الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الحليب
المؤلف:
السيد حسين نجيب محمد
المصدر:
الشفاء في الغذاء في طب النبي والأئمة (عليهم السلام)
الجزء والصفحة:
ص478ــ482
2025-06-04
67
وهو المذكور في الرّوايات (باللبن) وأمَّا اللبن فيُقال له: ((اللبن الرائب)) لإضافة الروبة إليه، وهو مذكور في القرآن وموصوف أنَّه شراب خالص سائغ للشاربين قال تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66].
وهو غذاء كامل خالص من الشوائب، سائغ طيب المذاق يحتوي على العناصر الغذائية الضرورية للجسم.
عن النبي (صلى الله عليه وآله): ((عليكم بألبان البقر فإنَّها تخلط (ترعى) من كل شجرة))(1).
عن أبي الحسن الأصبهاني: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له رجل وأنا أسمع: جعلت فداك! إني أجد الضعف في بدني.
فقال له: ((عليك باللبن؛ فإنَّه ينبت اللحم، ويشد العظم))(2).
عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): ((تداووا بألبان البقر؛ فإني أرجو أن يجعل الله شفاءً؛ فإنَّها تأكل من الشَّجر))(3).
عن أمير المؤمنين (عليه السلام): ((حَسو اللبن - أي شربه شيئاً بعد شيء - شفاءٌ من كل داء، إلا الموت))(4).
قال د. القدسي: ((هل تعلمون أنه لو أكلت الأبقار والمواشي أي طعام، أي طعام بدون استثناء فيه هرمون أو ليس فيه هرمون، فيه مواد كيماوية أو ليس فيه أية مواد كيماوية، فإنَّ الحليب بالذات سيكون خالياً نظيفاً عظيماً مباركاً خالياً من أي مواد صناعية خالصاً نقياً من أي شيء يشوبه ممَّا أكلت الماشية، وتأملوا قول الله سبحانه وتعالى في ذلك {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: 66]، ولاحظوا أن الله سبحانه وتعالى لم يذكر أنَّ ما تأكل الأنعام في هذه الآية ولم يشر إلى مصدر أكلها مهما كان طبيعياً نظيفاً مباركاً أم صناعياً مهرمناً مضافاً إليه، إنما ذكر أن اللبن يكون بالرغم من أي نوع من الطعام خالصاً تاماً.
ومن الشبهات التي أضفاها هؤلاء يقولون إنَّ الحليب ومشتقاته تكون بلغماً في الجسم، وأقول هذا صحيح بالنسبة لألبان البقر والإبل، أما ألبان الماعز والغنم فهي لا تكون بلغماً أبداً، ولكن السؤال الطبي الفكري الهام جداً يأتي هنا: من قال إنَّ البلغم هو شيء سيئ، ومن قال إن البلغم هو شيء ضار، ومن قال إنَّه علامة على شر أو مضرة، أبداً، أبداً، فالبلغم في تركيبه يتكون من كريات بيضاء ومن إفرازات مخاطية لزجة تتكون من بروتينات سكرية خاصة وهو غني بأحد الأجسام المضادة العظيمة التي تعرف باسم IGA، ولهذا البلغم والمخاط تأثير عظيم وواق من مخاطر لا حصر لها، فالمخاط اللزج يلتقط كل الغبار والبكتريا الغازية والأجسام الغريبة الداخلة إلى الجهاز التنفسي والذي يعتبر أهم جهاز في الجسم، لأنه الذي يدخل مصدر الطاقة الأساسي إلى الجسم ألا وهو الأكسجين الذي لا تتم الحياة بدونه، فلا بدَّ أن يدخل هذا الأكسجين منقى ونظيفاً، ولا بد أن تكون الحويصلات الرئوية سليمة معافاة لا يصيبها مرض ولا يدخلها جسم أجنبي يعطلها ولا يدخلها غبار، ولا يدخلها جراثيم، ولا يدخلها شوائب، حتى تستطيع أن تقوم بوظيفتها على خير وجه، ولن يتسنى لها ذلك إلا بوجود بلغم عظيم يحتوي على مادة مخاطية قادرة على احتجاز هذه الدقائق الغبارية وما تحمله البيئة من تلوثات عظيمة وذلك بقوامها اللزج الذي يجعل كل هذه الأشياء الغريبة تلتصق به، ولن يتسنى لنا ذلك أيضاً إلا بوجود بلغم رائع مسخّر من قبل الله غني بالكريات البيضاء التي تعمل الحارس الأمين على التغلب على كل أنواع الجراثيم والفيروسات والأجسام الغريبة الغازية التي تدخل إلى الجهاز التنفسي، مدخل الأكسجين إلى الجسم، تريد أن تفتك به، ولن يتسنى ذلك أيضاً إلا بوجود أجسام مضاد خاصة، تقوم بمواجهة الجراثيم والفيروسات الشرسة والتي لا يمكن للمخاط ولا الكريات البيضاء التغلب عليها، فتقوم الأجسام المضادة الموجودة في هذا البلغم بالقضاء عليها قضاءً مبرماً، وتنجي الجسم من أمراض خطيرة قد تكون فيها حياته.
وكم هي كثيرة الحالات التي يقضي فيها الإنسان بسبب جرثوم غاز إلى الجهاز التنفسي، فهل تعلمون أنَّ نسبة الوفيات في أحسن المراكز العلمية العالمية بسبب التهاب الرئة بجرثومة التهاب الرئة تصل إلى 20٪، وإنَّ النسبة في الأطفال الرضع تصل إلى 50 - 60٪، وإني في الحقيقة أجد في الإسلام وفي هذه النقطة بالتحديد نقطة إعجازية عظيمة، فبعد كل هذه المعلومات الهامة عن البلغم الهام الذي يولده تناول الحليب واللبن فهلا علمنا فلسفة الإسلام في إتمام الرضاعة التي لا تكون إلا بحليب الأم الذي يولد بلغماً فعالاً عظيماً قادراً على ما لا نرى في صد هجوم أطفال رضع صغار ضعيفي البنية وضعيفي المناعة وكثيري التعرض للجراثيم {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233].
ولكن البعض يقول لي إنَّني إذا أفرطت في تناول حليب البقر أو الإبل فإنَّه يتولد لديَّ بلغم أكثر من اللازم، لدرجة يصبح فيها هذا البلغم مزعجاً ومضايقاً وأقول له هذا صحيح، ويكون هذا خطأ منك، لأنك لم تلتزم بقول الله سبحانه وتعالى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143]، فقد أفرطت في تناول الألبان وكنت هنا متطرفاً كما هم أهل الشرق الأقصى في عقيدتهم، لأنَّ الله سبحانه وتعالى جعلنا أُمة وسطاً معتدلين في كل شيء ولا نغالي أبداً، ولا نتطرف ولا نتعصب أبداً أبداً، وقد كان خطؤك أنك أفرطت في تناول الحليب دون أن تعدلها بما خلق الله سبحانه وتعالى لك مما يعدل تأثيرها المولد للبلغم المفيد، فتراكم لديك البلغم أكثر من اللازم مما قد سبب لك الضيق.
ولعل أفضل شيء وأعظم شيء أثبتته التجارب ودراستي أن الزنجبيل يعتبر رائعاً جداً في التخفيف من كمية البلغم (ذي الوظائف الهامة جداً للجهاز التنفسي)، الزائدة عن حاجة الجسم، التي يمكن أن تسبب لك أعراضاً قد تضايقك ولعل ما كشف لي ذلك نظام الغذاء الميزان، فتأملوا عظمة الله سبحانه وتعالى وإعجازه في جمع الحليب المولد للبلغم والزنجبيل المزيل للبلغم في يوم واحد في نظام واحد وضعه القرآن الكريم وتفضل الله سبحانه وتعالى علينا وعلى المسلمين باكتشافه، ألا وهو نظام الغذاء الميزان(5).
________________________
(1) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 349.
(2) الكافي، ج 6، ص 336.
(3) المعجم الكبير، ج 10، ص 14، ح 9788؛ تاریخ بغداد، ج7، ص 356 كلاهما عن عبد الله بن مسعود؛ کنز العمال، ج 10، ص29، ح28208.
(4) طب المعصومين (عليهم السلام): ص 350.
(5) الزنجبيل: ص 147.