النبي الأعظم محمد بن عبد الله
أسرة النبي (صلى الله عليه وآله)
آبائه
زوجاته واولاده
الولادة والنشأة
حاله قبل البعثة
حاله بعد البعثة
حاله بعد الهجرة
شهادة النبي وآخر الأيام
التراث النبوي الشريف
معجزاته
قضايا عامة
الإمام علي بن أبي طالب
الولادة والنشأة
مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام)
حياة الامام علي (عليه السّلام) و أحواله
حياته في زمن النبي (صلى الله عليه وآله)
حياته في عهد الخلفاء الثلاثة
بيعته و ماجرى في حكمه
أولاد الامام علي (عليه السلام) و زوجاته
شهادة أمير المؤمنين والأيام الأخيرة
التراث العلوي الشريف
قضايا عامة
السيدة فاطمة الزهراء
الولادة والنشأة
مناقبها
شهادتها والأيام الأخيرة
التراث الفاطمي الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام)
التراث الحسني الشريف
صلح الامام الحسن (عليه السّلام)
أولاد الامام الحسن (عليه السلام) و زوجاته
شهادة الإمام الحسن والأيام الأخيرة
قضايا عامة
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسين (عليه السّلام)
الأحداث ما قبل عاشوراء
استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
الأحداث ما بعد عاشوراء
التراث الحسينيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام السجّاد (عليه السّلام)
شهادة الإمام السجّاد (عليه السّلام)
التراث السجّاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الباقر
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الباقر (عليه السلام)
شهادة الامام الباقر (عليه السلام)
التراث الباقريّ الشريف
قضايا عامة
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الصادق (عليه السلام)
شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
التراث الصادقيّ الشريف
قضايا عامة
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الكاظم (عليه السلام)
شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام)
التراث الكاظميّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن موسى الرّضا
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الرضا (عليه السّلام)
موقفه السياسي وولاية العهد
شهادة الإمام الرضا والأيام الأخيرة
التراث الرضوي الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن علي الجواد
الولادة والنشأة
مناقب الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
شهادة الإمام محمد الجواد (عليه السّلام)
التراث الجواديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام علي بن محمد الهادي
الولادة والنشأة
مناقب الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
شهادة الإمام علي الهادي (عليه السّلام)
التراث الهاديّ الشريف
قضايا عامة
الإمام الحسن بن علي العسكري
الولادة والنشأة
مناقب الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام)
التراث العسكري الشريف
قضايا عامة
الإمام محمد بن الحسن المهدي
الولادة والنشأة
خصائصه ومناقبه
الغيبة الصغرى
السفراء الاربعة
الغيبة الكبرى
علامات الظهور
تكاليف المؤمنين في الغيبة الكبرى
مشاهدة الإمام المهدي (ع)
الدولة المهدوية
قضايا عامة
أحمد بن إسحاق الأشعري القمي من خواص الإمام العسكري "ع"
المؤلف:
الشيخ علي الكوراني
المصدر:
الإمام الحسن العسكري "ع" والد الإمام المهدي "عج"
الجزء والصفحة:
ص163-216
2025-08-16
141
قال الشيخ الطوسي في الفهرست / 70 : ( أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري ، أبو علي ، كبير القدر ، وكان من خواص أبي محمد ( عليه السلام ) ، ورأى صاحب الزمان ( عليه السلام ) ، وهو شيخ القميين ووافدهم . وله كتب ، منها : كتاب علل الصلاة ، كبير ، ومسائل الرجال لأبي الحسن الثالث ( عليه السلام ) ، أخبرنا بهما الحسين بن عبيد الله ، وابن أبي جيد ، عن أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن سعد بن عبد الله ، عنه ) .
أقول : هاجر جده الأحوص وأخوه عبد الله ، وجماعة من عشيرتهم من الكوفة في زمن الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) ، وأسسوا قماً ، وسرعان ما صارت مركزاً علمياً ، ومدينةً عامرة ، وحاضرةً علمية ، مواليةً لأهل البيت ( عليهم السلام ) .
وقد مدح الأئمة ( عليهم السلام ) الأشعريين القميين ، ونبغ منهم رواة كبار ، وعلماء أبرار .
وَعَدَّهُ النجاشي في مصنفي الشيعة مع أبيه إسحاق ، قال / 73 و 91 : « إسحاق بن عبد الله بن سعد بن مالك الأشعري ، قمي ثقة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن ( عليهما السلام ) . وابنه أحمد بن إسحاق مشهور . . وكان وافد القميين وروى عن أبي جعفر الثاني وأبي الحسن ( عليهما السلام ) وكان خاصة أبي محمد ( عليه السلام ) » .
وقال ابن الغضائري / 122 : ( أحمد بن إسحاق ، بن عبد الله ، بن سَعد ، بن مالك ، بن الأحْوَص الأشْعري ، أبو علي ، القُميُّ . رأيتُ من كتبه : كتابَ عِلَل الصوم كبيرٌ ، مسائل الرجال لأبي الحسن الثالث ( عليه السلام ) ، جَمَعَهُ ) .
وقال السيد الخوئي « 2 / 54 ، و 48 » : « أحمد بن إسحاق بن عبد الله بن سعد = أحمد بن إسحاق بن سعد = أحمد بن إسحاق القمي .
عَدَّهُ الشيخ في أصحاب الجواد ، وفي أصحاب أبي محمد العسكري ( عليهما السلام ) قائلاً : أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري ، قمي ثقة » .
وفي دلائل الإمامة / 503 : « وكان أحمد بن إسحاق القمي الأشعري رضي الله عنه الشيخ الصدوق ، وكيل أبي محمد ( عليه السلام ) ، فلما مضى أبو محمد ( عليه السلام ) إلى كرامة الله عز وجل ، أقام على وكالته مع مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه ، تخرج إليه توقيعاته ، وتحمل إليه الأموال من سائر النواحي التي فيها موالي مولانا فيتسلمها ، إلى أن استأذن في المصير إلى قم فخرج الإذن بالمضي ، وذكر أنه لا يبلغ إلى قم ، وأنه يمرض ويموت في الطريق ، فمرض بحلوان ومات ودفن بها ، رضي الله عنه » .
وقال الكشي « 2 / 831 » : « كتب أبو عبد الله البلخي إليَّ يذكر عن الحسين بن روح القمي أن أحمد بن إسحاق كتب إليه يستأذنه في الحج ، فأذن له وبعث إليه بثوب ، فقال أحمد بن إسحاق : نعى إلي نفسي ، فانصرف من الحج فمات بحلوان . . عاش بعد وفاة أبي محمد ( عليه السلام ) ، وأتيت بهذا الخبر ليكون أصح لصلاحه وما ختم له به » . ونحوه النجاشي / 91 .
وروى الكشي ( 2 / 831 ) : ( عن أبي محمد الرازي قال : كنت أنا وأحمد بن أبي عبد الله البرقي بالعسكر ، فورد علينا رسول من الرجل فقال لنا : الغائب العليل ثقة ، وأيوب بن نوح ، وإبراهيم بن محمد الهمداني ، وأحمد بن حمزة ، وأحمد بن إسحاق ، ثقات جميعاً ) .
والعليل هو علي بن جعفر الهماني البرمكي ( رحمه الله ) . ( تعليقة الوحيد / 395 ) .
وقال الطوسي في الغيبة / 417 : ( ومنهم أحمد بن إسحاق وجماعة ، خرج التوقيع في مدحهم . روى أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد بن عيسى ، عن أبي محمد الرازي قال : كنت وأحمد بن أبي عبد الله بالعسكر ، فورد علينا رسول من قبل الرجل فقال : أحمد بن إسحاق الأشعري ، وإبراهيم بن محمد الهمداني ، وأحمد بن حمزة بن اليسع ، ثقات ) .
وقال الكشي « 2 / 831 » : « كتب محمد بن أحمد بن الصلت القمي الآبي أبو علي ، إلى الدار كتاباً ذكر فيه قصة أحمد بن إسحاق القمي وصحبته ، وأنه يريد الحج ، واحتاج إلى ألف دينار ، فإن رأى سيدي أن يأمر بإقراضه إياه ويُسترجع منه في البلد إذا انصرفنا ، فأفعل . فوقع ( عليه السلام ) : هي له منا صلة ، وإذا رجع فله عندنا سواها ، وكان أحمد لضعفه لا يُطمع نفسه في أن يبلغ الكوفة ، وفي هذه من الدلالة » .
أي دلالةٌ على أنه يرجع من الحج سالماً ، ولا يصل إلى قم ، فمات بحلوان ( رحمه الله ) .
وقال الميرزا النوري في النجم الثاقب ( 2 / 21 ) : ( استأذن في المسير إلى قم فخرج الإذن بالمضي ، وذكر أنه لا يبلغ إلى قم ، وأنه يمرض ويموت في الطريق ، فمرض بحلوان ومات ودفن بها رضي الله عنه .
ثم قال : وحلوان هي ذَهَاب المعروفة التي تقع في طريق كرمنشاه - بغداد ويقع قبر هذا المعظم قرب نهر تلك القرية ، يبعد ألف قدم تقريباً من جانب الجنوب ، وعلى القبر بناء متواضع خرب ، وذلك لعدم همة وعدم معرفة أغنياء ، بل سكان تلك المنطقة ، بل سكان كرمانشاه والمارة . لذلك بقي هكذا بلا اسم ولا علامة ، ولا يذهب من كل ألف زائر ولا زائرٌ واحد لزيارته ، مع أنه ذلك الإنسان الذي بعث الإمام ( عليه السلام ) خادمه بطي الأرض لتكفينه وتجهيزه ، وهو الذي بنى المسجد المعروف بقم بأمره ( عليه السلام ) ، وكان سنيناً وكيله ( عليه السلام ) في تلك المناطق ، فكان من المناسب أن يُتعامَل معه بشكل أفضل وأحسن من هذا ، ولابد أن يكون قبره مزاراً مهماً ليُحصل ببركة صاحب القبر وبواسطته على الفيوضات الإلهية ) .
كان شخصية قم ورئيسها
قال النجاشي / 91 : ( أحمد بن إسحاق بن عبد الله . . وكان وافد القميين ) . وقال الشيخ في الفهرست / 70 : ( كبير القدر ، وكان من خواص أبي محمد ( عليه السلام ) ورأى صاحب الزمان ( عليه السلام ) ، وهو شيخ القميين ووافدهم ) .
بنى مسجد قم المعروف بأمر الإمام العسكري ( عليه السلام )
قال الميرزا النوري في النجم الثاقب ( 2 / 21 ) : ( وهو الذي بنى المسجد المعروف بقم بأمره ( عليه السلام ) ) . ولا بد أن الميرزا ( قدس سره ) وجد نصاً بذلك ، ولم أجده .
كانت قم مدينة عامرة ومهجراً للعلويين
تأسست قم في سبعينات القرن الأول للهجرة ، على يد الأشعريين ، وصارت بسرعة مدينة عامرة ، لوقوعها على طريق القادمين من العراق والحجاز إلى خراسان وما وراء النهر .
وقد كتبنا في سيرة الإمام الهادي ( عليه السلام ) أنها تميزت بموقعها الجغرافي ، وبمركزها التجاري ، كما تميزت بشجاعة أهلها وثوراتهم .
وأكبر ميزاتها أنها العاصمة الدينية لأهل البيت ( عليهم السلام ) في إيران ، والمركز العلمي لمذهبهم ، وفيها فقهاء كبار ووكلاء للأئمة ( عليهم السلام ) ، يرجع إليهم الشيعة ، ويدفعون إليهم أخماسهم ونذورهم ليوصلوها إلى الأئمة ( عليهم السلام ) .
قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « إن لله حرماً وهو مكة ، وإن للرسول ( صلى الله عليه وآله ) حرماً وهو المدينة ، وإن لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) حرماً وهو الكوفة ، وإن لنا حرماً وهو بلدة قم » . « البحار : 57 / 216 » .
وكان أهل قم مشهورن بتشيعهم ، فكانت الحكومات الأموية والعباسية لا تحبهم ، وكانت تزيد الخراج عليهم تعصباً ، حتى وصل إلى مليوني درهم ، فاعترض أهل قم وثاروا .
قال الطبري « 7 / 183 » : « وفي هذه السنة « سنة 210 » خلع أهل قم السلطان ومنعوا الخراج . ذُكِرَ أن سبب خلعهم إياه كان أنهم كانوا استكثروا ما عليهم من الخراج ، وكان خراجهم ألفي ألف درهم » . وفي تاريخ قم بالفارسية / 122 : ( بلغ مجموع خراج قم سنة 287 ثلاثة ملايين درهم وكسراً ) !
وفي رجال الطوسي / 443 : « لما توجه موسى بن بغا إلى قم ، فوطأها وطأةً خشنة ، وعظم بها ما كان فعل بأهلها ، فكتبوا بذلك إلى أبي محمد صاحب العسكر ( عليه السلام ) يسألونه الدعاء لهم ، فكتب إليهم أن ادعوا بهذا الدعاء في وِتْركم ، وهو . . وذكر الدعاء » .
وكانت حملة موسى بن بغا على الثوار العلويين في آذربيجان وطبرستان سنة 253 ، أي في زمن المعتز قبل وفاة الهادي ( عليه السلام ) بسنة . « ثقات ابن حبان : 2 / 331 » .
هذا ، وكانت لقم علاقة بمصر ، لأن المأمون نفى عدداً من زعمائها إلى مصر ، ونبغ منهم قادة عسكريون كالقائد المعروف : محمد بن عبد الله القمي الذي ولاه المتوكل أمر قبائل البجة في السودان ، لما منعوا المسلمين مناجم الذهب ، فوضع لهم خطة وانتصر عليهم ، وأسر ملكهم علي بابا وجاء به أسيراً إلى سامراء سنة 241 . وتفصيله في الطبري « 7 / 379 » .
وقد كثرت هجرة العلويين إلى قم فراراً من اضطهاد حكوماتهم ، وكانت سياسة أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) التعاطف معهم جميعاً ، من كان منهم تقياً ، أو غير تقي . وبسبب هذه السياسة كان موقف الإمام العسكري ( عليه السلام ) الحاسم مع أحمد بن إسحاق الأشعري لما منع أحد السادة من الدخول اليه !
قال المجلسي في بحار الأنوار ( 50 / 325 ) عن تاريخ قم للحسن بن محمد القمي : ( إن الحسين بن الحسن بن جعفر بن محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ( عليه السلام ) ، كان بقم يشرب الخمر علانيةً ، فقصد يوماً لحاجةٍ باب أحمد بن إسحاق الأشعري وكان وكيلاً في الأوقاف بقم ، فلم يأذن له ورجع إلى بيته مهموماً . فتوجه أحمد بن إسحاق إلى الحج ، فلما بلغ سر من رأى استأذن على أبي محمد الحسن العسكري ( عليه السلام ) فلم يأذن له ، فبكى أحمد لذلك طويلاً وتضرع حتى أذن له ، فلما دخل قال : يا ابن رسول الله لمَ منعتني الدخول عليك وأنا من شيعتك ومواليك ؟ قال ( عليه السلام ) : لأنك طردت ابن عمنا عن بابك ! فبكى أحمد وحلف بالله أنه لم يمنعه من الدخول عليه إلا لأن يتوب من شرب الخمر ، قال : صدقت ، ولكن لابد من إكرامهم واحترامهم على كل حال ، وأن لا تحقرهم ولا تستهين بهم لانتسابهم إلينا ، فتكون من الخاسرين !
فلما رجع أحمد إلى قم أتاه أشرافهم ، وكان الحسين معهم فلما رآه أحمد وثب إليه واستقبله وأكرمه وأجلسه في صدر المجلس ، فاستغرب الحسين ذلك منه واستبدعه وسأله عن سببه ، فذكر له ما جرى بينه وبين العسكري ( عليه السلام ) في ذلك . فلما سمع ذلك ندم من أفعاله القبيحة وتاب منها ، ورجع إلى بيته وأهرق الخمور وكسر آلاتها ، وصار من الأتقياء المتورعين ، والصلحاء المتعبدين ، وكان ملازماً للمساجد معتكفاً فيها حتى أدركه الموت ، ودفن قريباً من مزار فاطمة رضي الله عنهما ) .
أقول : في هذه القصة عبرة من عدة جهات ، وأولها أن يجب حفظ بني هاشم رغم سوء بعضهم لأن معدنهم جيد ، ولأنهم ينتمون إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) والزهراء وعلي ( عليهم السلام ) . وقد رأيت أن ذلك السيد العاصي أثبت صحة سياسة الأئمة ( عليهم السلام ) !
مرافقة سعد الأشعري لأحمد بن إسحاق إلى سامراء
روى الصدوق في كمال الدين / 454 ، عن سعد بن عبد الله الأشعري قال : ( كنت امرءً لهجاً بجمع الكتب المشتملة على غوامض العلوم ودقائقها ، كَلِفاً باستظهار ما يصح لي من حقائقها ، مغرماً بحفظ مشتبهها ومستغلقها ، شحيحاً على ما أظفر به من معضلاتها ومشكلاتها ، متعصباً لمذهب الإمامية ، راغباً عن الأمن والسلامة ، في انتظار التنازع والتخاصم والتعدي إلى التباغض والتشاتم . معيباً للفرق ذوي الخلاف ، كاشفاً عن مثالب أئمتهم ، هتاكاً لحجب قادتهم .
إلى أن بليت بأشد النواصب منازعة ، وأطولهم مخاصمة ، وأكثرهم جدلاً ، وأشنعهم سؤالاً ، وأثبتهم على الباطل قدماً . فقال ذات يوم وأنا أناظره : تباً لك ولأصحابك يا سعد ، إنكم معاشر الرافضة تقصدون على المهاجرِين والأنصار بالطعن عليهما ، وتجحدون من رسول الله ولايتهما وإمامتهما ، هذا الصديق الذي فاق جميع الصحابة بشرف سابقته ، أما علمتم أن رسول الله ما أخرجه مع نفسه إلى الغار إلا علماً منه أن الخلافة له من بعده ، وأنه هوالمقلد لأمر التأويل ، والملقى إليه أزمة الأمة ، وعليه المعول في شعب الصدع ، ولَمِّ الشعث ، وسدِّ الخلل ، وإقامة الحدود ، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الشرك . وكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته ، إذ ليس من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدةً إلى مكان يستخفي فيه ، ولما رأينا النبي متوجهاً إلى الإنجحار ، ولم تكن الحال توجب استدعاء المساعدة من أحد ، استبان لنا قصد رسول الله بأبي بكر للغار للعلة التي شرحناها ، وإنما أبات علياً على فراشه لما لم يكن يكترث به ولم يحفل به لاستثقاله ، ولعلمه بأنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها .
قال سعد : فأوردت عليه أجوبة شتى ، فما زال يعقب كل واحد منها بالنقض والرد عليَّ ، ثم قال : يا سعد ودونكها أخرى بمثلها تخطم أنوف الروافض ، ألستم تزعمون أن الصديق المبرأ من دنس الشكوك والفاروق المحامي عن بيضة الإسلام ، كانا يُسِرَّان النفاق ، واستدللتم بليلة العقبة ،
أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعاً أوكرهاً ؟
قال سعد : فاحتلت لدفع هذه المسألة عني خوفاً من الإلزام وحذراً من أني إن أقررت له بطوعهما للإسلام ، احتجَّ بأن بدء النفاق ونشأه في القلب لا يكون إلا عند هبوب روائح القهر والغلبة ، وإظهار البأس الشديد في حمل المرء على من ليس ينقاد إليه قلبه نحو قول الله تعالى : فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِالله وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ . فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا . . وإن قلت : أسلما كرهاً كان يقصدني بالطعن إذ لم تكن ثمة سيوف منتضاة كانت تريهما البأس . قال سعد : فصدرت عنه مُزْوَرّاً قد انتفخت أحشائي من الغضب ، وتقطع كبدي من الكرب ، وكنت قد اتخذت طوماراً وأثبت فيه نيفاً وأربعين مسألة من صعاب المسائل ، لم أجد لها مجيباً ، على أن أسال عنها خبير أهل بلدي أحمد بن إسحاق صاحب مولانا أبي محمد ( عليه السلام ) فارتحلت خلفه ، وقد كان خرج قاصداً نحومولانا بسر من رأى ، فلحقته في بعض المنازل ، فلما تصافحنا قال : بخير لحاقك بي ، قلت : الشوق ثم العادة في الأسئلة .
قال : قد تكافينا على هذه الخطة الواحدة ، فقد برح بي القرم إلى لقاء مولانا أبي محمد ( عليه السلام ) وأنا أريد أن أسأله عن معاضل في التأويل ومشاكل في التنزيل ، فدونكها الصحبة المباركة فإنها تقف بك على ضفة بحر لا تنقضي عجائبه ، ولا تفنى غرائبه ، وهو إمامنا ( عليه السلام ) .
فوردنا سر من رأى فانتهينا منها إلى باب سيدنا ، فاستأذنا فخرج علينا الإذن بالدخول عليه ، وكان على عاتق أحمد بن إسحاق جراب قد غطاه بكساء طبري فيه مائة وستون صرة من الدنانير والدراهم ، على كل صرة منها ختم صاحبها . قال سعد : فما شبهت وجه مولانا أبي محمد ( عليه السلام ) حين غشينا نور وجهه إلا ببدر قد استوفى من لياليه أربعاً بعد عشر ، وعلى فخذه الأيمن غلام يناسب المشتري في الخلقة والمنظر ، على رأسه فرق بين وفرتين ، كأنه ألف بين واوين ، وبين يدي مولانا رمانة ذهبية تلمع بدائع نقوشها وسط غرائب الفصوص المركبة عليها ، قد كان أهداها إليه بعض رؤساء أهل البصرة ، وبيده قلم إذا أراد أن يسطر به على البياض شيئاً قبض الغلام على أصابعه ، فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها ، كيلا يصده عن كتابة ما أراد .
سلمنا عليه فألطف في الجواب ، وأومأ إلينا بالجلوس ، فلما فرغ من كتبة البياض الذي كان بيده ، أخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه فوضعه بين يديه ، فنظر الهادي ( عليه السلام ) إلى الغلام وقال له : يا بني فُضَّ الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك ، فقال : يا مولاي أيجوز أن أمدَّ يداً طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة ، قد شيب أحلها بأحرمها ؟
فقال مولاي : يا ابن إسحاق استخرج ما في الجراب ليميز ما بين الحلال والحرام منها ، فأول صرة بدأ أحمد بإخراجها قال الغلام : هذه لفلان بن فلان ، من محلة كذا بقم ، يشتمل على اثنين وستين ديناراً ، فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها ، وكانت إرثاً له عن أبيه خمسة وأربعون ديناراً ، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر ديناراً ، وفيها من أجرة الحوانيت ثلاثة دنانير . فقال مولانا : صدقت يا بني ، دُلَّ الرجل على الحرام منها ، فقال ( عليه السلام ) : فتش عن دينار رازي السكة ، تاريخه سنة كذا ، قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه ، وقراضة آملية وزنها ربع دينار ، والعلة في تحريمها أن صاحب هذه الصرة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل مَنّاً وربع مَنّ ، فأتت على ذلك مدةٌ وفي انتهائها قُيَّضَ لذلك الغزل سارق ، فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه واسترد منه بدل ذلك مَنّاً ونصف من غزل أدق مما كان دفعه إليه ، واتخذ من ذلك ثوباً ، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه !
فلما فتح رأس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال ، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة . ثم أخرج صرة أخرى فقال الغلام : هذه لفلان بن فلان ، من محلة كذا بقم تشتمل على خمسين ديناراً ، لا يحل لنا لمسها . قال : وكيف ذاك ؟ قال : لأنها من ثمن حنطة حاف صاحبها على أكاره في المقاسمة ، وذلك أنه قبض حصته منها بكيل وافٍ ، وكان ما حص الأكار بكيل بخس ، فقال مولانا : صدقت يا بنيَّ .
ثم قال : يا أحمد بن إسحاق إحملها بأجمعها لتردها أوتوصي بردها على أربابها ، فلا حاجة لنا في شئ منها ، وائتنا بثوب العجوز .
قال أحمد : وكان ذلك الثوب في حقيبة لي فنسيته ، فلما انصرف أحمد بن إسحاق ليأتيه بالثوب نظر إليَّ مولانا أبو محمد ( عليه السلام ) فقال : ما جاء بك يا سعد ؟ فقلت : شوقني أحمد بن إسحاق على لقاء مولانا . قال : والمسائل التي أردت أن تسأله عنها ؟ قلت : على حالها يا مولاي . قال : فسل قرة عيني ، وأومأ إلى الغلام ، فقال لي الغلام : سل عما بدا لك منها !
فقلت له : مولانا وابن مولانا إنا روينا عنكم أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جعل طلاق نساءه بيد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) حتى أرسل يوم الجمل إلى عائشة : إنك قد أرهجت على الإسلام وأهله بفتنتك ، وأوردت بنيك حياض الهلاك بجهلك ، فإن كففت عني غربك وإلا طلقتك ، ونساء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد كان طلاقهن وفاته . قال : ما الطلاق ؟ قلت : تخلية السبيل ، قال : فإذا كان طلاقهن وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد خليت لهن السبيل فلم لا يحل لهن الأزواج ؟ قلت : لأن الله تبارك وتعالى حرم الأزواج عليهن ، قال : كيف وقد خلى الموت سبيلهن ؟ قلت : فأخبرني يا ابن مولاي عن معنى الطلاق الذي فوض رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حكمه إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ؟
قال : إن الله تقدس اسمه عَظَّمَ شأن نساء النبي ( صلى الله عليه وآله ) فخصهن بشرف الأمهات ، فقال رسول الله : يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق لهن مادمن لله على الطاعة ، فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج ، وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين !
قلت : فأخبرني عن الفاحشة المبينة التي إذا أتت المرأة بها في عدتها حل للزوج أن يخرجها من بيته ؟ قال : الفاحشة المبينة هي السحق دون الزنا ، فإن المرأة إذا زنت وأقيم عليها الحد ليس لمن أرادها أن يمتنع بعد ذلك من التزوج بها لأجل الحد ، وإذا سحقت وجب عليها الرجم ، والرجم خزيٌ ، ومن قد أمر الله برجمه فقد أخزاه ، ومن أخزاه فقد أبعده ، ومن أبعده فليس لأحد أن يقربه .
قلت : فأخبرني يا ابن رسول الله عن أمر الله لنبيه موسى ( عليه السلام ) : فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى ، فإن فقهاء القريقين يزعمون أنها كانت من إهاب الميتة ! فقال : من قال ذلك فقد افترى على موسى ( عليه السلام ) واستجهله في نبوته ، لأنه ما خلا الأمر فيها من خطيئتين ، إما أن تكون صلاة موسى فيهما جائزة أو غير جائزة ، فإن كانت صلاته جائزة جاز له لبسهما في تلك البقعة ، وإن كانت مقدسة مطهرة فليست بأقدس وأطهر من الصلاة ، وإن كانت صلاته غير جائزة فيهما ، فقد أوجب على موسى أنه لم يعرف الحلال من الحرام ، وما علم ما تجوز فيه الصلاة وما لم تجز ، وهذا كفر . قلت : فأخبرني يا مولاي عن التأويل فيهما . قال : إن موسى ناجى ربه بالواد المقدس فقال : يا رب إني قد أخلصت لك المحبة مني ، وغسلت قلبي عمن سواك ، وكان شديد الحب لأهله ، فقال الله تعالى : إخْلَعْ نَعْلَيْك ، أي إنزع حب أهلك من قلبك إن كانت محبتك لي خالصة ، وقلبك من الميل إلى من سواي مغسولاً .
قلت : فأخبرني يا ابن رسول الله عن تأويل كهيعص ؟ قال : هذه الحروف من أنباء الغيب ، أطلع الله عليها عبده زكريا ، ثم قصها على محمد ( صلى الله عليه وآله ) وذلك أن زكريا سأل ربه أن يعلمه أسماء الخمسة ، فأهبط عليه جبرئيل فعلمه إياها ، فكان زكريا إذا ذكر محمداً وعلياً وفاطمة والحسن والحسين سري عنه همه وانجلى كربه ، وإذا ذكر الحسين خنقته العبرة ووقعت عليه البهرة ، فقال ذات يوم : يا إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعاً منهم تسليت بأسمائهم من همومي ، وإذا ذكرت الحسين تدمع عيني وتثور زفرتي ؟ فأنبأه الله تعالى عن قصته ، وقال : كهيعص ، فالكاف اسم كربلاء ، والهاء هلاك العترة ، والياء يزيد ، وهو ظالم الحسين ، والعين عطشه ، والصاد صبره . فلما سمع ذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام ، ومنع فيها الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء والنحيب وكانت ندبته : إلهي أتفجع خير خلقك بولده ، إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه ، إلهي أتلبس علياً وفاطمة ثياب هذه المصيبة ، إلهي أتحل كربة هذه الفجيعة بساحتهما ؟ ثم كان يقول : اللهم ارزقني ولداً تقرُّ به عيني على الكبر ، وأجعله وارثاً وصياً ، واجعل محله مني محل الحسين ، فإذا رزقتنيه فافتِنِّي بحبه ، ثم فجعني به كما تفجع محمداً حبيبك بولده ! فرزقه الله يحيى وفجعه به ، وكان حمل يحيى ستة أشهر وحمل الحسين ( عليه السلام ) كذلك ، وله قصة طويلة .
قلت : فأخبرني يا مولاي عن العلة التي تمنع القوم من اختيار إمام لأنفسهم ؟ قال : مصلح أومفسد ؟ قلت : مصلح ، قال : فهل يجوز أن تقع خيرتهم على المفسد بعد أن لا يعلم أحد مايخطر ببال غيره من صلاح أوفساد ؟ قلت : بلى ، قال : فهي العلة ، وأوردها لك ببرهان ينقاد له عقلك : أخبرني عن الرسل الذين اصطفاهم الله تعالى وأنزل عليهم الكتاب وأيدهم بالوحي والعصمة ، إذ هم أعلام الأمم وأهدى إلى الاختيار منهم ، مثل موسى وعيسى ( عليهما السلام ) ، هل يجوز مع وفور عقلهما وكمال علمهما إذا هَمَّا بالاختيار أن يقع خيرتهما على المنافق ، وهما يظنان أنه مؤمن ؟ قلت : لا ، فقال : هذا موسى كليم الله مع وفور عقله وكمال علمه ونزول الوحي عليه ، اختار من أعيان قومه ووجوه عسكره لميقات ربه سبعين رجلاً ممن لا يشك في إيمانهم وإخلاصهم ، فوقعت خيرته على المنافقين ، قال الله تعالى : وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقَاتِنَا . . إلى قوله : فَقَالُوا أَرِنَا اللَّه جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ! فلما وجدنا اختيار من قد اصطفاه الله للنبوة واقعاً على الأفسد دون الأصلح وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد ، علمنا أن لا اختيار إلا لمن يعلم ما تخفي الصدور ، وما تكنُّ الضمائر ، وتتصرف عليه السرائر ، وأن لاخطر لاختيار المهاجرِين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء ( عليهم السلام ) على ذوي الفساد ، لما أرادوا أهل الصلاح !
ثم قال مولانا : يا سعد وحين ادعى خصمك أن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما أخرج مع نفسه مختار هذه الأمة إلى الغار ، إلا علماً منه أن الخلافة له من بعده ، وأنه هوالمقلد أمور التأويل والملقى إليه أزمة الأمة ، وعليه المعول في لم الشعث وسد الخلل وإقامة الحدود ، وتسريب الجيوش لفتح بلاد الكفر ، فكما أشفق على نبوته أشفق على خلافته ، إذ لم يكن من حكم الاستتار والتواري أن يروم الهارب من الشر مساعدةً من غيره إلى مكان يستخفي فيه ، وإنما أبات علياً على فراشه لما لم يكن يكترث له ، ولم يحفل به لاستثقاله إياه ، وعلمه أنه إن قتل لم يتعذر عليه نصب غيره مكانه للخطوب التي كان يصلح لها .
فهلا نقضت عليه دعواه بقولك : أليس قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : الخلافة بعدي ثلاثون سنة ، فجعل هذه موقوفة على أعمار الأربعة الذين هم الخلفاء الراشدون في مذهبكم ، فكان لا يجد بداً من قوله لك : بلى . قلت : فكيف تقول حينئذ : أليس كما علم رسول الله أن الخلافة من بعده لأبي بكر ، علم أنها من بعد أبي بكر لعمر ، ومن بعد عمر لعثمان ، ومن بعد عثمان لعلي ؟ فكان أيضاً لا يجد بداً من قوله لك : نعم .
ثم كنت تقول له : فكان الواجب على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن يخرجهم جميعاً على الترتيب إلى الغار ، ويشفق عليهم كما أشفق على أبي بكر ، ولا يستخف بقدر هؤلاء الثلاثة بتركه إياهم ، وتخصيصه أبا بكر وإخراجه مع نفسه دونهم !
ولما قال : أخبرني عن الصديق والفاروق أسلما طوعاً أوكرهاً ؟ لِم لمْ تقل له : بل أسلما طمعاً ، وذلك بأنهما كانا يجالسان اليهود ويستخبرانهم عما كانوا يجدون في التوراة ، وفي سائر الكتب المتقدمة الناطقة بالملاحم من حال إلى حال ، من قصة محمد ( صلى الله عليه وآله ) ومن عواقب أمره .
فكانت اليهود تذكر أن محمداً يسلط على العرب كما كان بختنصر سُلط على بني إسرائيل ، ولا بد له من الظفر بالعرب كما ظفر بختنصر ببني إسرائيل ، غير أنه كاذب في دعواه أنه نبي ، فأتيا محمداً فساعداه على شهادة ألا إله إلا الله ، وبايعاه طمعاً في أن ينال كل واحد منهما من جهته ولايةَ بلد ، إذا استقامت أموره ، واستتبت أحواله ! فلما آيسا من ذلك تلثما وصعدا العقبة مع عدة من أمثالهما من المنافقين ، على أن يقتلوه فدفع الله تعالى كيدهم وردهم بغيظهم لم ينالوا خيراً ! كما أتى طلحة والزبير عليا ( عليه السلام ) فبايعاه وطمع كل واحد منهما أن ينال من جهته ولاية بلد ، فلما أيسا نكثا بيعته وخرجا عليه ، فصرع الله كل واحد منهما مصرع أشباههما من الناكثين .
قال سعد : ثم قام مولانا الحسن بن علي الهادي ( عليه السلام ) للصلاة مع الغلام فانصرفت عنهما ، وطلبت أثر أحمد بن إسحاق فاستقبلني باكياً فقلت : ما أبطأك وأبكاك ؟ قال : قد فقدت الثوب الذي سألني مولاي إحضاره ، قلت : لا عليك فأخبرْهُ ، فدخل عليه مسرعاً وانصرف من عنده متبسماً وهو يصلي على محمد وآل محمد ، فقلت : ما الخبر ؟ قال : وجدت الثوب مبسوطاً تحت قدمي مولانا يصلي عليه . قال سعد : فحمدنا الله تعالى على ذلك ، وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أياماً ، فلا نرى الغلام بين يديه . [ فلما كان يوم الوداع دخلت أنا وأحمد بن إسحاق وكهلان من أهل بلدنا ، وانتصب أحمد بن إسحاق بين يديه قائماً وقال : يا ابن رسول الله قد دنت الرحلة واشتد المحنة ، فنحن نسأل الله تعالى أن يصلي على المصطفى جدك وعلى المرتضى أبيك ، وعلى سيدة النساء أمك ، وعلى سيدي شباب أهل الجنة عمك وأبيك ، وعلى الأئمة الطاهرين من بعدهما آبائك ، وأن يصلي عليك وعلى ولدك ، ونرغب إلى الله أن يعلي كعبك ويكبت عدوك ، ولا جعل الله هذا آخر عهدنا من لقائك .
قال : فلما قال هذه الكلمات استعبر مولانا حتى استهلت دموعه وتقاطرت عبراته ، ثم قال : يا ابن إسحاق لا تَكلف في دعائك شططاَ فإنك ملاق الله تعالى في صدرك هذا ، فخرَّ أحمد مغشياَ عليه ، فلما أفاق قال : سألتك بالله وبحرمة جدك إلا شرفتني بخرقة أجعلها كفناً ، فأدخل مولانا يده تحت البساط فأخرج ثلاثة عشر درهماً فقال : خذها ولا تنفق على نفسك غيرها ، فإنك لن تعدم ما سألت ، وإن الله تبارك وتعالى لن يضيع أجر من أحسن عملاً .
قال سعد : فلما انصرفنا بعد منصرفنا من حضرة مولانا من حلوان على ثلاثة فراسخ ، حُمَّ أحمد بن إسحاق وثارت به علة صعبة أيس من حياته فيها . فلما وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات ، دعا أحمد بن إسحاق برجل من أهل بلده كان قاطناً بها ، ثم قال : تفرقوا عني هذه الليلة واتركوني وحدي ، فانصرفنا عنه ورجع كل واحد منا إلى مرقده .
قال سعد : فلما حان أن ينكشف الليل عن الصبح أصابتني فكرة ففتحت عيني فإذا أنا بكافور الخادم خادم مولانا أبي محمد ( عليه السلام ) وهو يقول : أحسن الله بالخير عزاكم ، وجبر بالمحبوب رزيتكم ، قد فرغنا من غسل صاحبكم ومن تكفينه ، فقوموا لدفنه ن فإنه من أكرمكم محلاً عند سيدكم . ثم غاب عن أعيننا فاجتمعنا على رأسه بالبكاء والعويل ، حتى قضينا حقه ، وفرغنا من أمره ، ( رحمه الله ) ] .
ملاحظات
1 . يتضمن هذا النص وصفاً دقيقاً لحالة المجتمع في عصره ، والحركة الفكرية المذهبية ، والتواصل والتنقل بين المدن الإسلامية .
2 . كما يظهر منه دور قم وعلمائها ، وأنهم كانوا وكلاء الأئمة ( عليهم السلام ) في إيران وما وراءها ، وتظهر مكانة أحمد بن إسحاق خاصة ( رحمه الله ) .
3 . يدل على أن الإعطاء للإمام ( عليه السلام ) كان صفة عامة عند متديني الشيعة ، سواء من خُمس ما زاد عن مصرفهم السنوي ، أو نذورهم وهداياهم ، فكانوا يعطونها إلى وكلائه ويوصلها الوكلاء بأمانة ، ويخبرهم الإمام ( عليه السلام ) بأصلها وأسماء أصحابها ، ويردها إن كان فيها إشكال .
والشيعة يعتقدون أن الإمام ( عليه السلام ) غني عن أموالهم ، وأنهم هم بحاجة لأن يقبلها منهم ، ليطهروا بذلك ، وتتبارك أموالهم ، كما قال الله تعالى لرسوله ( صلى الله عليه وآله ) : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكّيِهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ .
4 . لا يجب علينا التدقيق الذي قام به الإمام المهدي صلوات الله عليه في أصل المال ومنشئه ، بل لا يمكننا ذلك لأنا لا نعلم ما يعلم . فعلينا العمل بظاهر الأمور وقاعدة : كل شئ حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه ؟
5 . الظاهر أن الفقرة الأخيرة التي جعلناها بين معقوفين مضافة إلى هذا النص من نص آخر يصف وفاة أحمد بن إسحاق ، والتي كانت بعد وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) بنحو أربعين سنة . ويؤيد ذلك أن رواية الطبري في دلائل الإمامة لزيارة سعد مع ابن إسحاق لا توجد فيها هذه الفقرة .
6 . صح عند علمائنا أن أحمد بن إسحاق عاش بعد وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) وكان وكيل ابنه المهدي ( عليه السلام ) . بينما تذكر الرواية أنه توفي في حياة العسكري ( عليه السلام ) ، ولذلك ردها العلماء وقال بعضهم إنها موضوعة !
والذي أعتقده أنها صحيحة لكن وقع خلل أو تصحيف في آخرها ، لأن وفاة أحمد بن إسحاق ( رحمه الله ) كانت في حلوان كما وصفت الرواية ، لكن في سفرة أخرى ، وليست في تلك السفرة ، فقد زار أحمد بن إسحاق سامراء مرات بعدها ، وذهب منها إلى الحج ، وكان سعد معه في آخر حجة كما سيأتي .
ويؤيد ما قلناه أن الطبري رواها في دلائل الإمامة / 506 ، بسند آخر بدون قصة موت أحمد بن إسحاق في رجوعه يومها من سامراء .
قال الطبري في دلائل الإمامة / 503 : ( مضى أبو محمد يوم الجمعة لثمان ليال خلون من ربيع الأول سنة ستين ومائتين من الهجرة . وكان أحمد بن إسحاق القمي الأشعري رضي الله عنه الشيخ الصدوق ، وكيل أبي محمد ( عليه السلام ) ، فلما مضى أبو محمد إلى كرامة الله عز وجل أقام على وكالته مع مولانا صاحب الزمان صلوات الله عليه ، تخرج إليه توقيعاته ويحمل إليه الأموال من سائر النواحي التي فيها موالي مولانا ، فيتسلمها ، إلى أن استأذن في المصيرإلى قم ، فخرج الإذن بالمضي ، وذكر أنه لا يبلغ إلى قم وأنه يمرض ويموت في الطريق ، فمرض بحلوان ومات ودفن بها رضي الله عنه . وأقام مولانا صلوات الله عليه بعد مضي أحمد بن إسحاق الأشعري بسر من رأى مدة ، ثم غاب لما روي في الغيبة من الأخبار عن السادة ( عليهم السلام ) ، مع أنه مشاهد في المواطن الشريفة الكريمة العالية ، والمقامات العظيمة ، وقد دلت الآثار على صحة مشاهدته ( .
وقد تفاوتت الرواية في المدة التي عاشها بعد وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) ، والمدة في رواية دلائل الإمامة مجملة ، لكن رواية الكشي ( 2 / 831 ) تقول إنه عاش بعد الإمام العسكري ( عليه السلام ) أكثر من خمس وأربعين سنة ، لأنه كتب إلى السفير الحسين بن روح ( رحمه الله ) الذي بدأت سفارته سنة 305 ، قال : ( عن الحسين بن روح القمي أن أحمد بن إسحاق كتب إليه يستأذنه في الحج فأذن له وبعث إليه بثوب ، فقال أحمد بن إسحاق : نعى إليَّ نفسي ، فانصرف من الحج فمات بحلوان . أحمد بن إسحاق بن سعد القمي عاش بعد وفاة أبي محمد ( عليه السلام ) ، وأتيت بهذا الخبر ليكون أصح لصلاحه ، وما ختم له به ) .
وروى الطوسي في الغيبة / 355 ، أنه كان يذهب إلى الحج بعد وفاة الإمام العسكري ( عليه السلام ) وينزل في بغداد قال : ( أخبرنا جماعة ، عن أبي محمد هارون ، عن محمد بن همام ، عن عبد الله بن جعفر قال : حججنا في بعض السنين بعد مضي أبي محمد ( عليه السلام ) فدخلت على أحمد بن إسحاق بمدينة السلام ، فرأيت أبا عمرو عنده ، فقلت : إن هذا الشيخ وأشرت إلى أحمد بن إسحاق وهو عندنا الثقة المرضي حدثنا فيك بكيت وكيت ، واقتصصت عليه ما تقدم يعني ما ذكرناه عنه من فضل أبي عمروومحله ، وقلت : أنت الآن ممن لا يشك في قوله وصدقه ، فأسألك بحق الله وبحق الإمامين اللذين وثقاك ، هل رأيت ابن أبي محمد الذي هو صاحب الزمان ( عليه السلام ) ؟
فبكى ثم قال : على أن لا تخبر بذلك أحداً وأنا حي . قلت : نعم . قال : قد رأيته ( عليه السلام ) وعنقه هكذا ، يريد أنها أغلظ الرقاب حسناً وتماماً ) .
وفي رواية الصدوق في كمال الدين / 441 : ( فقال لي : نعم وله عنق مثل ذي ، وأومأ بيديه جميعاً إلى عنقه . قال قلت : فالاسم ؟ قال : إياك أن تبحث عن هذا ، فإنه عند القوم أن هذا النسل قد انقطع ) .
أقول : هاجم الخليفة بيت الإمام العسكري ( عليه السلام ) يبحث عن ابنه المهدي ( عليه السلام ) فلم يجده ، وظنوا أن جاريته صقيل حامل فحبسوها عند قاضي القضاة . ثم هرب الخليفة والدولة إلى بغداد ، ونجت جارية الإمام المحبوسة وعادت إلى بيت الإمام ( عليه السلام ) . وهذا النص يدل على أن قاضي القضاة أصدر أمراً بتوزيع تركة الإمام على أمه وأخيه ، لأنه لم يثبت أن له ولداً .
وقد أراد الإمام المهدي ( عليه السلام ) أن لا يرد الشيعة قرار الخليفة حتى لا يؤخذوا ويشتد البحث عن الولد ، ولهذا نجد عثمان بن سعيد يخبرهم بوجوده وأنه رآه ويطلب منهم أن لا يخبروا أحداً بذلك عن لسانه ما دام حياً !
مناقشة رد السيد الخوئي ( قدس سره ) لهذه الرواية !
رد السيد الخوئي ( قدس سره ) رواية سعد المتقدمة فقال ( 9 / 82 ) : ( وهذه الرواية ضعيفة السند جداً ، فإن محمد بن بحر بن سهل الشيباني لم يوثق ، وهو متهم بالغلو ، وغيره من رجال سند الرواية مجاهيل . على أنها قد اشتملت على أمرين لا يمكن تصديقهما : أحدهما : حكايتها صد الحجة سلام الله عليه أباه من الكتابة والإمام ( عليه السلام ) كان يشغله برد الرمانة الذهبية ! إذ يقبح صدور ذلك من الصبي المميز فكيف ممن هو عالم بالغيب ، وبجواب المسائل الصعبة ؟ الثاني : حكايتها عن موت أحمد بن إسحاق في زمان العسكري مع أنك عرفت في ترجمته أنه عاش إلى ما بعد العسكري ( عليه السلام ) ) .
لكن ما ذكره ( قدس سره ) غير تام : أولاً ، لأن الطبري رواها في دلائل الإمامة / 506 ، بسند آخر : عن عبد الباقي بن يزداد بن عبد الله البزاز ، قال : حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد الثعالبي قراءة في يوم الجمعة مستهل رجب سنة سبعين وثلاث مائة قال : أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن يحيى العطار ، عن سعد بن عبد الله بن أبي خلف القمي ، قال : كنت امرءً لهجاً بجمع الكتب . . ) .
وقد رواها إلى قوله : ( وجعلنا نختلف بعد ذلك اليوم إلى منزل مولانا أياماً فلا نرى الغلام ) . وليس فيها خبر موت ابن إسحاق في حلوان في تلك السفرة .
وثانياً ، ما ورد في طفولة الإمام المهدي ( عليه السلام ) طبيعي وغير مستنكر ، وقد ورد له شبيهٌ في طفولة الإمام الكاظم وطفولة نبي الله عيسى ( عليهم السلام ) ، ولا ينافي ذلك عصمته وعلمه ، لأن السن له اقتضاء .
فعن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : ( إن عيسى بن مريم ( عليه السلام ) كان يبكي بكاءً شديداً فلما أعيت مريم كثره بكائه قال لها : خذي من لحا هذه الشجرة فاجعليه وجوراً ثم اسقينيه . فإذا سقى بكى بكاءً شديداً فتقول مريم : ما ذا أمرتني ؟ فيقول : يا أماه علم النبوة وضعف الصبا ) . ( قصص الأنبياء / 269 ) .
وثالثاً ، لا يصح تضعيفه بابن بحر ، لأن السيد الخوئي قال فيه ( 16 / 131 ) : ( قال النجاشي : محمد بن بحر الرهني أبو الحسين الشيباني ، ساكن نرماشين من أرض كرمان . قال بعض أصحابنا : إنه كان في مذهبه ارتفاع ، وحديثه قريب من السلامة ولا أدري من أين قيل ذلك ) !
فقد تعجب النجاشي وغيره من وصفه بالارتفاع أي الغلو ، وقال : من أين جاءت التهمة وهذه أحاديثه قريبة من السلامة أي خالية من الغلو ! والجواب : أنها جاءت من خصوم الشيعة ، فقد قال ابن حجر في لسان الميزان ( 5 / 89 ) و ( 7 / 6 ) : ( محمد بن بحر بن سهل الشيباني السجستاني ، أبو الحسين ذكره أبو الحسن بن بانويه في تاريخ الري وقال : شيخ من شيوخ الشيعة يكنى أبا الحسين ، وكان من علمائهم وله تصانيف بخراسان ، وكان مكيناً عندهم ، وسكن بعض قرى كرمان . قال : وقيل وكان في مذهبه غلو وارتفاع ، وكان قوياً في الأدب واللغة روى عنه الخطابي في غريب الحديث ، وكان سمع من سعد بن عبد الله بن بطة , ومات قبل الثلاثين والثلاث مئة ) .
وقد يكون سبب قولهم إنه مغالٍ أنه فضل الأنبياء والأوصياء ( عليهم السلام ) على الملائكة فقد ألف كتاباً في ذلك ، واستدل عليه بالعقل والأحاديث ، وعقد الصدوق باباً اقتبس فيه من كلامه في ذلك ، وترحم عليه ، رحمهما الله .
قال في علل الشرائع ( 1 / 20 ) : ( باب ما ذكره محمد بن الشيباني المعروف بالرهني ( رحمه الله ) في كتابه : من قول من فضلوا الأنبياء والرسل والأئمة والحجج صلوات الله عليهم أجمعين على الملائكة ) .
وذكر في الذريعة عدداً من كتبه وهي تدل على جلالته ، مثلاً ( 17 / 160 ) : ( القلايد : في الكلام على مسائل الخلاف التي بيننا وبين المخالفين ، للشيخ أبي الحسين محمد بن بحر الرهني الشيباني . . وهو شيخ أبي العباس بن نوح ، الذي هو شيخ النجاشي ) . وهذا كاف في توثيق ابن بحر ( رحمه الله ) .
آخر حجة حجها أحمد بن إسحاق ( رحمه الله )
وفي رجال الكشي ( 2 / 831 ) : ( كتب إلى الحسين بن روح القمي يستأذنه في الحج ، فانصرف من الحج ، فمات بحلوان . . كتب محمد بن أحمد بن الصلت القمي الآبي أبو علي إلى الدار كتاباً ذكر فيه قصة أحمد بن إسحاق القمي وصحبته ، وأنه يريد الحج واحتاج إلى ألف دينار ، فإن رأى سيدي أن يأمر باقراضه إياه ويسترجع منه في البلد إذا انصرفنا ، فأفعل . فوقع ( عليه السلام ) : هي له مِنَّا صلة ، وإذا رجع فله عندنا سواها ، وكان أحمد لضعفه لا يطمع نفسه في أن يبلغ الكوفة . وفي هذه من الدلالة ) .
أقول : يظهر من مجموع النصوص أن سعد بن عبد الله بن أبي خلف ( رحمه الله ) ، كان مع أحمد في هذه السفرة أيضاً ، وروى وفاته وإرسال الإمام المهدي ( عليه السلام ) كافوراً خادمه وخادم أبيه لتكفينه وتجهيزه ، فخلط بعض الرواة بين السفرتين ، وجعل قول الحسين بن روح ( رحمه الله ) قول الإمام العسكري ( عليه السلام ) .
ما رواه أحمد بن إسحاق في الإمام المهدي ( عجل الله تعالى فرجه الشريف )
1 . في كمال الدين / 433 : ( حدثنا أحمد بن الحسن بن إسحاق القمي قال : لما ولد الخلف الصالح ( عليه السلام ) ورد عن مولانا أبي محمد الحسن بن علي ( عليه السلام ) إلى جدي أحمد بن إسحاق كتاب فإذا فيه مكتوب بخط يده ( عليه السلام ) الذي كان ترد به التوقيعات عليه ، وفيه ولد لنا مولود فليكن عندك مستوراً ، وعن جميع الناس مكتوماً ، فإنا لم نظهر عليه إلا الأقرب لقرابته ، والولي لولايته ، أحببنا إعلامك ليسرك الله به ، مثلما سرنا به . والسلام ) .
2 . روى الطبري في إثبات الوصية / 217 : ( عن أحمد بن إسحاق قال : دخلت على أبي محمد ( عليه السلام ) فقال لي : يا أحمد ما كان حالكم فيما كان الناس فيه من الشك والارتياب ؟ قلت يا سيدي لما ورد الكتاب بخبر سيدنا ومولده ، لم يبق منا رجل ولا امرأة ولا غلام بلغ الفهم إلا قال بالحق . فقال : أما علمتم أن الأرض لا تخلو من حجة الله .
ثم أمر أبو محمد ( عليه السلام ) والدته بالحج في سنة تسع وخمسين ومأتين ، وعرفها ما يناله في سنة الستين ، وأحضر الصاحب ( عليه السلام ) فأوصى إليه وسلم الاسم الأعظم والمواريث والسلاح إليه ، وخرجت أم أبي محمد مع الصاحب ( عليه السلام ) جميعاً إلى مكة ) .
أقول : معناه أن الإمام العسكري ( عليه السلام ) كتب إلى أحمد بن إسحاق يخبره بولادة ابنه المهدي ( عليه السلام ) فأخبر الناس بولادته ( عليه السلام ) وآمنوا بأنه الإمام الثاني عشر الموعود . ثم سأل الإمام ابن إسحاق عن موقف أهل قم من رسالته فأخبره أنهم لما وصلت الرسالة قبلوها وقالوا بالحق وإمامة الثاني عشر ( عليه السلام ) . فذكرهم الإمام ( عليه السلام ) بقاعدة : لا تخلو الأرض من حجة لله تعالى .
ثم ذكر الراوي أن الإمام العسكري ( عليه السلام ) كان يهيئ أسرته لفقده في سنة مئتين وستين ، فأحضر والدته وأخبرها بما يجري ، وأمرها أن تكون في المدينة ، فإذا توفي جاءت إلى سامراء وأظهرت وصيته لقاضي القضاة .
وقد رواه في عيون المعجزات / 126 ، عن أحمد بن مصقلة ، بدل ابن إسحاق .
3 . في كمال الدين / 408 : ( عن أحمد بن إسحاق بن سعد قال : سمعت أبا محمد الحسن بن علي العسكري ( عليه السلام ) يقول : الحمد لله الذي لم يُخرجني من الدنيا حتى أراني الخلف من بعدي ، أشبه الناس برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خَلْقاً وخُلُقاً ، ويحفظه الله تبارك وتعالى في غيبته ، ثم يظهره فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً ، كما ملئت جوراً وظلماً ) .
4 . في كمال الدين / : 385 ( عن أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري قال : دخلت على أبي محمد الحسن بن علي ( عليهما السلام ) وأنا أريد أن أسأله عن الخلف بعد ه ، فقال لي مبتدئاً : يا أحمد بن إسحاق إن الله تبارك وتعالى لم يُخْلِ الأرض منذ خلق آدم ( عليه السلام ) ، ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجة لله على خلقه ، به يدفع البلاء عن أهل الأرض ، وبه ينزل الغيث ، وبه يخرج بركات الأرض . قال فقلت له : يا ابن رسول الله فمن الإمام والخليفة بعدك ؟ فنهض ( عليه السلام ) مسرعاً فدخل البيت ، ثم خرج وعلى عاتقه غلامٌ كأنَّ وجهه القمر ليلة البدر من أبناء الثلاث سنين ، فقال : يا أحمد بن إسحاق لولا كرامتك على الله عز وجل وعلى حججه ، ما عرضت عليك ابني هذا ، إنه سمي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكَنِيُّهُ ، الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً . يا أحمد بن إسحاق مَثَلُهُ في هذه الأمة مثلُ الخضر ( عليه السلام ) ، ومثله مثل ذي القرنين . والله ليغيبن غيبةً لا ينجو فيها من الهلكة إلا من ثبته الله عز وجل على القول بإمامته ، ووفقه للدعاء بتعجيل فرجه .
فقال أحمد بن إسحاق فقلت له : يا مولاي فهل من علامة يطمئن إليها قلبي ؟ فنطق الغلام ( عليه السلام ) بلسان عربي فصيح فقال : أنا بقية الله في أرضه ، والمنتقم من أعدائه ، فلا تطلب أثراً بعد عين يا أحمد بن إسحاق !
فقال أحمد بن إسحاق : فخرجت مسروراً فرحاً . فلما كان من الغد عدت إليه فقلت له : يا ابن رسول الله لقد عظم سروري بما مننت عليَّ فما السُّنَّةُ الجارية فيه من الخضر وذي القرنين ؟ فقال : طول الغيبة يا أحمد . قلت : يا ابن رسول الله وإن غيبته لتطول ؟ قال : إي وربي حتى يرجع عن هذا الأمر أكثر القائلين به ، ولا يبقى إلا من أخذ الله عز وجل عهده لولايتنا وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه . يا أحمد بن إسحاق : هذا أمرٌ من أمر الله ، وسرٌّ من سر الله ، وغيبٌ من غيب الله ، فخذ ما آتيتك واكتمه وكن من الشاكرين ، تكن معنا غداً في عليين ) .
5 . قال السيد ابن طاووس في فرج المهموم / : 37 ( فصلٌ فيما نذكره من دلالة النجوم على مولانا المهدي بن الحسن العسكري صلوات الله عليهما ، ذكرها بعض أصحابنا في كتاب الأوصياء ، وهو كتاب معتمد عند الأولياء ، وجدته في أصل عتيق لعله كتب في زمان مصنفه وقد درس تاريخه ، فيه دلالات الأئمة وولادة المهدي صلوات الله عليهم ، رواه الحسن بن جعفر الصيمري ومؤلفه علي بن محمد بن زياد الصيمري وكانت له مكاتبات إلى الهادي والعسكري وجوابهما إليه ، وهو ثقة معتمد عليه ، فقال ما هذا لفظه : حدثني أبو جعفر القمي ابن أخي أحمد بن إسحاق بن مصقلة ، أنه كان بقم منجم يهودي وكان موصوفاً بالحذق في الحساب ، فأحضره أحمد بن إسحاق وقال له : قد ولد مولودٌ في وقت كذا وكذا ، فخذ الطالع واعمل له ميلاداً ، فأخذ الطالع ونظر فيه وعمل عملاً له ، فقال لأحمد : لست أرى النجوم تدلني على شئ لك من هذا المولود بوجه الحساب ! إن هذا المولود ليس لك ولا يكون مثل هذا المولود إلا لنبي أو وصي نبي ! وإن النظر فيه يدلني على أنه يملك الدنيا شرقاً وغرباً وبراً وبحراً وسهلاً وجبلاً ، حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد إلا دان له ، وقال بولايته !
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس : وهذا من آيات الله الباهرة ، وحججه على من عرفه بالعين الباصرة ( العقل ) فإن أحمد بن إسحاق ستر المولود على المنجم المذكور ، فدله الله جل جلاله بدلالة النجوم على ما جعل فيه من السر المستور . وقد كنت أشرت إلى قدامة بن الأحنف البصري المنجم ليحقق طالع ولادة المهدي صلوات الله عليه ، ولم أكن وقفت على هذا الحديث المشار إليه ، فذكر أنه حقق طالعه وأحضر زايجته ، وكما سبقنا راوي هذا الحديث إليه ، فصار ذلك إجماعاً منهما عليه ) .
6 . في كمال الدين / 442 : ( حدثنا عبد الله بن جعفر الحميري قال : كنت مع أحمد بن إسحاق عند العمري رضي الله عنه ، فقلت للعمري : إني أسألك عن مسألة كما قال الله عز وجل في قصة إبراهيم : قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى : هل رأيت صاحبي ؟ فقال لي : نعم وله عنق مثل ذي وأومأ بيديه جميعاً إلى عنقه ، قال قلت : فالاسم ؟ قال : إياك أن تبحث عن هذا ، فإن عند القوم أن هذا النسل قد انقطع ) !
وفي الكافي ( 1 / 330 ) : ( عن عبد الله بن جعفر الحميري قال : اجتمعت أنا والشيخ أبو عمرو ( رحمه الله ) عند أحمد بن إسحاق فغمزني أحمد بن إسحاق أن أسأله عن الخلف فقلت له : يا أبا عمرو إني أريد أن أسألك عن شئ ، وما أنا بشاك فيما أريد أن أسألك عنه فإن اعتقادي وديني أن الأرض لا تخلو من حجة إلا إذا كان قبل يوم القيامة بأربعين يوماً ، فإذا كان ذلك رفعت الحجة ، وأغلق باب التوبةف : لايَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ، فأولئك أشرار من خلق الله عز وجل ، وهم الذين تقوم عليهم القيامة ، ولكني أحببت أن أزداد يقيناً وإن إبراهيم ( عليه السلام ) سأل ربه عز وجل أن يريه كيف يحيي الموتى ، قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِى . وقد أخبرني أبو علي أحمد بن إسحاق عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : سألته وقلت : من أعامل أو عمن آخذ ، وقول من أقبل ؟
فقال له : العمري ثقتي فما أدى إليك عني فعني يؤدي ، وما قال لك عني فعني يقول ، فاسمع له وأطع فإنه الثقة المأمون . وأخبرني أبو علي أنه سأل أبا محمد ( عليه السلام ) عن مثل ذلك ، فقال له : العمري وابنه ثقتان ، فما أديا إليك عني فعني يؤديان وما قالا لك فعني يقولان ، فاسمع لهما وأطعمها فإنهما الثقتان المأمونان ، فهذا قول إمامين قد مضيا فيك . قال : فخرَّ أبو عمرو ساجداً وبكى ثم قال : سل حاجتك . فقلت له : أنت رأيت الخلف من بعد أبي محمد ( عليه السلام ) ؟ فقال : إي والله ورقبته مثل ذا ، وأومأ بيده . فقلت له : فبقيت واحدة فقال لي : هات ، قلت : فالاسم ؟ قال : محرم عليكم أن تسألوا عن ذلك ، ولا أقول هذا من عند ، فليس لي أن أحلل ولا أحرم ، ولكن عنه ( عليه السلام ) فإن الأمر عند السلطان أن أبا محمد مضى ولم يخلف ولداً وقسم ميراثه وأخذه من لا حق له فيه ، وهوذا عياله يجولون ليس أحد يجسر أن يتعرف إليهم أو ينيلهم شيئاً ، وإذا وقع الاسم وقع الطلب فاتقوا الله وأمسكوا عن ذلك ) .
7 . روى أحمد بن إسحاق ( الكافي : 1 / 328 ) : ( عن أبي هاشم الجعفري قال : قلت لأبي محمد ( عليه السلام ) : جلالتك تمنعني من مسألتك فتأذن لي أن أسألك ؟ فقال : سل ، قلت : يا سيدي هل لك ولد ؟ فقال : نعم ، فقلت : فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه ؟ فقال : بالمدينة ) .
8 . في الكافي ( 1 / 518 ) : ( عن سعيد بن عبد الله قال : إن الحسن بن النضر وأبا صدام وجماعة ، تكلموا بعد مضي أبي محمد ( عليه السلام ) فيما في أيدي الوكلاء وأرادوا الفحص ، فجاء الحسن بن النضر إلى أبي الصدام فقال : إني أريد الحج ، فقال له : أبو صدام أخره هذه السنة ، فقال له الحسن بن النضر : إني أفزع في المنام ولابد من الخروج ، وأوصى إلى أحمد بن يعلى بن حماد ، وأوصى للناحية بمال ، وأمره أن لا يخرج شيئاً إلا من يده إلى يده بعد ظهور . قال : فقال الحسن : لما وافيت بغداد اكتريت داراً فنزلتها ، فجاءني بعض الوكلاء بثياب ودنانير وخلفها عندي ، فقلت له ما هذا ؟ قال هو ما ترى ، ثم جاء ني آخر بمثلها وآخر حتى كبسوا الدار ( أي ملؤوها بالبضاعة والأمانات ) ثم جاءني أحمد بن إسحاق بجميع ما كان معه ، فتعجبت وبقيت متفكراً ، فوردت علي رقعة الرجل ( أي الإمام المهدي ( عليه السلام ) ) : إذا مضى من النهار كذا وكذا فاحمل ما معك ، فرحلت وحملت ما معي ، وفي الطريق صعلوك يقطع الطريق في ستين رجلاً ، فاجتزت عليه وسلمني الله منه ، فوافيت العسكر ونزلت ، فوردت علي رقعة أن احمل ما معك ، فعبيته في صنان ( سِلال ) الحمالين ، فلما بلغت الدهليز إذا فيه أسود قائم فقال : أنت الحسن بن النضر ؟ قلت : نعم ، قال : أدخل ، فدخلت الدار ودخلت بيتاً وفرغت صنان الحمالين ، وإذا في زاوية البيت خبز كثير ، فأعطى كل واحد من الحمالين رغيفين ، وأخرجوا . وإذا بيت عليه ستر فنوديت منه : يا حسن بن النضر أحمد الله على ما من به عليك ولا تشكن ، فود الشيطان أنك شككت ، وأخرج إلي ثوبين وقيل : خذها فستحتاج إليهما فأخذتهما وخرجت ، قال سعد : فانصرف الحسن بن النضر ومات في شهر رمضان ، وكُفن في الثوبين ) .
9 . عَدُّوا أحمد بن إسحاق من الوكلاء الذين تشرفوا برؤية المهدي ( عليه السلام ) ففي كمال الدين / 442 : ( حدثنا أبو علي الأسدي ، عن أبيه ، عن محمد بن أبي عبد الله الكوفي أنه ذكر عدد من انتهى إليه ، ممن وقف على معجزات صاحب الزمان ( عليه السلام ) ورآه من الوكلاء . ببغداد : العمري وابنه ، وحاجز ، والبلالي ، والعطار . ومن الكوفة : العاصمي . ومن أهل الأهواز : محمد بن إبراهيم بن مهزيار . ومن أهل قم : أحمد بن إسحاق . ومن أهل همدان : محمد بن صالح . ومن أهل الري : البسامي والأسدي ، يعني نفسه . ومن أهل آذربيجان : القاسم بن العلاء . ومن أهل نيسابور : محمد بن شاذان .
ومن غير الوكلاء من أهل بغداد : أبو القاسم بن أبي حليس ، وأبو عبد الله الكندي ، وأبو عبد الله الجنيدي ، وهارون القزاز ، والنيلي ، وأبو القاسم بن - دبيس ، وأبو عبد الله بن فروخ ، ومسرور الطباخ مولى أبي الحسن ( عليه السلام ) ، وأحمد ومحمد ابنا الحسن ، وإسحاق الكاتب من بني نيبخت ، وصاحب النوَّاء ، وصاحب الصرة المختومة .
ومن همدان : محمد بن كشمرد ، وجعفر بن حمدان ، ومحمد بن هارون بن عمران . ومن الدينور : حسن بن هارون ، وأحمد بن أخية وأبو الحسن . ومن إصفهان ابن باذشالة . ومن الصيمرة : زيدان . ومن قم : الحسن بن النضر ، ومحمد بن محمد ، وعلي بن محمد بن إسحاق ، وأبوه ، والحسن بن يعقوب . ومن أهل الري : القاسم بن موسى وابنه ، وأبو محمد بن هارون . وصاحب الحصاة ، وعلي بن محمد ، ومحمد بن محمد الكليني ، وأبو جعفر الرفاء . ومن قزوين : مرداس ، وعلي بن أحمد . ومن فاقتر : رجلان . ومن شهرزور : ابن الخال . ومن فارس : المحروج . ومن مرو : صاحب الألف دينار ، وصاحب المال والرقعة البيضاء ، وأبو ثابت . ومن نيسابور : محمد بن شعيب بن صالح . ومن اليمن : الفضل بن يزيد والحسن ابنه ، والجعفري ، وابن الأعجمي والشمشاطي . ومن مصر : صاحب المولودين ، وصاحب المال بمكة وأبو رجاء . ومن نصيبين : أبو محمد بن الوجناء . ومن الأهواز الحصيني ) .
10 . ورووا رسالة جعفر الكذاب إلى أحمد بن إسحاق ، وجواب الإمام ( عليه السلام ) عليها ، ففي غيبة الطوسي / 290 : ( عن سعد بن عبد الله الأشعري قال : حدثنا الشيخ الصدوق أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري ( رحمه الله ) أنه جاءه بعض أصحابنا يعلمه أن جعفر بن علي كتب إليه كتاباً يعرَّفه فيه نفسه ، ويعلمه أنه القيِّم بعد أخيه ، وأن عنده من علم الحلال والحرام ما يحتاج إليه ، وغير ذلك من العلوم كلها .
قال أحمد بن إسحاق : فلما قرأت الكتاب كتبت إلى صاحب الزمان ( عليه السلام ) وصيرت كتاب جعفر في درجه ، فخرج الجواب إليَّ في ذلك :
بسم الله الرحمن الرحيم : أتاني كتابك أبقاك الله ، والكتاب الذي أنفذته درجه ، وأحاطت معرفتي بجميع ما تضمنه على اختلاف ألفاظه ، وتكرر الخطأ فيه ، ولو تدبرته لوقفت على بعض ما وقفت عليه منه ، والحمد لله رب العالمين حمداً لا شريك له على إحسانه إلينا ، وفضله علينا .
أبى الله عز وجل للحق إلا إتماماً ، وللباطل إلا زهوقاً ، وهو شاهد علي بما أذكره ، ولي عليكم بما أقوله ، إذا اجتمعنا ليوم لا ريب فيه ، وسألنا عما نحن فيه مختلفون . إنه لم يجعل لصاحب الكتاب على المكتوب إليه ولا عليك ولا على أحد من الخلق جميعاً إمامةً مفترضة ، ولا طاعةً ولا ذمةً ، وسأبين لكم جملة تكتفون بها إن شاء الله تعالى .
يا هذا يرحمك الله ، إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثاً ، ولا أهملهم سدى ، بل خلقهم بقدرته ، وجعل لهم أسماعاً وأبصاراً وقلوباً وألباباً ، ثم بعث إليهم النبيين ( عليهم السلام ) مبشرين ومنذرين ، يأمرونهم بطاعته وينهونهم عن معصيته ، ويعرفونهم ما جهلوه من أمر خالقهم ودينهم ، وأنزل عليهم كتاباً ، وبعث إليهم ملائكة يأتين بينهم وبين من بعثهم إليهم بالفضل الذي جعله لهم عليهم ، وما آتاهم من الدلائل الظاهرة والبراهين الباهرة ، والآيات الغالبة . فمنهم من جعل النار عليه برداً وسلاماً واتخذه خليلاً ، ومنهم من كلمه تكليماً وجعل عصاه ثعباناً مبيناً ، ومنهم من أحيا الموتى بإذن الله ، وأبرأ الأكمه والأبرص بإذن الله ، ومنهم من علمه منطق الطير وأوتي من كل شئ .
ثم بعث محمداً ( صلى الله عليه وآله ) رحمة للعالمين ، وتمم به نعمته ، وختم به أنبياءه وأرسله إلى الناس كافة ، وأظهر من صدقه ما أظهر ، وبين من آياته وعلاماته ما بين . ثم قبضه ( صلى الله عليه وآله ) حميداً فقيداً سعيداً ، وجعل الأمر من بعده إلى أخيه وابن عمه ووصيه ووارثه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ثم إلى الأوصياء من ولده واحداً واحداً ، أحيا بهم دينه ، وأتم بهم نوره ، وجعل بينهم وبين إخوانهم وبني عمهم والأدنين فالأدنين من ذوي أرحامهم ، فرقاناً بيِّناً يعرف به الحجة من المحجوج والإمام من المأموم ، بأن عصمهم من الذنوب ، وبرأهم من العيوب ، وطهرهم من الدنس ، ونزههم من اللبس ، وجعلهم خزان علمه ، ومستودع حكمته ، وموضع سره ، وأيدهم بالدلائل . ولولا ذلك لكان الناس على سواء ، ولادَّعى أمر الله عز وجل كل أحد ، ولما عُرف الحق من الباطل ، ولا العالم من الجاهل .
وقد ادعى هذا المبطل المفتري على الله الكذب بما ادعاه ، فلا أدري بأية حالة هي له رجاء أن يتم دعواه ، أبفقه في دين الله ، فوالله ما يعرف حلالاً من حرام ، ولا يفرق بين خطأ وصواب ! أم بعلمٍ ، فما يعلم حقاً من باطل ، ولا محكماً من متشابه ، ولا يعرف حد الصلاة ووقتها !
أم بورعٍ ، فالله شهيد على تركه الصلاة الفرض أربعين يوماً ، يزعم ذلك لطلب الشعوذة ، ولعل خبره قد تأدى إليكم ، وهاتيك ظروف مسكره منصوبة ، وآثار عصيانه لله عز وجل مشهورة قائمة !
أم بآية فليأت بها ، أم بحجة فليقمها ، أو بدلالة فليذكرها . قالالله عز وجل في كتابه : بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . حَم . تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّه الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ . مَا خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ . قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّه أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَوَاتِ ائْتُونِى بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ . وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُواْ مِنْ دُونِ اللَّه مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ . وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ . ( الأحقاف : 1 - 6 ) .
فالتمس تولى الله توفيقك من هذا الظالم ما ذكرت لك ، وامتحنه وسله عن آية من كتاب الله يفسرها ، أو صلاة فريضة يبين حدودها وما يجب فيها ، لتعلم حاله ومقداره ، ويظهر لك عواره ونقصانه ، والله حسيبه !
حفظ الله الحق على أهله ، وأقره في مستقره . وقد أبى الله عز وجل أن تكون الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين ( عليهما السلام ) .
وإذا أذن الله لنا في القول ظهر الحق ، واضمحل الباطل ، وانحسر عنكم ، وإلى الله أرغب في الكفاية ، وجميل الصنع والولاية ، وحسبنا الله ونعم الوكيل . وصلى الله على محمد وآل محمد ) .
11 . ورويَ عنه عدة روايات في الإمام المهدي ( عليه السلام ) يعد ظهوره ، ففي كامل الزيارات / 233 ، روى عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : ( كأني بالقائم على نجف الكوفة وقد لبس درع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فينتفض هو بها فتستدير عليه ، فيُغَشِّيها بخداجة من إستبرق ، ويركب فرساً أدهم بين عينيه شمراخ ، فينتفض به انتفاضةً لا يبقى أهل بلد إلا وهم يرون أنه معهم في بلادهم ! فينشر راية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، عمودها من عمود العرش وسائرها من نصر الله ، لا يهوي بها إلى شئ أبداً إلا هتكه الله . فإذا هزها لم يبق مؤمن إلا صار قلبه كزبر الحديد ، ويعطى المؤمن قوة أربعين رجلاً ، ولا يبقى مؤمن إلا دخلت عليه تلك الفرحة في قبره ، وذلك حين يتزاورون في قبورهم ويتباشرون بقيام القائم ، فينحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك ، وثلاث مائة وثلاث عشر ملكاً .
قلت : كل هؤلاء الملائكة ، قال : نعم الذين كانوا مع نوح في السفينة ، والذين كانوا مع إبراهيم حين ألقي في النار ، والذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل ، والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله إليه ، وأربعة آلاف ملك مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) مسومين ، وألف مردفين ، وثلاث مائة وثلاثة عشر ملائكة بدريين ، وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين ( عليه السلام ) فلم يؤذن لهم في القتال ، فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة ، ورئيسهم ملك يقال له منصور ، فلا يزوره زائر إلا استقبلوه ولا يودعه مودع إلا شيعوه ، ولا يمرض مريض إلا عادوه ، ولا يموت ميت إلا صلوا على جنازته ، واستغفروا له بعد موته . وكل هؤلاء في الأرض ، ينتظرون قيام القائم ( عليه السلام ) إلى وقت خروجه ) .
نماذج مما رواه أحمد بن إسحاق ( رحمه الله ) في العقائد
1 . ردَّ الإمام ( عليه السلام ) ما نسبه المجسمة إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من رؤية الله تعالى بالعين . قال أحمد بن إسحاق : « كتبت إلى أبي الحسن الثالث ( عليه السلام ) أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه الناس فكتب : لا تجوز الرؤية ما لم يكن بين الرائي والمرئي هواءٌ ينفذه البصر ، فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئي لم تصح الرؤية ، وكان في ذلك الاشتباه ، لأن الرائي متى ساوى المرئي في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه ، وكان ذلك التشبيه . لأن الأسباب لابد من اتصالها بالمسببات » . « الكافي : 1 / 97 » .
2 . وفي الكافي ( 2 / 267 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن أبي بصير قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : أصول الكفر ثلاثة : الحرص ، والاستكبار ، والحسد ، فأما الحرص فان آدم ( عليه السلام ) حين نهي عن الشجرة ، حمله الحرص على أن أكل منها . وأما الاستكبار فإبليس حيث أمر بالسجود لآدم فأبى ، وأما الحسد فابنا آدم حيث قتل أحدهما صاحبه ) .
3 . وفي الكافي ( 2 / 400 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن الشك والمعصية في النار ، ليسا منا ولا إلينا . (
4 . وروى عنه في الكافي ( 1 / 33 ) أن معاوية بن عمار سأل الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( رجلٌ راويةٌ لحديثكم يبث ذلك في الناس ويشدبه قلوبهم وقلوب شيعتكم ، ولعل عابداً من شيعتكم ليست له هذه الرواية ، أيهما أفضل ؟ قال : الرواية لحديثنا يشد به قلوب شيعتنا أفضل من ألف عابد ) .
5 . روى في أمالي الطوسي / 135 : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد ( عليهما السلام ) قال : سمعته يقول لخيثمة : يا خيثمة أقرئ موالينا السلام ، وأوصهم بتقوى الله العظيم ، وأن يشهد أحياؤهم جنائز موتاهم ، وأن يتلاقوا في بيوتهم ، فإن لقياهم حياة أمرنا . قال : ثم رفع يده ( عليه السلام ) فقال : رحم الله من أحيا أمرنا ) .
6 . وفي قرب الإسناد / 39 : ) عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) أنه قال للفضيل : تجلسون وتتحدثون ؟ فقال : نعم ، فقال : إن تلك المجالس أحبها ، فأحيوا أمرنا ، فرحم الله من أحيا أمرنا ، يا فضيل من ذَكَرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذباب ، غفر الله له ذنوبه ، ولو كانت أكثر من زبد البحر ) .
7 . في اليقين للسيد ابن طاووس / 499 ( حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن الضحاك ، حدثنا محمد بن ضريس ، قال : حدثنا عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر قال : حدثنا أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي ( عليه السلام ) قال : قال رسول ( صلى الله عليه وآله ) : عليٌّ يعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب المنافقين ) .
8 . وفي أمالي الصدوق / 188 : ( قال ( صلى الله عليه وآله ) : معاشر الناس ، إن علياً مني وأنا من علي ، خُلق من طينتي ، وهو إمام الخلق بعدي ، يبين لهم ما اختلفوا فيه من سنتي ، وهو أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين ويعسوب المؤمنين ، وخير الوصيين ، وزوج سيدة نساء العالمين ، وأبو الأئمة المهديين .
معاشر الناس : من أحب علياً أحببته ، ومن أبغض علياً أبغضته ومن وصل علياً وصلته ، ومن قطع علياً قطعته ، ومن جفا علياً جفوته ، ومن والى علياً واليته ، ومن عادى علياً عاديته .
معاشر الناس : أنا مدينة الحكمة وعلي بن أبي طالب بابها ، ولن تؤتى المدينة إلا من قبل الباب ، وكذب من زعم أنه يحبني ويبغض علياً . معاشر الناس : والذي بعثني بالنبوة واصطفاني على جميع البرية ، ما نصبت علياً عَلَماً لأمتي في الأرض حتى نَوَّهَ الله باسمه في سماواته ، وأوجب ولايته على ملائكته ) .
9 . وروى في الكافي ( 1 / 143 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في قول الله عز وجل : وَللَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ، قال : نحن والله الأسماء الحسنى التي لا يقبل الله من العباد عملاً إلا بمعرفتنا ) .
10 . وفي الكافي ( 1 / 449 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد الأزدي ، عن إسحاق بن جعفر ، عن أبيه ( عليه السلام ) قال : قيل له : إنهم يزعمون أن أبا طالب كان كافراً ؟ فقال : كذبوا كيف يكون كافراً وهو يقول :
ألم تعلموا أنَّا وجدنا محمداً * نبياً كموسى خُطَّ في أولِ الكُتْبِ
وفي حديث آخر : كيف يكون أبو طالب كافراً وهو يقول :
لقد علموا أن ابننا لا مكذبٌ * لدينا ولا يُعبَى بقيل الأباطل
وأبيضُ يستسقى الغمامُ بوجههِ * ثِمَالُ اليتامى عِصْمَةٌ للأرامل
11 . وفي الخصال للصدوق / 430 : ( عن أحمد بن إسحاق بن سعد ، عن بكر بن محمد الأزدي ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : كان لي من رسول الله عشرٌ ما يسرني بالواحدة منهن ما طلعت عليه الشمس : قال : أنت أخي في الدنيا والآخرة ، وأنت أقرب الناس مني موقفاً يوم القيامة ، ومنزلك تجاه منزلي في الجنة كما يتواجه الإخوان في الله ، وأنت صاحب لوائي في الدنيا والآخرة ، وأنت وصيي ووارثي وخليفتي في الأهل والمال والمسلمين في كل غيبة ، شفاعتك شفاعتي ، ووليك وليي ووليي ولي الله ، وعدوك عدوي ، وعدوي عدو الله ) .
روايته عيد الزهراء ( عليها السلام )
المشهور بين جمهور الشيعة أن التاسع من ربيع الأول هو يوم عيدٍ وفرحة ويسمونه عيد الزهراء وفرحة الزهراء ( عليها السلام ) . وقيل إن سبب تسميته بذلك ونسبته إلى الزهرء ( عليها السلام ) : أنه يوم هلاك عمر بن سعد قاتل ابنها الحسين ( عليه السلام ) وقيل إنه يوم هلاك عمر بن الخطاب ، لكن اتفق المؤرخون على أن عمر ابن الخطاب مات في آخر ذي الحجة ، وليس في ربيع الأول .
وعمدة ما استدل به المثبتون لعيد الزهراء ( عليها السلام ) روايةٌ رواها الطبري الشيعي في دلائل الإمامة عن أحمد بن إسحاق الأشعري القمي ( رحمه الله ) ولا توجد في نسختها المطبوعة ، لكن ينقلها عنها السيد نعمة الله الجزائري وننقلها من كتاب المحتضر للحسن بن سليمان الحلي / 89 ، قال : ( ما نقله الشيخ الفاضل علي بن مظاهر الواسطي ، عن محمد بن العلا الهمداني الواسطي ، ويحيى بن جريح البغدادي قال : تنازعنا في أمر ابن الخطاب فاشتبه علينا أمره ، فقصدنا جميعاً أحمد بن إسحاق القمي صاحب العسكري ( عليه السلام ) بمدينة قم ، وقرعنا عليه الباب فخرجت إلينا من داره صبية عراقية ، فسألناها عنه فقالت : هو مشغول بعياله فإنه يوم عيد ! فقلنا : سبحان الله ! الأعياد عند الشيعة أربعة : الأضحى والفطر ويوم الغدير ويوم الجمعة . قالت : فإن أحمد يروي عن سيده أبي الحسن علي بن محمد العسكري ( عليه السلام ) أن هذا اليوم يوم عيد ، وهو أفضل الأعياد عند أهل البيت وعند مواليهم . قلنا : فاستأذني لنا بالدخول عليه وعرفيه بمكاننا ، فدخلت عليه وأخبرته بمكاننا فخرج إلينا وهو متزر بمئزر له ، محتضن لكسائه يمسح وجهه ، فأنكرنا ذلك عليه ، فقال : لا عليكما فإني كنت اغتسلت للعيد . قلنا : أو هذا يوم عيد ؟ وكان ذلك اليوم التاسع من شهر ربيع الأول . قال : نعم ، ثم أدخلنا داره وأجلسنا على سرير له وقال : إني قصدت مولانا أبا الحسن العسكري ( عليه السلام ) مع جماعة من إخوتي بسرَّ من رأى كما قصدتماني ، فأستأذنا بالدخول عليه في هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول ، وسيدنا قد أوعز إلى كل واحد من خدمه أن يلبس ماله من الثياب الجدد ، وكان بين يديه مجمرة وهو يحرق العود بنفسه . قلنا : بآبائنا أنت وأُمهاتنا يا ابن رسول الله هل تجدد لأهل البيت فرح ؟ فقال : وأي يوم أعظم حرمة عند أهل البيت من هذا اليوم ، ولقد حدثني أبي أن حذيفة بن اليمان دخل في مثل هذا اليوم وهو اليوم التاسع من شهر ربيع الأول على جدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : فرأيت سيدي أمير المؤمنين مع ولديه الحسن والحسين ( عليهم السلام ) يأكلون مع رسول الله ورسول الله يتبسم في وجوههم ويقول لولديه الحسن والحسين : كُلا هنيئاً لكما ببركة هذا اليوم الذي يقبض الله فيه عدوه وعدو جدكما ويستجيب فيه دعاء أُمكما . . . إلى آخر الرواية ، وفي آخرها : قال محمد بن العلا الهمداني ويحيى بن جريح : فقام كل واحد منا وقبل رأس أحمد بن إسحاق بن سعيد القمي ، وقلنا له : الحمد لله الذي قيضك لنا حتى شرفتنا بفضل هذا اليوم ، ثم رجعنا عنه وتعيدنا في ذلك اليوم ) .
ويشكل بعضهم على الرواية بأن رواتها : علي بن مظاهر الواسطي ومحمد بن العلا الهمداني الواسطي ، ويحيى بن جريح البغدادي ، وهم مجهولون ، لم يذكرهم علماء الجرح والتعديل بتوثيق أو غيره .
لكن فقهاءنا أفتوا باستحباب غسل يوم التاسع من ربيع . قال في جواهر الكلام ( 5 / ( 44 : ( وأما الغسل للتاسع من ربيع الأول فقد حكي أنه من فعل أحمد بن إسحاق القمي معللاً له بأنه يوم عيد ، لما روي ما اتفق فيه من الأمر العظيم الذي يسرُّ المؤمنين ويكيد المنافقين ، لكن قال في المصابيح : إن المشهور بين علمائنا وعلماء الجمهور أن ذلك واقع في السادس والعشرين من ذي الحجة ، وقيل في السابع والعشرين منه . قلت : لكن المعروف الآن بين الشيعة إنما هو يوم تاسع ربيع ، وقد عثرت على خبر مسنداً إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) في فضل هذا اليوم وشرفه وبركته وأنه يوم سرور لهم ( عليهم السلام ) ما يحير فيه الذهن ، وهو طويل ، وفيه تصريح باتفاق ذلك الأمر فيه ، فلعلنا نقول باستحباب الغسل فيه بناء على استحبابه لمثل هذه الأزمنة ، وسيما مع كونه عيداً لنا وأئمتنا ( عليهم السلام ) ) .
وقال الشيخ الأنصاري ( قدس سره ) في كتاب الطهارة ( 3 / : ( 61 ( منها : الغسل للتاسع من ربيع الأول ، حكاه المجلسي في زاد المعاد من فعل أحمد بن إسحاق القمي ، معلَّلًا بأنّه يوم عيد ، لكن المحكي عن المشهور بين علمائنا وعلماء الجمهور أن سبب هذا العيد اتفق في السادس والعشرين من شهر ذي الحجة ، وقيل السابع والعشرين . وكيف كان فلم يسند أحمد بن إسحاق الغسل إلَّا إلى كونه عيداً من الأعياد ، ولعل هذا المقدار يكفي للاستحباب ، بناءً على احتمال أن يكون فتواه عن رواية عامة لجميع الأعياد ) .
نماذج من مروياته في الفقه والآداب
1 . في الكافي ( 3 / 72 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : الطهر على الطهر عشر حسنات ) .
2 . وفي الكافي ( 3 / 274 ) : ( عن بكر بن محمد الأزدي قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : لفضل الوقت الأول على الأخير خير للرجل من ولده وماله ) .
3 . وروى عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : ( ما زار مسلم أخاه في الله ، إلا ناداه الله عز وجل : أيها الزائر طبت وطابت لك الجنة ) . ( ثواب الأعمال / 185 ) .
4 . وفي الكافي ( 2 / 194 ) : ( عن أحمد بن إسحاق عن سعدان بن مسلم ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال قال : من طاف بهذا البيت طوافاً واحداً كتب الله عز وجل له ستة آلاف حسنة ، ومحا عنه ستة آلاف سيئة ، ورفع الله له ستة آلاف درجة ، حتى إذا كان عند الملتزم فتح الله له سبعة أبواب من أبواب الجنة . قلت له : جعلت فداك هذا الفضل كله في الطواف ؟ قال : نعم وأخبرك بأفضل من ذلك ، قضاء حاجة المسلم أفضل من طواف وطواف وطواف ، حتى بلغ عشراً ) .
5 . وروى عن عبد الله بن سنان ( الكافي : 2 / 192 ) أن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قرأ هذه الآية : وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِيناً . فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : فما ثواب من أدخل عليه السرور فقلت : جعلت فداك عشر حسنات فقال : إي والله وألف ألف حسنة ) .
6 . في الكافي ( 2 / 178 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ما زار مسلم أخاه المسلم في الله ولله إلا ناداه الله عز وجل أيها الزائر طبت وطابت لك الجنة ) .
7 . في الكافي ( 2 / 183 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن إسحاق بن عمار قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إن الله عز وجل لا يقدر أحد قدره ، وكذلك لا يقدر قدر نبيه ( صلى الله عليه وآله ) وكذلك لا يقدر قدر المؤمن ، إنه ليلقى أخاه فيصافحه فينظر الله إليهما والذنوب تتحات عن وجوههما حتى يفترقا ، كما تتحات الريح الشديدة الورق عن الشجر ) .
8 . في الكافي ( 2 / 624 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير وغيره ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال قال : من إجلال الله عز وجل إجلال ذي الشيبة المسلم ) .
9 . في الكافي ( 3 / 174 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن سليمان بن خالد ، عن رجل ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من أخذ بقائمة السرير غفر الله له خمساً وعشرين كبيرة ، وإذا ربَّع خرج من الذنوب ) .
10 . في الكافي ( 3 / 205 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ينبغي لصاحب المصيبة أن لا يلبس رداء ، وأن يكون في قميص حتى يُعرف ) .
11 . في الكافي ( 3 / 217 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ينبغي لجيران صاحب المصيبة أن يطعموا الطعام ثلاثة أيام ) .
12 . في الكافي ( 2 / 142 ) : ( عنه . . عن الإمام الصاق ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال الله عز وجل : إن من أغبط أوليائي عندي عبداً مؤمناً ذا حظ من صلاح ، أحسن عبادة ربه ، وعبد الله في السريرة ، وكان غامضاً في الناس ، فلم يشر إليه بالأصابع ، وكان رزقه كفافاً ، فصبر عليه فعجلت به المنية ، فقل تراثه وقلت بواكيه ) .
13 . في الكافي ( 5 / 54 ) : ( عنه . . عن الإمام الصاق ( عليه السلام ) قال : من قتل في سبيل الله لم يعرفه الله شيئاً من سيئاته ) .
14 . في الكافي : 5 / 526 ) : ( عنه . . عن الإمام الصاق ( عليه السلام ) قال : أتدري كيف بايع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) النساء ؟ قلت : الله أعلم وابن رسوله أعلم ، قال : جمعهن حوله ثم دعا بتور برام ( سطل ) فصب فيه نضوحاً ، ثم غمس يده فيه ، ثم قال : إسمعن يا هؤلاء أبايعكن على أن لاتشركن بالله شيئاً ، ولا تسرقن ولا تزنين ولاتقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولاتعصين بعولتكن في معروف ، أقررتن ؟ قلن : نعم . فأخرج يده من التور ، ثم قال لهن : إغمسن أيديكن ، ففعلن فكانت يد رسول الله الطاهرة ( صلى الله عليه وآله ) أطيب من أن يمس بها كف أنثى ليست له بمَحْرَم ) .
15 . في الكافي ( 2 / 267 ) : ( عنه . . عن الإمام الصاق ( عليه السلام ) قال : إن للقلب أذنين ، فإذا همَّ العبد بذنب قال له روح الإيمان : لا تفعل ، وقال له الشيطان : إفعل ، وإذا كان على بطنها نزع منه روح الإيمان ( .
16 . في الكافي ( 7 / 297 ) : ( عن عبد الله بن عامر قال : سمعته يقول : وقد تجارينا ذكر الصعاليك فقال عبد الله بن عامر : حدثني هذا وأومأ إلى أحمد بن إسحاق أنه كتب إلى أبي محمد ( عليه السلام ) يسأل عنهم فكتب إليه : أقتلهم ) .
والمقصود بهم السراق الذين يأتي الواحد منهم على شكل صعلوك مستعطٍ ، ويسرق أو يتحين الفرصة ليسرق !
17 . وروى عنه في التهذيب ( 7 / ( 259 عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : ( ذكر له المتعة أهي من الأربع ؟ قال : تزوج منهن ألفاً ، فإنهن مستأجرات ) .
18 . في الكافي : 5 / 521 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال سألته عن قول الله تعالى : وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ؟ قال : الخاتم والمِسكة وهي القُلْبُ ) .
والقُلْبُ هو السوار وهو من الزينة الظاهرة .
19 . وروى أن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : ( إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : الطيب يشد القلب ) . ( الكافي : 6 / 510 ) .
20 . وفي الكافي ( 6 / 305 ) : ) عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : السويق ينبت اللحم ويشد العظم ) .
والسويق يقال لكل مقلي مطحون ، من البر والعدس والحمص ، وغيرها .
21 . وروى عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) أنه قال : ( إكنسوا أفنيتكم ، ولا تشبهوا باليهود ) . ( الكافي : 6 / 531 ) . وهو يدل على أن ما نراه من وسخ بيوت اليهود قديم !
22 . وفي مفتاح الفلاح للبهائي / 219 : ( ينبغي أن يكون اضطجاعك على جانبك الأيمن ، فإنه نوم المؤمنين كما رواه ثقة الإسلام في الكافي بسند صحيح ، عن أحمد بن إسحاق قال : قلت لأبي محمد يعني الحسن العسكري ( عليه السلام ) : جعلت فداك إني مغتم لشئ يصيبني في نفسي ، وقد أردت أن أسأل أباك ( عليه السلام ) عنه فلم يُقض لي ذلك . فقال : وما هو يا أحمد ؟ فقلت : روي لنا عن آبائك ( عليهم السلام ) أن نوم الأنبياء على أقفيتهم ، ونوم المؤمنين على أيمانهم ، ونوم المنافقين على شمائلهم ، ونوم الشياطين على وجوههم . فقال ( عليه السلام ) : كذلك هو ، فقلت : يا سيدي ، فإني أجهد أن أنام على يميني فما يمكنني ولا يأخذني النوم عليها !
فسكت ساعة فقال : يا أحمد أدنُ مني ، فدنوت منه فقال : أدخل يدك تحت ثيابك فأدخلتها ، فأخرج يده من تحت ثيابه فمسح بيده اليمنى على جانبي الأيسر ، وبيده اليسرى على جانبي الأيمن ثلاث مرات .
فقال أحمد : فما أقدر أن أنام على يساري منذ فعل بي ذلك ، ولا يأخذني عليها نومٌ أصلاً ) .
من رواياته حول الدعاء
1 . في الكافي ( 2 / 477 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن معاوية بن عمار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : كان أبي إذا طلب الحاجة طلبها عند زوال الشمس فإذا أراد ذلك قدم شيئاًفتصدق به وشم شيئاً من طيب ، وراح إلى المسجد ودعا في حاجته بما شاء الله ) .
2 . في الكافي ( 2 / 491 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان بن مسلم ، عن إسحاق ابن عمار ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : إن المؤمن ليدعو الله عز وجل في حاجته فيقول الله عز وجل أخروا إجابته ، شوقاً إلى صوته ودعائه ، فإذا كان يوم القيامة قال الله عز وجل : عبدي ، دعوتني فأخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا ، ودعوتني في كذا وكذا ، فأخرت إجابتك وثوابك كذا وكذا ، قال : فيتمنى المؤمن أنه لم يستجب له دعوة في الدنيا ، مما يرى من حسن الثواب ) .
3 . في الكافي ( 2 / 534 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن داود الرقي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : لا تَدَعْ أن تدعو بهذا الدعاء ثلاث مرات إذا أصبحت وثلاث مرات إذا أمسيت : اللهم اجعلني في درعك الحصينة التي تجعل فيها من تريد . فإن أبي ( عليه السلام ) كان يقول : هذا من الدعاء المخزون ) .
4 . في الكافي ( 2 / 535 ) : ( عن أحمد بن إسحاق ، جميعاً عن بكر بن محمد ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : من قال حين يأخذ مضجعه ثلاث مرات : الحمد لله الذي علا فقهر ، والحمد لله الذي بطن فخبر ، والحمد لله الذي ملك فقدر ، والحمد لله الذي يحيي الموتى ويميت الأحياء ، وهو على كل شئ قدير . خرج من الذنوب كهيئة يوم ولدته أمه ) .
5 . في الكافي ( 2 / 549 ) لرفع الغم : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن سعيد بن يسار قال : قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إذا صليت المغرب فأمرَّ يدك على جبهتك وقل : بسم الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم اللهم أذهب عني الهم والغم والحزن . ثلاث مرات ) .
6 . وفي قرب الإسناد / 40 : ( عن أحمد بن إسحاق ، عن بكر بن محمد قال : خرجت أطوف وأنا إلى جنب أبي عبد الله ( الصادق ( عليه السلام ) ) حتى فرغ من طوافه ، ثم مال فصلى ركعتين مع ركن البيت والحجر ، فسمعته يقول ساجداً : سجد وجهي لك تعبداً ورقاً ، ولا إله إلا أنت حقاً حقاً ، الأول قبل كل شئ ، والآخر بعد كل شئ . وها أنا ذا بين يديك ناصيتي بيدك ، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنب العظيم غيرك ، فاغفر لي فإني مقر بذنوبي على نفسي ، ولا يدفع الذنب العظيم غيرك . ثم رفع رأسه ، ووجهه من البكاء كأنما غمس في الماء ) .
7 . وفي الكافي ( 2 / 624 ) : ( عنه . . عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في العوذة قال : تأخذ قُلَّةً جديدةً فتجعل فيها ماء ثم تقرأ عليها إنا أنزلناه في ليلة القدر ثلاثين مرة ثم تعلق وتشرب منها وتتوضأ ، ويزداد فيها ماء ، إن شاء الله ) .
8 . وفي الكافي : 3 / 488 ) : ( عنه . . عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : شرف المؤمن صلاته بالليل وعز المؤمن كفه عن أعراض الناس ) .
9 . ورويَ عنه ( الكافي : 4 / 74 ) دعاء أيام شهر رمضان ، وفي ( الكافي : 4 / 95 ) دعاء كل ليلة من شهر رمضان ، وفي ( الكافي ( 4 / 166 ) دعاء وداع شهر رمضان . وروى عنه كامل الزيارات / 385 ، و 390 ، زيارة الحسين عن الصادق ( عليهما السلام ) .
تعدد اسم أحمد بن إسحاق في الرواة
توجد رواية في كتاب طب الأئمة ( عليهم السلام ) لابن بسطام النيسابوري / 91 ، عن محمد بن عبد الله الكاتب ، عن أحمد بن إسحاق ، قال : ( كنت كثيراً ما أجالس الرضا ( عليه السلام ) فقلت يا بن رسول الله ان أبي مبطون منذ ثلاث ليال لا يملك بطنه ، فقال : أين أنت من الدواء الجامع قلت : لا أعرفه ، قال : هو عند أحمد بن إبراهيم التمار فخذ منه حبة واحدة واسق أباك بماء الآس المطبوخ فإنه يبرأ من ساعته ) .
والظاهر أنه أحمد بن إسحاق آخر ، لأنه كان يجالس الرضا ( عليه السلام ) والمترجم له توفي في زمن الحسين بن روح بعد الثلاث مئة ، وقد رجح النمازي في مستدركاته ( 1 / 261 ) اتحادهما ، لكنه بعيد جداً ، بينما قال في مستدرك سفينة البحار ( 5 / 238 ) : ( مات مؤلف طب الأئمة ابن بسطام سنة 403 ) !
وفي حلية الأولياء ( 6 / 123 ) حدثنا أحمد بن إسحاق ، ثنا عبد الله بن سليمان . .
وفي مستدرك الحاكم ( 4 / 482 ) حدثنا الشيخ أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه رضي الله عنه ، أنبأ الحسن بن علي بن زياد . وفي أمالي الطوسي / 578 : ( حدثني أحمد بن إسحاق بن العباس ( .
وكل هؤلاء غير أحمد بن إسحاق بن سعد الأشعري ( رحمه الله ) .
الاكثر قراءة في قضايا عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
