في تعداد المكاسب المندوبة والمكروهة
المؤلف:
الشيخ عبد الله المامقاني
المصدر:
مرآة الكمال
الجزء والصفحة:
ج2/ ص113-122
2025-06-09
788
المكاسب المستحبّة:
فمن المندوبة : مباشرة البيع والشّراء ، للحثّ على ذلك ، ومباشرة النّبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم له ، فقد روي مستفيضا انّه قدمت عير من الشّام فاشترى صلّى اللّه عليه وآله وسلّم منها مرابحة ، واتّجر فربح فيها ما قضى دينه وقسّم في قرابته[1] .
وجميع ما ورد في مدح التّجارة وذمّ تاركها - حتّى مع وجود ما يكفيه ، وانّ من تركها ذهب عقله أو ثلثا عقله على اختلاف الأخبار[2] - يدلّ على المطلوب ، لأنّ التّجارة هي البيع والشراء للرّبح . وورد عن الصّادق عليه السّلام الأمر بالشّراء وإن كان غاليا ، فإن الرّزق ينزل مع الشّراء[3].
ومنها : المضاربة : لما ورد من أنّ الصّادق عليه السّلام دفع سبعمائة دينار ، أو ألفا وسبعمائة ، أو مرّة هذه[4] ومرّة[5] هذه إلى عذافر وأمره بالإتّجار بها والاسترباح ، وقال عليه السّلام : ليس بي شره ، ولا لي في ربحها رغبة ، وان كان الرّبح مرغوبا ، ولكنّى أحببت أن يراني اللّه عزّ وجلّ متعرّضا لفوائده . فربح عذافر مائة دينار ، وأخبره بذلك ، ففرح فرحا شديدا ، فإنّ فعله يفيد الرّجحان ، مضافا إلى صراحة قوله عليه السّلام : أحببت أن يراني اللّه . . . إلى آخره في ذلك .
ومنها : العمل باليد : فانّه ممدوح غاية المدح ، وقد ارتكبه مولانا الصّادق عليه السّلام ، فأراد مواليه العمل عوضه فقال : لا ، دعوني فانّي أشتهي أن يراني اللّه عزّ وجلّ أعمل بيدي وأطلب الحلال في اذى نفسي[6]. وكذا عمل أبو الحسن موسى عليه السّلام ، فقيل له في ذلك ، فقال عليه السّلام : قد عمل باليد من هو خير منّي ومن أبي ، وهو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأمير المؤمنين عليه السّلام ، وآبائي كلّهم عليهم السّلام كانوا قد عملوا بأيديهم ، وهو من عمل النّبيّين ، والمرسلين ، والأوصياء ، والصّالحين[7]. وقد عرفت في المقام الأوّل انّ كسب جملة من الأنبياء كان باليد ، وعن أمير المؤمنين عليه السّلام انّه قال : أوحى اللّه إلى داود عليه السّلام : انّك نعم العبد ، لولا انّك تأكل من بيت المال ، ولا تعمل بيدك شيئا ، قال : فبكى داود عليه السّلام أربعين صباحا ، فأوحى اللّه إلى الحديد : أن لن لعبدي داود عليه السّلام ، فألان اللّه عزّ وجلّ له الحديد ، فكان يعمل في كل يوم درعا فيبيعها بألف درهم ، فعمل ثلاثمائة وستّين درعا فباعها بثلاثمائه وستّين ألفا واستغنى عن بيت المال[8]. وعنه عليه السّلام أيضا في تفسير قوله تعالى وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى[9] قال : اغنى كلّ انسان بمعيشته ، وأرضاه بكسب يده[10].
ومنها : الغرس والزّرع وسقي الطلح والسدر ، تأسّيا بأمير المؤمنين عليه السّلام وبعض آخر من الأئمّة عليهم السّلام ، وقد سئل مولانا الصّادق عليه السّلام عن الفلّاحين فقال : هم الزارعون ، كنوز اللّه في أرضه ، وما في الأعمال شيء أحبّ إلى اللّه من الزّراعة ، وما بعث اللّه نبيّا إلّا زرّاعا [11]، إلّا إدريس عليه السّلام فإنّه كان خيّاطا[12]. وعنه عليه السّلام في قول اللّه عزّ وجلّ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ قال : الزارعون[13]. وعن النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أنّه قال : من سقى طلحة أو سدرة فكأنّما سقى مؤمنا من ظمأ[14].
بيان : السّدرة معروفة ، والطّلحة : واحدة الطّلح ، وهو شجر عظام كثير الشّوك ، والطّلح عند العرب شجر حسن اللّون لخضرته رفيف ونور طيب ، وعن السّدي : هو شجر يشبه طلح الدّنيا ، لكن له ثمر أحلى من العسل . قاله في مجمع البحرين[15].
ومنها : شراء العقار : لقول الصّادق عليه السّلام لمولاه : اتّخذ عقدة[16] أو ضيعة ، فانّ الرّجل إذا نزلت به النّازلة أو المصيبة فذكر أنّ وراء ظهره ما يقيم عياله كان أسخى لنفسه[17] وقال عليه السّلام : ما يخلّف الرّجل بعده شيئا أشدّ عليه من المال الصّامت . قيل له : فكيف يصنع به ؟ قال : يجعله في الحائط والبستان والدّار[18].
والأولى شراء عقارات متفرّقة غير متواصلة ، لما ورد من أنّ رجلا أتى الصادق عليه السّلام شبيها بالمستنصح له ، فقال : كيف صرت ؟ اتّخذت الأموال قطعا متفرّقة ولو كانت في موضع كان أيسر لمؤونتها وأعظم لمنفعتها ؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام : اتّخذتها متفرّقة ، فإن أصاب هذا المال شيء سلم هذا ، والصّرة تجمع هذا كلّه[19].
ويكره بيع العقار إلّا أن يشترى بثمنه بدله ، لما روي من أنّ مشتري العقدة مرزوق وبايعها ممحوق[20]. وانّ من باع أرضا أو ماء ولم يضع ثمنه في أرض أو ماء ، ذهب ثمنه محقا ، وماله هباء[21].
وأنّه نعم الشيء النّخل ، من باعه فإنّما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهق في يوم عاصف ، إلّا أن يخلّف مكانها[22].
المكاسب المكروهة:
وأما ما يكره التكسب به فأنواع ثلاثة :
الأوّل : ما يكره لإفضائه إلى محرّم أو مكروه غالبا ، كالصرف المفضي غالبا إلى الرّبا ، وبيع الأكفان المفضي إلى حبّ كثرة الموت ، وبيع الطّعام المفضي إلى الاحتكار أحيانا ، وحبّ الغلاء غالبا ، وبيع الرّقيق المفضي أحيانا إلى بيع الحرّ من حيث لا يعلم ، واتّخاذ النّحر والذّبح صنعة لإيراثه قساوة القلب ، والصياغة المفضية إلى الوقوع في الحرام أحيانا . ولقد جاء رجل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم فقال : قد علّمت ابني هذا الكتابة ، ففي أيّ شيء اسلّمه ؟ فقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : سلّمه - للّه أبوك - ولا تسلّمه في خمس : لا تسلّمه سبّاء ولا صايغا ولا قصّابا ولا حنّاطا ولا نخّاسا . فقال : يا رسول اللّه ( ص ) ما السّباء ؟ قال : الّذي يبيع الأكفان ويتمنّى موت أمّتي ، وللمولود من أمّتي أحبّ إليّ ممّا طلعت عليه الشّمس . وامّا الصّائغ فإنّه يعالج زين أمّتي .
وامّا القصّاب فانّه يذبح حتّى تذهب الرّحمة من قلبه . وامّا الحنّاط فانّه يحتكر الطّعام على أمّتي ، ولئن يلقى اللّه العبد سارقا أحبّ إليّ من أن يلقاه وقد احتكر الطّعام أربعين يوما . وامّا النّخّاس فإنّه أتاني جبرئيل عليه السّلام فقال : يا محمّد ( ص ) إنّ شرار أمّتك الذين يبيعون النّاس[23].
قلت : وحينئذ فالمكروه هو اتّخاذ [ هذه الأمور ] صنعة ، حتّى في المورد الّذي سلم عن الجهات المزبورة للكراهة ، فإنّ تلك الجهات حكم لا علل . نعم ظاهر بعض الأخبار عدم كراهة الصّرافة مع الأمن من الرّبا ، فقد روى سدير الصّيرفي قال : قلت لأبي جعفر عليه السّلام : حديث بلغني عن الحسن البصري فإن كان حقّا فإنّ للّه وانّا إليه راجعون . قال : وما هو ؟ قال : قلت : بلغني أنّ الحسن كان يقول : لو غلي دماغه من حرّ الشّمس ما استظلّ بحايط صيرفيّ ، ولو تفرثت كبده عطشا لم يستسق من دار صيرفيّ ماء ، وهو عملي وتجارتي ، وفيه نبت لحمي ودمي ، ومنه حجّي وعمرتي . قال : فجلس عليه السلام ثمّ قال : كذب الحسن ، خذ سواء وأعط سواء ، فإذا حضرت الصّلاة فدع ما بيدك وانهض إلى الصّلاة ، أما علمت أنّ أصحاب الكهف كانوا صيارفة[24].
بل ربّما يظهر من بعض الأخبار عدم شدّة كراهة الصنائع المذكورة ، مثل ما روي عن انّه ذكر الحائك عند أبي عبد اللّه عليه السّلام انّه ملعون . فقال : انّما ذلك الّذي يحوك الكذب على اللّه ورسوله[25]. وما روي عن جابر عن أبي جعفر عليه السّلام قال : احتجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، حجمه مولى لبني بياضة وأعطاه ، ولو أن حراما ما أعطاه ، فلمّا فرغ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : أين الدّم ؟ فقال : أين الّدم ؟ فقال : شربته يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم . قال : ما كان ينبغي لك أن تفعل ، وقد جعله اللّه لك حجابا من النّار ، فلا تعد[26].
وربّما ألحق بعضهم ببيع الصّرف بيع كلّ ما يكال أو يوزن بمثله إذا اتّخذ صنعة ، وببيع الطّعام كلّ ما يجري فيه الاحتكار ، وببيع الأكفان التكسّب بالجريدتين والسدر والكافور والنعش والنيابة في العبادات وبيع الأدوية ونحوها ، وبالجزارة الجراحة المتضمّنة لقطع الأعضاء والأجزاء والجلود ، ولا يخلو هذا الالحاق من تردّد ، واللّه العالم[27].
الثّاني : ما يكره لضعته كالنساجة ، وهي الحياكة ، والحجامة إذا اشترط ، وضراب الفحل ، وعمل القابلة إذا اشترطت ، وانّما تكره النّساجة بالمغزول ونحوه ، دون عمل الخوص الّذي هو من فعل الأنبياء والأوصياء صلوات اللّه عليهم أجمعين ، ولا فرق في كراهة الحجامة مع الاشتراط بين الحرّ والعبد ، ولا يكره شيء ممّا ذكر مع عدم الاتّخاذ صنعة[28].
الثالث : ما يكره لتطرّق الشبهة ككسب الصّبيان المميّزين غير البالغين بعنوان الآليّة عن الكبير ، سواء كان الصّبي صاحب صنعة أم لا [29]، وكسب من لا يجتنب المحارم[30]، وتتفاوت الكراهة بتفاوت الشبهة والتّهمة ، لاختلاف مراتب الصبيان في القابليّة ، واختلاف مراتب عدم التجنّب من المحارم ، ولا فرق في كراهة المعاملة مع من لا يجتنب المحارم بين أن لا يجتنب المحارم المتعلّقة بالمال ، أو مطلق من لا يجتنب المحارم وإن اجتنب خصوص المحارم الماليّة ، كالتّعاطي للمحرمات العمليّة كالشرب والزّنا واللّواط مع الاجتناب للمحرّمات الماليّة كالقمار والسّرقة وأكل مال الغير حراما[31].
وفي أخذ الأجرة على تعليم القرآن أقوال : أظهرها الجواز على كراهية خفيفة عند الاشتراط ، جمعا بين ما نطق بالمنع منه مطلقا ، مثل قول الصادق عليه السّلام : لا تأخذ على التعليم أجرا[32]. وبين ما نطق بالمنع عند اشتراط الأجرة في بدء الأمر ، مثل ما روي من نهي الصّادق عليه السّلام عن أجر القاري الّذي لا يقرأ إلّا بأجر مشروط[33]، وبين ما نطق برفع المنع مطلقا مثل خبر ابن أبي قرة قال : قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام : هؤلاء يقولون إنّ كسب المعلّم سحت . فقال : كذبوا أعداء اللّه ، إنّما أرادوا أن لا يعلّموا أولادهم القرآن ، لو أنّ المعلّم أعطاه رجل دية ولده لكان للمعلّم مباحا[34].
وظاهر بعض الأخبار كراهة أخذه شيئا بعنوان الهديّة أيضا ، فقد روى قتيبة الأعشى انّه قال لأبي عبد اللّه عليه السّلام : إنّي أقرأ القرآن فتهدى إليّ الهديّة فأقبلها ؟ قال : لا . قلت : إنّي لم أشارطه . قال : أرأيت لو لم تقرأ كان يهدى لك ؟ قال : قلت : لا . قال : فلا تقبله[35].
لكنّ هناك أخبار أخر ناطقة بعدم البأس بأخذ الهديّة ، مثل ما روي عن الصّادق عليه السّلام أنّه قال : المعلّم لا يعلّم بالأجر ، ويقبل الهديّة إذا أهدي إليه[36].
ولا كراهة ظاهرا في أخذ الأجرة على تعليم كتب الأدعية ، والحديث ، والفقه ، وساير العلوم ، ويجوز أخذ الأجرة على كتابة القرآن ، والأفضل عدم اشتراط الأجرة عليها وكتابة الكاتب له للّه تعالى [ واعطاء المستكتب شيئا إياه للّه تعالى ] .
ويكره تعشير[37] المصاحف بالذهب وكتابتها به[38] أو بالبزاق أو بغير السواد ، وأن تمحى بالبزاق[39]. وجواز تحليته بالذهب والفضّة ، بل يحرم كتابته بالبزاق ان كان للهتك .
وأما المكاسب المحرّمة فقد طوينا ذكرها هنا التزاما بوضع الكتاب ، فمن شاءها راجع مناهج المتقين[40]، فانّا قد أستوفينا القول فيها بحمد اللّه تعالى وحسن توفيقه .
[1] وسائل الشيعة : 12 / 6 باب 2 حديث 5 .
[2] الفقيه : 3 / 119 باب 61 حديث 506 .
[3] الكافي : 5 / 150 باب فضل التجارة والمواظبة عليها حديث 13 ، ووسائل الشيعة : 12 / 8 باب 2 حديث 10 .
[4] الكافي : 5 / 76 باب ما يجب من الاقتداء بالأئمة عليهم السّلام في التعرض للرزق حديث 12 .
[5] الكافي : 5 / 77 باب ما يجب من الاقتداء بالأئمة عليهم السّلام في التعرض حديث 15 .
[6] الفقيه : 3 / 99 باب 58 حديث 382 .
[7] الفقيه : 3 / 98 باب 58 حديث 380 .
[8] الكافي : 5 / 74 باب ما يجب من الاقتداء بالأئمة عليهم السّلام في التعرض للرزق حديث 5 .
[10] تفسير الصافي : 513 حجري ، في تفسير الآية الكريمة من السورة الشريفة .
[12] وسائل الشيعة : 12 / 25 باب 10 حديث 3 .
[13] تفسير العياشي : 2 / 222 سورة إبراهيم : 12 .
[14] وسائل الشيعة : 12 / 25 باب 10 حديث 4 .
[15] في مجمع البحرين 2 / 392 باب ما اوّله الطاء وآخره الحاء .
[16] العقدة من الأراضي : البقعة الكثيرة الشجر . ( منه قدس سره ) .
[17] الكافي : 5 / 92 باب شراء العقارات وبيعها حديث 5 .
[18] الكافي : 5 / 91 باب شراء العقارات وبيعها حديث 2 .
[19] الكافي : 5 / 91 باب شراء العقارات وبيعها حديث 1 .
[20] الكافي : 5 / 92 باب شراء العقارات وبيعها حديث 4 .
[21] الكافي : 5 / 92 باب شراء العقارات وبيعها حديث 8 .
[22] الأمالي للشيخ الصدوق : 350 المجلس السادس والخمسون حديث 2 ، والكافي : 5 / 92 باب شراء العقارات وبيعها حديث 8 .
[23] وسائل الشيعة : 12 / 543 باب 97 حديث 1 . الخصال : 1 / 287 خمس صناعات مكروهة حديث 44 .
[24] الكافي : 5 / 113 باب الصناعات حديث 2 .
[25] الكافي : 2 / 340 باب الكذب حديث 10 .
[26] الفقيه : 3 / 97 حديث 372 .
[27] ذكر المؤلف رضوان اللّه تعالى عليه في موسوعته الفقهية مناهج المتّقين : 211 المكروهات المذكورة هنا ، وتعرض في منتهى المقاصد - وهي موسوعة فقهيّة استدلالية تضمّ ثلاثة وستين مجلدا - إلى كراهة كثير من البيوع المذكورة هنا ، وناقش بعض تلك الادلّة ، وحيث إن الحكم بكراهتها مبتني على قاعدة التسامح في ادلّة السنن ، ولنا في هذه القاعدة نقاش ، فعليه ففي كراهة بعض هذه البيوع مجال للبحث ، وليس هذا محلّه .
[28] ذكر كراهة الأمور المذكورة هنا في مناهج المتقين كتاب المكاسب صفحة 211 ، فراجع .
[29] حقق جماعة من فقهائنا قدس اللّه أرواحهم مسألة بيع الصبيّ المميز وساير تصرفاته المتوقفة على الملك ، والذي يناسب المقام هو الإشارة باختصار إلى المسألة ، وهي : ان الصبي إذا لم يكن مميّزا لا يصح ترتيب اثر لبيعه أو شرائه وساير تصرفاته ، امّا إذا كان مميزا فإن كان تصرفه تبعيا أو غيره مسبوقا باذن الوليّ وكان الصبيّ المميز آلة منفذة لإرادته كانت المعاملة صحيحة نافذة ، اما إذا لم تكن مسبوقة بإذن الولي لكن لحقت المعاملة اذنه ففي صحة تلك المعاملة بحث ونقاش ، ولا يبعد القول بالصحة والنفوذ ، وان شئت فراجع الموسوعات الفقهية المتكفلة لبيان أدلة الاحكام ونقاشها .
[30] لا ريب بعدم اشتراط صحة المعاملات ان يكون كلاهما أو أحدهما مسلما أو مؤمنا ، فتصح المعاملة ايّا كانت بين مسلمين وغيرهما ، وعليه الاجماع بين المسلمين نصا وفتوى . نعم إذا كان الثمن والمثمن أو أحدهما متاعا محرّما ووقعت المعاملة على الثمن والمثمن المشخص في الخارج كانت المعاملة باطلة ، سواء أكان المتعاملان مسلمين أم غيرهما ، امّا ذا وقعت المعاملة على الثمن والمثمن المحلل بعنوان كلى ، وفي مقام الوفاء أعطي ما هو محرّم ، لم تكن المعاملة باطلة ، ويكون الدافع للمتاع المحرم مشغول الذمّة بما التزمه من ثمن أو مثمن ، فالحكم بالكراهة كما ترى . نعم وردت رواية ربّما استفاد بعض الكراهة منها ، ففي الوسائل : 12 / 118 باب 33 حديث 1 بسنده عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال : نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم عن كسب الإماء ، فانّها ان لم تجد زنت ، إلّا الأمة قد عرفت بصنعة يد ، ونهى عن كسب الغلام الصغير الذي لا يحسن صناعة بيده ، فانّه ان لم يجد سرق ، وهذه الرواية ونظائرها مستند القول بالكراهة ، وفي دلالتها على الحكم نقاش . نعم لا بأس بترك المعاملة مع من لم يتجنب المحرمات من باب التورع ، واللّه العالم .
[31] أسلفنا بيان عدم اشتراط صحة المعاملات بالإسلام أو الايمان أو العدالة ، وقلنا بنفوذ وصحة معاملة من لم يكن متصفا بهذه الصفات ، فلا مجال للتعميم المذكور . نعم لا بأس بالقول بكراهة المعاملة مع من لا يتجنب المحرمات المالية وعدم كراهة معاملة من يتجنب المحرمات المالية وان كان فاسقا أو كافرا . وربّما يدعي ان الأدلة المحمولة على الكراهة منصرفة إلى من لا يتجنب المحرمات المالية ، واللّه العالم .
[32] الاستبصار : 3 / 65 باب 38 حديث 1 أقول حمل بعض الفقهاء الكراهة بما إذا اشترط المعلم الأجرة على التعليم والجواز على عدم الاشتراط .
[33] التهذيب : 6 / 376 باب 93 حديث 1097 .
[34] الاستبصار : 3 / 65 باب 38 حديث 216 .
[35] الاستبصار : 3 / 66 باب 38 حديث 219 .
[36] الاستبصار : 3 / 66 باب 38 حديث 218 .
[37] التعشير نوع تحلية للمصحف بالذهب .
[38] التهذيب : 6 / 367 باب 93 حديث 1056 .
[39] وسائل الشيعة : 12 / 117 باب 32 حديث 3 .
[40] مناهج المتقين : 204 - 212 ، الحجرية .
الاكثر قراءة في أخلاقيات عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة