدت من الفضة؛ أي قدت واحدة ثانية من الفضة، وذلك بمثابة رسم (ضريبة) للمدة المذكورة أعلاه، والفضة … كل شهر، وﻟ … من أجل نقود الوظائف … هذه ستكون (…) … كل شهر في يدي مدير الجمعية، والذي سيكون قد اتفق عليه أعضاء الجمعية فيما يخص الأموال الإضافية لأجل الموكب نحو اﻟ (…) المذكور أعلاه.
وعلى كل فرد أن يورد نصيبه من الملح للجمعية في اليوم أعلاه، ونحن سنقدم الجرايات للآلهة وإلى … (…) الذين في الجمعية في يدي … في اليوم الذي يتفق عليه أعضاء الجمعية للقيام بالدفع، وإن من يكون من بيننا في مقدوره أن يدفع جراياته التي عليه أن يدفعها، ومن لم يقم بالدفع، فعليه أن يدفع غرامة قدرها ستة قدات من الفضة، ونحن سنطارده فضلًا عن ذلك لأجل أن يقوم بأداء دفع يوميته إلا في حالة إذا كان في (…) في السجن، وفي قضية خاصة بالسلطة الملكية إذا كان الدليل قد قام عليه، وإن من يُدْعَى من بيننا أمام مجلس الجمعية ولم يحضر، وكان في استطاعته الحضور، فإذا أقيم الدليل عليه فعليه أن يدفع غرامة … قدت من الفضة، وسنطارده (10) حتى يدفع الجزء الذي اختلسه مع تغريمه 1/ 2، 1/ 2، 1/ 4 هذا المبلغ المختلس إجباريًّا وبدون تأخير.
وإن من يقول من بيننا لواحد منا: إنك مصاب بالجذام، ولم يكن مصابًا بالجذام؛ فعليه أن يدفع غرامة قدرها ثمانية قدات من الفضة، وإن الذي من بيننا سيعدي زوج رجل معروف بيننا بمرض في خلال المدة المذكورة أعلاه، ويقام الدليل عليه فعليه (11) أن يدفع غرامة قدرها ثمانية قدات من الفضة، وإن الذي من بيننا سيشيع سوء النظام في الجمعية فيما يخص يومنا الخاص بالمعبد، وذلك بألا يقوم بدوره بيننا، فعليه أن يدفع غرامة قدرها 1/ 5، 1/ 4 من الدخل الكلي للجمعية عن مدة يوم من أيام المعبد، وذلك قهرًا وبدون تأخير.
وسنذهب إلى موكب الصقر (في الأيام) التي يتفق عليها أعضاء الجمعية لإقامة الموكب في خلال المدة المذكورة أعلاه، فيسيرون في حفل الرئيس الأعلى الصقر، والرؤساء الباقين من الجمعية في حشد منظم، والفرد الذي لا يحضر موكب الصقر وكان في استطاعته الحضور، فعليه أن يدفع غرامة قدرها قدت واحدًا من الفضة، هذا بالإضافة إلى أنه سيحيق به غضب الإله، وإن الذي يسب منَّا رئيس الصقر، أو يسب أحد رؤساء الجمعية (الطائفة) فإنه يدفع غرامة قدرها ثمانية قدات من الفضة إذا أقيم عليه الدليل، وإن من يضرب من بيننا رئيس الصقر (14) أو رئيسًا من الجمعية، وأقيم عليه الدليل فعليه أن يدفع غرامة قدرها ثمانية قدات فضة، وإذا سبَّ رئيس الصقر أحدًا فعليه أن يدفع غرامة قدرها … من الفضة، أو إذا ضرب أحدًا فعليه أن يدفع غرامة قدرها دبنًا واحدًا من الفضة.
أما السب الموجه للكاهن الأعظم أو إلى أحد معاونيه فيُجازى بغرامة قدرها … قدت من الفضة، وإن الذي من بيننا (15) يجد واحدًا منا يقحمنا في قضية خلال المدة المذكورة أعلاه، ويهمل مساعدته، وكان في مقدوره أن يفعل ذلك وأقيم عليه الدليل، فعليه أن يدفع غرامة قدرها أربعة قدات من الفضة، وإن من سيكون منا في السجن عقابًا على كذبه دون الالتجاء إلى مذبح (الملك …) (16) فإنا نعمل على أن يُحمَل له بوساطة مدير إدارة الجمعية جراية (؟) من الغذاء كل يوم إلى أن يُطلَق سراحه، ونحن كذلك نشترك في قضيته في جماعة منظمة، ونشهد في صالحه لحدِّ المخاصمة لمدة عشرة أيام، وإذا أمكننا أن نجعل قضيته تدخل في دور تراضٍ فإنا ندخلها، وإذا ذهب فرد منا بمثابة متبتل أو بمثابة معتزل في معبد الإله، وسواء أكان ذلك في قاعة التأديب، أو بسبب البحث عنه بوصفه لاجئ في مكان عقد اليمين، وخلال المدة المذكورة أعلاه فإنا نخرج من الجمعية لمساعدته.
وكل ما سيُتَّخذ ضده من إجراءات ستتخذ ضدنا أيضًا، وإنَّ من يموت منا في المكان المذكور في المدة المذكورة أعلاه فإنا سنأخذ العزاء عنه، وسنقوده إلى الجبَّانة، وسنجعل مدير الجمعية يقرر مقدار مائة جراية لجنازه، وذلك مقابل مصاريف تحنيطه لمدة خمسين يومًا، والخمسة والثلاثين والخمسة والعشرين الخاصة به (أي التحنيط) وكذلك لمدة عيد دفنه هو خمسة وعشرون يومًا.
وسنعطي النقود من أجله كل يوم، وإن من لا يرافقه في جنَّازِه إلى الجَبَّانة، وكان في مقدوره أن يقوده إلى هناك، وثبت عليه البرهان بذلك؛ فإن عليه أن يدفع غرامة قدرها ثمانية قدات فضة، وإن من سيموت من بيننا والده أو أمه أو أخوه أو أخته أو ابنه أو بنته أو حموه أو حماته في المكان المذكور أعلاه في خلال المدة المذكورة أعلاه فيحتم علينا أن نسير في جنَّازه حتى الجبَّانة، ونعمل على أن يقدم له مدير إدارة الجمعية (…) وسنستقبله في الجمعية، وسنجعله يشرب، وسنخفف من حزنه.
وإن من سيموت من بيننا خارج المكان على مسافة ميلين جنوبًا أو شمالًا أو شرقًا أو غربًا فإنا سننتخب خمسة أشخاص من الجمعية، ونعمل على أن يحتفلوا به (إلى أن يصل إلى الجبَّانة) التي في المكان المذكور أعلاه، وسنمده بالجراية على حسب ما هو مُدوَّن أعلاه. أما ما زاد عن خمسة الأشخاص فإنهم سينسحبون من الجمعية مدة ذهابهم وإيابهم، وإن من سيكون قد انتُخب؛ ليكون ضمن خمسة الأشخاص ولم يذهب، وكان في مقدوره الذهاب فعليه أن يدفع غرامة قدرها خمسة قدات من الفضة، وإن الذي منا سيذهب عنده مدير الجمعية؛ لأجل أن يتسلم أجرًا قد تأخر دفعه للجمعية، ويقترب منه أو من أي واحد منا، وأقيم الدليل عليه، فعليه أن يدفع غرامة قدرها ستة قدات من الفضة، وإن من سيشكو منَّا واحدًا من بيننا أمام موظف كبير أو سلطة (دون أن يضع شكواه أمام أعضاء الجمعية) (23) أوَّلًا فعليه أن يدفع غرامة قدرها ستة قدات من الفضة، وإن من سيشكو منا واحدًا من بيننا أمام أعضاء الجمعية، ويكون له الحق في شكواه، ويتظلم أمام موظف كبير فإنه سيدفع غرامة قدرها ستة قدات، وإن من يتظلم منا من واحد بيننا أمام (…) المذكور أعلاه، ويكون له الحق في موضوع شكواه، وسيقول فلْأُقْدِم إلى المحاكمة أمام جمعية أخرى؛ لأنه لم يُعمَل لي الحق في هذه، وإذا كان حكم الجمعية الأخيرة يصادق على حكم الأولى (…) فإن عليه أن يدفع غرامة قدرها أربعة قدات من الفضة.
وإن من سيجد منا واحدًا من بيننا مع زوجه، ويثبت ذلك عليه فإن (هذا الأخير) يدفع غرامة قدرها قدتان من الفضة، وفضلًا عن ذلك سنطارده لعزله من الجمعية، وإن الذي منا سيعمل على أن يجعل واحدًا من بيننا تصيبه خسارة في خلال المدة المذكورة أعلاه (26) (ويخرج هو سليمًا) من ذلك بحيث يكون قد سبب خسارة للشخص المذكور فإنه سيدفع غرامة قدرها … قدات من الفضة … إجباريًّا، وبدون تأخير، وإن الذي من بيننا سيمتنع عن أن يعمل وفق كل ما هو مدون أعلاه خلال المدة المذكورة أعلاه بعد (…) (27) أو … فيدفع غرامة قدرها ثلاثة قدات من الفضة لأجل الضحايا والقربات السائلة للملك «بطليموس» العائش أبديًّا (ابن) «بطليموس» والملكة «برنيكي» ولأجل قربات «أرسنوي»، والإلهين المحبين و«إيرجيتيس» (…)، وإنا سنطاردهم؛ لنجعلهم يعملون على حسب كل ما هو مُدوَّن أعلاه أثناء المدة آنفة الذِّكْر قهرًا ودون تأخير … وكل ما يُوجَد مذكورًا أعلاه فإن قلبنا راضٍ به، ونحن على اتفاق على أن نخضع للغرامات، وإلى كل ما هو مذكور أعلاه في النظام المذكور، وكل مستند (…) خارجًا عما اتفق على مراعاته أعضاء الجمعية أثناء المدة المعلومة، ونحن مصدقون عليه.
كتبه …
تعليق: على الرغم مما أصاب متن هذا النظام — الذي وضعته جماعة دينية لنفسها لتسري على هديه — من تمزيق جعل فهم بعض ما جاء به عسيرًا علينا فإن ما بقي لنا منه يكشف لنا عن صفحة من أمجد الصفات التي خلَّفها لنا رجال الدين في مصر خلال النصف الأخير من القرن الثالث قبل الميلاد، والواقع أن هذا النظام، وما انطوت عليه فقراته من قواعد لتكون أساسًا يسير على نهجها أفراد هذه الجمعية؛ يُعتَبر في نظر العالم المُتمَديِن الآن من أحسن ما خلَّفه لنا الإنسان من حيث الأخلاق، وسلوك المعاشرة بين الناس بعضهم بعضًا.
يضاف إلى ذلك أن ما اشتمله هذا النظام من الشروط التي يجب أن يتبعها كل فرد من أفراد هذه الجمعية يضع أمامنا صورة واضحة عن عيوب المجتمع التي كانت فاشية وقتئذٍ، وطرق علاجها، وعلى الرغم من أن أساس النظام كان الدين، فإن كل فقرات القانون الذي وُضِع كان صُلْبها المعاملة، وحسن سير المجتمع الإنساني، والأخذ بناصر المظلوم، ومواساة المحزون، والضرب على يد الخائن، ومعاقبة الزاني ومن يُشيع الفساد والفوضى ومن ينقل العدوى لغيره، ومن أحسن فقرات هذا النظام أن كل فرد في هذه الجمعية يصبح آمنًا على حياته ومستقبله، بل ومستقبل أسرته في الحياة وفي الممات ما دام متبعًا القواعد التي قامت عليها الجمعية، والواقع أن نظم هذه الجمعية كانت ديمقراطية من كل الوجوه.
أما من حيث الدين فإن ما يلفت النظر هنا هو أن الإله الذي كانت تسير على هديه هذه الجمعية لم يكن الإله «سبك» الإله الأعظم في مقاطعة الفيوم التي أُسِّست فيها هذه الجمعية، بل كان الإله «حور» رب «إدفو»، وقد يبدو ذلك غريبًا في أول الأمر، ولكن يبطل وجه الغرابة عندما نعلم أن الناس في كل وقت — وبخاصة في الأزمنة القديمة — كانوا على دين ملوكهم؛ فقد كان «بطليموس الثالث» في هذه الفترة مهتمًا بإقامة معبد الإله «حور بحدتي» رب «إدفو» وكانت على أية حال عبادة «حور» في كل زمان من أهم العبادات في طول البلاد وعرضها، بل الواقع قلَّما نجد بلدة في بلاد القطر إلا وللإله «حور» فيها معبد أو مقصورة، وقد تحدثنا في غير هذا المكان ببعض التطويل عن عبادة «حور بحدتي» وما كان لها من مكانة في البلاد في عهد «بطليموس الثالث». هذا، وكانت جماعة الكهنة يعرفون كيف ينتخبون لكل مقام ما يعظم شأنهم، ويرفع مكانتهم، ويجذب أفراد الشعب حولهم، وإرضاء مليكهم.
............................................
1- Papyrus, No. 3115 de Berlin spiegelberg, Catalogue. P. 18-19, et Pl. 38–41, de 107 av. J. C., et de Caire No. 30605 (spiegelberg. P. 18–25, et Pl. 10–12) de 157; 30606 (ibid. P. 26–29 et Pl. 13–15 de 158-7). Die Sogenaunte demotische Chronik des Pap. 215 der Beb Nat. P. 29-30 Pl. 7
الاكثر قراءة في العصور القديمة في مصر
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة