الإعلال في الهمزة
المؤلف:
احمد الحملاوي
المصدر:
شذى العرف في فن الصرف
الجزء والصفحة:
ص110- 114
23-02-2015
10878
1- تقلب الياء والواو همزة وجوباً فى أربعة مواضع:
الأول: أن تتطرفا بعد ألف زائدة كسماء وبناء، أصلهما سَماوٌ وبِناىٌ، بخلاف نحو: قال، وباع، وإداوة، وهى المطْهرة، وهداية؛ لعدم التطرف، ونحو دَلْو وَظَبْى؛ لعدم تقدم الألف، ونحو آية ورايةٍ؛ لعدم زيادتها.
وتشاركهما فى ذلك الألف، فإنها إذا تطرفت بعد ألف زائدة أبدلت همزة، كحمراءَ، إذ أصلها حَمْرَى كسَكرَى، زيدت ألف قبل الآخر للمدّ، كألف كتاب، فقلبت الأخيرة همزة.
الثاني: أن تقعا عينًا لاسم فاعلِ فِعْلٍ أعِلَّتا فيه، نحو قائل وبائع، أصلهما قاوِل وبايع، بخلاف نحو عَيِنَ فهو عايِنَ، وعَوِرَ فهو عاوِر؛ لأن العين لما صحَّت فى الفعل، خوف الإلباس بعان وعار، صحت فى اسم الفاعل تبعًا للفعل.
الثالث: أن تقعا بعد ألف "مَفَاعل" وشِبِهه، وقد كانتا مَدتين زائدتين فى المفرد، كعجوز وعجائز، وصحيفة وصحائف، بخلاف نحو قَسْور، وهو الأسد، وقساوِر؛ لأن الواو ليست بمدة، ومَعِيشة ومعايِش؛ لأن المدة فى المفرد أصلية، وشذّ فى مُصيبة مصائب، وفى مَنارة منائر بالقلب، مع أصالة المدة فى المفرد، وسهَّله شَبَه الأصلىِّ
ص110
بالزائد.
وتشاركهما فى ذلك الحكم الألْفُ، كرِسالَة ورسائل، وقلاَدة وقلائد.
الرابع: أن تقعا ثانيتى لينين بينهما ألف "مفَاعِل"، سواء كان اللِّينان ياءين، كنيائف جمع نيِّف، وهو الزائد على العِقد، أو واوين، كأوائل جمع أوّل، أو مختلفين، كسيائد جمع سيِّد، أصله سيود، وأما قول جَنْدَل بن المُثَنّى الطُّهَوِىّ:
وكَحَّل العينين بِالعَوَاوِرِ
من غير قلب؛ فلأن أصله بالعواوير كطواويس، وقد تقدم جواز حذف ياء "مفاعيل"، ولذا صُحِّح.
وتختص الواو بقلبها همزة إذا تصدرت قبل واوٍ متحركة مطلقًا، أو ساكنة متأصلةِ الواوية، نحو أواصل وأواق، جمعَىْ واصلة وواقية.
ومنه قول مُهَلْهِل:
ضَرَبَتْ صَدْرَهَا إِلىَّ وقَالَتْ يَا عَدِيًّا لقَدْ وَقَتْكَ الأوَاقِى
ونحو الأولى أثنى الأوّل، وكذا جمعها: وهو الأَوَلُ.
بخلاف نحو هَوَوِىّ ونَوَوِىّ، فى النسبة إلى هَوىّ وَنَوىّ، لعدم التصدر، وَوُوْفِىَ وَوُوْعِدَ مجهولين؛ لعدم تأصل الثانية.
وتبدل الهمزة من الواو جوازًا فى موضعين:
أحدهما: إذا كانت مضمومة ضمًا لازمًا غير مشددة، كوُجوه وأجوُه، ووُقوت وأقوت: فى جمع وجه ووقت، وأدْوُرْ وأدْؤُر، وأنْوُر وأنْؤُر: جمعى دار ونار، وقَئُول وصئول: مبالغة فى قائل وصائل، فخرجت ضمة الإعراب، نحو هذا دلُو، وضمةُ التقاء الساكنين، نحو {وَلاَ تَنْسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُم}، وخرج بـ "غير مشدَّدةٍ". نحو التعوُّذ والتجوُّل.
ثانيهما: إذا كانت مكسورة في أول الكلمة، كإشاح وإفادة وإسادة، في وِشاح، ووِفادة ووِسادة.
وتبدل الهمزة من الياء جوازًا إذا كانت الياء بعد ألف، وقبل ياء مشدَّدة، كغائيّ ورائيّ: في النسبة لغاية وراية.
وجاءت الهمزة بدلاً من الهاء فى ماء، بدليل تصغيره على مويه، وجمعه على أمواه.
فصل في عكس ما تقدم
وهو قلب الهمزة ياء أو واوًا، ولا يكون ذلك إلا فى بابين:
أحدهما: باب الجمع الذى على زنة "مفَاعِل"، إذا وقعت الهمزة بعد ألف، وكانت تلك الهمزة عارضة فيه، وكانت لامه همزة أو واوًا أو ياء. فخرج باشتراط عروض الهمزة المرَائِى: فى جمع مِرْآة؛ فإن الهمزة موجودة فى المفرد، وبالأخير سلامةُ اللام، فى نحو صحائف وعجائز ورسائل، فلا تغير الهمزة فيما ذُكِر. والذى استوفى الشروط يجب فيه عملان: قلب كسر الهمزة فتحة، ثم قلب الهمزة ياء فى ثلاثة مواضع، وواوًا فى موضع واحد. فالتى تقلب ياء يشترط فيها أن تكون لام الواحد همزة، أو ياء أصلية، أو واوًا منقلبة ياء، والتى تقلب واوًا يشترط فيها أن تكون لام الواحد واوًا ظاهرة فى اللفظ، سالمة من القلب ياء.
فهذه أربعة مواضع تحتاج إلى أربعة أمثلة:
1- مثال ما لامه همزة: خطايا جمع خطيئة، أصلها خَطَايئ، بياء مكسورة هى ياء المفرد، وهمزة بعدها هى لامه. ثم أبدلت الياء المسكورة همزة، على حد ما تقدم فى صحائف، فصار خَطَائئ بهمزتين، ثم الهمزة الثانية ياء؛ لأن الهمزة المتطرفة إثر همزة تقلب ياء مطلقًا، فبعد المكسورة أولى، ثم قلبت كسرة الهمزة الأولى فتحة للتخفيف، كما فى المدارَى والعذارَى، ثم قلبت الياء ألفًا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار خَطاءًا بألفين بينهما همزة، والهمزة تشبه الألف، فاجتمع شبه ثلاث ألفات، وذلك مستكرَه، فأبدلت الهمزة ياء، فصار خطايا، بعد خمسة أعمال.
2- ومثال ما لامه ياء أصلية: قضايا جمع قضية، أصلها قضايى بياءين أبدلت الياء الأولى همزة، على ما تقدم فى نحو صحائف، فصار قضائِىُ، قلبت كسرة الهمزة فتحة، ثم الياء ألفا، فصار قضاءًا، ثم قلبت الهمزة المتوسطة ياء، لما تقدّم، فصار قضايا، بعد أربعة أعمال.
3- ومثال ما لامه واوٌ قلبت ياء فى المفرد: مَطِيَّة، إذ أصلها مَطِيْوَة من المَطا، وهو الظهر، أو من المَطْو وهو المدّ، اجتمعت الواو والياء وسُبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء وأدغمتا، كما فى سيِّد وميِّت، وجمعها مطايا، وأصلها: مَطايِوُ، قلبت الواو ياء، لتطرُّفها إثر كسرة، فصار مَطايِىُ، ثم قلبت الياء الأولى همزة كما تقدّم، ثم أبدلت الكسرة فتحة، فصار مَطَاءَىُ، ثم الياء ألفا، ثم الهمزة المتوسطة ياء، فصار
ص112
مطايا بعد خمسة أعمال.
4- ومثال ما لامه واو ظاهرة سلمت فى المفرد: هِرَاوَة، وهى العصا، وجمعها هَرَاوَى، أصلها هَرَائِوُ. وذلك أن ألف المفرد قلبت فى الجمع همزة، كما فى رسالة ورسائل، فصار هرائوُ، ثم أبدلت الواو ياء، لتطرُّفها إثر كسرة، فصار هَرَائىُ ثم فتحت كسرة الهمزة، فصار هَرَاءَىُ، ثم قلبت الياء ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، فصار هراءَا، بهمزة بين ألفين، ثم قلبت الهمزة واوًا، ليتشاكل الجمع مع المفرد، فصار هَرَاوَى بعد خمسة أعمال.
وشذ من هذا الباب قوله:
حَتّى أزِيرُوا المَنَائِيا
والقياس المنايا، و "اللهم اغْفِر لى خَطَائئى" والقياس خطاياى، وهَدَاوَى جمع هَدية، والقياس هدايا.
ثانيهما: باب الهمزتين الملتقيين فى كلمة واحدة، والتى تُعَلّ هى الثانية؛ لأن الثقل لا يحصل إلا بها، فلا تخلو الهمزتان: إما أن تكون الأولى متحركة والثانية ساكنة، أو بالعكس، أو تكونا متحركتين.
فإن كانت الأولى متحركة والثانية ساكنة، أبدلت الثانية من جنس حركة الأولى، نحو آمنت أومِنُ إيمانًا، والأصل: أأمَنْت أؤْمِن إئمَانا، وشذّ قراءة بعضهم "إئْلافِهِم" بتحقيق الهمزة الثانية.
وإن كانت الأولى ساكنة والثانية متحركة، ولا تكونان إلا فى موضع العين أو اللام، فإِن كانتا فى موضع العين، أدْغمت الأولى فى الثانية، نحو سَآل مبالغة فى السؤال، ولآل ورآس، فى النسب لبائع اللُّؤلؤ والرُّءوس.
وإن كانتا فى موضع اللام، أبْدِلت الثانية ياء مطلقًا، فتقول فى مثال "قِمَطْر" مِن قرأ: قِرَأى، وفى مثال: سَفَرجَل منه: قَرَأيَأ.
وإن كانتا متحركتين، فإن كانتا فى الطّرَف أو كانت الثانية مكسورة أبدلت ياء مطلقًا. وإن لم تكن طَرفًا وكانت مضمومة: أبدلت واوًا مطلقا، وإن كانت مفتوحة، فإن انفتح ما قبلها أو انضم أبدلت واوًا، وإن انكسر أبدلت ياء.
ص113
ويجوز في: نحو رَأس ولُؤْم وبِئْر، إبقاؤها وقلبها من جنس حركة ما قبلها وفى نحو: وضوء ومجئ، يجوز إبقاؤها وقلبها من جنس ما قبلها مع الإدغام.
ص114
الاكثر قراءة في الاعلال
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة