الوجود المطلق والخاصّ
المؤلف:
محمد جعفر الاسترآبادي المعروف بــ(شريعتمدار)
المصدر:
البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة
الجزء والصفحة:
ص117-119/ج1
12-08-2015
4450
قال: (
ثمّ الوجود قد يؤخذ على الإطلاق فيقابله عدم مثله ، وقد يجتمعان لا باعتبار
التقابل ويعقلان معا، وقد يؤخذ مقيّدا فيقابله عدم مثله ).
أقول : اعلم أنّ الوجود عبارة عن الكون في الأعيان ، ثمّ هذا الكون
في الأعيان قد يؤخذ عارضا لماهيّة ما ، فيتخصّص الوجود حينئذ ، وقد يؤخذ مجرّدا
عمّا عداه من غير التفات إلى ماهيّة معيّنة أو مبهمة، فيكون وجودا مطلقا.
إذا عرفت هذا ، فالوجود العامّ يقابله عدم مطلق غير متخصّص
بماهيّة خاصّة تقابل الإيجاب والسلب من جهة عدم اعتبار المحلّ القابل للوجودي فيه.
نعم ، التقابل بين الوجود المقيّد والعدم المقيّد تقابل
العدم والملكة ؛ لأنّ جميع الماهيّات قابلة للوجود الأعمّ.
وهذا الوجود المطلق والعدم المطلق قد يجتمعان على الصدق ؛
فإنّ المعدوم في الخارج الموجود في الذهن يصدق عليه أنّه معدوم مطلق وأنّه موجود
مطلق.
نعم ، إذا نظر إلى وحدة الاعتبار ، امتنع الاجتماع في الصدق
على شيء واحد ، وإنّما يجتمعان إذا أخذا لا باعتبار التقابل ، ولهذا كان المعدوم
المطلق متصوّرا ؛ للحكم عليه بالمقابلة للموجود المطلق ، وكلّ متصوّر ثابت في
الذهن ، والثابت في الذهن أحد أقسام المطلق الثابت ، فيكون الثابت المطلق صادقا
على المعدوم المطلق لا باعتبار التقابل.
وهذا الوجود المطلق والعدم المطلق أمران معقولان معا ،
بمعنى أنّ العقل يفرض اتّصاف ذات واحدة بهما ، كما يتحقّق الاتّصاف بهما في الخارج
باعتبار الوجود الخارجي والذهني ، لا باعتبار التقابل الموجب لامتناع اجتماع
المتقابلين وإن كان قد نازع قوم في أنّ المعدوم المطلق يتصوّر .
وأمّا الوجود الخاصّ ـ وهو وجود الملكات المتخصّص باعتبار
تخصيصها كالمقيّد بقيد الإنسان وغيره من الماهيّات ـ فإنّه يقابله عدم خاصّ مثله.
قال : (
ويفتقر إلى الموضوع كافتقار ملكته ).
أقول : عدم الملكة ليس عدما مطلقا ، بل له حظّ ما من الوجود من جهة
اعتبار المحلّ القابل للوجودي فيه، ويفتقر إلى الموضوع بذلك ، كالعمى ، فإنّه عدم
البصر ، لا مطلقا ، بل عن شيء من شأنه أن يكون بصيرا ، فهو يفتقر إلى الموضوع
الخاصّ المستعدّ للملكة ، كما تفتقر الملكة إليه ، ولهذا لمّا امتنع البصر على
الحائط ـ لعدم استعداده ـ امتنع صدق العمى عليه.
قال : (
وقد يؤخذ
شخصيّا ونوعيّا وجنسيّا ).
أقول : لمّا فسّر عدم الملكة بأنّه عدم شيء عن موضوع من شأنه أن
يكون ذلك الشيء له ، وجب عليه أن يبيّن الموضوع ؛ فقد اختلف الناس في ذلك.
فذهب قوم إلى أنّ ذلك الموضوع موضوع شخصيّ ، فعدم اللحية عن
الأمرد عدم ملكة ، وعدمها عن الكوسج كالمرأة ليس عدم الملكة.
وقوم جعلوه أعمّ من ذلك بحيث يدخل فيه الموضوع النوعي ،
فعدم اللحية عن الكوسج أيضا عدم ملكة ؛ لكون نوع الإنسان قابلا لها ، وعدمها عن
الحمار ليس عدم ملكة.
وقوم جعلوه أعمّ من ذلك بحيث يدخل فيه الموضوع الجنسي ،
فعدم البصر عن العقرب أيضا عدم ملكة ؛ لكون جنس الحيوان قابلا له.
وبالجملة ، فإن اعتبر في الموضوع كونه قابلا للأمر الوجودي
في وقت اتّصافه بالأمر العدمي، يقال لهما : العدم والملكة المشهوران ، وإلاّ
فالحقيقيّان.
ولا مشاحّة في ذلك ؛ لعدم فائدته.
__________________
الاكثر قراءة في مصطلحات عقائدية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة