منزلة الصدّيقة الكبرى

ينبغي على المسلمِينَ قاطبةً أن يُطالِعُوا سِيرَةَ الصِّدِّيقةِ الزَّهراءِ (عليها السلام) بتدبّرٍ شديدٍ، وألّا يكتفُوا بِمَا يسمعونَهُ عنها؛ فهل يُعْقَلُ أن يَجْهَلَ المسلمُ أو المسلمةُ حياةَ سيّدةِ نساءِ العالمِينَ مِنَ الأوّلينَ والآخِرِينَ؟! وَاْبْنةِ خاتَمِ النبيِّينَ وسيّدِ المرسلِينَ.
تاللهِ لقد كذبَ مَن زَعَمَ أنَّهُ يُحِبُّ رسولَ اللهِ وهو مُبْغِضٌ للصِّدِّيقةِ الكبرى فاطمةَ، التي على معرفتِهَا دارَتِ القرونُ الأُولى.
ما عُذْرُ مَن جَهِلَ حَقَّهَا أو استخفَّ بحرمتِهَا، وقد تناقلَ الرُّواةُ مِنَ الخاصّةِ والعامَّةِ فضائِلَهَا (سلامُ اللهِ عليهَا)؟!
ألم يُرْوَ عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال:
(1) "فاطِمَةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، فمَن أغْضَبَها أغْضَبَنِي".
(2) "إِنَّما فاطمةُ بَضْعَةٌ مِنِّي، يُؤْذِينِي ما آذَاها، ويُنْصِبُنِي ما أنْصَبَها".
(3) "يَا فَاطِمَةُ، إِنَّ اَللَّهَ (عَزَّ وَجَلَّ) لَيَغْضَبُ لِغَضَبِكِ، وَيَرْضَى لِرِضَاكِ".
(4) "يَا بُنَيَّة! أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنَّكِ سَيِّدَةُ نِسَاءِ اَلْعَالَمِينَ؟".
(5) "مَنْ عَرَفَ هَذِهِ فَقَدْ عَرَفَهَا، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهَا فَهِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَهِيَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَهيَ قَلْبِيَ اَلَّذِي بَيْنَ جَنْبَيَّ، فَمَنْ آذَاهَا فَقَدْ آذَانِي، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اَللَّهَ".
لقد بيّنَ الرسولُ الأعظمُ (صلى الله عليه وآله) للأُمّةِ منزلتَهَا وفَضْلَهَا ومعَ ذلكَ فقد بخسُوهَا حقَّهَا وظلمُوهَا وطغَوا طغيانًا كبيرًا؛ حتّى قالت (صلوات الله وسلامه عليها): "نِعْمَ الحكمُ اللهُ، والزَّعيمُ محمّدٌ، والموعدُ القيامةُ، وعِندَ السَّاعةِ {يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ}، و{لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
وقالت (عليها السلام) عِندَ قَبْرِ أبيهَا (صلّى الله عليه وآله):
قَدْ كَانَ بَعْدَكَ أَنْبَاءٌ وَهَنْبَثَةٌ *** لَوْ كُنْتَ شَاهِدَهَا لَمْ تَكْثُرِ اَلْخُطَبُ
إِنَّا فَقَدْنَاكَ فَقْدَ اَلْأَرْضِ وَابِلَهَا *** وَاْخْتَلَّ قَوْمُكَ فَاْشْهَدْهُمْ فَقَدْ نَكَبُوا
مضَتْ مولاتُنَا المظلومةُ شهيدةً تشكو إلى أبيها تَقَهْقُرَ القومِ وانقلابَهُم على أعقابِهِم، وكانَتْ أسرعَ أهلِ بيتِهِ لحوقًا بِهِ كما أنبأها (صلواتُ اللهِ عليهَا وعلى أبيهَا وبَعْلِهَا وبنيهَا).
1